الإيزيديون إيزيديون..!

الإيزيديون إيزيديون..!

سمكو عبد العزيزي

الجزء الثاني

لطالما هناك شعور وفكر كوردي ولغة كوردية فإن جيوبولوتيك-الجغرافيا السياسية لتركيا وإيران والعراق وسوريا وروسيا في خطر، أصبح هذا الموضوع الرئيسي للباحثين السياسيين والوكالات الاستخباراتية لهذه البلدان، وهم يعقدون الاجتماعات باستمرار حول كيفية مكافحة هذا التهديد وإبعاده والقضاء عليه.

المرحلة الأولى لهذه المحاربة:

بعد انتهاء الحربين العالميتين الأولى والثانية وقيام-تأسيس دول (العراق، سوريا، إيران) عقدت هذه الدول اجتماعات مستمرة حول كيفية محاربة القضية الكوردية داخل حدود دولها، فقرّرت مواجهة ومحاربة الكورد بالوسائل العسكرية وبحسب الدساتير الأساسية لها، فاستخدمت جميع أنواع الأسلحة ضدّ الكورد بوحشية وهمجية، فاستخدمت الأسلحة المحظورة دولياً مثل الأسلحة الكيميائية ضد الكورد، وأمام هذا العداء، ابدى الشعب الكوردي مقاومة أكبر للحفاظ على كورديته ووجوده وهويته، وتزايد دور التنظيمات والحركات والأحزاب السياسية بينهم، وتزايدت الثورات القومية بين الكورد، وضحّى العديد من الكورد بأنفسهم وجعلوا معتقلات وسجون هذه الدول وزنزاناتها التي كانت أماكن لممارسة أبشع صنوف التعذيب جعلت منها أعظم مدارس للوعي الفكري والشعور الوطني…

أي أن برنامج أجهزة المخابرات في الدول الاستعمارية لكوردستان والهادفة لتدمير الكورد والقضاء عليهم لم يحقّق أي نتائج مرضية.

المرحلة الثانية لهذه المحاربة:

بعد الهزيمة في المرحلة الأولى، انتقلوا إلى المرحلة الثانية، وفي هذه المرحلة تقرّر استبدال القوة الصلبة بالقوة الناعمة وبطرق مختلفة مثل الطرق السياسية والتعليمية ضدّ الكورد.

في هذه المرحلة استخدمت الدولة التركية كافة قواها لتعريف الكورد بأنهم أتراك الجبال، وحاولت إيران خلق صراعات بين الكورد والفصل بينهم كأمة واحدة، وذلك من خلال فصلهم بحجة وجود لغات ولهجات مختلفة بينهم، وأستطيع القول إن إيران نجحت في مشروعها هذا إلى حدّ كبير.

من جانبها أعلنت الدولة العراقية في البداية أن الكورد قوم من الجنّ! وأتت بعدة أقوال إسلامية ملفقة لإثبات هذا القول، أعقبها قرار بالقول إن الإيزيديين عرب، وفرضت (الملبس واللغة والتعليم…) بالتراث العربي عليهم وعلى مناطقهم، ومن ناحية أخرى نشرت أساطير وخرافات بين المجتمع العربي وخاصة في جنوب العراق أن الكورد يأكلون البشر ويفصلون رؤوسهم عن أجسادهم، ونشرت هذه الأكاذيب على أوسع نطاق بحيث جعلت من العرب الذين لم يكونوا يعرفون الكورد جيداً وهم الغالبية أن يخافوا من الكورد ولم يجرؤا على التوجّه لمناطق الكورد!

أما في سوريا، فقد أصدرت الدولة السورية مرسوماً يقضي بحرمان الكورد من الهوية والتعليم وحقّ الملكية، وحرمانهم من كافة حقوق المواطنة، والتعامل معهم كـ (غجر) قادمين من مناطق أخرى…

كما حاولت إيران وبمساعدة أرمينيا تعريف الإيزيديين كقومية مستقلة منفصلة عن الكورد، وتمّ الاعتراف بالإيزيديين كقومية مستقلة منفصلة عن الكورد لها علمها وقوتها الخاصة داخل أرمينيا.

قدمت إيران، بمساعدة تركيا، برنامجًا للاعتراف بـ (زازا-زازائية ولاز-لازية) كقوميتين مستقلتين، حيث بات الآن جزء كبير من الزازائيين لا يعترفون بأنفسهم ككورد، بل يعتبرون أنفسهم زازائيين، لكنّهم في الأساس كورد لهم لهجة مختلفة، الزازائيون يعرفون أنفسهم على أنهم علويون من حيث المعرفة، وهو ما أصبح سبباً ودافعاً في محاولة إيران ربطهم بالشيعة، وهذه فجوة استراتيجية ومعضلة أخرى وضعتها إيران أمام تركيا، وستظهر آثارها في المراحل المقبلة في تركيا.

باختصار، تستخدم الأجهزة والوكالات الاستخباراتية لهذه الدول، اليوم، القوة الناعمة ضد الأمة الكوردية، ومن المؤسف أن جزءاً من الكورد أصبحوا أدوات لهذه القوة وتنفيذ هذا المشروع، سواء عن علم أو عن جهل.

مقالات ذات صلة