في الـ 11 كانون الأول، نظّم حزب العمال الكوردستاني بكك مسيرة في باريس لإحياء ذكرى اغتيال ساكينه جانسيز ورفيقاتها، الفعالية كانت بمثابة أول شرخ وتصدّع في تأريخ العمال الكوردستاني بكك، فقد رفعت صور مظلوم عبدي في طليعة التظاهرة، علماً أن التنظيم لم يرفع قطّ صور حيّ غير أوجلان أو من فقدوا حياتهم… حيث يتمّ تنظيم التظاهرات والمسيرات وعموم الفعاليات بشكل مركزي، فيبدو أن رفع صور مظلوم عبدي كان قرارًا مشتركًا منسّقاً بين قيادة الحزب، وكان سبب هذا القرار هو حاجة الحزب الماسّة إلى مظلوم عبدي وروجآفا كوردستان للتستّر على انتكاسته وتغطية هزيمته.
خسر العمال الكوردستاني عموم معاقله وقواعده العسكرية وجبهاته في باكور كوردستان-كوردستان تركيا، كما خسر المناطق التي أطلق عليها تسمية (مناطق الدفاع المشروع-باراستنا مديا) وأصبح حزب العمال الكوردستاني تحت إدارة جميل بايك بعد عام 2013 وسيلة وأداة لأجندات إيران، ولم يبق في أيدي التنظيم وتحت سيطرته سوى شنگال-سنجار والمناطق المحيطة بمحافظة السليمانية في إقليم كوردستان، وبات الحزب مدركاً تماماً أن هذا لن يدوم طويلاً. لذلك، ومن أجل إنقاذ نفسه من هذه الهزيمة، يحاول العمال الكوردستاني استخدام كاريزما مظلوم عبدي كقناع، حيث لم يسمح التنظيم طيلة تأريخه لأحدٍ بالتقدم، عدا أوجلان وبعض القادة المؤسّسين، حتى في مجال النضال السياسي الداخلي “وفقا للقانون الصحيح” حيث منع أشخاصاً مثل عثمان بايدمير وصلاح الدين دميرتاش من التقدّم وأبعدهم عن السياسة.
ولم يتح حزب العمال الكوردستاني لمظلوم عبدي أن يتقدم، بل حتى سلب منه منصب القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” عام 2021، لولا اعتراض الولايات المتحدة وعدم قبولها بذلك، فـ مظلوم عبدي صنع بنفسه كاريزماه وطوّرها بدعم أمريكي غربي رغم محاربة التنظيم له، فالصدع-الشرخ الحاصل في هيكل الحزب باسم (مظلوم عبدي) يعدّ خطوة تاريخية، فإذا لم يخضع مظلوم عبدي للأجندات السرية الخفية لحزب بكك، واستطاع احتضان عموم الكورد في روجآفا كوردستان، وعمل بجدّ ونجح في تحقيق وحدة وطنية حقيقية مع القيادة الكوردستانية في إقليم كوردستان لأصبح بإمكانه لعب أفضل الأدوار وأسماها في صفحات التأريخ، وإن لم يقدر على ذلك ولم يحطّم سلاسل بكك فسيختفي على وجه السرعة وينطفئ بسرعة كالنار في الهشيم، فالأمر متروك لمظلوم عبدي وحده ليقرّر ما إذا كان سيبقى كادرو حزب العمال الكوردستاني بكك أو يصبح رائداً للنضال الكوردي المشروع…