رسالة من أحد قدامى الگريلا إلى حزب العمال الكوردستاني: لن أسامحكم في حقوقي…

في 11 يوليو/ تموز، أحرق 30 گريلا-مقاتلي حزب العمال الكوردستاني بكك أسلحتهم. أنا من قدامى الگريلا، حملتُ تلك الأسلحة التي أحرقت لعشرين عامًا. وعندما نزل المقاتلون من الكهف، مرّت ذكرياتي أمام عينيّ كفيلم. وأريد أن أعبّر عن المشاعر التي أعيشها اليوم من خلال هذه الرسالة.

كتبتُ هذه الرسالة نيابةً عن جيل التسعينيات الذين لا قبور لهم لغاية الآن!

كتبتُ هذه الرسالة إلى العائلات التي مزقتها حرب الـ 41 عامًا وضحّت بكلّ غالٍ فيها…

كتبتُ هذه الرسالة إلى أولئك الذين عانوا والكادحين… وهل سيسامحونكم في حقوقهم، ومن لن يسامحوه حقوقهم ولن يصفحوا عنه…

أسامح حقّي لشعب كوردستان، ولرفاقي، ولجميع الثوار والمحاربين، ولمن لا يزال قلبه عامراً بالإيمان بكوردستان محرّرة وحرّة ومستقلة. لكنّي، لن أسامح من غيّروا الطريق الذي سلكناه من أجل كوردستان حرّة ومستقلة وحوّلوه إلى طريق يخدم “توسيع جمهورية تركيا وحماية حدود معاهدة لوزان”. ولن أُسامح أوجلان في حقوقي بالتأكيد أيضًا.

بعد التسعينيات، انخرطت ثلاثة أجيال من أبناء الكورد وشبابهم إلى رفوف العمال الكوردستاني بكك وارتموا في أحضانه من أجل بناء كوردستان مستقلة. وأنا كنتُ واحداً منهم. تركتُ ورائي شبابي ومدرستي، وأمي التي أشتاق إليها وأموت في حبّها، وعائلتي، والفتاة التي أحببتها أكثر من كلّ شيء…

كانت أغنية جيلي المفضلة هي “كين أَم-كوردين أَم” لشفان برور، والتي كنا نستمع إليها سرًا ونعشقها

نشأنا وترعرعنا على سماع قصص المقاومة ضدّ التعذيب في سجون ديار بكر-ئامد، عام 1988، كنت شاهد حال على جينوسايد حلبجة والانتفاضة العظيمة لشعب جنوب كوردستان-إقليم كوردستان عام 1991 والتي أثّرت على كافة أجزاء كوردستان بأكملها كعاصفة. بهذه الحماسة والإثارة بدأنا نضالنا عام 1992 ضدّ المدرعات والرصاص، رافعين شعارات “عاشت كوردستان- بژی کوردستان، الموت للاستعمار-بمرە کۆلەدار”، عندما كنّا تلاميذ كنّا نشارك في مظاهرات المدارس ونغنّي “سيأتينا، سيأتينا، حزب العمال الكّردستاني بالدولة سيأتينا-وێ بینە وێ بینە، پەکەکە وێ ژ مە رە دەولەتێ بینە” وكنّا نبصق في وجه العدو بشجاعة وبلا خوف. وأخيرًا، انضممنا إلى رفوف حزب العمال الكوردستاني بهذه الأحاسيس والمشاعر الجياشة…

لم نكن قد رأينا أي صور لأوجلان، انضممنا إلى رفوف العمال الكوردستاني من أجل كوردستان. في دوراتنا التربوية كان يُقال لنا إن أوجلان هو الوطني المخلص الوحيد في تاريخ كوردستان. وحسب هذه الدورات، كان الشيخ سعيد جاسوساً وعميلاً، والقاضي محمد بائساً، والملا مصطفى البارزاني يعمل لصالح إسرائيل. تفاجأنا واندهشنا! لكنّنا كنّا نعتقد أن حزب العمال الكوردستاني العظيم هذا لن يكذب علينا لهذا بقينا ساكتين!

في عام 1995، جئنا إلى جنوب كوردستان-إقليم كوردستان. طُلب منا القيام بعملية ضدّ مقرّ للبيشمركة. قلنا: “إنهم كورد أيضاً، نجوا لتوّهم من قمع صدام وظلمه!” فقيل لنا: “أنتم لا تعلمون، إنهم متخلّفون رجعيون، لا يطالبون بـ دولة كوردية مستقلة؛ بل يريدون حكمًا ذاتيًا محدوداً-صغيراً، ولن تقوم كوردستان ما لم ندمّرهم ونقضي عليهم!”.

صدرت الأوامر وطُلب منا حرق بارزان والقرى. سأل أحد رفاقي: “لماذا نقتل هؤلاء البارزانيين الناجين من حملات الأنفال؟!” لكن الأمر كان صارماً وشديداً، ولهذا أحرقنا تلك القرية.

في عام 1999، سمعنا أن أوجلان نُقل إلى تركيا. لا شكّ أن أوجلان سيقاوم الظلم على خطّ المقاومين المضطهدين، لكنه قال: “أريد أن أخدم دولتي التركية!”. لم يُبدِ أوجلان قدر مثقال ذرة من الجرأة والشجاعة التي أبدتهن الفتيات اللاتي فجّرن أنفسهن. هذه المرّة أيضاً، قيل لنا: “أنتم لا تفهمون؛ أنتم لا تفهمون… القائد لا يقاوم مقاومة كلاسيكية!”.

في عام 1999، توجّه گريلا باكور كوردستان-كوردستان تركيا إلى الجنوب-إقليم كوردستان دون استعداد بأوامر من أوجلان. استشهد المئات من رفاقي بجانبي.

عام 2000، قيل لنا إننا سنقاتل بيشمركة الاتّحاد الوطني الكوردستاني. ولأن أوجلان أراد أن يثبت للدولة التركية أن حزب العمال الكوردستاني سينصاع له وينفّذ أوامره، فقد صدرت التعليمات من هناك. واستشهد أكثر من مئتي بيشمركة الاتّحاد الوطني الكوردستاني على أيدينا.

الشباب الكورد، الذين بدأوا نضالهم لبناء وطن حر في التسعينيات، يُدمّرون ويسحقون الآن على يد أوجلان، الذي قال: “أريد أن أخدم الدولة التركية”.

في دعوته-رسالته في 27 شباط، قال أوجلان: “حرب حزب العمال الكوردستاني بعد التسعينيات لم تكن ضرورية”. إذن: فلماذا أُحرقت كلّ هذه القرى في التسعينيات؟ ولماذا أُجبر ملايين الكورد على النزوح والتهجير؟ ولماذا فقد 40 ألف شاب كوردي حياتهم؟

لماذا أشعل أوجلان فتيل الحرب مجددًا في الأول من يونيو/حزيران 2004؟ منذ ذلك الحين، دُفن 20 ألف شاب كوردي، لماذا؟ لماذااا؟

لماذا خرج أوجلان عام 2013 وقال: “يمكن لإدارة ذاتية أن تُعلن استقلال المنطقة، ويمكن أن يُقتل 50 ألف كوردي في يوم واحد؟!”. ولماذا ألقيتم ما يقرب من 3 آلاف گريلا في الخنادق والأنفاق في 11 مدينة كوردية وقتلتموهم بيد الدولة التركية؟!”.

أياد أوجلان ملطّخة بدماء 50 ألف جثة شاب كوردي…

لم يُحقق حزب العمال الكوردستاني أي إنجاز أو مكسب يُذكر خلال 41 عامًا من الحرب. أمّا ادعاء أنّنا “عرّفنا الهوية الكوردية وجعلناها مقبولة” فهو ادّعاء باطل وكاذب، كنّا كورداً حتى قبل أن نسمع اسم حزب العمال الكوردستاني بكك. ولم تكن لـ كوردايتنا أي علاقة بـ أوجلان آنذاك، وكذلك الآن…

ليس لدى أوجلان أي نوايا كوردية أو كوردستانية. وجّه آلاف الشباب الكورد نحو الموت المحتوم لمجرد إشباع بطنه، وكذلك بالنسبة لعموم قادة العمال الكوردستاني بكك، أمثال جميل بايك، ومراد قره يلان، ودوران كالكان، ومصطفى قره سو وعلي حيدر كايتان فكلّهم يدورون في فلك هذه الدوامة المعادية للكورد.

أطالب بإخلاص من كلّ قلبي ووجداني بإلقاء السلاح. لئلّا يموت شباب الكورد، لكنّي لن أسامح أوجلان ولن أصفح عنه وعن أنصاره وأتباعه في حقوقي… وكذلك لن تسامحه دماء 50 ألف شاب كوردي…

مقالات ذات صلة