انتشرت مزاعم حول أن عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكوردستاني المنحلّ القابع في إمرالي، اتّهم صلاح الدين دميرتاش وسري سريا أوندر بقولهما: “لن نسمح لك بأن تصبح رئيسًا”. وبحسب ما نقل الصحفي التركي أيتونج إركين لصحيفة سوزجو «Sozcu»، فإن أوجلان وخلال لقاء له مع وفد إيمرالي لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM Partî) في السادس من تموز/ يوليو الماضي، علّق على تصريحات صلاح الدين دميرتاش قائلاً إن دميرتاش أخطأ بمواجهته للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عام 2015، وكان ينبغي ألا يتّخذ ذلك الموقف، وذلك عندما قالوا لأردوغان لن نجعلك رئيساً، وأن ذلك كان خطأ دميرتاش وسري سوريا أوندر. ولم يكن من الضروري مواجهة أردوغان بهذا الشكل، وأظن أن دميرتاش أدرك خطأه”.
شعار “لن نسمح لك بأن تكون رئيساً” ومعركة الخنادق والأنفاق…
كتبنا مرارًا وتكراراً كيف تمّ استخدام شعار “لن نجعلك رئيساً” في عام 2015، عندما همس دميرتاش في أذن سري سريا أوندر، وقلنا وأكّدنا أن هذه كانت مؤامرة ضدّ الكورد، لكنّنا، وكلّ من كان يقول بأن هذا الشعار كان خطأً، تعرّضنا لانتقادات حادة ولاذعة من اليسار التركي، وخاصة حزب العمال الكوردستاني بكك وأنصاره.
نعم، كان هذا الشعار خاطئًا بالفعل. هذه الذريعة المتمثلة في تحريض الكورد ضدّ أردوغان، والتي أصبحت فيما بعد سببًا لتحالف باخجلي وأردوغان، جلبت دمارًا كبيرًا للكورد، حفر الأنفاق والخنادق في جنح الليل والظلام تحت هذا الشعار، كانت نتاج وتعاون تلك الأطراف التي كانت تقول: “لن نسمح لك بأن تصبح رئيسًا” بالتنسيق والتعاون مع حزب العمال الكوردستاني.
بمعنى أنه لم تقتصر المشكلة على هذا الشعار فحسب؛ بل كان دماراً متعمّداً للكورد ضمن تغييرات جبهة النضال وبذل الطاقات الكوردية وهدرها خلال السنوات العشر بين عامي 2015-2025، في ذلك الوقت، تمّ إفهام الكورد أنه من الضروري إسقاط نظامَ فاشية حزب الحركة القومية وحزب العدالة والتنمية الحاكم. ونتيجةً لذلك، دُمِّرت 12 مدينة من مدن باكور كوردستان-كوردستان تركيا، وشُرِّد وهجّر ملايين الكورد، وفقد ما يقرب من 3000 آلاف شاب كوردي حياتهم سدى ودون جدوى.
جرّ الكورد إلى حربٍ مركزها نظام أردوغان، وحفر الأنفاق والخنادق لم يكن خطأً تكتيكيًا؛ بل كانت مؤامرة مظلمة قاتمة وسرية ومتعمدة، وأن عبد الله أوجلان وحزب العمال الكوردستاني بكك كانا مسؤولان عن هذه المؤامرة والسيناريو.
دميرتاش لعب دور الحمار في حقل الألغام…
عندما قال دميرتاش: “لن نجعلك رئيسًا” كانت المفاوضات والمحادثات جارية ومتواصلة مع عبد الله أوجلان بشكلٍ يومي، حينها، كان أوجلان بنفسه يقرّر من سيكون الرئيس المشارك لـمنظومة المجتمع الكوردستاني KCK داخل حزب العمال الكوردستاني، ومن سيكون في الإدارة الذاتية في روجآفا كوردستان، ومن سيكون رئيس بلدية ديار بكر-آمد، ومن سيكون المرشّح البرلماني؟
كان يُصدر التعليماتٍ جزافاً في مذكرات وملاحظات اجتماعاته الأسبوعية. إلا أن أوجلان لم يقل لهم لا تقولوا له: لن نجعلك رئيسًا، كما لا تتدخّلوا في حرب الأنفاق، ووفق بأوامره وخططه، انطلقت تلك العملية.
أيدت قيادة حزب العمال الكوردستاني بكك آنذاك، مثل (بايك وقره سو وكالكان وهوزات وقره يلان…) هذا الشعار ودعمته، ونظموا بأنفسهم مأساة وتراجيديا حرب الخنادق، وحرّفوا مسار القضية الكوردية نحو “إسقاط نظام أردوغان”.
والآن تغيّر الوقت ويجب أن يتحمّل شخص ما مسؤولية سفك الدماء وإراقتها آنذاك ويصبح كبش الفداء، وبالفعل، ها هو صلاح الدين دميرتاش يصبح كبش الفداء…
مقصدنا ليس حماية صلاح الدين دميرتاش. عدا هذا، فهو أيضاً أعاد هذا الخطأ، وهو الآن في السجن. أوجلان والحكومة وحزب العمال الكوردستاني جميهم سعداء جدًا بوجوده في السجن. وأخيراً، سيقرّر أوجلان ما إذا كان سيطلق سراحه أم لا؟!
والحقّ، أن دميرتاش لعب دور “الحمار في حقل الألغام”. وقد قاده إلى هذا المسار إخوة أركنكون لـ سير سريا أوندر، الرأسماليون الأتراك الساخطون على أردوغان ونظامه، والشعبوية الإعلامية. ولا شكّ أن كلّ هذا تحقّق بدعم أوجلان وحزب العمال الكوردستاني بكك.
ميثولوجيا “الألوهية المعصومة والمنتفية للنقائص” لـ أوجلان…
العلاقة بين الجوانب المظلمة للقاءات أوجلان، حزب العمال الكوردستاني والدولة موضوعٌ طويل ومعقّد ومتشعب، له جوانب مظلمة عديدة. ولا شكّ أنه مرتبطٌ أيضًا بوضع أوجلان نفسه، الذي يُكلّف نفسه بمهمة “إلهية”.
أوجلان أنانيٌ مهوّوس بجنون العظمة…
بغض النظر عن أسئلة مثل مدى صحة ادعاء أوجلان بأن دميرتاش أخطأ حينما عارض أردوغان، أو كيف حصل الصحفي التركي أيتونج إركين على مثل هذه المعلومات، فإن أي شخص مطّلع على أسلوب أوجلان السياسي ووضعه الحالي يعلم أن تصريحاته على الأرجح صحيحة. لأن عبد الله أوجلان ليس مسؤولاً عن أي شيء. فهو يقول الحقيقة دائمًا ولا يكذب أبدًا ولم يخطأ أبداً، لكن كذلك لا أحد يفهمه. بمعنى، أنه لم يفهم أحد أوجلان منذ خمسين عامًا.
كان أوجلان، الذي عاش في ترف وفيلات دمشق، كان يقول لمقاتليه الگريلا الذين يفقدون أرواحهم في الوطن: “إنهم يموتون من أجل لقمة عيش” يموتون ليخسروني!
أوجلان بلا عيوب ونقائص…!؟ أوجلان وجود إلهي…!؟ الحقيقة هي أن أوجلان براغماتي أناني ومهوّوس بجنون العظمة، مستعد لبيع أي شخص، أي شيء، كلّ معتقداته وتنظيمه من أجل نفسه.
لم يبق أحدٌ لم يصفه أوجلان بأنه “خائن، عميل وجاسوس…”.
هذه هي حقيقة أوجلان. بالإضافة إلى ذلك، يجب على كلّ من يعيش في كنف أوجلان أو يسير في دربه أن يكون لديهم ردّ عندما يُدان ويتّهم من قبل أوجلان.