شهد إقليم جنوب كوردستان خلال الآونة الأخيرة عشرات المؤامرات والخطط الهادفة لمعاداته والقضاء عليه من قبل الدول الأعداء والمحتلة لكوردستان، وما زالت مستمرة ليومنا هذا وستستّمر باستمرار وجود الشعب الكوردي، غير أن تفجير أنبوب نفط جنوب كوردستان الصادر لنفط الإقليم في 28 من الشهر المنصرم، كانت بداية لعملية عدائية من نوع جديد، حيث قامت البكك والتي تعتبر حلقة هامة في سلسلة (محور المقاومة) الإيراني في جنوب كوردستان بهذا العمل الإرهابي والتخريبي، واليوم، قام العرب الشيعة المذهب والموالين لإيران في بغداد بقطع رواتب موظّفي إقليم جنوب كوردستان، غير أن هذه المعاداة والمحاولات الدنيئة لا تقف عند هذا الحد، بل ستدوم وتستمر ويستمر خطرها على الشعب الكوردستاني ويهدده على مر التأريخ.
اتفاقية شنكال وحماة الحزام الذهبي-الهلال الشيعي-
بعد إمضاء الاتفاقية التأريخية بين أربيل وبغداد بشأن تطبيع الأوضاع في المدينة المنكوبة -شنكال-، أصبحت هذه الاتفاقية مبرّراً ليواجه إقليم جنوب كوردستان خطراً عظيماً يهدّد كيانه ووجوده نتيجة تعرّض المصالح الإيرانية في المنطقة للخطورة والزوال، وهذا الخطر هدّد الهلال الشيعي -والذي يعرف بالحزام الذهبي- بطريقة مباشرة، لذا قامت إيران بتوظيف وتوجيه كلّ من البكك والحشد الشعبي الشيعي بالوقوف ضد الاتفاقية ومحاولة إجهاضها بأية طريقة كانت، وحماية المصالح والسياسات الإيرانية، وحفظها من أية تهديدات أو خطورة.
فلم تلبث البكك أن لبّت -وعلى وجه السرعة- لنداء زعيمتها “طهران” فأول ما بدأت قامت بخلق المشاكل والأزمات لحكومة جنوب كوردستان، وتنظيم تظاهرات احتيالية وكاذبة ومزيّفة، بعدها وجّهت الإيزيديين للوقوف ضد حكومة إقليم جنوب كوردستان، غير أنه وبعد أن باءت محاولاتها هذه بالفشل، لجأت لطريقة أخرى أشدّ فعالية، فأول ما دار ببالها كان ضرب اقتصاد جنوب كوردستان، فقامت بتفجير أنابيب نفط الجنوب في محاولة لإضعاف اقتصاد الجنوب، ولكن تحت مبرّر تفجير أنبوب نفط جنوب كوردستان للتأثير في تركيا اقتصادياً! والحق أنها استهدفت اقتصاد جنوب كوردستان، وقطع قوت الشعب الكوردستاني للضغط على حكومة الجنوب، إذ أنها اعتقدت أنها ستثير الناس والموظفين في الجنوب وتؤلّبهم ضد حكومتهم! فتأزيم أوضاع جنوب كوردستان سيضع حكومته في موقف حرج، كما أن الوضع المتأزم والمستحدث سيشغل بال حكومة الإقليم والانشغال بالوضع الداخلي ونسيان التزاماتها الأخرى ومن ضمنها عدم تنفيذ اتفاقية شنكال وطيّها طيّ النسيان!
والحق أن البكك لم ولن تحاول استهداف الاقتصاد التركي، فهناك أعداد كبيرة من أنابيب النفط في أرض كوردستان، منها أنابيب نفط تركية، وكان باستطاعتهم تفجير إحدى هذه الأنابيب لو كانت فعلاً تستهدف الاقتصاد التركي وإضعاف تركيا! ولقامت عوض تفجيرها سيارات البيشمركة، بعمليات تفجيرات كبيرة وسط إسطنبول التي تعتبر كبرى المدن السياحية التركية للتأثير على الاقتصاد التركي بشكل كبير! آنذاك لانتقل الاقتصاد التركي من هذه المرحلة الحرجة لمرحلة أشد إحراجاً وتأزماً على الاطلاق!
لماذا لجأت إيران لمريديها في العراق؟
بعد فشل هذه المحاولات الخبيثة للبكك، ولإدامة حماية مصالحها وسياساتها في المنطقة، وممارسة ضغوطاتها على جنوب كوردستان، اضطرّت إيران إلى الالتجاء للعبة سياسية أخرى أشدّ دناءة، فالتجأت للهلال الشيعي العراقي، في محاولة منها لانهيار اتفاقية شنكال والقضاء عليها، وذلك بانهيار اتفاقية عاصمة الإقليم مع بغداد بشأن تسليم الإقليم لـ 250 ألف برميل من النفط مقابل إرسال بغداد لـ 320 مليار دينار عراقي كجزء من رواتب موظّفي إقليم جنوب كوردستان، وهنا أيدت الأطراف السنية أطراف الشيعة ضد حكومة جنوب كوردستان.
لإيران هدفان رئيسيان من هذه الخطوة
الأول: عدم تنفيذ اتفاقية شنكال لئلا تؤثّر على مشروع الهلال الشيعي، وعدم سقوط المشروع الذي أصبحت البكك حامية ومدافعة له!
الثاني: إضعاف البنية الاقتصادية لإقليم جنوب كوردستان بأية طريقة كانت.
وخير دليل على ما نقوله، هو أن كلّاً من البكك والحشد الشعبي عضوان من محور المقاومة الإيراني هذا، وعندما تمّ الإعلان عن اتفاقية شنكال، أعلنت طهران أن الخطر بات وشيكاً ويهدّد محور المقاومة في المنطقة، وكانت تقصد بهذا الخطر إخراج حماة الحزام الذهبي -الهلال الشيعي- البكك والحشد من شنكال، فوفق بنود هذه الاتفاقية يجب إخراج المدينة من سطووة الميليشيات المسلحة، وإخراج كافة القوى المسلحة -من ضمنها البكك والحشد- من المنطقة وإبعادها عنها.
هذا وقد لجأت كافة الحكومات العراقية المتعاقبة والموالية لإيران وتحت تأثيرها، إلى سياسة تجويع الشعب الكوردستاني، وممارسة هذه السياسة بل وشرعنتها، تلتك السياسة الدنيئة التي مارسها المالكي أول مرة خلال فترة رئاسته للحكومة، وسار مَن بعده على دربه بانتهاج هذه السياسة من حكومة العبادي وعادل عبد المهدي والكاظمي في الوقت الحالي!