خلال مشاركته في البرنامج الخاص الذي بُث على فضائية حزب العمال الكوردستاني بكك (ستيرك-TV) في 8 تشرين الثاني الجاري، تطرّق الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) جميل بايك، إلى جملة مواضيع وقضايا رئيسية من بينها المناقشات الجارية مؤخّراً حول القضية الكوردية في تركيا وغيرها من القضايا.
وكانت خلاصة تقييم جميل بايك تتجّسد في أن باستطاعة زعيمهم المسجون (آبو) حلّ كلّ مشاكل الشرق الأوسط، حيث قال بالحرف الواحد “ودولة الاحتلال التركي تعرف ذلك جيداً، ليس أنها لا تعرف، من يستطيع حلّ القضية الكوردية، ليس القضية الكوردية فقط، من يستطيع حلّ مشاكل تركيا والشرق الأوسط، القائد آبو يستطيع حلها…”
خلال المقابلة، لم يتحدّث جميل بايك بشفافية ووضوح حول اللقاء الذي أجري بين زعيم الحزب المسجون مع عائلته (ابن شقيقه) عمر أوجلان.
وبصدد تصريحات زعيم حزب الحركة القومية دولت باخجلي الأخيرة بضرورة إحضار أوجلان إلى البرلمان وإعلانه حلّ التنظيم وانتفاعه بحقّ الأمل، وكذلك بصدد اللقاءات والمفاوضات التي أجريت مؤخّراً بين حزب العمال الكوردستاني بكك قنديل-حزب العدالة والتنمية AKP-إيمرالي، لم يذكر بايك سوى: “نحن ندعم قيادتنا، نقف خلف القيادة، محاور حلّ القضية الكوردية هو القائد آبو وهو الذي سيدير المفاوضات” دون أن يوضح أو يقيّم أي شيء يتجاوز السياسة العامة لحزب العمال الكوردستاني بكك، وقال بايك: “دولة الاحتلال التركي تعرف ذلك جيداً، ليس أنها لا تعرف، من يستطيع حلّ القضية الكوردية، ليس القضية الكوردية فقط، من يستطيع حلّ مشاكل تركيا والشرق الأوسط، القائد آبو يستطيع حلها” مضيفاً حسب زعمه “القائد ىبو يمثّل الشعوب جميعاً” وليس الشعب الكوردي أو حزب العمال الكوردستاني بكك فحسب!
يُذكر، أنه في الأشهر الأخيرة تزايدت اللقاءات بين الدولة التركية-إيمرالي-حزب العمال الكوردستاني، كما أن فرع تنظيم حزب العمال الكوردستاني في أوروبا ومركز قنديل كانا جزءين هامّين من هذه اللقاءات والمحادثات، لكن بايك لم يذكر هذه اللقاءات والمحادثات قط. والملاحظ خلال اللقاء أن جميل بايك حاول وأراد أن يظهر أنهم ليس جزءاً من هذه اللقاءات والمحادثات أمام الراي العام، لكن بايك وكالعادة استهدف في خطابه حكومة أربيل والحزب الديمقراطي الكوردستاني ونهج البارزاني. كما تجاهل جميل بايك إرادة الشعب الكوردي في الانتخابات التي أجريت في إقليم كوردستان واستهان بها، وأدلى بتقييمات غير مقبولة وغاية في الازدراء بحقّ إرادة الناخبين الكورد من شعب إقليم كوردستان. كما لم يتحدّث بايك أبدًا عن تدهور الاتّحاد الوطني الكوردستاني وزعيمه بافل طالباني وانتكاستهم في انتخابات برلمان كوردستان، ذلك الاتّحاد الذي دعمه حزب العمال الكوردستاني بكك خلال الانتخابات.
ففي انتخابات حكومة إقليم كوردستان التي جرت في 20 تشرين الأول/ أكتوبر، أصبح الحزب الديمقراطي الكردستاني هو الحزب الأول على إقليم كوردستان، وفاز بأغلبية الأصوات في المدن الكبرى في إقليم كوردستان مثل أربيل ودهوك. لكن جميل بايك تجاله هذا فقال: “لقد فاز البارزانيون في الانتخابات بدعم من الدولة التركية!”، إن القول بأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الذي فاز بأكثر من 810 آلاف صوت في انتخابات كوردستان بأنه فاز “بدعم الدولة التركية” هو بالفعل ازدراء كبير لإرادة شعب إقليم كوردستان واستهانة شديدة بحقّهم، كما حاول بايك تزوير نتائج الانتخابات بالقول إن “الناس لم يصوتوا لأنهم غير راضين عن سياسات الحزب الديمقراطي الكوردستاني” على الرغم من حصول الديمقراطي الكوردستاني على ما يزيد من 200 ألف صوت مقارنة بالانتخابات السابقة.
جميل بايك كشف أنهم لا يريدون تشكيل حكومة في كوردستان
من الطبيعي أن حزب العمال الكوردستاني بكك، الذي أحاك الكثير من المؤامرات ونفّذ الهجمات باستمرار ومارس العديد من الأنشطة المختلفة في السنوات الأخيرة لخلق حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار في إقليم كوردستان… سيحاول اليوم خلق الفوضى في الإقليم لمنع تشكيل حكومة جديدة لكوردستان، وقد كشف جميل بايك عن هذا المخطّط في لقائه الذي أجراه في الـ 8 من الشهر الجاري، لذا، وضع بايك ثلاثة شروط يجب أن تتوفّر لتشكيل الحكومة الجديدة في كوردستان “
1- يجب أن تقف الحكومة المزمع تشكيلها ضدّ سياسة التواطؤ مع العدو وضد الخيانة.
2 – يجب أن تقف ضدّ الاحتلال التركي، وترفضه وتطرده من أراضيها.
3- يمر الشرق الأوسط حالياً بفوضى عارمة، وستتغير الأوضاع، ويعد ذلك بمثابة خطر كبير وفرصة كبيرة على حد سواء بالنسبة للكرد، ولهذا، يجب تطوير الوحدة الوطنية، ويجب أن تقوم الحكومة التي سيتم تشكيلها على أساس وحدة الكرد”.
كلام جميل بايك يبدو في ظاهره كلاماً صحيحاً، لكن، بسبب مواقف حزبه حزب العمال الكوردستاني بكك، فمن الواضح أن تصريحاته جاءت فقط لإخفاء السياسة التي ينتهجها. فـ جميل يتحدّث عن اتّخاذ موقف ضدّ سياسة التواطؤ مع العدو وضدّ الخيانة، لكن جميل نفسه يقول ذلك وهو في حضن الدولة الإيرانية وميليشيات الحشد الشعبي والنظام الشيعي العراقي. وأن حزب العمال الكوردستاني بكك، هو نفسه غارق من مفرق رأسه لأخمص قدميه في الخيانة والدعم والتعاون والارتزاق لإيران والشيعة والولاء لهما، يشنّ هجمات واعتداءات على أربيل، يخون إنجازات ومكتسبات شعب إقليم كوردستان. وحزب العمال الكوردستاني هو نفسه الذي فتح الطريق أمام الاحتلال التركي وأصبح جسراً يمرّ عليه الأتراك إلى عمق أراضي إقليم كوردستان، ألم يكن حزب العمال الكوردستاني بكك وقادته هم من قالوا يجب فصل شنگال-سنجار عن كوردستان وإلحاقه بالعراق؟! ألا يفتخر قادة هذه التنظيمات بموقفهم الخياني في عدم السماح لبيشمركة كوردستان بالتمركز هناك وسماحهم للجيش العراقي وميليشيات الحشد باحتضان المدينة؟! ألا يعترفون علناً وعلى شاشات التلفاز بأنهم أصحاب الفضل في منع رفع علم كوردستان ورفع العلم العراقي بدلاً منه في سماء شنگال؟!
يقول جميل بايك إن شرط تشكيل الحكومة الكوردستانية هو تحقيق الوحدة الوطنية الكوردية، لكن كبرى العقبات وأعظم العوائق أمام تحقيق هذه الوحدة طيلة عقود وأعظم الخونة والمرتزقين للاحتلال ومن يستخدمه المحتلّ لخوض حروبه بالوكالة وتحقيق أجنداته هو حزب العمال الكوردستاني بكك وحده، فقد أطلق حزب العمال الكوردستاني منذ أول يوم من تأسيسه أولى رصاصاته نحو صدور الوطنيين الكورد وقضى على الحركات الوطنية الكوردية في عموم باكور كوردستان-كوردستان تركيا، وفي روجآفا كوردستان-كوردستان سوريا ما زال يعادي كافة الأحزاب الكوردية ويحاربها ويهمّشها، أمّا في إقليم كوردستان فحدّث ولا حرج… فقد بات الحزب الدخيل حليفاً للعراق وإيران وكلّ معادٍ لإقليم كوردستان.
وباتت اليوم روجآفا كوردستان المكان الأكثر وضوحاً الذي تظهر فيه فاشية حزب العمال الكوردستاني بكك. فيستغل الحزب الدخيل روجآفا كوردستان ويستثمره لمصالحه وأجنداته، ويحرّم جميع الأحزاب الكوردية الوطنية من مشاركته في إدارة هذه البقعة من كوردستان ويقصيها ويهمّشها بل ويحاربها بكافة الطرق وشتّى الوسائل… من حرق لمكاتبها واختطاف لكوادرها وتنكيل وتعذيب وقتل بحقّهم…
ورغم أن تصريحات جميل بايك تبدو معقولة في ظاهرها، إلا أنها ليس لها أي معنى، لأن جميل بايك وحزبه يمارسون أبشع أضرب الخيانة وأقذرها على الإطلاق، ويُعدّ خطاب جميل بايك علامة ودلالة مهمة على أن حزب العمال الكوردستاني بكك سوف يستمر في خلق الفوضى ونشر ثقافة الصراع والعداوة والكراهية بين الكورد في الشرق الأوسط، ويقطع السبل أمام تحقيق الوحدة الوطنية الكوردية، وأنه سيعمّق ويوسّع من علاقاته القذرة والمشبوهة والمريبة مع الغزاة المحتلين من أجل مصالح حزبه.