في الـ 7 من آب الحالي أجرت قناة البكك (Sterk TV) لقاء متلفزاً مع “جميل بايك” الرئيس المشترك لمنظومة المجتمعات الكوردستانية (KGK)، فكان جوهر اللقاء منصبّاً حول قلب واقع الحال الكوردي في المنطقة والبدء بعملية ضد مفهوم البناء والازدهار والتقدم، ففي حديثه بايك والذي قلّما يظهر على وسائل الإعلام وعندما يظهر ينفث جميع سمومه، فهو يصبّ جام غضبه على القوات الكوردستانية متناسياً أن له عدواً محتلاً لوطنه! يصف فاشية (AKP-MHP) بعبارات فارغة خاوية، وتحدث بشكل نزر عن سياسة الدولة التركية، غير أنه لم يستهدف الاحتلال بل كان مستهدِفاً لجنوب كوردستان وغربها!
ففي البداية هاجم بايك غرب كوردستان -روجافا- وقال: “لو يفترض أن تشكروا أحداً بشأن غرب كوردستان فينبغي عليكم تقديم شكركم للزعيم ئابو” في إشارة منه إلى ما قدّمه “شاهين جيلو” من شكره وتقديره للرئيس مسعود البارزاني، فهذا هو الشيء الذي تيّه -حيّر- البكك وجميل بايك، فقيادة البكك تسخّر كافة جهودها في التنقيص من قيمة جنوب كوردستان وسلبه ثقله الإقليمي وفضحه وتصغيره في أعين الكورد في باقي أجزاء كوردستان، غير أن رئاسة الإدارة في غرب كوردستان شكرت قيادة الديمقراطي الكوردستاني والبارزاني وثمّنت دورهم ولم تغفل تعاونهم في أحلك المواقف وأصعبها، وهذا ما أدى أن يهدّد بايك شاهين جيلو ويصرخ في وجهه وينفث سمومه هناك!
فالموضوع الرئيسي الذي أغاظ بايك واستفزّه هو مدى التقارب الذي حصل بين غرب كوردستان وغربها، فهنا نتساءل فقط: لماذا؟ ونجيب لأن كوردستان في نظر جميل بايك هي البكك، وما ليس بملك للبكك فليس بكوردستان، لأن بايك يرى البكك أكبر من كوردستان!
وهذا ما يثبت أن بايك ليس كوردستانياً، فهو يضع مصالح البكك فوق مصالح كوردستان، كالذي يتيقن من عدم حصوله على محبوبته فيقتلها!
فكأن بايك يقول: إمّا أنتِ لي أو للتراب الأسود! بل هم أشدّ خطراً! فلو شعروا بفقدان الغرب فلن يدعوه للكورد بل من الطبيعي أن يهدوه على طبق من ذهب للناس الغرباء والمحتلين! فمهندس جذب الدولة العراقية والحشد الشعبي وتموضعهم في شنكال هو بايك نفسه، فبايك هو صاحب هذه السياسة العميلة والخادمة للمحتل.
فأبداء بايك بهذه الصراحة الفاضحة ومن غير تردّد وعلى شاشة فضائية البكك عدم أهلية الكورد وإظهارهم بمنظر غير لائق بل وبشع ليس محل قبول ولا ينبغي التغاضي عنه وإغفاله! فعداء بايك وعنفه من سلبيات وأخطاء الأحزاب الكوردية ومثقفيها بسبب إتباع البكك لأهوائها وأهدافها حسب رغبتها، فتستطيع عدّ الكلّ مخطئاً، وتنشر الأنباء الكاذبة والمفبركة، غير أن هذا ليس من نقاط قوة البكك، فمصدر جرائم البكك هذه سببها الشخصيات التي تتظاهر بالكوردايتي والكوردستانية والتزامهم للصمت أمام سياسات البكك المظلمة الحالكة، فصبّ بايك جام غضبه على الكورد وانحصر هجومه على كل غالٍ وثمين كوردستاني، فلغاية الان لم يظهر موقف عدائي متطرف أمام بايك لإيقافه لئلا يتخطى الخطوط الحمراء لكوردستان!
فغالبية حديث بايك وجل محاولاته كانت منصبّة في الإساءة للإدارة الكوردستانية، فيبدي مدى اختفائه على الساحة السياسية بحيث قال: نحن نتابع الإعلام ونرى أن الديمقراطي الكوردستاني وتحت ذريعة حماية القرى والأرياف يحاول يُمركِزَ المرتزقة وحماة القرى! فكما قلت يقوم الديمقراطي الكوردستاني بعقد اجتماعات مع الناس وتطالبهم قائلة: يجب أن تكونوا مرتزقة وفرساناً -جحوشاً- لحماية قراكم!!
كلمة بايك هذه إنما هي لنشر الفوضى وإحداث المشاكل، فالقوى التي يتهمها بايك ويصفها بالـ “جحوش” ويتهمها بالارتزاق -مرتزقة- إنما هي قوة هذه الأمة المحضة وبنسبة 100%، من أبنائها وأبناء هذا الوطن وبيشمركته! فالقوات التي يصفها بالمرتزقة هي قوات البيشمركة والتي هي قوة رسمية فعلية وفق الدستور العراقي، والقوة الرسمية منذ 1920 والتي تحارب من أجل تراب الوطن! نعم هي قوات بيشمركة كوردستان التي يتحدّث عنها بايك تلك القوة التي ضحّت بـ 9515 شهيد وجريح خلال 2014-2016 في حرب داعش على كوردستان! فهو يصف بيشمركة كوردستان بالجحوش!! فبايك يتّهم تلك القوات التي لبت نداء إخوانهم في الوطن وقامت بنجدة كوباني وقدّمت القرابين بالعشرات بل والمئات هناك وفي شنكال ثم يتّهمها بايك بالمرتزقة والجحوش!!
فكل قوة أسّست في ظل حكومة جنوب كوردستان هي رسمية وفعلية، وباستطاعة حكومة الجنوب توجيهها لكل المحاور والجبهات القتالية أينما كانت وفي أية منطقة أو قرية أو طريق أو مدينة لحمايتها والحفاظ عليها، ولها الحق في بناء القواعد لها ولقواتها الأمنية من غير طلب الرخصة والسماح من أي أحد أو أية جهة! وإنما القوة غير الرسمية وغير القانونية الوحيدة في المنطقة هي البكك لا غيرها! والتي أرادت تأزيم أوضاع جنوب كوردستان عن طريق العديد من شباب الكورد تحت شعار حماية الجنوب! وغير القانونيين وغير الشرعيين والرسميين هم المرتزقة والجحوش الذين يأتمرون بأوامر بايك في قنديل تحت مسمى (NLP) “مركز الدراسات السياسية” والذين يديرون النضال الاستخباراتي في أربيل ويغتالون الناس في مطعم “هوكاباز”! فهم الجحوش وهم القوات غير الرسمية الوحيدة في جنوب كوردستان!
فجميل بايك شخص يعرف هذه الأشياء جيداً، غير أن ما يريده هو تدمير البيشمركة وإدارة إقليم جنوب كوردستان وإزالتهما، وإدارة عملية تضليلية مزيفة أمام الإرادة الديمقراطية للإقليم.
عداوة بايك للبيشمركة ليست وليدة اليوم كما هي ليست بشيء جديد، ففي لقاء صحفي أجراه مع الصحفي التركي (روشن جاغر) في 24 آب 2014 قال بايك: لم يعد باستطاعة البيشمركة القيام بالحروب، لذا ينبغي تزويدنا بالأسلحة التي تقدّم لهم! وهو بنفسه قال في مقابلة مع جريدة (Frankfurter Allgemeine) الألمانية في 22 آب 2014: ضحّت البيشمركة بآلاف الإيزديين لتلقي المساعدات والأسلحة من الغرب، فقد أهملوا حماية الإيزديين من أجل الحصول على الأسلحة! فكان يطالب من على منابر الصحافة التركية والأوروبية عدم تسليح البيشمركة وتقديم المساعدات اللوجستية لهم، فعداوته المقيتة هذه مستمرة مذّاك وقَبْلُ ولغاية الآن!
واللافت للنظر أنه وفي بداية اللقاء قال بأنه ليس باستطاعة إدارة غرب كوردستان بيع الإيرادات النفطية السورية؛ كون سوريا دولة شرعية ذات سيادة! وعلى العكس من هذا فحقوق حكومة إقليم جنوب كوردستان المستندة على الأسس الدولية والحاصلة على موافقتها، والحقوق الدستورية، والبرلمان والسياسة الإدارية الرسمية وغيرها من المؤسسات الرسمية، فلا يرى بايك هذه الحقائق الواقعية ويرى واقع الجنوب واقعاً خاصاً بالبارتي!
نداؤنا الأول لجميل بايك: طلب الاعتذار والعفو بحق “هوجام سورجي” الذي ذبح على يد داعش يوم 25-1-2015 وجميع شهداء البيشمركة الـ 1614 الذين أراقوا دماءهم الطاهرة وضحوا بأنفسهم الزكية وجميع بيشمركة كوردستان على كل ما قاله من أقوال باطلة ومسيئة.
الثاني: على جميل بايك والبكك أن يعرفا الإرادة السياسية الكوردية في جنوب كوردستان، والاعتراف بسيادة وسلطة حكومة إقليم جنوب كوردستان، وإن لم يفعل ذلك فهو مخطئ وكاذب في كلّ ما يدّعيه من فِعْلٍ قام به من أجل كوردستان.
الثالث: البكك هي السبب والمسوّغ الرئيسي لمجيء وتمركز القوات التركية في مناطق العمادية وزاخو وسيدكان، وعلى البكك سحب قواتها المقاتلة والمسلحة من كافة قرى وبلدات ومدن جنوب كوردستان.
الرابع: مع أنهم يكرّرون الحديث عن موضوع الوحدة الوطنية والقومية، غير أنه في الواقع يعاكسون مسعاهم هذا، فهم وحدهم من يعادون المكونات السياسية الكوردية، وينبغي عليهم تجنّب عداوتهم للبيت الكوردي، ولهذا الغرض فعليهم تغيير مسار وسائلهم الإعلامية المعادية للكورد لغاية الآن وتوجيهها نحو خدمة الكورد والقضية الكوردية أو إنهاء بثّها.
الخامس والأخير: على بايك معرفة أنه ومنذ عام 1990 ولغاية اليوم، وخلال هذه الـ “30” سنة المنصرمة أنه يعادي السلطة السياسية في جنوب كوردستان من غير تحقيق أية نتائج، ولن يحقق أية نتائج في المستقبل، وحان الوقت لأن يسحب بايك يده من كوردستان، وليعرف جيداً أن تعاون العراق وإيران له ولعدائه لكوردستان لن يمرّ دون ردّ! نعم فعدم ردّ أحد على إساءته وتطرّفه لغاية الآن ليس من موقف الضعف لهذا الغير أم من موقف قوة بايك، بل لم استنكفت القوى والشخصيات والأحزاب الكوردية من التدني لهذا المستوى المتدني لجميل بايك! كما أن سبباً آخر يقف وراء عدم ردّ أحد على بايك وإفضاح أكاذيبه واحدة تلو الأخرى ألا وهو مدى الاحترام التقدير الذي يتّصف به الشعب الكوردستاني، غير أن صبرنا بدأ ينفذ! فالضغط على جدار صبرنا القوي لا ينفع بايك وحزبه البكك بشيء! فالأولى له أن يسحب يده من جنوب كوردستان بأسرع وقت ممكن وإلا فلا يلومنّ إلا نفسه!