کشف الرئیس الأمریکي دونالد ترامب عن صفقة القرن یوم 28\1\2020، ومازالت ردود الأفعال تتوالی، وقد أخذت القوی الرئیسیة في العالم مواقف ورؤی متباینة من خطة السلام هذه، وترجمت مواقفها بلغة دبلوماسية، فقالت: “سندرس الخطة ونحللها ونبین موقفنا منها” أمثال بریطانیا وغیرها من الدول.
موقف الشعوب الدیمقراطي الـ هـ د ب کموقف الدول المحتلة
أدانت کل من ترکیا وإیران وحزب الله اللبناني وغیرها من الدول والقوی خطة السلام هذه وبشدة، وعادتها بکل قوتها، ففي ترکیا لم یکن هذا موقف الدولة وحدها، بل تبنت الأحزاب السیاسیة في هذه الدولة هذا الموقف واستنکرت الصفقة وأدانتها، ومن هذه الأحزاب حزب الشعوب الدیمقراطي الـ هـ د ب، فقد سار الحزب منحی دول الإحتلال والمعادیة لکوردستان واصطفت في رفوفهم.
بعبارة أخری، فبقدر ضغط الحزب علی الشعب الکوردي، یُظهر حزب الشعوب الدیمقراطي نفسه وکأنه صاحب الشرعیة وأنه عالج کافة المشاکل التي تعرض لها الشعب الکوردي، والآن حان الدور لیعالج قضایا ومشاکل الشعوب الأخری! وهذا بحدّ ذاته لیس موقفاً عقلانیاً ومنطقیاً.
فحزب الشعوب الدیمقراطي الـ هـ د ب ولحد کتابة هذه الأسطر لا یستطیع أعضاؤها وقادتها دخول مقارها بسبب العائلات التي وضعتها ترکیا أمام مقارها إحتجاجاً واعتصاماً، فالحزب واقع في هذا المستوی من العراقیل والمواقف المحرجة بحیث لا یحسد علیه، فکیف ینظر لنفسه ویظهرها وكأنها قوة تستطیع معالجة قضایا ومشاکل الشرق الأوسط وشعوب المنطقة!
وهناك مشکلة أخری وهي أن الـ هـ د ب تنظر إلی مسألة الإمبریالیة والشعوب المضطهدة بنظرة یساریة بالیة تعود لسبعینیات القرن المنصرم، وتحلّلها حسب تلك المفاهیم العتیقة، فمثلاً مقولة “الشعب الفلسطیني شعب أبي ومقدام وأمریکا وإسرائیل محتلّون” مقولة منتهیة الصلاحیة! فالحزبان الفلسطینیان (فتح وحماس) لا ینظرون إلی الأمة الکوردیة کأمة مضطهدة مغلوبة علی أمرها، فـ”فتح” دائماً ما ساندت ودعمت صدام، وفي الوقت نفسه کان رئیس حرکة حماس مؤیّداً لترکیا وإیران، وبالأخص إیران، ورأت الحرکة أن إحتلال هذه الدول لکوردستان مسألة شرعیة، وأبدوا مواقفهم المعادیة والمضادة لقضیة إستفتاء إستقلال کوردستان وأعلنوها علی الملأ، کما دعموا إحتلال ترکیا لعفرین وشرعوه، وهذا ما یثبت أنه لو وجدت سلطة فلسطینیة سیاسیة فستکون سلطة إعتقادیة أصولیة متطرفة، وستساهم وتشارك الدول المحتلة لکوردستان في مواقفها واتفاقیاتها دائماً.
الـ ه د ب أصبحت قوة سیاسیة علی ظهر الشعب الکوردي
ما یطالبه الشعوب الدیمقراطي لفلسطین لماذا لا یطالب به للشعب الکوردي ذلك الشعب الذي جعله قوة سیاسیة!
تعاون وتعاطف الـ هـ د ب لفلسطین لیس مبنیاً علی نیّة صادقة مخلصة، فقد دخل الحزب قبة البرلمان علی ظهر الشعب الکوردي، کما أصبح قوة سیاسیة بفضله، فلماذا لا یطالب لهذا الشعب ما طالب به لفلسطین!
فعندما قام الإحتلال الترکي یوم 9\10\2019، بغزو غرب کوردستان لم یقف الشعوب الدیمقراطي الـ هـ د ب موقف المعارض، ولم یقل قد تم إحتلال کوردستان! بل قال: یتم الهجوم علی مبدأ التعایش لشعوب الإقلیم والمنطقة… فلم یستخدم حتی کلمة “الإحتلال” ولم یتلفظ بها! إلی أن أظهر الشعب الکوردي موقفاً حادّاً تجاه الإحتلال آنذاک تحدث الشعوب الدیمقراطي عن الإحتلال!
ما یقوله الشعوب الدیمقراطي هو:”الدولة المستقلة للفلسطینیین، والتتریک للکورد”
فقد تحدث آخر مسؤولي تنظیم الشعوب الدیمقراطي علي جان أونلو في خطاب له حول مؤتمر الشعوب الدیمقراطي والمقرر إنعقاده في الـ 23 من الشهر الجاري، تحدّث قائلا: “في هذا المؤتمر، سنقدّم الکوادر والقادة والإداریین الذین باستطاعتهم إقامة الجمهویة الدیمقراطیة” وتابع: “الشعوب الدیمقراطي لیس حزباً للکورد، والتتریك -أن تصبح ترکیاً- هي النقطة الرئیسیة لحل القضیة الکوردیة ومشکلتهم، کما أنها خطوة مهمة لدمقرطة ترکیا”.
فهنا نوجّه سؤالاً لـ علي جان أونلو ونقول له: ما ترونه شرعیاً للکورد من أن یصبحوا أتراکاً، لماذا لا ترونه للفلسطینیین والإسرائیلیین وتقترحونه لهم؟ إقترحوا مشروعکم لهم أیضاً، دمقرطة إسرائیل، غیر أن ما یؤسف له أن الشعوب الدیمقراطي یطالب بدولة مستقلة للفلسطینیین، علی نقیض ما یطالب به للکورد من العیش مع الأتراك عیشة إجباریة یراها قضیة مشروعة !
فلو نظرنا إلی الموضوع نظرة سهلة سنصل إلی نتیجة مفادها: تفکیر علي جان أونلو حقیقة، فالشعوب الدیمقراطي لیس حزباً للکورد، فهي تساند وتؤید الدولة الترکیة، وللخلاص من هذه المشکلة والعقدة وتخطیها ولکي لا یقوم الشعب الکوردي بافتعال أیة عراقیل للدولة الترکیة، فالشعوب الدیمقراطي مواطنون مخلصون وحماة لوطنهم ترکیا، وأن القائمین بأعمال بلدیات کوردستان قائمون علی الشعوب الدیمقراطي ومکلفون علیه.
فعلی الشعب الکوردي إما أن یغربل حزب الشعوب الدیمقراطي ویصفّيه من الکوادر المخلصین لترکیا خلال هذا المؤتمر، أو یهمل الحزب وینبذه وراء ظهره ولا یهتم به، وعلی المثقفین الکورد إنتقاد حزب الشعوب الدیمقراطي الـ هـ د ب أشدّ إنتقاد وأحدّه؛ لإعادته للخط القومي الکوردي الذي إنحرف عنه.