كان مؤتمر وحدة الموقف والصف الكوردي في روجآفا كوردستان والذي عقد في قامشلو في 26 نيسان/ أبريل خطوة طال انتظارها وتحقيقها من قبل الشعب الكوردي، هذه الوحدة لن تتحقّق بجمع التواقيع والاجتماعات، بل يجب أن تتحقّق في الميادين الاجتماعية والسياسية والدبلوماسية والإعلامية. وهذا يعني أن المؤتمر هو بداية طريق، وأن هناك طريقاً طويلاً، وأن المشاكل لم تُحلّ ولم تُحسم بعد، نعم، الكورد أشادوا بهذا المؤتمر واحتضنوه برحابة صدر، لكنّهم متخوّفون مرتابون، وهذا الارتياب والشكّ ليس بلا أساس ولم ينبع من فراغ، فكان من المفترض أن يبدأ باتفاقية أربيل بمبادرة الرئيس بارزاني في 11 تموز عام 2012، إلا أنها تأخّرت مدة 13 عاماً، وما زالت القوى والأفكار التي حالت دون تنفيذ اتفاقية أربيل لتحقيق الوحدة ما زالت نشطة وعلى قيد الحياة على الساحة.
الحقيقة واضحة اليوم، رَفْضُ صالح مسلم الإدلاء بتصريح لمراسل رووداو يحمل معان ودلالات كبيرة، لكنّه يبرهن الحقيقة، فلو أجرت إحدى المحطات التلفزيونية التابعة لـ (هيئة تحرير الشام) أو حتى قناة (TRT) الكوردية مدّت ميكروفونها إلى صالح مسلم لكان قد تحدّث وصرّح. فـ صالح مسلم ليس مجرّد شخص، بل يمثل إدارة، ولا يحقّ لمن يجلس على طاولة حوار الوحدة مع طرف آخر لا يحقّ أن يصدر منه موقف شخصي كهذا في رفض طرف كوردي.
في الوقت نفسه، كان إعطاء أماكن الصفوف الأمامية للكونفرانس والأسطر الأولى لبروتوكوله لـ (الشبيبة الثورية-جوانن شورشكر) العصابة التي أحرقت مكاتب الحزب الديمقراطي الكوردستاني-سوريا والمجلس الوطني الكوردي في سوريا موقفاً استفزازياً، وإحياءً للجروح القديمة. هذه المواقف اللامسؤولة تدلّ على أنه ينبغي على جميع الأطراف أن تفلتر أفكارها وأحاسيسها من خلال العديد من الفلترات.
لقاءات الوحدة في روجآفا لم تكن لإرضاء الشعب وإبهاجه، بل هي لبناء جبهة كوردية. يجب على جميع الأطراف التمسّك بهذه الوحدة وتعزيزها وإنجاحها.
لا يزال موقف حزب العمال الكوردستاني بكك تجاه وحدة روجآفا كوردستان هدّاماً وتخريبياً حتّى هذه اللحظة، ينبغي على العمال الكوردستاني بكك أن يضع جانباً سياسته في تحويل روجآفا كوردستان إلى بكك والتدخّل في شؤونها، بينما كانت مواقف الرئيس بارزاني بشأن قضايا روجآفا كوردستان إيجابية وبناءة. ولهذا الحقيقة، شكر مظلوم عبدي في مستهلّ المؤتمر الرئيس بارزاني، ورغم أن حزب العمال الكوردستاني بكك جعل من روجآفا مركز سياسته المناهضة المعادية للبارزاني إلا أنّ الرئيس بارزاني لم يحمل بين جوانحه حقداً وكراهية شخصية تجاه أحد، ما حدث في كوباني وعفرين وسري كانيه وفي كلّ مرة يقع فيها روجآفا كوردستان في مشكلة ومأزق كان الرئيس بارزاني داعماً لها، ولم ينتقم قطّ، بل خلق آمالاً في روجآفا.
الرئيس بارزاني هو مهندس وحدة روجآفا كوردستان، ولكن من دون أي تدخّل في شؤون هذه البقعة، وحزب العمال الكوردستاني مضطر إلى العودة إلى هذا الخط غداً، ولا يستطيع أن يجعل من روجآفا كوردستان ميدانه الخاص. إن مسؤولي حزب الاتّحاد الديمقراطي الذين كانوا بككين من قبل اضطروا إلى منع كافة أنواع التدخّلات والمواقف الاستفزازية ضدّ وحدة الشعب الكوردي. مسؤولوا PYD مسؤولون عن بناء مفهوم أنه يجب على الكورد أن يحلّوا قضاياهم ومشاكلهم ليس من خلال العداء ولكن في إطار الاهتمام والرعاية المناسبة، لذلك، يجب أولاً على مظلوم عبدي ومن بعده جميع كوادر حزب الاتّحاد الديمقراطي الذين كانوا قبل بككيين أن يجعلوا مستقبل روجآفا كوردستان والكورد هدفاً وغاية وقبلة لهم، فحرية روجآفا كوردستان هي الهدف الاستراتيجي لعموم الكورد، ويجب على كافة الأطراف والدوائر السياسية وبالأخصّ في روجآفا أن تنطلق من مبدأ تحمّل المسؤولية. فحرية روجآفا كوردستان ومصيرها أعظم من مصير الأحزاب والأيديولوجيات وأكبر.