إعتقال أوجلان .. مؤامرة دولیة أم مسرحیة إقلیمیة؟!

في أشد الأوضاع خطورة .. لم یرغب ئابو باللجوء إلی جبال کوردستان والتحصن بها

قاد عبد الله أوجلان تنظیمات البکک لمدة 19 سنة في سوریا، وبخروج أوجلان من سوریا تغیر قدر البکک، وبالأخص إعتقال أوجلان إذ کان له تأثیر کبیر وواضح علی شعب شمال کوردستان.

فهنا نتساءل: ما الذي حصل حقاً؟ فکما تقول البکک: ئابو رمز النضال والمقاومة ومعلمها. فهل حقا کانت عملیة إعتقال أوجلان مؤامرة دولیة أو نتیجة أخطاء شخصیة لأوجلان نفسه؟ فعند القبض علیه وخلال نقله بالطائرة الخاصة قال بأن ترکیا أمه کما أکد إستعداده لخدمة لترکیا؟! وماذا قال في المحکمة؟ فخلال هذه الأسطر سنبحث عن الإجابة لهذه الأسئلة.

تقییمات سوریا لتحرکات أوجلان أوصلتها لقناعة أنه لا یفترض بها تأزیم علاقاتها مع ترکیا بسبب أوجلان أو أن تضع نفسها في موقف خطر

أوجلان أراد إستغلال الخلافات بین ترکیا والیونان .. واعتقد أن الیونان والإتحاد الأوروبي سیستخدمونه ضد ترکیا

منذ مدة طویلة وسوریا تتعرض لتهدیدات ترکیا بسبب عبد الله أوجلان، فمع أن سوریا کانت متأکدة بأنه لو إندلعت بینها وبین ترکیا حرباً فإن دول الشرق الأوسط لن تقبل بها بل ستتوسط لإیقافها، غیر أنها شککت بعلاقات ئابو مع الدولة الترکیة منذ عام 1993، وقد تیقنت في الوقت ذاته أن ئابو لم یبق کما کان خلال عقد الثمانینات تحت تصرفها بل شعرت بأنه خرج من أطر تحکمها ومراقبتها، إذ کانت هناک محاولات من جانبه لعقد هدنة بینه وبین ترکیا، فقیمت سوریا تحرکات ئابو وحللتها ودرستها مما توصلت لقناعة تامة أنه لا یفترض بها تأزیم علاقاتها مع ترکیا بسبب ئابو، وأن ئابو لا یستحق هذا، فإشعال حرب مع ترکیا سیکلفها الکثیر الکثیر، وقد بقي ئابو في الشرق الأوسط لفترة زمنیة طویلة، وقد طالبته دول مثل سوریا وإیران بتقدیم خدمات زائدة وکثیرة لها بعد أن أهمل خدمة هذه الدول، آنذاك بدأت عملیة إنضمام ترکیا للإتحاد الأوربي، وقد تأزمت وتعقدت العلاقات بین ترکیا والیونان بسبب موقف الأخیرة المعارض والرافض لانضمام الأولی للإتحاد، ووجدت خلافات عمیقة بینها، فأراد أوجلال إستغلال هذه الخلافات لصالحه والإستفادة منها، فکان یعتقد بأن الإتحاد الأوربي والیونان سیستخدمونه ضد ترکیا، وعلی هذا الأساس عقد إتفاقاً ومعاهدة مع الیونان، إذ کانت تجمع بینهما -البکک والیونان- علاقات تأریخیة قدیمة، فالکثیر من التنظیمات وإلتحاق الأعضاء الجدد بالبکک کان یتم عن طریق الیونان، بل وصل الأمر لأن تقدم یونان فرصة تربیة وتثقیف أعضاء البکک في مخیم لافروف للاجئین، وقد إرتقت هذه العلاقات لمستوی أبرز وأرفع عام 1997، إذ عرضت الیونان فرصة التربیة العسکرية علی مقاتلي البکک الجدد في مخیم (کینسا ودیلیسي) فکان أوجلان ینوي إتخاذ الأراضي الیونانیة معسکرات تربویة وإداریة لتنظیماته، کما حصل معه في سوریا واستخدمته سوریا لهذا السبب، وقد إلتقی یوم 6\10\1998 وزیر المواصلات والنقل الیوناني البرلماني (PASOK کوستاس بادوفاس) بعبد الله أوجلان في الشام.

وإضافة لهذا اللقاء، قام أوجلان یوم 9\10\1998 بالتوجه للعاصمة الیونانیة أثینا عن طریق مطار سوریا الدولي لتحط طائرته في مطار هلیکون، وفي رحلته إستخدم جواز سفر ترکي مزور بإسم (عبد الله سارکورد Sarikurt ) رافقه في هذه الرحلة (ئایفر کایا) الملقبة بـ(روزرین) وضابطان للمخابرات السوریة أحدهما قیادي مقرب من عائلة الأسد.

جهل أوجلان بالأنظمة السیاسیة الدولیة أوقعه في الفخ

إعتقال أوجلان .. مؤامرة دولیة أم مسرحیة إقلیمیة؟!

غیر أن الأمور لم تجر علی ما یرام وحسب المخطط، فکان أوجلان معروفاً لدی الأوساط الدولیة کرئیس لحزب مدرج في قائمة المنظمات الإرهابیة، إضافة إلی الإتجار بالمواد المخدرة وتهریبها دولیاً، ومن الصعب إن یکن مستحیلا أن تقبل الدول الأوربیة بتواجد شخص کهذا علی أراضیها، وفي مطار أثینا یتم ترصد أوجلان من قبل المخابرات الیونانیة، ورئیس EYP  هارالامبوس وستافراکاکیس وستافرس کالیندرس، فیتحدث رئیس المخابرات (ستافرس کالیندرس) مع أوجلان قائلاً: (ننظر إلیک کصدیق لنا، غیر أن الحکومیة الیونانیة لیست علی علم بقدومك، ونحن متجاورون لترکیا حدودیا، وفي هذا الوقت لدیکم نشاطات وعملیات دمویة کثیرة في ترکیا، وموافقتنا علی إستضافتك علی أراضینا تعد موافقة علی إندلاع حرب لنا مع ترکیا، ونحن لا نرید خوض حرب مع ترکیا الآن، ونقترح علیك التوجه للسوید، وهذا أفضل لك) فأجابه أوجلان: (أنا لا أثق بالسوید، فهم ما زالوا یحملون البکک مقتل واغتیال رئیسها Olof Palme، وهذا ما سیوقعني بمشاکل، وما دمتم ترون الأمور بهذا المنظور، فسأطالب بحق اللجوء السیاسي) فرد علیه رئیس المخابرات: (لو طلبت حق اللجوء السیاسي فیفترض علیك نبذ النضال والکفاح المسلح، وإنهاء الحرب الدائرة الآن) واعتقد أوجلان آنذاك أن وزیراًأو إثنین أو عدداً من البرلمانیین سیستطیعون تغییر قرار الدولة الیونانیة الرسمي، فمن دعا أوجلان لزیارة الیونان لم تکن الدولة، بل کانت جماعة من البرلمانیین، وهذا ما یثبت جهل أوجلان بالأنظمة السیاسیة الدولیة.

رحلة ئابو إلی روسیا وبقائه فیها لمدة 33 یوما

وانطلاقا من هذا الأساس طالب أوجلان بالتوجه إلی روسیا، فیبعث البرلمان الروسي دعوة لأوجلان، وتوجه أوجلان إلی روسیا علی متن طائرة یونانیة خاصة، کما طالب بأن یرافقه مسؤول یوناني علی متن الطائرة خلال رحلته نحو روسیا، وفي مطار موسکو إستقبل نائب رئیس البرلمان الروسي Vladimir JernovskI والبرلماني الذي بعث بالدعوة لأوجلان Alex Metrovanov أوجلان، ولدی وصوله إحتضن نائب رئیس البرلمان الروسي أوجلان، وأهداه باقة ورد کما وضع وشاحاً حول رقبته، وفي الـ 9\10\1998 نزل ئابو في مطار موسکو وطلب اللجوء السیاسي من البرلمان الروسي والجناح البارز لمجلس الدوما، فتم قبول طلبه، وبهذا أصبح أوجلان لاجئاً سیاسیاً في روسیا، وبقي هناك مدة 33 یوما.

إیطالیا تتعامل مع ئابو کــ “متهم ” بدایة الأمر

وعندما تتحدث وسائل الإعلام الترکیة عن تواجد أوجلان في روسیا، قال أوجلان بأن روسیا لم تبق آمنة لي وینبغي أن أخرج منها، فنستطیع القول أن أوجلان کان ینوي التوجه إلی دولة غرب أوربا بدایة الأمر، وبعد مدة الـ 33 یوماً التي قضاها أوجلان في روسیا، توجه نحو العاصمة الإیطالیة روما، فعلم رئیس الوزارء الإیطالي ماسیمو دالیما بقدومه، وفي الـ 12\11\1998 نزل أوجلان في مطار لیوناردو دافنشي، ویتحدث أوجلان عن هذه العملیة قائلا: (عند وصولي لإیطالیا، کنت أتوقع الصداقة والترحیب، غیر أنه تم وضعي تحت المراقبة وبعد مدة رفعت المحکمة المراقبة عني، غیر أنني بقیت تحت حصار شدید، وإضافة للإساءة کانوا یتعاملون معي کـ “متهم” فتم أخذ بصماتي وصوري).

إمتعض أوجلان من تعامل إیطالیا معه، غیر أنه في الوقت نفسه وبالذات یوم 19\11\1998 کان قد صرح رئیس الوزراء الإیطالي ماسیمو دالیما خلال مؤتمر صحفي: (لن نسلم أوجلان للدولة الترکیة)، وبعدها لم یتم إعتقال أوجلان أو طرده بالقوة بأي شکل من الأشکال، وتجاه موقف إیطالیا هذا، قامت ترکیا بمقاطعة البضائع والمنتجات الإیطالیة، کما قامت بعدة أنشطة معادیة ومضادة لإیطالیا، غیر أن إیطالیا لم تخطو أیة خطوة مماثلة، ورغم هذه المعاملة الحسنة معه، غادر أوجلان إیطالیا، ففي 16\1\1999 وبعد بقاء دام لـ 66 یوم غادر أوجلان روما، واتجه للمرة الثانیة إلی العاصمة الروسیة موسکو، غیر أن أوجلان وروسیا لا یتفقان بشأن بقائه فيها، فحاول الجانب الروسي إقناع ئابو بالعودة إلی سوریا، غیر أنه لم یقبل بهذا العرض، وفي الـ 29\1\1999 رجع إلی یونان، غیر أن الیونان وفي مطارها ترفض بقائه علی أراضیها، وتقول له: (لا نرغب بك في بلدنا، غادر!)، إتجه ئابو إلی مینسك عاصمة بیلاروسیا، وکان یرافقه رجل من المخابرات الیونانیة یدعی (کلندریس) وأراد التوجه من مینسك إلی هولندا، غیر أن الطائرة التي کانت ستقلهم لم تأت، فعادا للیونان، فأخبرته المخابرات القومية الیونانية بـ: (إننا في وضع طاريء، فلتهدأ الأوضاع قلیلا، سنأخذك لدولة أفریقیة، فهناك أفضل لك) ومع أن ئابو یتهم الیونان بشأن إعتقاله ویضع اللوم علیها، غیر أن الیونان هي الدولة الوحیدة من بین القوی الدولية التي تعاونت معه بهذا القدر! فکان دائما ما یتم نقله منها بجوازات سفر مزورة وطائرات خاصة، وکانت الیونان هي من تهیأ وتجهز له هذه الأشیاء، فمثلا عندما توجه ئابو إلی کینیا کان یحمل جواز سفر إعلامي قبرصي معروف یدعی (لازاروس مافروس) جهزته له الیونان، فکانت نیة الیونان من إرسال أوجلان لنیروبي هي الحصول علی حق اللجوء السیاسي في جنوب إفریقیا، وقد عقدت الیونان لقاءا مع جنوب إفریقیا بهذا الصدد، ومع هذا کانت الخلافات تظهر للعلن بین أوجلان والیونان أحیانا، وبهذا أصبحت کینیا المحطة الأخیرة في رحلة أوجلان الـ 130 یوما، إذ تم بعد ذلك إقتیاده منها إلی ترکیا.

إعتقال أوجلان .. مؤامرة دولیة أم مسرحیة إقلیمیة؟!

ماذا حصل في کینیا؟ فرغم قدرته علی النجاة یختار أوجلان الإستسلام!

“کان أوجلان یعرف بأنه سیعتقل، وکان قادرا علی أخذ سلاحي، غیر أنه إختار الإستسلام علی الموت!”

وقد غیرت اليونان موقفها الجید مع کینیا، کما أن قضیة أوجلان قد أربکتهم ، ویستطیع الإنسان القول بأن الموقف الأمریکي قد أثر علی اليونان، فبقي أوجلان في مبنى القنصلیة الیونانیة في نيروبي وهم یحاولون إخراجه بالقوة من المبنى، وکانت ترافق أوجلان حینذاك حارسة شخصیة کانت مقاتلة قدیمة للبکک تدعی (شمسێ کلچ) الملقبة بإسمها الحرکي (دیلان) إذ کانت مواطنة ألمانیة مع حارسین آخرین، وکانت دیلان تحمل مسدسا معها، فعندما حاول موظفوا القنصلیة إخراجهم من مبنی القنصلیة بالقوة أخرجت دیلان المسدس ووجهته نحوهم غیر أن أوجلان تدخل بینهم ومنع من حصول أیة مواجهة، وبعد مغادرتهم للقنصلیة طالبت دیلان برکوب السیارة التي إستقلت أوجلان، غیر أن هذا لم یحدث ولم یقبل به، فأعطت دیلان مسدسها لأوجلان غیر أنه لم یأخذه، وبعدها تحدث ئابو عن الحادثة بقوله: “کانوا یریدونني أن أحمل السلاح وأقاوم بطریقة کلاسیکیة، غیر أنني لم أقبل، وقد قضیت علی لعبة التلاعب بالأخوة الترکیة الکوردیة!” وتقول دیلان بشأن الحادث: (کان أوجلان یعرف بأنه سیقبض علیه، کان قادرا علی أخذ سلاحي غیر أنه لم یفعل، إختار الإستسلام علی الموت، فعندما غادر أوجلان القنصلیة الیونانیة في نیروبي کان یعرف بأنهم سیوجهونه نحو ترکیا، وفي الـ 15\2\1999 ذهبوا بأوجلان إلی مطار نیروبي بحجة إرساله إلی هولندا، إذ کانت تنتظره طائرة في المطار تحمل علم مالیزیا، غیر أنه کانت علی متنها قوات خاصة ترکیة، وهناك یتم إعتقال أوجلان وینقلونه إلی ترکیا، غیر أنه ومنذ بدایة الأمر لغایة الآن کانت لأوجلان علاقات مع ترکیا عن طریق أجنحة في الداخل، ففي تسعینیات القرن الماضي کانت له علاقات مع الدولة الترکیة عن طریق دوغو برینجك ویالچین کوچوك، غیر أن أوجلان لم یکن ینتظر أو یتوقع أن یعود إلی ترکیا کسجین، فعندما کان في روسیا کان یعرف أنه لن ینجو من قبضة ترکیا، ومع هذا لم یکن یرغب باللجوء إلی جبال کوردستان والتحصن بها، کما لم ینظر أویعتقد أن جبال کوردستان وسیلة للتحرر أبدا، فکم من مقترح للقادة والرؤساء الکورد بعث لـ ئابو لأن یتوجه إلی جبال کوردستان، غیر أن ئابو رفض کل هذه المقترحات ولم یقبلها تحت ذریعة خوفه وقلقه من أن تکون مؤامرة أحیکت ضده!

رفض دول کثیرة إیواء أوجلان بسبب أفعاله السیئة

” تجارة المخدرات، غسیل الأموال، الإغتیالات والتصفیات .. أعمال ثبتت علی البکک بالأدلة”

عملیة إعتقال عبد الله أوجلان سمیت بمؤامرة دولیة من قبل أوجلان وتنظیمات البکک، کما وصفوا وصوروا إرتحاله وانتقاله من دولة لأخری بعین المؤامرة الدولية، غیر أن حقيقة رفض الکثیر من الدول بقاء ئابو علی أراضيها تعود لسبب ما قام به أوجلان من أعمال سیئة سابقاً، فاغتیال رئیس الوزراء السویدي أولو بالمە، وما حدثت في ألمانیا من جرائم بإسم أنشطة میترو الأنفاق أصبحت سببا في حظر البکک ومنعها من مزاولة أیة أنشطة في ألمانیا، وفي الوقت نفسه، فالتجارة بالمخدرات علی المستوی الدولي والتي ثبتت علی البکک بالأدلة القاطعة، کلها أسباب تعاضدت لکي تنظر هذه الدول إلی شخصیة أوجلان کشخص غیر مرحب به وغیر مرغوب علی أراضیها، فکان یقتل ویغتال من لا یدفع الضرائب للبکک، کما کانت مصانعهم ومعاملهم وشرکاتهم تحرق، وکان الکورد المعارضین للبکک والناقدین لها والحرکات المخالفة والمعارضة لها یتعرضون لعنف البکک المفرط، کما أن عملیة غسیل الأموال لم تبق أیة فرصة متاحة لبقاء أوجلان في أوروبا.

لم تکن هناك مؤامرة دولیة لاعتقال أوجلان، بل کان هناك أوجلانیة ئابوجیة غیر واعیة وجاهلة بالأنظمة الدولیة

مؤیدوا وکوادر وتنظیمات البکک کانوا یرون ئابو فیلسوفاًسیاسیاً، غیر أن ئابو نفسه کان یعتمد علی المخابرات السوریة

إعتقال أوجلان .. مؤامرة دولیة أم مسرحیة إقلیمیة؟!

کما کان أوجلان معارضا ومعادیا لأنظمة الحکم في أوروبا من منظور الفکر والآیدولوجیا، فعندما کان في الشرق الأوسط وولاؤه للدول المعادیة لأوروبا کإیران وسوریا کان یقیم الدول الأوروبیة علی أنها دول أمبریالیة، والآن ینتظر من هذه الدول إیواءه وتقبله وکأن شیئاً لم یکن! فالمعنی أنه لا توجد هناك أیة مؤامرة دولیة غیر أنه توجد هناك أوجلانیة ئابوجیة غیر واعیة وجاهلة بالأنظمة الدولیة، مؤیدوا وکوادر وتنظیمات البکک کانوا یرون ئابو فیلسوفاًسیاسیاً، غیر أن ئابو نفسه کان یعتمد علی المخابرات السوریة في إدارة أموره الدنیویة، ولم یکن قد فکر یوماً بالقوانین الدولیة والأطراف الدولیة، کما لم یکن في الحسبان أیة مفارقة بین الأشخاص والأنظمة! فعندما کان في الشام في التسعینیات إلتقی به الکثیر من الصحفیین الأوروبیین والبرلمانیین والکتاب، فکان یعتقد أن مجیئهم ووعودهم إنما هي وعود ومواثیق لدولهم، وبالإضافة لما ذکرناه في شخصیة ئابو، فهو کان مریضا بجنون العظمة والریاسة، وهوس بلا حدود بها، فهوایته کانت أن یتقبله کل شخص، وأن ما یقوله حقیقة 100% ویجب القبول به، وهذا ما جعله کشخصیة منفوخة، فکان أوجلان یری أن له السلطة علی کل شيء، وأن کل شيء تحت قوته وتصرفه وسیطرته، فنسي مبدءأ سیاسیاً هاما: (من أراد إستخدام الکل لصالحه إستخدمه الکل لمصالحهم) فعندما کان في سوریا، کان قد طور علاقاته مع ترکیا وإیران والعراق والکثیر من الدول، کما أراد إستخدام هذه العلاقات لصالحه، وفي الوقت نفسه کان یخدم کل هذه الدول ویعمل وفق مصالحهم، وعملیة 9\10\1998 إنما کانت من هذا القبیل، فکان یعرف أن الکل بحاجة إلیه، فهوایته المفضلة التي کانت متمثلة في أن یسخر کل من حوله في خدمته هي ما منعته من إستغلال الوضع الذي کان یعیشه لصالحه ویقیمه جیداً.

من الذي إلتقی به أوجلان علی متن الطائرة؟!

ما الذي واجهه أوجلان مباشرة؟!

ماذا کان موقف ترکيا؟!

هذه الأسئلة وغیرها سنجیب علیها في کتاباتنا المقبلة… ترقبونا

مقالات ذات صلة