لم تُنشر بعد، التفاصيل الكاملة للهجوم الذي استهدف مطار السليمانية الدولي، ولم يتمّ الكشف عن حقيقته وكنهه لغاية الآن، غير أن هناك أطرافاً مظلمة عديدة في هذا الحادث، لهذا يحاول الاتحاد الوطني الكوردستاني (YNK) وحزب العمال الكوردستاني (PKK) بذل جهودٍ جبارة للتغطية على الحادث وتزييف حقيقته وإبقائه طيّ الكتمان، لهذا نراهم ينشرون أخباراً كاذبة ملفّقة ومضلّلة بين الفينة والأخرى لهذا الغرض.
وكأن مخطّطهما باء بالفشل، وتمّ ضبطهما متلبّسين في هذا الجرم، تتحركّ هاتان القوتان جنباً إلى جنب لإبعاد التهم والشكوك عن نفسيهما في حين بات جلياً للشعب الكوردي والرأي العام الكوردي أن من أعطى المعلومات للدولة التركية وأن المتّهم الرئيسي في هذه الجريمة لا يخرج من أطر استخبارات البكك أو استخبارات الاتحاد الوطني الكوردستاني.
من أعطى المعلومات المخابراتية للدولة التركية؟!
امتلأت وسائل إعلام البكك بالأنباء الكاذبة والملفّقة والتحليلات والتقييمات المنحرفة لتحريف وتزييف حقيقة ملابسات الحادث، فزعمت ماكيناتها الإعلامية وأبواقها أن من أعطى المعلومات للدولة التركية هو الحزب الديمقراطي الكوردستاني! ولكن لو وضع سجلّ بأسماء المتّهمين بإعطاء المعلومات للدولة التركية لكان السجل قد ضمّ أسماء كبار قادة الاتحاد الوطني وحزب العمال الكوردستاني بكك، فكما هو معلوم أن زيارة مظلوم عبدي من غربي كوردستان للسليمانية كانت غاية في السرية لا يعلم بها سوى أقرب المقرّبين من مظلوم عبدي وكبار قادة الاتحاد والقادة الأمنيين في أجهزته وأجهزة البكك المخابراتية.
والاعتقاد أن مظلوم عبدي زار السليمانية بدون علم “جميل بايك” فهو اعتقاد خاطئ تماماً، فالحقيقة هي أن مظلوم تواجد في السليمانية للمشاركة في اجتماع المجلس التنفيذي لحزب العمال الكوردستاني بكك، ذلك الاجتماع الذي حضره جميل بايك بنفسه والذي عقد في السليمانية.
أي بمعنى أنه لو وصلت معلومات للدولة التركية فإنها قد وصلت إليها عن طريق استخبارات الـ ي ن ك (الاتحاد الوطني) والبكك لا غير، وأن المتّهمين الرئيسيين هما الاتحاد الوطني والعمال الكوردستاني بكك، فالكلّ يعلم مدى التقارب الحاصل بين البكك والاستخبارات التركية MIT، وأن البكك ومخابراتها هم المصدر الرئيسي لإعطاء المعلومات للاستخبارات التركية، وأن البكك ومنذ تأسيسها ولغاية اليوم تعيش في ظلّ الاستخبارات التركية ولم تبعد عنها قيد أنملة!
ولدى عودتنا لحادث مظلوم عبدي، ينبغي علينا ألّا نُبعد الجمهورية الإسلامية الإيرانية من المعادلات والحسابات الجارية في السليمانية، فمحافظة السليمانية باتت كإحدى المحافظات الإيرانية، وأن إيران مطّلعة على كلّ صغيرة وكبيرة تحدث فيها، فلم يبق أي مفاصل للاتحاد الوطني ولا مؤسّسة له ولا حيّ من أحياء السليمانية ولا فرع من أفرع تنظيمات الاتحاد الوطني ولم تخترقه الاستخبارات الإيرانية (اطّلاعات) ولم تنظّم فيها اشخاصاً تابعين لها، بل حتّى كبار قادة البكك كـ “جميل بايك” بنفسه شخصياً فهو يعيش في السليمانية في ظل الاستخبارات الإيرانية، وأن إيران نفسها هي من أمّنت له العيش في المدينة، فالبكك في قبضة إيران بالكامل، وإيران هي من أهدت غربي كوردستان-كوردستان سوريا للبكك، لكن إيران مستاءة وممتعضة بل وغاضبة جداً من التواجد الأمريكي في سوريا وغربي كوردستان كما هي مستاءة من حمايتها وحراستها لمظلوم عبدي، وكانت إيران مطّلعة على زيارة مظلوم عبدي للسليمانية بحماية وعلم أمريكيين، كما هي مطّلعة على تنقّلات قادة البكك بالمروحيات الأمريكية ومغتاظة وحانقة منها، فعلى سبيل المثال، كانت إيران مطّلعة على انتقال قيادي البكك “دوران كالكان” عام 2017 من السليمانية لغربي كوردستان بمروحية أمريكية، وكانت قد حذّرت البكك يومها من القيام بهكذا أعمال وممارسات، لذا فيبقى احتمال أن إيران قدّ حذّرت البكك هذه المرّة أيضاً بهذا الأسلوب قائماً وممكناً، وتذكير للبكك بأنها على علم واطّلاع تامّين بكلّ ما يجري ويدور في السليمانية، ولهذا السبب يرى خبراء وهذا ما دفع ببعض المحلّلين أن هناك مصدراً آخر للاستخبارات التركية في السليمانية ألّا وهي إيران.
والمعنى، أن قائمة المتّهمين بإعطاء المعلومات المخابراتية للدولة التركية حول تواجد مظلوم عبدي في السليمانية تضمّ كلّاً من هؤلاء المرتزقة والجحوش (البكك والاتحاد الوطني) وإيران.
جميل بايك أمضى 37 عاماً من حياته في كنف الاستخبارات الإيرانية والسورية وحمايتهما
وحتى لو لم تكن الحقيقة بهذه الصورة، فالبكك قامت بتحريف الحادث وتزييف حقيقته وتحويله لتبجّح سياسي، ولهذا قامت وعلى الفور بإطلاق التصريحات واتّهام الديمقراطي الكوردستاني بالوقوف وراء الحادث، فالتصريح الذي صدر باسم لجنة العلاقات الخارجية لمنظومة المجتمعات الكوردستانية والمعنون بـ (الحزب الديمقراطي الكردستاني PDK هو الراعي للهجوم الذي نفذته الدولة التركية على مطار السليمانية) فالمنظومة نشرت هذا التصريح اللاأخلاقي في حين أن الحقيقة هي أن (البكك ليست هي الراعية الرسمية لدولة الاحتلال التركي في إقليم كوردستان فحسب… بل هي راعية لدول الاحتلال جميعاً في عموم أجزاء كوردستان وعلى مرّ التأريخ والأزمان…).
فلجنة ما تسمّى بلجنة العلاقات الخارجية لمنظومة المجتمعات البككية تتألف من حفنة من كوادر البكك في السليمانية، تربطهم علاقات يومية مع جميل بايك ويلتقون به، فتصريحهم هو تقييم جميل بايك وتصريحه هو بنفسه، ولهذا، فعند الردّ على جميل بايك ومرتزقته وجحوشه ينبغي تذكيرهم بما فعلوه وفتح صفحات ماضيهم الأسود والمظلم والمشبوه…
فالبكك بسياساتها القائلة (تركيا ديمقراطية، إيران ديمقراطية، بشار الأسد حليفنا الأصيل وناضلنا لئلا يسقط!… إلخ) هي البكك نفسها التي تخدم جميع المؤسّسات الاستخباراتية للدول المحتلّة لكوردستان، فجميل بايك ومنذ عام 1986 لم يتحرّك قيد أنملة خارج أوامر وتعليمات الاستخبارات الإيرانية (اطّلاعات) والمخابرات السورية، والمحترم جميل بايك نفسه هو الراعي الرسمي للاستخبارات السورية والإيرانية ويعيش في كنفها وحضنها طيلة 37 عاماً! ولم ير تركيا منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي ولو من بعيد بل وحتّى بالمنظار! وممّا لا شكّ فيه أن إيران لا تقوم بحمايته من أجل عيونه العسلية! بل لكلّ شيء ثمن، وثمن الحماية الإيرانية له أنه يبيض بيضاً ذهبياً لإيران، ولهذا تقوم إيران بإعالته وحمايته كأولادها الصلبيين!!
البكك تعفّنت ونتنت من أخمص قدميها ولمفرق رأسها…
صحيح أن السمكة تتعفّن من رأسها، فعبد الله أوجلان ولإنقاذ نفسه من حبل المشنقة، ضحّى بآلاف الگريلا عام 1999 تحت شعار الانسحاب من كوردستان تركيا-شمالي كوردستان، وأجبرهم على مواجهة الموت المحتوم تحت مسمّى هدنة وقف العمليات العسكرية ونقل الصراع خارج تركيا! وما زالت صدى مقولته الشهيرة (أنا على أتمّ الاستعداد لخدمة الجمهورية التركية…) تملأ آذان الكورد، وكذلك قول جميل بايك عندما قال: (لو قال القائد بأنه خادم تركيا فمن أنا حتى لا أقول مثلما يقول؟!!).
والآن، تسير جماعة ما تسمّى بلجنة العلاقات الخارجية لمنظومة البكك والمؤلّفة من حفنة من الكوادر الوسطيين وتنتهج المسيرة العفنة والنتنة لحزبهم المتعفّن النتن، ويتحرّك جميع مكوّنات هذه المنظومة الفاسدة (منظومة المجتمعات الكوردستانية للبكك) تحت أعلام الجبهة المناوئة والمعادية لكوردستان وكلّ ما هو كوردي وكوردستاني، من (الحشد الشعبي العراقي، والاطّلاعات الإيرانية، والمخابرات السورية، وأطراف أخرى من الدولة العميقة في تركيا) وللأسف الشديد ما آلت إليه الأمور بحيث أصبحت البكك متعفنّة نتنة من أخمص قدميها لمفرق رأسها في مستنقع العمالة والتجسّس لاستخبارات الدول المحتلّة لكوردستان.
فكما يرى الإنسان حقيقته في المرآة، فكذلك البكك ترى حقيقتها في الـ 44 عاماً من ماضيها السحيق والأسود والذي أمضته في خدمة دول الاحتلال، وأنها لم تحقّق خلال نصف القرن الماضي أي انجاز أو مكسب يُذكر! فهي كراقصة في أحضان استخبارات الدول المحتلّة والغاصبة لكوردستان، تفعل ما يُطلب منها بحيث فقدت عذريتها وقيمها ولم تعد تملك ذرّة من الحياء والخجل، بحيث وصل الأمر بزعيمها المسجون أن يقول في أول لحظات عودته لحضن تركيا: (أمي تركية… وأنا أحب تركيا!!).
وفي الجانب المقابل والمعاكس تماماً لهذه المسيرة المشبوهة والمتعفّنة والقذرة… لعب الحزب الديمقراطي الكوردستاني-البارتي دوره الريادي والقيادي في مسيرة الكوردايتي، وأصبح قوة وطنية معترف بها على المستوى الإقليمي والعالمي، وهو صاحب هوية سياسية وإدارية شرعيتيين، والبكك تعرّف قيادة الديمقراطي الكوردستاني كفناء لها، ولهذا تتجسّد جميع مواقفها في العداوة ومحاربة الديمقراطي الكوردستاني-البارتي…