سورية ما بعد الأسد – على أعتاب حرب جديدة

سورية ما بعد الأسد - على أعتاب حرب جديدة

ثمّة تساؤلات كثيرة بعد سقوط نظام الأسد في دمشق لا سيّما مع السيناريوهات التي تعكس تصعيدًا متجدّداً للصراع، والتحريض ضدّ الموالين للنظام البائد، وفتح باب أمام محاولات انتقامية ضدّ الشخصيات المرتبطة به، سواء بسبب الطائفية أو بسبب الأدوار التي لعبوها خلال السنوات السابقة. لكن، ما قد يغفل عنه الكثيرون هو منح الذرائع للانتقام وانزلاق نحو هاوية بخلق فتنة تضرب النسيج السوري، وما يزيد من تعقيد واستمرار الفوضى قد تخلق فراغاً سياسياً يؤدّي إلى صراعات عقيمة.

لا يخفى على أحد، سياسات نظام البعث التي رسخت مفهوم العنصرية المقيتة في الأذهان ممّا خلق حساسيات عميقة بين مختلف المكونات، على سبيل المثال بعد سقوط نظام صدام حسين في بغداد، عدم تشكيل او غياب قيادة وطنية جامعة لم تُعلي مبدأ المصالحة وتعمل على احتواء الأزمات، شهدت العراق أعمال انتقامية شنيعة واسعة النطاق نتيجة الفراغ الأمني والانقسامات السياسية والطائفية ما أدّى إلى إخفاقها في تقديم نموذج قابل للحياة. هذا السيناريو قد يتكرّر إذا لم يتمّ ضبط الوضع في سوريا.

المشاهد التي باتت تنتشر وإسراع البعض إلى خلع اقنعته، وراح يؤدّي أدواراً لا أخلاقية لا إنسانية وهذا ما يدلّ على عقم الذين ارتدوا -عباءة الثورة- تحت تسميات شكليه يغامر عبر مزاجه بل صار يغامر على اسم وفضاء ثورة يدعى أنها ممثل الأوحد لمكونات الشعب السوري، وينطلق من موقف سياسي ضيق هدفه: إلغاء المثيل الذي لا يتواءم معه.

ما يجب أن ندركه، تماماً، هو أنه لا يجب أن نحكم بناءً على أساس الانتقام، بل وفقاً لمعايير العدلة، وعكف عليها، في مثل هذه الظروف التي نعيشها إلّا أن الردود التي تنبع من أسباب معينة، كيف تختلف تلك ممارسات عن مثيلاتها المنبثقة عن النظام البائد؟! هذا لن يكون إلّا نتيجة الانطلاق من ذهنية إمكان التفكير عن الآخر كما رأينا سابقاً من النظام وانجرار وآراء حرب العصابات ضمن سقف سورية.

في كوردستان سوريا، إذ أن كثيرين من الفصائل أيضا مشغولون بالتتريك، وعلى حساب الشركاء السوريين من الكورد، كما سواهم من الإثنيات الأخرى في حلب وادلب، بل وتأتي المفارقة الكبرى من أن بعض هؤلاء، هم من مشاريع الظلام الذين يقفون ضدّ الكورد، وهذا مؤشّر مؤلم التعصب القومي والأيديولوجي في الوقت الذي يجدون فيه أن من حقّهم التصفيق للتركي الذي وطئت أقدامه على الأرض السورية بل تقديمه الثوري الفذ وهو يقتل مكون من الشعب السوري، ترى هنا، أليس من حقنا أن نسأل: إلى أي درجة يقلّد الضحية جلاده؟ بل إلى أية درجة وسط هذا المناخ اجتثت عرى وأواصر التواصل بين الكورد والعرب في ظلّ التفكير الأحادي الأعرج؟!

في مثل الظروف التي نعيشها، ما يجب أن ندركه هو أن يكون صوّت الانسانية الأكثر دوياً، وهذا يقع على عاتق فرسان إعلاميين جادين، يعملون بكلّ ما في وسعهم، لا يتأثّرون بالضوضاء المتعمدة التي تحاول أن تحجب الحقيقة وتغطي على أصداء أصواتهم.

الآراء المطروحة في المقال تمثّل رأي الكاتب، ولا تمثّل بالضرورة رؤية موقع “داركا مازي”.

مقالات ذات صلة