زيارة الرئيس بارزاني لجزيرة بوتان… ترسيخ الهوية لنبع الكوردايتية

سمكو عبد العزيز
لم تكن زيارة الزعيم والمرجع الكوردي، الرئيس مسعود بارزاني، لجزيرة بوتان في منطقة شرنخ مجرّد رحلة أو زيارة عادية، بل كانت بمثابة “دعوة” لإثبات وجودنا على هذه الأرض المقدسة.
عندما نتحدّث عن جزيرة بوتان، فإننا نتحدث عن قلب وروح وجوهر تاريخنا؛ فهي أرض مير بدرخان ومهد أدبنا الكلاسيكي والتصوّف، والجبل الشامخ لهويتنا.
عندما تطأ قدم زعيم كوردي تلك الأرض التي يُحاولون طمس هويتها ونزع طابعها الكوردي لعقود، فهذا وحده أعظم دليل على السيادة.
فجزيرة بوتان بالنسبة لنا ليست قطعة أرض، بل هي وثيقة طابو لأرض كوردستان.
عندما تحدث دولة الرئيس باللغة الكوردية وذكر اسم “كوردستان” المقدّس في تلك القاعة، كان الأمر كما لو أنه منح روحًا جديدة لجسد أمة.
حيثُ كانت لغتنا محظورة هناك، تحدّث الرئيس بارزاني باللغة الكوردية، كسر قيود الخوف، وأثبت أنه قبل تحرير الأرض، يجب تحرير الفكر واللغة.
لأن أي أمة لن تُدمّر بالدبابات والمدافع، بل تنهار وتنتهي بفناء لغتها وثقافتها وتراثها.
عندما وصف بارزاني ملاي جزيري بأنه “نجم لا ينطفئ” كانت رسالة واضحة مفادها أنّنا لسنا أمة بلا جذور وأصول.
لم يكن ملاي جزيري شاعرًا فحسب، بل كان أيضًا نبع ومصدر المعرفة الكوردية.
إن إحياء ذكرى واسم ملاي جزيري يعني إحياء الروح الوطنية والشعور القومي في وجه كلّ الأفكار المتعفّنة والدعوات النتنة والتي حاولت إبعاد الكورد عن أصولهم وفصلهم من جذورهم.
والنقطة الأهم هي أن السيد الرئيس عندما كرّر كلمات ملاي جزيري: «رێیا حەقیقەتێ ئێكە-طريق الحقيقة واحد» فهذا هو الدواء الشافي لجروحنا الداخلية.
الرسالة هي أن كوردستان لن تُبنى بالانقسامات والاختلافات والحروب بين الأحزاب، بل تُبنى بالوحدة. والسبيل الوحيد لنجاحنا هو العودة إلى تلك الطريق “طريق الحقيقة” التي هي المصلحة العامة، لا المصلحة الشخصية.
كذلك، كان ظهور الرئيس بارزاني بالزّيّ الكوردي والجمدانية الحمراء في قلب جزيرة بوتان أشبه برفع علم كوردستان دون أن يكون في يده علم. فالزي بحدّ ذاته يُحيي هويتنا وثورتنا. كان علامة ودليلاً على أننا “نحن أصحاب هذه الأرض، ولسنا ضيوفًا”.
باختصار، وبالكرمانجية، كانت هذه الزيارة رسائل وبشائر للجميع، الأعداء قبل الأصدقاء:
الكورد أمة كائنة وعلى قيد الحياة، وهم أصحاب أرض وتاريخ وحضارة.
قضيتنا ليست قضية أقلية ترضى ببعض الحقوق البسيطة، بل قضية أمة وشعب يجب أن ينال حقوقه الطبيعية.
وكما أشار الرئيس بارزاني إلى أنه ينبغي بناء كوردستان الكبرى في إيماننا وأعماقنا قبل أن تُبنى في عقولنا، ثم تُرسم على خارطة العالم.
وهذا يعني أن المستقبل لن يُصنع بالهبات، بل سنحقّق ونرسم مستقبلنا بأيدينا عن إرادة ووعي.