في 27 فبراير/ شباط، قال زعيم حزب العمال الكوردستاني عبد الله أوجلان: “على حزب العمال الكوردستاني أن يفسخ نفسه… وأتحمّل المسؤولية التاريخية عن هذه الدعوة” وجاءت التلبية من حزب العمال الكوردستاني معلناً تبنّي دعوة أوجلان والانصياع له، لكنّه في نفس الوقت أراد تسويف العملية وتأخيرها وتمديدها والبحث عن سبل أخرى خلال هذه الفترة، لكنّه اضطر إلى عقد مؤتمره تحت وطأة الضغوطات. وسيعلن الحزب قريبًا عن إلقاء أسلحته.
المثير للاهتمام هو أنه لا أحد مستاء كئيب على حلّ حزب العمال الكوردستاني بكك وفسخه، سواء الكورد المنتقدين للحزب أو الداعمين الموالين له لم يكونوا مستائين بشأن هذا القرار، أراد حزب العمال الكوردستاني عقد مؤتمر كبير في مدينة بإقليم كوردستان كاستعراض له، لكن الدولة التركية رفضت هذا ولم تقبل أن يقوم حزب العمال الكوردستاني بكك باستعراض على غرار 19 تشرين الأول 2009، التاريخ الذي توجّه فيه الگريلا إلى تركيا.
حزب العمال الكوردستاني الذي تأسس في 27 تشرين الثاني عام 1978، تم فسخه في 8 مايو/ أيار 2025. وتمّ إغلاق ملف حزب العمال الكوردستاني بكك الذي استمر 52 عاماً. عام 1978 سار حزب العمال الكوردستاني بـ “أوتوبيس-حافلة” زاعمين أن حافلتهم هذه تتوجّه نحو كوردستان موحّدة مستقلة، فاستقلّ-صعد الكورد هذه الحافلة من أجل الاستقلال، ضحّوا بأرواحهم ودمائهم وحياتهم… ضحّت عوائل الكورد بأطفالها وأبنائها ومستقبلهم، بعد هذا التاريخ، قُتل 17 ألفًا في جرائم مجهولة الفاعل وفقًا لمنظمات حقوق الإنسان. قُتل واغتيل الكورد الوطنيين المخلصين الكوردستانيين، تمّ تدمير وتهجير 5000 قرية ومنطقة بسبب القتال الدائر بين حزب العمال الكوردستاني بكك وتركيا، امتلأت السجون والزنانين بأكثر من 70 ألف شخص، ووقعت أكثر من 15 ألف عملية قتل وتصفية داخلية داخل أطر بكك نفسه.
في تسعينيات القرن الماضي، بدأت حافلة حزب العمال الكوردستاني بكك بتشغيل إشارة الخروج عن المسار بشكل تدريجي، ولكن في عام 1999، ولدى ذهاب أوجلان إلى إمرالي، قام حزب العمال الكوردستاني بكك بتغيير مسار الحافلة بشكل كامل في منعطف حادّ بالمرّة، وقال أوجلان بأن المطالبة بالدولة رجعية وتخلّف ولعبة إمبريالية، وأن مصطفى كمال أسّس جمهورية للكورد والأتراك معاً، وأصبحت الحافلة السائرة نحو استقلال كوردستان تنحرف عن مسارها نحو أنقرة من أجل دمقرطة تركيا والتتريك هذه المرّة.
استأنف حزب العمال الكوردستاني القتال في الأول من يونيو/حزيران 2004، ولكن، من أجل دمقرطة تركيا هذ المرة، ضحّى بأكثر من 10 آلاف شاب وشابة كوردية من أجل تركيا هذه المرة، ممّا يعني أن حزب العمال الكوردستاني قدّم 5 أجيال كوردية قرابين في حربه، توقفت هذه الحافلة في 8 أيار 2025، وبعد 52 عاماً من التخريب والدمار والإلهاء دون أي إنجازات قال أوجلان: “ليس من الضروري حتى المطالبة بحقوقكم الثقافية!” وأعلن بأنهم سيفسخون ويفكّكون حزب العمال الكوردستاني بكك.
وفي الوقت الذي لم يدفع حزب العمال الكوردستاني بكك حتى الآن فاتورة 52 عاماً للشعب الكوردي، ولم يتم الكشف عن أسماء آلاف الضحايا الكورد… يقول العمال الكوردستاني: انتصرنا… سنبدأ بنضال جديد!” ويحاول جرّ الكورد خلفه نحو دهاليز مجهولة مرّة أخرى! لكن، يجب على الكورد أن يقولوا لهذه الحافلة “كفى… توقفي” ويجب إرسال ونقل هذه الحافلة إلى مقابر السيارات.
أفضل عمل قام به العمال الكوردستاني بكك خلال هذه الـ 52 عاماً هو فسخ نفسه، ينبغي أن ينتهي العمال الكوردستاني بكك من الوجود، كما يجب هدم الحواجز والأسوار التي صنعها أمام آمال الكورد وتطلّعاتهم، كما ينبغي على الكورد أن ينقذوا ويخلّصوا أنفسهم من هذه المصيدة التي صنعتها الدولة التركية لافتراسهم واصطيادهم بها أي العمال الكوردستاني بكك..