ثار جدل واسع ونقاشات مريرة حول تراجع الدعم الدولي على كافة الأصعدة، لوحدات حماية الشعب (YPG) نتيجة تقاربات حزب العمال الكوردستاني بكك، وبرزت من جديد مواقف وتصريحات بعض الحكومات والدول الأوروبية حول قطع علاقاتها ودعمها لوحدات حماية الشعب، نتيجة العلاقات المتينة التي تربطّ هذه الوحدات بحزب العمال الكوردستاني بكك، وبالأخص بعد ممارسة تركيا لضغوطات على تلك الدول والحكومات واشتراطها عليهم وقف هذا الدعم بل ومحاربتها من أجل نيل موافقة تركيا لانضمام تلك الدول لحلف النيتو-حلف الشمال الأطلسي-.
البكك تستخدم روجآفا كوردستان كورقة ضغط سياسية
رغم أن البكك أخفت واقع تواجدها في كوردستان سوريا-غربي كوردستان وغطّته وتستّرت عليه تحت أسماء ومسمّيات عديدة كحزب الاتّحاد الديمقراطي PYD ووحدات حماية الشعب YPG واستخدمت التنظيمات المحلية والمناطقية… إلّا أن الحقيقة الوحيدة هي أن البكك تدير كوردستان سوريا وفق سياساتها بعيداً عن إرادة أهلها، وهذا ما أفرز آثاراً سلبية على مستقبل كوردستان سوريا عموماً، وكذلك فإن المكوّنات السياسية والتشكيلات العسكرية التي صنعتها البكك تحت مسمّى الإدارة الذاتية بغربي كوردستان لا تملك رؤية سياسية استراتيجية، ويتمّ إصدار القرارات في المحادثات والمفاوضات التي تجري مع استخبارات الدول الأجنبية بمشاركة قادة البكك باسم غربي كوردستان-كوردستان سوريا علماً أنها قرارات لا تمثّل إرادة شعب كوردستان سوريا، بمعنى أن غربي كوردستان بات ورقة ضغط سياسية بيد البكك تستخدمها متى شاءت لتحقيق مصالحها الحزبية، وهذا الوضع المستحدث والمصطنع تسبّب بتأزيم أوضاع غربي كوردستان خلال العشرة أعوام الأخيرة وجعله يتخبّط في دوامة مسحت معالم مستقبله عن بكرة أبيها.
محاولات البكك في استثمار أجواء ما بعد تحرير كوباني لشطب اسم تنظيمها من لائحة المنظمات الإرهابية
زرعت البكك كوادرها في عموم المؤسّسات الإعلامية في غربي كوردستان في محاولة منها استغلال هذه المفاصل الهامة لتحقيق مصالحها الحزبية، وبالأخص لدى وقوفها منذ البداية عائقاً أمام تحقيق الوحدة الكوردية بين الأحزاب والحركات الكوردستانية بغربي كوردستان.
كما حاولت البكك استثمار الأجواء التي أفرزتها عملية تحرير كوباني والحرب على داعش الإرهابي في غربي كوردستان، وانتهاز الفرص المواتية لإظهار نفسها كتنظيم دستوري شرعي وشطب اسمها وإزالته من لوائح الإرهاب الدولية، فتعمّدت رفع أعلامها وصور رموزها بغربي كوردستان بشكل لافت لجذب أنظار العالم ولفت انتباهه، فباتت مسالة رفع صور أوجلان وأعلام البكك وتشكيلاتها العسكرية ظاهرة عمّت عموم مناطق سيطرة البكك بغربي كوردستان، في اعتقادٍ منها أن ذلك سيساعدها وسيساهم في شطب اسمها من لوائح الإرهاب الدولية، غير أن الوضع انقلب راساً على عقب، ولم تجري الرياح بما اشتهته سفن البكك، وبدأت حركات وأحزاب غربي كوردستان كالبكك تضيّع فرص الحرية والاستقلال التي تهيأت لها على الساحة الدولية شيئاً فشيئاً وواحدة تلو الأخرى.
وحدات حماية الشعب YPG بات امتداداً لحزب العمال الكوردستاني PKK
بذل كبار صناع القرار في أمريكا محاولات حثيثة لتعريف قوات سوريا الديمفراطية “قسد” كقوة رسمية حليفة للولايات المتّحدة، وعدم رؤية هذه القوات كامتداد للبكك على الساحة الدولية، وجحدوا تواجد البكك في غربي كوردستان ونفوه، لكن البكك مارست ضغوطات أكبر على كوادرها هناك ولم تسمح لهذا الجزء من كوردستان بالتحرّك بهويته الإقليمية، وحاولت البكك استغلال الدعم الأمريكي وقوات التحالف الدولي لنفسها، فكانت النتيجة إشراك وحدات حماية الشعب YPG أيضاً في اللوائح السوداء معها، بدل شطب اسمها هي من لوائح الإرهاب الدولية!
انتفاء فاعلية كوادر غربي كوردستان-كوردستان سوريا
رغم المحاولات الحثيثة والجادة لكوادر غربي كوردستان المحلّيين والمنخرطين في صفوف البكك الحدّ من تدخّلات البكك في غربي كوردستان والتقليل من تأثيراتها عليهم بداية الأمر، إلّا أنه وللأسف الشديد باءت هذه المحاولات بالفشل، وفي المقابل، نجحت مخطّطات البكك في تأسيس إدارة تابعة لها تشرف على إدارة المنطقة عبر إرسال شخصيات أمثال صبري أوك بحجة التنسيق والإشراف على إدارة المنطقة، وتمركزت البكك هناك وسيطرت على مفاصل الحياة بالكامل، كما لم تنقطع الزيارات المتكرّرة لقادة البكك أمثال دوران كالكان وبسي هوزات لغربي كوردستان وعقدهم للاجتماعات الدورية مع موظّفي إدارتها هناك، ولم يسمحوا لغربي كوردستان بإدارة أمورهم ومنطقتهم بإرادتهم المستقلّة بعيداً عن إملاءات البكك، كما قامت بانتقاد بعض الكوادر المحليين الذين كانوا يعترضون على تدخّلات البكك في جميع مفاصل إدارتهم، وسحبتهم لقنديل بحجة إدخالهم دورات تدريبية تربوية وتثقيفية، من هؤلاء الكوادر (دوزدار حمو) والذي ما زالت الشكوك تحوم حول قضية موته في گاره لغاية اليوم.
فتوجّه كوادر البكك من أهالي غربي كوردستان لمناطقهم، وايقنوا أنه لا بدّ من السمع والطاعة العمياء للبكك من أجل حماية مراكزهم ومناصبهم وصون مصالحهم وتحقيقها، فخضعوا لأوامر وإملاءات قنديل، وانحصر نضالهم فيما يتوافق وبما يحقّق مصالح البكك فقط.
وكلّ ما تحقّق من نقاط ملفتة للانتباه ومثيرة للشكوك والجدل كقضية تسليم عفرين والمعاهدات الحدودية وخلق العداوة مع إقليم كوردستان وتغيير اسم غربي كوردستان لشمال وشرق سوريا… كلّ هذا تحقّق في ظل البكك وبتعليماتها وإملاءاتها!
ووفق آخر أنباء الوكالات العالمية، فقد أعلنت الحكومة السويدية أنها قطعت دعهما الكامل لوحدات حماية الشعب وكذلك لحزب الاتّحاد الديمقراطي PYD بغربي كوردستان، بل وأنها بصدد إجراء تغييرات دستورية تجرّم تمويل أية أجنحة أو امتدادات حزب العمال الكوردستاني بكك… وهذا من تداعيات تعريف غربي كوردستان-كوردستان سوريا بهوية البكك دون هويته الإقليمية الدستورية، وهذا ما سار بمشروع غربي كوردستان بالتمام والكمال نحو انسداد حقيقي.