فريد آزاد، شخص ريادي، يدير منصة الشبيبة المستقلة (PLATFORMA CIWANÊN SERBIXWE)، وهي تضمّ مجموعة من شباب باكور كوردستان-كوردستان تركيا. في نوروز هذا العام نظّموا مسيرة انطلقت نحو مدينة بازيد رافعين فيها أعلام كوردستان الملونة، حيث قامت الدولة التركية فيما بعد باعتقال فريد آزاد في السابع من نيسان/ أبريل بسبب مسيرته التي رفع فيها علم كوردستان.
أثناء اعتقال فريد آزاد، سارت مجموعة من شبيبة حزب العمال الكوردستاني بكك إلى القرية التي ولد فيها أوجلان للاحتفال بعيد ميلاده حاملين ملصقات كبيرة لأوجلان! نعم، تمّ السماح لشبيبة حزب العمال الكوردستاني بهذه المسيرة، ولكن لم يكن مرخّصاً لـ فريد آزاد، ملفت للانتباه!
كان قد تمّ اعتقال فريد قبل عام أيضاً، ورغم الصيحات والصرخات التي كانت تتعالى بوجهه “أنت لست من أعضاء حزب العمال الكوردستاني بكك، أنت تنتقد حزب العمال الكوردستاني” رغم هذا، تمّ فتح قضية بحقّ فريد آزاد بتهمة (العضوية في حزب العمال الكوردستاني بكك ومنظومة المجتمع الكوردستاني KCK) وهذا أيضاً مثير للانتباه!
وكان علي جَڤَن أيضًا شاباً نشطاً جدًا ولم يكن عضوًا في حزب العمال الكوردستاني بكك. وكان قد أسّس جمعية الرواد الكورد (Komela Pêşkengin Kurdistanê) التي تتلخّص نضالاتها في القادة والزعماء الكورد أمثال الشيخ سعيد بيران، قال في مقابلة أجريت معه: “أنا لست تركيّاً، الشيخ سعيد هو قائدي وزعيمي”. ألقت الدولة التركية القبض عليه، وحكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات وشهر و15 يومًا.
هو أيضاً لم يكن عضواً في حزب العمال الكوردستاني بكك. ولم يمتدح أوجلان ولم يمجّده، بل كان يمجّد الشيخ سعيد.
بمعنى آخر، أنصار أوجلان وممجّدوه أحرار في باكور كوردستان، لكن تمجيد الشيخ سعيد ومدحه محظور ممنوع.
صور أوجلان وملصقاته مرخّصة ومسموحة، لكن علم كوردستان ممنوع محظور!
ماذا وراء الهجمات على “داركا مازي”؟
لقد واجهنا العديد من الصعوبات والمتاعب خلال السنوات الست الماضية منذ أن بدأ موقعنا (داركا مازي-Darka Mazi) بمهام النشر، ففي السنة الأولى من انطلاقتنا، تمّ حظر موقعنا في تركيا، كما تمّ حظره ومنعه وعرقلته في إيران. لكنّنا لم نتوقف ولم نستسلم، فتحنا مواقع جديدة، كما استخدمنا العديد من العناوين الجديدة لموقعنا على الإنترنت عدة مرات للتغلب على هذه العقبات وتخطّيها.
تم حظر العشرات من حساباتنا على الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي. تمّت مقاضاتنا وتغريمنا، لكنّنا لم نتوقف، ولم نتوانى، بل فتحنا صفحات جديدة، فخلال الأربعين يومًا الماضية فقط، تعرّض موقعنا الإلكتروني لـ 45 ألف هجوم. المثير للاهتمام هو أنّنا عندما تابعنا مراكز هذه الهجمات اتّضح لنا أن مراكز هذه الهجمات على موقعنا الإلكتروني هي إيران وتركيا وبلجيكا وفرنسا. ونحن نفهم سبب هجمات إيران وتركيا. كما تأكّدنا أن الهجمات التي تنطلق من فرنسا وبلجيكا يقوم بها حزب العمال الكوردستاني بكك وأنصاره ومريديه.
منذ شهر شباط، قامت تركيا بحظر حساباتنا على منصة (X-تويتر سابقاً) كما تمّ حظر موقعنا أيضًا بقرار من المحكمة، بمعنى أنه خلال شهرين، اجتمعت المحاكم التركية عدة مرات لإغلاق موقع “داركا مازي”.
في غضون ذلك وبالتزامن مع قرار ومحاولات حظر موقعنا وحساباتنا بهذه الطريقة، تقوم مؤسّسات الصحافة والإعلام التابعة لحزب العمال الكوردستاني بكك في تركيا، مثل صحيفة يني ياشام، ووكالة ميزوبوتاميا وغيرها من المؤسّسات البككية بالنشر والإعلام بحرية مطلقة كما تفعل منذ سنوات وأعوام!
بمعنى، أن وكالات الأنباء والمؤسّسات الإعلامية لحزب العمال الكوردستاني بكك حرة ولكن موقع “داركا مازي” محظور ممنوع… رغم كلّ هذا، يزعم أنصار بكك الآبوجيين وعلى مدى السنوات الست الماضية وفي كلّ مقال ننشره… ويتّهموننا بالتبعية والعمال، ويقولون: “أنتم أتباع للمخابرات التركية! أنتم عملاء! المخابرات التركية تدعمكم…!!”.
المسؤولون الإعلاميون لحزب العمال الكوردستاني بكك في باكور كوردستان يحملون جوازاتهم التركية وينتقلون إلى السليمانية كلّ عام بجوازات سفرهم من ديار بكر، ويلتقون هناك بأعضاء الهيئة الإعلامية لحزب العمال الكوردستاني، أمثال مصطفى قره سو، ويعدّون معهم لقاءات وحوارات… وينتقلون من هناك بواسطة حزب العمال الكوردستاني بكك إلى روجآفا كوردستان-كوردستان سوريا ويتجوّلون هناك بمطلق الحرية… ثم يعودون إلى ديار بكر وإسطنبول بنفس الجواز. في بعض الأحيان تقوم الدولة التركية باعتقال بعض الأشخاص الضعفاء، لكن الوضع مختلف تمامًا بالنسبة لأولئك الذين يديرون هذه الأعمال ويقودون هذه النضالات، إذ يستطيع الأشخاص المسؤولون والقياديون في وسائل الإعلام التابعة لحزب العمال الكوردستاني منذ عشرين عاماً من التنقل بسهولة وأريحية بين ديار بكر وإسطنبول والسليمانية. فهل هذا شيء طبيعي؟!
وهنا نتساءل: من هم عملاء وجواسيس تركيا؟ نحن أم حزب العمال الكوردستاني بكك؟ بالطبع، نحن لسنا عملاء، هذا أمر مؤكّد!
نحن إحدى تلك المجموعات التي تحاول إماطة اللثام وكشف الستار عن أسرار الأحداث التأريخية خلال المائة عام الأخيرة من تاريخ كوردستان. ونقول إن الأحداث ليست كما هي وكما تُنشر، من مزاعم حول وجود صراع حقيقي بين حزب العمال الكوردستاني بكك والدولة التركية. بل هذا مجرّد ستار وغطاء وذريعة للقضاء على أحلام الكورد وكوردستان ووأدها، نعم، نحن مجموعة صغيرة لكنّها مؤثّرة، وهذا ما يقف وراء تعرّض موقعنا الإلكتروني الذي ينشر 20 مقالاً شهرياً، أن يتعرّض لـ 45 ألف هجوم، كلّها ذات دوافع سياسية ومن أطراف سياسية إقليمية ودولية.
نحن ضدّ سياسة الدولة التركية المستمرة منذ خمسين عامًا والتي تقوم على “جمع كلّ الكورد في حقل حزب العمال الكوردستاني بكك وتحت مظلّته واصطيادهم في مصيدة-فخّ أوجلان وشِركِه” وبسبب خطّنا هذا فإننا نتعرّض لهجوم حقيقي شرس من كلا الجانبين (حزب العمال الكوردستاني بكك-الأتراك).
نحن ضدّ فرض المريدية الحديثة باسم الآبوجية والتي يتمّ فرضها على الكورد، بسبب هذا، أصبحنا هدفاً لأولئك الذين يريدون تحويل الكورد إلى “الجمهور الغبي”.
تريد الدولة التركية أن يصبح الكورد أعضاءً ومريدين وداعمين لحزب العمال الكوردستاني بكك. فهناك حقيقة تأريخية يجب على الجميع رؤيتها ومعرفتها: في سبعينيات القرن الماضي، لم يكن بقاء حزب العمال الكوردستاني بكك في الصعود السياسي للكورد في باكور كوردستان “معجزة قدّمها أوجلان للكورد” بل كانت هذه سياسة متعمّدة ومقصودة ومدروسة ومدبرة للدولة التركية.
في عام 1995، كان يالجين كوجوك، رجل الدولة العميقة في تركيا، يحضر تجمّعات ومسيرات حزب العمال الكوردستاني بكك في أوروبا ويهتف شعار “آتا كورد” من أجل أوجلان. لأن الدولة التركية أرادت أن تجعل من أوجلان أتاتورك الكورد.
وبشكل منهجي، فُرض على الكورد في باكور كوردستان، أن يصبحوا آبوجيين. وتقرّر محكومية الكورد هناك لحزب العمال الكوردستاني بكك.
ولم تصل الحركات السياسية الكوردية خارج حزب العمال الكوردستاني في باكور كوردستان إلى هموم الشعب والجماهير، ولم تستطع كسر قواعد هذه اللعبة.
ولم يتمكن العالم الفكري الكوردي من خلق تناسق وانسجام قوي في مواجهة الدمار الذي لحق بالمجتمع الكوردي من خلال النموذج الذي قدّمه أوجلان كـ باراديغما.
أُجبر الكورد على مواجهة تاريخ مشوّش ومحرّف وسيئ. وبالعودة إلى أفكار مصطفى كمال، فقد تم خلق جماهير كوردية وفق اعتقاد أن الأتراك سوف يحتضنون الكورد إلى صدورهم.
نتيجة لذلك، أصبح أولئك الذين يريدون مغادرة “أطر ونطاق حزب العمال الكوردستاني بكك” من المثقفين والكتاب والمجاميع… يكونون مستهدفين من قبل حزب العمال الكوردستاني بكك والدولة التركية على حدّ سواء.
البككيون الآبوجيين هاجموا منصة الشباب المستقل (PLATFORMA CIWANÊN SERBIXWE) في بازيد أكثر من الأتراك.
أكبر الهجمات ضدّ موقع “داركا مازي” جاءت من تنظيمات حزب العمال الكوردستاني بكك. تمّ تهديدنا بالقتل، تمّ تهديد وطنيينا المخلصين، في النهاية، فإن مشروع تحويل باكور كوردستان إلى بككيين وآبوجيين هو أولوية قصوى للدولة التركية واستراتيجيتها ولعبتها…
لكنّنا لن نتراجع بسهولة، سندعم في كافة أجزاء كوردستان الأربعة السياسات المناهضة المعادية للاستعمار والتحرّرية للكورد، سنقف ضدّ النماذج والقوالب الفكرية المنحرفة والخاطئة والمغلوطة والفاسدة المفروضة على الكورد، وسياسات الحرب الخاصة، واستراتيجيات صناعة الكورد الموازين والبدلاء (فاقدي-منعدمي الكوردايتية) من قبل المستعمرين المحتلين، سنواصل دراساتنا وتقييماتنا حول الأحداث التاريخية غير المعروفة والحلقات المفقودة، وإعادة تفسيرها وتقييمها من جديد، وغور العلاقات السرية والخفية بين حزب العمال الكوردستاني والدولة التركية. وسنقول ونكشف لشعبنا وأمّتنا كلّ تلك الأشياء التي لا تقال.
لا ينبغي لأحد أن ينحني أو يطأطأ رأسه أمام المشروع الاستعماري الاحتلالي القاضي بـ “إكراه الكورد على تحويلهم لـ بككيين-آبوجيين”، لن نستسلم أمام المحتل ولن ننحني رؤوسنا، يجب على كلّ من يعمل ويناضل من أجل القضية الكوردية وكوردستان ألّا ينحني تحت أي ضغط كان أو هجمات… فالمسير نحو الأمام ولا تراجع ولا استسلام…