الشيخ عبد السلام محمد عبد السلام البارزاني، الزعيم والقائد الكوردي العظيم، ولد عام 1887 بقرية بارزان، خلف والده الشيخ محمد الذي توفي سنة 1903 في زعامة قبيلة البارزانيين.
عقب الثورة التي استمرت 7 أعوام في منطقة “بارزان” والتي كانت تطالب بالحقوق القومية للشعب الكوردي، أُعدم الشيخ عبد السلام البارزاني على يد الدولة العثمانية بتاريخ 1914/12/14، في مدينة الموصل.
يقول الصحفي والمؤرخ الفرنسي الشهير، كريس كوجيرا، إن الشيخ عبد السلام البارزاني (الشقيق الأكبر للزعيم الخالد ملا مصطفى البارزاني) هو صاحب أول وثيقة لحركة التحرّر الوطنية الكوردية.
ونجح الشيخ عبد السلام البارزاني، في أن يجمع العشائر الكوردية بدهوك على عدد من مطالب الشعب الكوردي، لأول مرة، وذلك في عام 1907، ومن ثمّ أرسلوا تلك المطالب إلى سلطان الدولة العثمانية، إلا أن الدولة العثمانية اعتبرت ذلك بمثابة محاولة للانفصال، ومن ثمّ شنَّت هجوماً على منطقة “بارزان”، ومن هذه المطالب:
1- أن تصبح اللغة الكوردية لغة رسمية في المناطق الكوردية.
2- أن يكون التعليم باللغة الكوردية.
3- إحالة الموظفين الذين يعرفون اللغة الكوردية إلى المناطق الكوردية.
4- الاستفادة من الضرائب التي يتم جمعها في المناطق الكوردية لبناء الطرق والمدارس.
رفضت الدولة العثمانية تلك المطالب واتّهمتهم بالانفصال، وعلى إثرها قام القائد العسكري العثماني “محمد فاضل باشا” في خريف 1907 بحملة عسكرية ضخمة على منطقة بارزان ولكن الشيخ “عبد السلام” وأصحابه تصدوا للقوات وأبدوا مقاومة بطولية لمدة 60 يوماً.
بعدها سافر الشيخ إلى منطقة “تياري” إلى عند مار شمعون الآشوري وقد استقبله استقبالاً حافلاً يليق بمقامه، ممّا دعا ذلك إلى قيام قوات “محمد فاضل باشا” بالتخريب والاعتقال العشوائي للسكان وكان من ضمن المعتقلين البارزاني الخالد “ملا مصطفى بارزاني” وكان عمره 3 سنوات، وتمّ سجنه هو والمئات الآخرين في سجن “الموصل”.
عاد الشيخ عبد السلام إلى منطقة بارزان عام 1908 وقام بتجميع قواته في جبال شيرين، وفي عام 1913 مرة أخرى اندلع القتال بين قوات الشيخ والقوات العثمانية، ثمّ قامت الدولة العثمانية بترتيب مكافأة كبيرة لمن يقوم باعتقال الشيخ بعد أن أمرت باعتقاله لكن دون جدوى.
في هذه الأثناء قام الشيخ “عبد السلام بارزاني” بالسفر إلى روجهلات كوردستان-كوردستان إيران، وذهب إلى السيد “طه” ابن “محمد صديق النهري” ليذهبا سوية لزيارة سمكو الشكاك بـ مدينة “أورميه” وذلك ليقوم هو وسمكو بزيارة القنصل الروسي في المدينة نفسها.
وبعد الانتهاء من زيارة القنصل، رجعا سوية إلى مدينة سلماس، ثم افترق الشيخ عن سمكو، وعندما كان الشيخ وأصحابه يمرّون من قرية كنجكين في كوردستان إيران، كان في استقبالهما الشيخ جلال الدين، والصوفي عبد الله وأصرّا على الشيخ عبد السلام أن يكون في ضيافتهما، وقام الشيخ بتلبية طلبهما وأصبح في ضيافة صوفي عبد الله.
وبوشاية من صوفي عبد الله قامت القوات العثمانية بمحاصرة المنزل والقبض على الشيخ عبد السلام وأصحابه وتمّ سوقهم إلى مدينة “وان” وبعدها تمّ سوقهم إلى مدينة الموصل، وبتاريخ 25 تشرين الثاني سنة 1914 أصدرت المحكمة حكماً بالإعدام على الشيخ عبد السلام وأكثر من 100 من رفاقه.
وسأل الشيخ عبد السلام خلال محاكمته في قول شيء قبل تنفيذ الإعدام، أجابهم بأنه لا يخشى الموت، وأنّه لم يعد هناك ما يمكن القيام به، وهو مستعد للموت، فافعلوا ما تستطيعون، ولم تَلن عزيمة الشيخ عبد السلام حتى خلال الحكم عليه بالإعدام.
وفي 14 كانون الأول سنة 1914 نفّذ حكم الإعدام بالشيخ عبد السلام بارزاني في مدينة الموصل وعلى مرأى من الأهالي.
وكان شقيقه الصغير ملا مصطفى البارزاني عمره 11 سنة يرى بأم عينيه كيف يعدم شقيقه عبد السلام بارزاني.
يُشار إلى أن الشيخ عبد السلام بارزاني قاد أول ثورة في القرن العشرين وصاحب أول وثيقة لحركة التحرّر الوطنية الكوردية على لسان المؤرخ الفرنسي الشهير (كريس كوجيرا) والتي حقّقت: إلغاء الإقطاع وتوزيع الأراضي على الفلاحين، إلغاء المهر والزواج القسري، تنظيم العلاقات الاجتماعية على أساس المساواة، فتح مركز اجتماعي سياسي في كل قرية وتشرف عليها لجنة.
هذا فإن نضال البارزانيين مستمر لعقود من الشيخ عبد السلام وأحمد البارزاني إلى الخالد ملا مصطفى بارزاني وثوراته العظيمة، واستمراريتها إلى يومنا هذا بحنكة وحكمة البيشمركة والزعيم الكوردي الكبير “مسعود البارزاني” وهم العون والسند لكوردستان بأجزائها الأربعة.