سقوط جدار الخوف في إيران

سقوط جدار الخوف في إيران

أكّدت صحف أجنبية أوروبية وعربية أنه بينما قلّلت السلطات الإيرانية من شأن الثورة الحارقة، وتحمّل “الأعداء” في الخارج المسؤولية عنها، تستمّر الاحتجاجات الشعبية الغاضبة، ويستمر معها القمع لا سيّما في المناطق النائية من العاصمة طهران، وبالأخص في المدن الكوردستانية بكوردستان غيران.

وتساءلت: هل هو تهور أم إنكار أم استعراض للقوة؟ مشيرة إلى عودة شرطة الآداب إلى شوارع العاصمة الإيرانية بعد أن اختفت عن الأنظار منذ بداية الانتفاضة التي اندلعت بعد مقتل الشابة الكوردية ژينا أميني (22 عاماً) في 16 سبتمبر/أيلول الماضي عقب اعتقالها وتعذيبها من قبل شرطة الآداب.

فبعد شهر تقريباً، قالت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية: “على الرغم من المظاهرات التي تنطلق يومياً في جميع أنحاء البلاد، تعتقد السلطات أن بإمكانها العودة إلى شكل من أشكال الحياة الطبيعية، إلى القمع اليومي كما كان من قبل”.

وتابعت الصحيفة الفرنسية القول إن النظام الإيراني يصرّ على اعتبار هذه الحركة مجرد “أعمال شغب” من صنع “أعداء” إيران، بما في ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل وحتى الأوروبيين، وكرّر ذلك المرشد الأعلى علي خامنئي يوم الأربعاء الماضي في خطابه الثاني عن هذه الأحداث: “اليوم يؤكّد الجميع تورّط الأعداء في أعمال الشغب هذه… إن تصرفات العدو مثل الدعاية ومحاولات التأثير على العقول، وخلق الإثارة، وتشجيع وحتى تعليم صناعة المواد الحارقة، أصبحت الآن واضحة تماما”.

وحثّ الرجل الذي يتولّى السلطة منذ عام 1989 “السلطات القضائية والأمنية على أداء واجبها” وكأن الأمر يتعلق بالنظام العام، وقد تمّ بالفعل توجيه تهم إلى حوالي 125 شخصاً وفقاً لبيان صحافي صدر يوم الأربعاء عن القضاء الإيراني، ويقترن هذا الردّ الجنائي بقمع عنيف، لا سيما في الضواحي، في سيستان وبلوشستان وفي كوردستان، حيث عاشت ژينا أميني.

ويرى خبراء في مجال حقوق الإنسان أن النظام الإيراني يأمل أن ينتشر الخوف في جميع أنحاء البلاد، إلا أن الأمر مختلف هذه المرة وفي الوقت الحالي، فما يحدث هو العكس تماماً.

ويلاحظ أزاده كيان، أستاذ علم الاجتماع ومدير مركز التدريس والتوثيق والبحث للدراسات النسوية (Cedref) في جامعة باريس سيتي، أن “طبيعة الاحتجاج تتغيّر: بازارات كردستان أضربت، وكذلك البعض في طهران، حتى لو لم تكن الحركة عامة بعد، ومع ذلك، بدأ التجار في مشهد، ثاني مدن البلاد والعاصمة الدينية، إضراباً يوم الأربعاء وتوقف العاملون في قطاعات البتروكيماويات والنفط عن العمل باسم مطالب الشركات وتضامنا مع الانتفاضة” وأشار أزاده كيان، إلى أن الطبقة العاملة كانت حاسمة في إسقاط نظام الشاه عام 1979 والثورة التي بدأها الطلاب والمثقفون واستغرقت عامين.

ومضت “ليبراسيون” موضّحة أنه بعد شهر لا تتضاءل عزيمة المتظاهرين، الذين ذهب البعض منهم إلى المطالبة بسقوط النظام، وكتب على لافتة علقت فوق طريق سريع في العاصمة الأسبوع الماضي: “لم نعد خائفين” وتستهدف الشعارات رأس النظام وطبيعته الديكتاتورية، وليس الإسلام كدين، كما يشير آزاده كيان: “المحتجون يفرقون بين الإسلام والإسلام السياسي” المباني الدينية غير مستهدفة.

وبينما تبقى الانتفاضة سلمية في الأساس، يرى متابعون أن الباقي سيعتمد كثيراً على القوات الأمنية: “إلى متى ستستمر في ولائها للنظام؟” وهذا جزء كبير من اللغز، في الوقت الحالي، تنفّذ هذه القوات الأوامر، وقد قُتل ما لا يقل عن 200 شخص، من بينهم 23 طفلاً، وفقا لمنظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها النرويج.

من جانبها، نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية في عددها الجديد تقارير ومقالات عن الانتفاضة العارمة التي انطلقت ضد النظام الإيراني عقب مقتل الشابة الكوردية ژينا أميني، وكتبت معنونة صفحتها الأولى بـ: “إيران: جيل يتحدى النظام”.

وتحت عنوان “تزايد انعدام الثقة بين الشعب والنظام في إيران” جاء في مقال آخر أنه مهما أراد النظام الإيراني أن يسمّي الانتفاضة الأخيرة بـ”اضطرابات” من قبل بعض مثيري الشغب بعد وفاة الفتاة الكوردية فلا ينبغي أن يفاجأ بهذه الاحتجاجات، لأن العلامات كانت معروفة منذ زمن بعيد.

وفي مقال آخر يشير إلى هجمات الحرس الثوري الإيراني المستمرة على إقليم كوردستان في الأسبوعين الماضيين، كتبت “لوفيغارو” الفرنسية أن إيران تحاول تحويل الانتباه عن الاحتجاجات الداخلية الشديدة إلى قضية أخرى من خلال استهداف كوردستان.

مقالات ذات صلة