منذ الليلة الماضية، أصبحت قضية الأعلام التركية التي تمّ رفعها في شوارع عاصمة إقليم كوردستان/ أربيل أثناء زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أربيل، الشغل الشاغل لمواقع التواصل الاجتماعي، بعض الناس وطنيون حقًا أمام قضية رفع الأعلام التركية، هؤلاء هم القلة القليلة من المنتقدين، بينما جعل حزب العمال الكوردستاني بكك وأذياله وبطانته من هذا الحدث قضية وحملة هجومية شعواء لا تبقي ولا تذر، ونحن هنا نميّز من ينتقدون الحدث بحسن نية وإخلاص ووطنية، كون موقف حزب العمال الكوردستاني بكك وأذياله وأتباعه ليس سوى موقفاً نفاقياً خيانياً وعدوانياً من هذه القضية، بالطبع، كيف لا وهم يحاولون استخدام هذه القضية في حملتهم ضدّ بارزاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني بل وكيان إقليم كوردستان؟!
قال أوجلان لصنّاع القرار الأتراك العنصريين: “أريد أن أكون خادماً لدولتي. والدتي تركية. أعطوني الفرصة لأجعل الراعي في جولميرك يتعلّم اللغة التركية!”.
نعم، قد يكون عدد الأعلام التي تمّ رفعها لدى زيارة أردوغان أمراً يدعو للنقاش والجدل، إقليم كوردستان الذي أصبح محاطاً ومحاصراً بالدول الاستعمارية الإقليمية وبعض التنظيمات والقوى والمرتزقة التابعة لهذه الدول، ومن المؤكّد أن هناك توازنات لا يمكن إنكارها في الشرق الأوسط، وأنه ليس بإمكانك ممارسة السياسة والدبلوماسية في الشرق الوسط حسب رغبتك وكيفما تحب أو لا تحب، وباختصار، تأتي علاقات إقليم كوردستان مع العراق وتركيا في هذا الإطار.
كما يمكن مناقشة وشرح مسألة تطوير العلاقات وارتفاع سقفها، لكن القوة الأخيرة التي بإمكانها أن تفسّر وتقيّم وتحلّل هذا الوضع بالإمكان أن تكون حزب العمال الكوردستاني بكك، كون استراتيجية هذا الحزب الدخيل على الكوردايتي هي استراتيجية التتريك بامتياز، فمنذ عام 2000، لم يدّخر زعيم البكك المسجون عبد الله أوجلان وحزبه البكك جهداً في محاولاتهما الرامية لتحبيب الكمالية والتتريك للشعب الكوردي، هنا وهناك ومن خلال نظرياته وطرح أفكار التتريك… وحتّى لو وضعنا كلّ هذا جانباً فيكفينا دليلاً وإثباتاً ما شاع وانتشر من فيديوهات مسرّبة لزعيم البكك المسجون وهو يتوسّل للقادة الأتراك واعداً إياهم بأنه سيسخر كافة جهوده لخدمة الدولة التركية ملتمساً منهم أن يعطوه فرصة ليجعل دماء الجيل الجديد من شباب الكورد تُراق من أجل تركيا وفي خدمة التتريك…
العمال الكوردستاني بكك الذي ينحني ويسجد لآبو، والزعيم المهزوم الذي توسّل للأتراك للإبقاء على حياته وإنقاذ نفسه من حبل المشنقة مقابل عبوديته لتركيا وخدمته الأتراك، والذي باع كل قيم الأمة الكوردية للدولة التركية… لا يمكن أن يصبح وطنياً مخلصاً من خلال معارضتهم لرفع علم تركياً في العاصمة أربيل، لا يمكن للمتسوّلين أمام عتبات الأتراك والدولة التركية أن يمثّلوا شرف الوطنية والقومية…
العلاقات بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني وإقليم كوردستان مع تركيا هي علاقات شفافة ولا تحتاج لأقنعة لإخفائها والتستّر عليها، بخلاف العلاقات السرية والغامضة والمظلمة لحزب العمال الكوردستاني بكك مع الدولة التركية، فمنذ 15 شباط 1999، عقد أوجلان عشرات الاجتماعات السرية واللقاءات الغامضة مع كبار المسؤولين وصناع القرار الأتراك، وعقد مسؤولو البكك كذلك عشرات الاجتماعات السرية ووراء الأبواب المغلقة مع كبار مسؤولي المخابرات التركية وحزب العدالة والتنمية الحاكم في بروكسل وأنقرة وإمرالي، وفي الكواليس قاموا بتسليم عفرين للجيش التركي ما بين عشية وضحاها، كما وهبوا وأهدوا باكور كوردستان-كوردستان تركيا بأكمله لدولة الاحتلال التركي على طبق من ذهب، كما دأب أوجلان وحزبه وأذياله على حرق وحظر علم كوردستان المبارك أينما كانوا، وجعلوا الحركة الكوردية في باكور كوردستان تابعة للكمالية، يُرفع صور آبو وأتاتورك معًا، سلم الحزب التركي العلم التركي لشباب الكورد في المسيرات التي كانت تنظّم في باكور كوردستان، نعم، لهذا لا يقدر الحزب التركي-حزب العمال اللاكوردستاني- الذي يعمل وفق تعليمات الدولة التركية أن يتحدّث عن الوطنية والإخلاص والقومية… فالمسألة بهذه الغاية من الوضوح والشفافية، لهذا نقول: “من يسبّ ويشتم ديننا فعليه أن يراجع دينه أولاً”.
لا يمكن لأية منظّفات تطهير خيانة حزب العمال الكوردستاني بكك
قادة حزب العمال الكوردستاني أمثال بسي هوزات وآيدن ديرسم يصرخون ملأ حناجرهم: “شنگال ليست كوردستان!” وفي العراق وضعوا أعلام ورايات ميليشيات الحشد الشعبي على أكتاف الشباب الكورد، وجعلوهم عصابات ومرتزقة للعراق وميليشيات الحشد الشعبي الشيعية… لهذا لن نقبل من يسمّ نفسه إعلامياً أو مثقّفاً أو فناناً… التزم الصمت تجاه هذا الكمّ الهائل من الخيانات والغدر من قبل العمال الكوردستاني بكك بحقّ الأمة والأرض والوطن… أن يأتي اليوم وينتقد رفع العلم في أربيل، فنقول بأن هؤلاء ليسوا سوى مخادعين مغرورين مضلّلين…
لن نترك مجالاً لسياسة الحرب الخاصة التي ينتهجها حزب العمال الكوردستاني والاتّحاد الوطني الكوردستاني، فالاتّحاد الوطني باع كركوك أمام أنظار عموم الكورد والعالم أجمع فكيف يأتي اليوم وينصح الوطنيين ويعلّمهم كيف يكونوا وطنيين؟! كما لا يمكن لأية منظّفات-صابون وغيرها- أن تطهر خيانة حزب العمال الكوردستاني بكك…
من ينتقد أربيل عليه أن يبدأ بنفسه ويعرف حدوده، وليعلم الجميع أن “زكاة الوطنية والإخلاص لحركة البارزاني ومسيرته وحدها تكفي للبكك وعشرات الحركات والأحزاب مثله لجذبهم إلى خط الوطنية والقومية”.