قال نائب كوردي في البرلمان العراقي، إنّ السلطات في بغداد تتعامل بـ “عدائية” مع موظفي إقليم كوردستان، مشيراً إلى أنها تريد إيقاف عملية التنمية والتطور في إقليم كوردستان بقطعها الرواتب والمستحقات المالية للإقليم.
النائب عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني في البرلمان العراقي، شوان كلاري، أكّد في تصريح بأن الدولة العراقية تخالف الدستور والقرارات المتّخذة في المحكمة الاتّحادية، كما وتخالف الاتفاقيات وقوانين الموازنة، وتمنع تصدير نفط كوردستان وتقطع رواتب موظّفي إقليم كوردستان والموازنات والمستحقات المالية للإقليم، وتقوم باستخدام الميليشيات لتحقيق أهدافها، ممّا يثير تساؤلات حول كيفية تعامل العراق مع كوردستان بهذا الشكل؟”.
وأشار كلاري إلى أن “ما تفعله بغداد تجاه كوردستان هو تصرّف عدائي، ولحسن الحظ، يدرك مواطنو إقليم كوردستان هذا الظلم، وهم يقفون في مواجهة هذا القمع، فهذه الجهات والميليشيات تخدع الشعب العراقي وتريد تشويه صورة إقليم كوردستان، لزيادة شعبيتها في الشارع العراقي، وأن ينسى الشعب ما يحدث في العراق من سرقة ونهب مستمر”.
وأردف بالقول: “السلطات في بغداد تستخدم ملف رواتب موظفي الإقليم كأداة للضغط السياسي وحولته إلى قضية سياسية بدلًا من أن تكون حقًا مشروعًا للمواطنين”.
وتُعد أزمة إيقاف رواتب موظّفي إقليم كوردستان الحالية امتداداً لخلافات عميقة بين بغداد وأربيل، تتعلّق بعدم التزام بغداد بالدستور فيما يتعلّق بإدارة الموارد النفطية وحصص الموازنة، كما وتأتي الأزمة الحالية في وقت يستعد فيه العراق لخوض الانتخابات البرلمانية المقرّرة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ما قد يؤثّر على سير التحالفات والتفاهمات السياسية المقبلة.
وكان نواب الحزب الديمقراطي الكوردستاني فقط من بين جميع الكتل الكوردستانية الأخرى في البرلمان العراقي قد قاطعوا جلسة مجلس النواب العراقي التي عُقدت يوم أمس، في حين حضر 175 نائبًا، وهو عدد اقترب من الحدّ الأدنى للنصاب القانوني المطلوب لانعقاد الجلسات، والذي يُحدد بـ 165 نائبًا.
وقد شارك نواب الكتل الكوردستانية الأخرى في الجلسة، ممّا ساهم في استكمال النصاب القانوني. وخلال الجلسة، طرح ممثلو هذه الكتل عدة مداخلات واقتراحات، من بينها طلب رسمي بإضافة فقرة خاصة لمناقشة ملف رواتب موظفي إقليم كوردستان، إلا أن رئاسة البرلمان، التي ترأسها النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، رفضت الاستجابة لهذا الطلب، ولم يتم إدراج أي فقرة تتعلّق بموضوع رواتب الإقليم على جدول الأعمال.
وأثارت مسألة مشاركة الكتل الكوردستانية في البرلمان العراقي ردود فعل شعبية غاضبة في كوردستان في الوقت الذي تتعامل الدولة العراقية بعدائية منعدمة النظير تجاه إقليم كوردستان ومواطنيه.
في السياق، علّق الكاتب والناشط السياسي من حلبجة، ناصح عبدالرحيم، عبر صفحته على “فيس بوك” قائلًا: “بغداد لا تحسب حساباً للأطراف والقوى الخاضعة لها، والتجربة التاريخية للمائة عام الماضية تؤكّد أن السلطة المركزية في بغداد لا تعبأ إلا بمن يقف نداً امامها ولا يستسلم، بينما تتعامل مع الآخرين كمرتزقة، استُؤجروا لأداء مهمة، ثم بعد انتهاء الحاجة إليهم، يتمّ التخلص منهم بسعرٍ أقل من ذلك الذي تم استئجارهم به”.
من جهته، كتب الناشط السياسي أراس حسن منشورًا أشار فيه إلى أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني قد اثبت بغيابه عن جلسة البرلمان أنه طرف لا يمكن تجاهله، حيث قال: “من دون الديمقراطي الكوردستاني، لا قدرة لهذه الكتل على تمرير حتى فقرة بسيطة، ناهيك عن الملفات الكبرى. من الأفضل لكم أن تعودوا إلى الديمقراطي الكوردستاني بدلًا من الظهور بهذا الضعف أمام العرب”.
جديرٌ بالكر، أصدر مقرّ الزعيم والمرجع الكوردي، مسعود بارزاني، مساء أمس السبت، أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ما زال يؤمن بالحوار والتفاهم المتبادل كسبيل أساسي لحلّ الخلافات بين أربيل وبغداد، مشيراً إلى أنه تمّ منح الحكومة الاتّحادية فرصة أخيرة لحلّ الملفات العالقة وخاصة أزمة الرواتب والمستحقات المالية لإقليم كوردستان في غضون الأيام القليلة المقبلة.
وجاء في البيان “فيما يتعلق بالخلافات بين إقليم كوردستان والحكومة العراقية الاتحادية بشأن حسم قضايا الرواتب والموازنة والاستحقاقات المالية لإقليم كوردستان، عقد المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني، اليوم، اجتماعاً لاتّخاذ ما يلزم من موقف؛ لكن السيد د. فؤاد حسين عاد اليوم أيضاً إلى كوردستان بعد عقده سلسلة محادثات مع الأطراف السياسية العراقية، وأبلغ المكتبَ السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني بأن الأطراف والشخصيات السياسية والحكومة العراقية الاتّحادية تعهدت بحلّ هذه المشكلة ومعالجة ملف إرسال الرواتب والمستحقات المالية لإقليم كوردستان في غضون الأيام القليلة المقبلة”.
وأضاف البيان “وبناء على ما وردنا من طلبهم ووعودهم، ومن أجل مواصلة الحوار في أجواء يسودها الهدوء ومراعاةً للوضع والمصلحة العامة، ارتأينا أن نمنح الحكومة العراقية الاتّحادية في بغداد فرصةً أخيرة لإيجاد مخرج يكفل تسوية هذه المشكلة، من منطلق إيماننا الراسخ بتفضيل معالجة الخلافات عن طريق التفاهم المتبادل، طالما كان سبيل الحوار قائماً”