أطلقت الدولة التركية عملية أطلقت عليها تسمية “تركيا خالية من الإرهاب”، وقد وصلت العملية التي تُدار سراً وخلف الأبواب المغلقة وبعيداً عن أعين الشعب إلى مرحلة جديدة وحساسة، حيث تُعقد اللقاءات والاجتماعات بين إمرالي وجهاز الاستخبارات الوطنية التركي (MIT) سرًا وفي الغرف المظلمة وخلف الأبواب المغلقة، لهذا السبب، لذلك، فإن العديد من التطوّرات والقضايا المتعلقة بهذه العملية هي محطّ ريب وشكوك لدى الشعب والمجتمع، ومؤخرًا، شغلت مسألة مصير وقدر مصطفى قره سو الشعب الكوردي، ولكن ما حدث في الأول من يوليو/ تموز، كان غاية في الاستغراب وجذب الانتباه حيث تواجد كلّ من مصطفى قره سو عضو مجموعة أنقرة المؤسّسة لحزب العمال الكوردستاني بكك، وإبراهيم كالن رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية التركي (MIT) في إقليم كوردستان معاً!
هل كشف موقع “داركا مازي” مصير قره سو؟
غياب مصطفى قره سو كاراسو، عضو مجموعة أنقرة المؤسّسة لحزب العمال الكوردستاني بكك عن مؤتمر الحزب الثاني عشر الطارئ الذي عُقد في مايو/ أيار الماضي، كان قد أثار جدلاً حادّاً وعميقاً وواسعاً بين الشعب الكوردي، فكان الكلّ يتساءلعمّا حلّ بـ مصطفى قره سو وما مصيره وأين هو؟ وكان حزب العمال الكوردستاني بكك قد نشر خبر “مقتل مصطفى قره سو” بين الناس عن قصد وعمد، وتناولت العديد من وسائل الإعلام الكوردية هذه القضية ونشرتها على نطاق واسع، فقامت مصادر موقعنا “داركا مازي” في الثالث من حزيران بمتابعة هذه القضية والتحقيق فيها، وشاركت الشعب حقيقة هذا الخبر، حيث أكّدت مصادرنا آنذاك أن قره سو يتواجد منذ قترة طويلة في روجأفا كوردستان-كوردستان سوريا، وأنه من الممكن قد زار إمرالي.
قره سو وكالن معًا في عشّ الاستخبارات الوطنية التركي (MIT) في إمرالي…!
يوم أمس، أي الأول من يوليو/ تموز، شهدت العملية تقدمًا ملحوظًا والعديد من التطوّرات المفاجئة، وكان توقيت هذه الأحداث والتطوّرات مثيرًا للاهتمام للغاية.
حيث نشر الصحفي “أحمد نسين” خبراً مفاده تواجد مصطفى قره سو في إمرالي. “أحمد نَسين” شخصية مقرّبة من وسائل إعلام حزب العمال الكوردستاني بكك في أوروبا. وكشف أحمد نسين بأنه حصل على هذه المعلومة من يافوز أوزجان، واسم “يافوز” ليس غريباً فهو من الأسماء القدامى في إعلام حزب العمال الكوردستاني. بمعنى، أن حزب العمال الكوردستاني بكك نشر عمداً ومتقصّداً خبر تواجد مصطفى قره سو في إمرالي.
أراد حزب العمال الكوردستاني من وراء هذا تحقيق أمرين: الأول: لأن العملية كانت متأخرة وبطيئة… وهذا ما خلق حالة من انعدام الثقة بين الجماهير وكوادر الحزب، أراد حزب العمال الكوردستاني بكك كسر حاجز انعدام الثقة هذا. والثاني: من خلال نشر هذه المعلومات، أراد حثّ الدولة ودفعها لتسريع عجلة هذه العملية.
ويوم أمس، أي الأول من يوليو/ تموز، تمّ الإعلان عن أن مصطفى قره سو سيشارك اليوم في برنامج على قناة مديا خبر (Medya Haber TV) التلفزيونية التابعة لحزب العمال الكوردستاني بكك والناطقة باللغة التركية، كان توقيت وتزامن بعض الأحداث مثيرين للاهتمام للغاية. لأن مصطفى قره سو كان غائباً لما يقرب من ثلاثة أشهر، وظهر فجأة عندما انتشرت أخبار مفادها أن مجموعة من أعضاء وعناصر حزب العمال الكوردستاني سيسلّمون أسلحتهم. وثانياً، في اليوم نفسه، وردت أنباء عن وجود رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية التركي، إبراهيم كالن، في أربيل أيضاً!
وهذا ما يثبت ويؤكّد أن كالن وقره سو يتحركان وينتقلان معًا. وتشير مصادر عديدة مقرّبة من حزب العمال الكوردستاني إلى تواجد بعض كوادر الحزب، مثل مصطفى قره سو وبسي أرزنجان وأليف بازارجك، في مقرّ جهاز الاستخبارات الوطني التركي في إمرالي. أي أن إبراهيم كالن أحضر قره سو معه من إمرالي، وبعثه إلى باقي قادة حزب العمال الكوردستاني الآخرين. وذكرت مصادر في حزب العمال الكوردستاني بكك أن “مصطفى قره سو سافر من السليمانية إلى طهران قبل عامين بضمانة إيرانية، وهو ينتقل الآن ويتحرك بضمانة تركية”.
مراسم قيام مجموعة من أعضاء العمال الكوردستاني بكك بـ “تسليم أسلحتهم”!
ونشرت مصادر إعلامية مقرّبة من حزب العمال الكوردستاني بكك، أنباءً تفيد أن الحزب سيلقي سلاحه اليوم، ووفقاً لهذه المصادر من المقرّر أن تُقيم مجموعة تابعة لحزب العمال الكوردستاني مراسم “إلقاء السلاح” وقد أثار هذا الخبر جدلًا واسعًا وسط الرأي العام في الأيام الأخيرة. أي باعتبار أن إلقاء هذه المجموعات سلاحها ثم عودتها إلى معسكراتها معلومة غريب.
لأنه في الأصل تمّ التوصل إلى جميع الاتفاقات في إمرالي، ووافق أوجلان على تغيير حزب العمال الكوردستاني بكك وأسسه ومبادئه وفقًا للأحداث والتطوّرات الجديدة في المنطقة وبما يخدم المصالح التركية. وقد عبّرت دعوة أوجلان في 27 فبراير/ شباط، والتي جاء فيها: “لا نريد شيئًا للكورد” بوضوح عن هذا الموقف الاستسلامي غير المشروط. فعندما يكون هناك استسلام استراتيجي كبير كهذا واتفاق على أن الاندماج في الدولة التركية والاستحالة لجزءٍ منها… تصبح جميع القضايا الأخرى ثانوية. وعندما يكون بإمكان قره سو أن يستقلّ مروحية ويتوجّه بها إلى إمرالي، آنذاك، فلا معنى لاستعراض ومراسم قيام بعض المقاتلين البائسين والمغرّر بهم والجاهلين بما يدور حولهم في هذه الدنيا بإلقاء أسلحتهم في السليمانية…
فمن جهة، تُنشر الأخبار بشكل عمد سواء من جانب الدولة أو حزب العمال الكوردستاني أحيانًا بهدف السيطرة على الرأي العام ورسم الأجندة وجصّ نبض الشارع، فالأولى والأنسب والأصحّ أن يركّز الكورد أكثر على قضايا مثل “ما الذي حقّقه وكسبه حزب العمال الكوردستاني بكك من حلّ نفسه وإنهاء الصراع المسلّح وإلقاء سلاحه؟ وما هي شروط ومطالب أوجلان مقابل استسلامه وتسليمه للتنظيم؟!