أجندات سياسية واقتصادية وعسكرية وراء بقاء الفصائل والميليشيات المسلّحة في الموصل… ومطالبات بإخراجها وإنهاء عسكرة المدينة

أجندات سياسية واقتصادية وعسكرية وراء بقاء الفصائل والميليشيات المسلّحة في الموصل... ومطالبات بإخراجها وإنهاء عسكرة المدينة

مع انتشار مقرّات مسلّحي فصائل من ميليشيات الحشد الشعبي وإغلاق مناطق بسبب هذه المقرات، تصاعدت شكاوى السكان في محافظة نينوى (مركزها مدينة الموصل) في الآونة الاخيرة من عسكرة المدينة، على الرغم من مرور أكثر من 7 سنوات على تحريرها من قبضة تنظيم داعش.

ومنذ الإعلان عن استعادة مدينة الموصل من قبضة داعش، في يوليو/ تموز عام 2017، تهيمن فصائل مليشياوية مسلّحة منضوية في الحشد الشعبي على المشهد العام في المدينة، أمنياً وسياسياً واجتماعياً وأخيراً اقتصادياً، عبر ما بات يعرف بـ “المكاتب الاقتصادية” التي تفرض السيطرة على الأنشطة المالية والاقتصادية في الموصل ومحيطها منذ عام 2017، وزادت أنشطتها تباعاً وأصبحت تدار عبر وكلاء محلّيين من نينوى، لإبعاد الشبهة عن الفصائل بعد التّهم الموجّهة إليها بالتورط في هذه الأنشطة.

وكان محافظ نينوى عبد القادر الدخيل أعلن في ندوة، يوم الإثنين الماضي، أن “إدارة المحافظة خاطبت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بطلب لنقل مقرّات الحشد الشعبي خارج المدينة”.

وأضاف الدخيل أن “الطلب تضمّن كذلك نقل مقر قيادة عمليات نينوى (الجيش العراقي) في منطقة القصور الرئاسية وسط الموصل، إلى منطقة السلامية في ناحية النمرود جنوب شرق الموصل، إضافة إلى نقل تشكيلات عسكرية أخرى إلى خارج المدينة”.

وشدّد الدخيل على أن الطلب المقدّم بهذا الشأن يأتي في محاولة من الحكومة المحلّية ” لتعزيز الواقع المدني في الموصل، ومنحها الصورة التي تميّزها تجارياً وسياحياً واقتصادياً، وإعادة استثمار المواقع السياحية في منطقة الغابات التي باتت مناطق عسكرية مغلقة بسبب تواجد مقرّات الحشد الشعبي والجيش العراقي فيها، ما يمثّل عائقاً أمام استثمارها كمناطق سياحية متميزة”.

ومن أبرز الميليشيات المسلّحة التي تمتلك مقرات لها في مدينة الموصل هي عصائب أهل الحق وكتائب سيد الشهداء وكتائب حزب الله والنجباء وبدر ولواء 30 المعروف أيضاً باسم حشد الشبك، واللواء 50 المعروف باسم كتائب بابليون، وهي فصائل معروفة بتبعيتها وموالاتها لإيران، وبالإضافة إلى الموصل، تعزز هذه الفصائل والميليشيات انتشارها في المناطق الحدودية في سياق تأمين عمليات التجارة بالمواد المخدرة وتهريبها إلى الداخل العراقي عبر المعابر والمنافذ الحدودية التي تسيطر عليها، وفق ما أفادته العديد من التقارير.

وتمتلك هذه الميليشيات والفصائل العشرات من المقرات داخل أحياء مدينة الموصل، كما تنتشر أيضاً في القرى والنواحي المحيطة بالمدينة ومنها بادوش وسهل نينوى والقيارة وتلعفر وشنگال-سنجار والحمدانية وغيرها. كما تمتلك العديد من المكاتب والمقرّات التي تتّخذ منها مكاتب اقتصادية لممارسة أنشطتها المالية داخل الموصل.

ولم يتمّ غلق هذه المقرات العسكرية والمكاتب الاقتصادية حتى اليوم على الرغم من الوعود الحكومية المتكرّرة بغلقها.

وتشير مصادر من داخل الموصل إلى أن ميليشيات مثل العصائب وحزب الله واللواء 30 وبابليون تدير عمليات تهريب النفط والابتزاز ضدّ السكان وتفرض إتاوات على التّجار وأصحاب المحلات ما يدفعهم إلى مغادرة الموصل ونقل أعمالهم التجارية والتوجه الى مدن إقليم كوردستان، خصوصاً أربيل عاصمة الإقليم، ودهوك.

وتسعى محافظة نينوى منذ نحو عامين لتسليم الشرطة المحلّية الملف الأمني في المدينة، ما يتطلب سحب كافة القطعات العسكرية من الحشود والجيش العراقي إلى خارج مركز المحافظة (الموصل) وتسليم إدارة الأمن بكلّ تفاصيله إلى الشرطة المحلية.

وبالصدد يقول الباحث السياسي مصطفى العبيدي، أنّ العديد من الفصائل المسلّحة تعمل في مدينة الموصل خارج المنظومة الرسمية لـ “الحشد الشعبي” مضيفاً أن “تلك الفصائل شنّت خلال الفترة الماضية هجمات صاروخية من محافظة نينوى باتّجاه القوات الأميركية في سوريا، وذلك دليل على أنها متواجدة في عموم مدن نينوى ومنها الموصل، وأنها تستخدمها منطلقاً لأعمالها وأنشطتها العسكرية.

ورأى العبيدي أنه من الصعوبة إخراج تلك الفصائل من الموصل، ولكن من الممكن أن يتمّ نقل مقرّ هيئة “الحشد” وأمن الهيئة إلى مناطق أخرى، مشيراً إلى أنه المرجّح أن تلك الفصائل جاءت إلى الموصل لتبقى. وتساءل عن سبب وجود هذه الفصائل إن لم تشترك في عمليات استعادة الموصل، لو لم تكن غايتها البقاء لأغراض سياسية واقتصادية وعسكرية.

ويخشى الكثير من سكان الموصل من تعرّض المواقع التابعة للفصائل والميليشيات المسلّحة لضربات جوية على غرار ما حدث في بغداد وبابل والأنبار خلال الأسابيع الماضية، كما أن انتشار الفصائل ومقرّاتها في الموصل يثير استفزاز الأهالي على اعتبار أن تلك الجهات لا تمثّل المؤسّسة العسكرية العراقية التي يعرفها سكان المدينة من جهة، وأن تحركاتها تهدف إلى تحقيق مكاسب اقتصادية من جهة أخرى.

المصدر: باسنيوز

مقالات ذات صلة