إحدى أطرف النكت حول الانتصارات الوهمية الزائفة، حكاها “سلافوي جيجك” فقال:
في القرن الخامس عشر عندما تمّ احتلال روسيا من قبل المغول، كان هناك فلاح وزوجته يمشيان على طريق ريفي مغبرّ، توقّف محارب مغولي على حصان بمحاذاتهما، وقال للفلاح بأنه سيشرع باغتصاب زوجته! وأضاف: ولكن هناك الكثير من الغبار على الأرض لذا عليك أن تمسك خصيتي بينما أغتصب زوجتك حتى لا تتلوثا بالغبار! ولما أنهى المغولي صنيعه وغادر بدأ الفلاح بالضحك! فسألته زوجته المندهشة: كيف لك أن تقفز فرحاً وأنا قد اغتصبت للتو بوحشية وأمام عينيك؟! أجاب الفلاح: لكنّي نلت منه، فقد تلوّثت خصيتيه بالغبار!!
صيحات البكك حول انتصاراتها تذكّرنا بقصة هذا الفلاح! فكثيراً ما ردّد إعلام البكك، الأسبوع الماضي، بأن الرئاسة المشتركة لمنظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) هنّأت مركز الدفاع الشعبي (NPG) على مكاسبه، وقيادة (NPG) من جانبها هنّات قواتها في متينا… إلخ
والمعنى، أن المؤسّسة التي يقودها جميل بايك وبسي هوزات هنّأت القوات العسكرية للبكك بقيادة مراد قره يلان، ولكن من أجل ماذا؟! لأنها وجّهت ضربات عنيفة للعدو خلال اليومين الأخيرين في تشرين الثاني في منطقة متينا والزاب، ووسائل إعلام البكك قاطبة زعمت أن الهزيمة لحقت بالعدو وانتصرت قوة الگريلا، ولكن لدى متابعتنا لهذه الأنباء فهي تذكّرنا بقصة الفلاح الروسي الذي اغتصبت زوجته أمام عينيه وفرحه باتّساخ خصيتي المغولي!!
ما هو الانتصار الذي تلقّى من خلاله الآبوجيون وتجار حروبهم صفعة، ولم نره؟!
ما هو الانتصار الذي حقّقته البكك؟!
منيت البكك بأكبر هزيمة في كوردستان تركيا، ولا وجود لعشرة گريلا في أي جبل من جبال كوردستان تركيا، ولو تجوّل أربعة جنود أتراك من شرنخ إلى جودي ومنها إلى بستا ومنها نحو گابار فهل تظنّون أنهم سيشتبكون مع فرقة للگريلا؟! بالطبع لا.
أم هل باستطاعة البكك مواجهة الدولة التركية ومنعها من التوغّل في مناطق گابار وجودي وئاندوك ومنذر؟! كلّا
أم هل بإمكان مراد قره يلان التوجّه صوب الجبال التي كان يعقد عليها الاجتماعات ويقيم الحفلات والدبكات مع الگريلا، أي في بستا وگابار وحفتنين؟! كلا
أم هل باستطاعة البكك التوجّه للمناطق الحدودية لإقليم كوردستان وكوردستان تركيا، تلك المناطق التي كانت معقلاً لها منذ 1986 بدءاً من حفتنين ووصولاً لجبل شكيف وخواكورك؟! كلّا
أيا تُرى هل استطاعت البكك الدفاع عن حفتنين وزاكروس وقمم كيسته ومام رشو والزاب وآفاشين”! كلّا
أم هل استطاعت البكك منع العدو من التوغّل في أراضي برواري بالا وريكان ونهيل ومناطق مزوري العليا ومناطق السنديين؟! أيضاً كلا…
أم هل وقفت البكك في مدن كوردستان تركيا حائلاً أمام الشباب من الإدمان على المخدّرات؟! كلّا
أم هل قامت بردع عمليات الإبادة التي فرضت على الكورد في كوردستان تركيا؟! كلّا
والحق أنّنا نستطيع عدّ المئات من هكذا تساؤلات دون رؤية أي انجاز أو مكسب حقّقته البكك.
ورغم هذه الحقائق جميعاً، ما زالت البكك بكوادرها ومنظّماتها وإعلامها يتغنّون بانتصارات لم تتحقّق، طوال سنوات!
شنّت البكك، الأسبوع الماضي، هجوماً في منطقة الزاب مستغلّة سوء الأحوال الجوية والضباب، قتلت خلاله عدداً من العساكر الأتراك، ومنذ يومين تتغنّى بالانتصارات حول مقتل هؤلاء العساكر، وتتحدّث عن انتصارات الگريلا، في الوقت الذي كانت الگريلا تقيم الدبكات في سهل الزاب منذ 40 عاماً مضت، أسّست أكاديميات، أعلنت عن جمهورية الزاب، شكّلت حكومة بوطان-بهدينان، شكّلت المجالس… إلخ، والآن، أهديتم وادي الزاب والمناطق المحيطة به للأعداء وخسرتم عموم هذه الجغرافية، ولكن هلّ فكّرتم يوماً أنكم إذا خسرتم وكركم فلن تحقّقوا مكسباً وراء مقتل العشرات من عساكر الأعداء؟!
أدارت البكك حملة دعائية لأيام حول جثّة أحد قتلى العساكر الأتراك، حول اسم القتيل، طلبت من عائلته أن تأتي لاستلام جثّته، ردّدت شعارات الانتصار، ولكن الحقيقة هي أن البكك لو قتلت مئات العساكر الأتراك فلن تعوّض قمة من قمم كوري جهرو (کورە ژاری) التي انسحبت منه وأهدته للأتراك.
الدولة التركية نقلت مئات الجنود والآليات العسكرية من إسطنبول وبولو وقيصرية صوب إقليم كوردستان مروراً بكوردستان تركيا، جلي وشمزينان وقلبان، المناطق التي أعلنتها البكك كمناطق الدفاع المشروع (باراستنا ميديا) أصبحت مناطق تنزّه ونهب وسلب للعدو، تصل طرقات بمئات الكيلومترات من كوردستان تركيا إلى إقليم كوردستان عبر المناطق التي أعلنت البكك سلطتها فيها منذ أكثر من أربعة عقود، ترفرف أعلام المحتلّ فوق القمم التي كانت بمثابة أيقونات مقاومة البكك الوهمية، احتل موقع قفزة الـ 15 من آب بقرية بێمنانش بمنطقة نيروه، أصبحت معسكرات قادة البكك كمعسكر دوران كالكان عام 1995 بقرية (سێري- تەپى جوودی) ومعسكر مراد قره يلان 1996 بقرية (زليئ) بمنطقة نهيلي، جمهورية الزاب بقرية (دێرگنی) ومعسكر باهوز أردال بوادي (کورتکێ وکاڤلکا) ومركز قيادة القوات الخاصة بقرية (سینیا) ومركز لوجستيات البكك ومعسكراتها التدريبية بقرية (چەمجوو)… إلخ أصبحت اليوم تحت سيطرة دولة الاحتلال التركي، عبرت طرق العدو المعبّدة وسط معسكر مراد قره يلان وصولاً لجبل كوري جهرو (کوورە ژاری) وما زال قره يلان يتغنّى بالانتصارات دون خجل! فما الانتصار الذي تتحدّث عنه البكك؟! فالمناطق التي أعلنتها البكك مناطق محرّرة وأدارت فيها نموذج حكمها ها هم عساكر المحتلّ يلعبون فيها كرة القدم! نعم، فالبكك تنفّذ وصايا قائدها عبد الله أوجلان عندما قال: (لو تسمحون لي بأن أخدم تركيا فسترون علم تركيا يرفرف في سماء كافة أجزاء كوردستان الأربعة) واليوم، تنفّذ البكك هذه الوصية حرفياً وها هي قد أهدت قمم الجبال والمناطق الجبلية لإقليم كوردستان للدولة التركية المحتلّة.
قد يثق الجيل الشباب ما بين (15-20 عاماً) بقصص انتصاراتكم الوهمية الزائفة، لكن تأريخ البكك لـ 40 سنة الماضية عمّق احتلال الأتراك، رفع وتيرة عمليات الصهر والإذابة بحقّ الكورد، أفقد الرموز الوطنية الكوردية المقدّسة أية دلالة أو معان، فرض التتريك على الشعب الكوردي كضرورة لتحقيق الديمقراطية، أصاب الشعب الكوردي في كوردستان تركيا بالنيكروفيليا (مرض الهوس وحبّ جثث الموتى) إلخ، بالفعل، انتصرت البكك في تحقيق عموم هذه الممارسات القذرة، وعلينا نحن أن نصفّق لها على هذا الكمّ الهائل من الكذب والزيف والاحتيال!
فيدٌ للبكك في طهران ويدٌ أخرى في بغداد وأخرى في أنقرة والآخرة في دمشق، عملت وتحالفت مع عموم المؤسّسات الاستخباراتية للدول المحتلّة لكوردستان، تنشر الفوضى والهلاك والدمار والموت والدم والخلافات والصراعات أينما حلّت، ولو كانت البكك تعدّ هذه الممارسات انتصاراً فبالفعل قد انتصرت في التضحية بكوردستان من أجل وحدة أراضي الدول المحتلّة لكوردستان.
باختصار، وضع الفلاح الروسي الفرح بتلويث خصيتي المغولي أشرف من وضع قادة البكك، فهو لم يتعاون سرّاً مع المعتدي الغاصب على أية حال!