الرئيس بارزاني بين السياسة والهوية والثقافة…

الرئيس بارزاني بين السياسة والهوية والثقافة...

انعقد يوم أمس، أعمال المنتدى الرابع لـ “مەلای جزیرى” في مدينة جزيرة التابعة لمحافظة شرنخ بباكور كوردستان-كوردستان تركيا، وكان حضور ومشاركة الزعيم والمرجع الكوردي، الرئيس مسعود بارزاني الحدث الأبرز خلال المنتدى، حيث استقبله شعب بوتان بحفاوة بالغة وكأنهم في “عيد” وألقى كلمة قيّمة في المنتدى.

نبذة تعريفية عن ملاي جزيري وملتقى “مەلای جزیرى”

يُعتبر ملاي جزيري، واسمه ملا أحمد الجزيري، أحد أشهر الفلاسفة والشعراء والمفكرين في الأدب الكلاسيكي الكوردي؛ وله العديد الأعمال الأدبية والتأليفات الضخمة حول المعرفة والتصوّف والأدب والشعر، وخاصةً باللغة الكوردية-اللهجة الكرمانجية.

منتدى “مەلای جزیرى” هو مؤتمر دولي يتمّ تنظيمه لتقييم وبحث أعمال وأفكار والإرث الأدبي والثقافي لملاي جزيري، ويشارك في هذا الحدث باحثون وكتّاب وأكاديميون وشخصيات ثقافية من جميع أنحاء العالم، ويتمّ تقديم محاضرات وكلمات وأبحاث حول حياة وشعر وفكر وتأثير ملاي جزيري.

تتجلى أهمية مشاركة الزعيم والمرجع الكوردي، الرئيس بارزاني في هذا المنتدى من عدّة جوانب:

تعزيز البعد الثقافي الرمزي: فعندما تشارك شخصية لها ثقل سياسي واجتماعي كشخصية الرئيس بارزاني، في ملتقى ثقافي وأدبي، فإن هذا الحدث لا يعني مجرّد مشاركة شخصية عادية في ملتقى، بل يعني أيضًا دعمًا سياسيًا لإعادة تفسير التراث الأدبي والثقافي الكوردي وإحيائه. وهذا يُظهر أهمية الهوية والتاريخ والثقافة الكوردية في المجالين العام والسياسي.

الترابط الوثيق بين السياسة والثقافة: في منطقة حيث القضايا العرقية والهوية والتاريخية حساسة للغاية، فإن مشاركة شخصية سياسية بارزة مثل الرئيس بارزاني في ملتقى أدبي تاريخي يمكن أن تكون رسالة ملحّة حول الحاجة إلى تعزيز التراث المشترك والحوار بين الأعراق والشعوب والتأكيد على الوحدة الثقافية ضمن إطار الكوردايتي.

التقييم من خلال الملتقى: نظراً لأن رئيس الجامعة والقائمين على أعمال الملتقى اعتبروا حضور الرئيس بارزاني “مصدر شرف وتقدير” للمنتدى، فقد جذب حضور الرئيس بارزاني المزيد من الاهتمام الإعلامي لهذا الحدث وارتقى بمستوى المنتدى.

إظهار الوحدة الثقافية في كافة أجزاء كردستان الأربعة: تقع جزيرة بوتان في منطقة حساسة؛ ويحمل حضور الرئيس بارزاني هناك، من منظور بحثي أعمق، رسالة سياسية وثقافية للمجتمعات الكوردية في كافة أجزاء كردستان الأربعة، ويؤكد حضور الرئيس بارزاني على القومية ووحدة الهوية والروابط بين الكورد.

ومن خلال التركيز على الإرث الأدبي والثقافي الكوردي، يسعى الرئيس بارزاني في الحقيقة والواقع إلى دمج الهوية العرقية بمشروع اجتماعي وسياسي؛ وهذا المزيج من شأنه أن يؤدّي إلى الاستقرار والسلم الاجتماعي ووحدة الهوية المشتركة بين الكورد.

يحمل هذا الحضور وهذه المساهمة في طيّاتها منظورًا يتجاوز السياسة البسيطة؛ أي، هو مشروع هوية- ثقافة لمستقبل كوردستان، حيث تلعب الثقافة والأدب والتراث المشترك دورًا رئيسيًا.

كما يمكن لهذه المشاركة والمساهمة أن تعزّز الحركات الثقافية والبحثية والأدبية بين المفكّرين والفنانين والأكاديميين والكتّاب الكورد؛ أي أن بارزاني، بصفته وسيطاً وممهّداً، لا ينشط القوة السياسية فحسب، بل يفعّل وينشط أيضاً المجالات الثقافية والفكرية.

إن حضور ومشاركة الرئيس مسعود بارزاني في ملتقى ملاي جزيري ليس مجرّد مشاركة سطحية عادية في ملتقى اعتيادي، بل هو دعوة للوعي الثقافي ورسالة لإحياء الهوية. وهو تذكير بأن الأدب الكوردي وتراث الشعب الكوردي هما نقطة التقاء التاريخ والهوية والسياسة. ويمكن لهذا الحدث البارز أن يُصبح بريقاً وحافزًا لانبعاث وإحياء الأدب الكلاسيكي الكوردي، والبحث حول الهوية الكوردية، وإعادة قراءة التاريخ من جديد، ليس فقط كإرث من الماضي، بل كإرهاصة وأساس للمستقبل.

مقالات ذات صلة