الـ PKK من مطلب الاستقلال لحضيض العمالة
ينبغي الابتعاد عن تلك العاطفة التي تقتلنا منذ آلاف السنين، والتي جعلتنا قرابين لكلّ ما يخدم مصالح أعداء الكورد ومحتلي كوردستان.
لو أردنا معرفة حقيقة ما تجري من أحداث على الساحة الكوردستانية، وبالأخص في جنوب كوردستان، بدءاً من الاستفزازات العسكرية التي تهدّد أمن واستقرار إقليم جنوب كوردستان وحكومته الشرعية برئاسة مسرور بارزاني وتستهدفها، وكذلك قوات البيشمركة التي تحمي وحمت كوردستان وشعبها من التنظيمات والميليشيات الإرهابية، ذلك الإقليم الذي يمرّ اليوم في أصعب الظروف وأهلكها وأشدّ المراحل سوءاً نتيجة فيروس كورونا، ينبغي علينا وضع النقاط على الحروف، والابتعاد عن العاطفة التي قتلتنا منذ آلاف السنين ووأدت أحلامنا وما زالت تفتك بنا، تلك العاطفة التي جعلتنا قرابين لكلّ ما يخدم مصالح أعداء الكورد ومحتلّي كوردستان.
والحق أن استفزازات البكك على الأصعدة العسكرية والإعلامية لا تخدم سوى مصالح أعداء الكورد في كافة أجزاء كوردستان الأربعة، لهذا لا أستطيع تسميتها بغير اسم العمالة وبيع الذات والنفس، وكذلك مواقف كبار قادة البكك الواضحة والخاوية من أية أجندات ومواقف قومية ووطنية، بل شرّدت وذهلت عن هذه المطالب المقدسة وانشغلت وراء شعارات براقة تنادي بـ(أخوة الشعوب) وغيرها من الشعارات البراقة والتافهة والمزيّفة وغير العقلية والمنطقية.
نعم، تخلّت البكك عن هدفها (استقلال كوردستان) الذي ناضلت وكافحت من أجله بدايات تأسيسها، ذلك الهدف الذي ضحّت البكك بدماء أكثر من 40 ألف من شباب الكورد من أجله! نعم، البكك أضاعت حلم الاستقلال بل وجعلته كابوساً وواقعاً مرّاً لحاملي هذه الأفكار والمضحّين لتحقيق هذا الهدف في كافة أجزاء كوردستان!
لماذا تهاجم البكك يميناً ويساراً كـ”الثيران الهائجة” والمنفلتة؟
لنعد لتلك الأسباب التي يتمّ توظيف البكك من أجلها لخدمة أعداء الأمة الكوردستانية، فالكثير من الأحداث والمسائل السياسية في المنطقة ما زالت غامضة لجميع الأطراف، فلو سألنا أنفسنا لماذا الآن؟ لماذا أصبحت البكك كالثور الهائج يهاجم من كافة الجهات؟
فقد حدثت بعض التغييرات على المستوى المحلّي، منها إنشاء الإقليم السنّي في العراق، فلو تساءلنا هنا من الجهّة المتضرّرة لهذه الخطوة؟
لأتّضح لدينا أنه سيتمّ تقويض أو قطع الهلال الشيعي، والمسألة الأخرى هي اتفاقية شنكال المبرمة بين الحكومة الفدرالية وحكومة إقليم جنوب كوردستان والقاضية بإخراج البكك من المنطقة، فهذا ما يعتبر الضرب على الوتر الحسّاس، فالبكك حلقة هامة من سلسلة محور المقاومة الإيراني في شنكال، فالجهة المتضرّرة الوحيدة من هذين الحادثين الهامين هي إيران ونظامها.
لهذا استغلّت البكك الفرصة السانحة أمامها في هذا الوقت الحسّاس، كون القوى الرئيسية منشغلة بملف الشرق الأوسط والانتخابات الأمريكية، فقامت إيران البكك وكرّستها لضرب استقرار وأمن جنوب كوردستان بهدف خلق فتنة بين شعب الجنوب، والحق أن المحاولة كانت تستهدف السلطات الشرعية لإقليم الجنوب!
كما ينبغي علينا أن لا ننسى أجندات الدولة التركية في جنوب كوردستان، إذ هي الدولة المستفيدة الوحيدة من وراء هذه الأحداث التي تعيشها المنطقة، فمنذ أن بدأت تركيا بعملياتها المريبة ضد البكك في الجنوب فقد تغلغلت ما يقارب من 30كم عمقاً في حدود جنوب كوردستان، وأقامت أكثر من 12 نقطة وقاعدة عسكرية في إدامة لمواصلة تنفيذ أجندتها الإقليمية.
أهداف البكك انحرفت عن خط الكوردايتي والفكر القومي والوطني الكوردستاني
للنتائج أهمية بالغة لكلّ حدث، وهنا نستطيع القول أن أهداف البكك انحرفت عن قضيتها الرئيسية، فانحرفت عن خط الكوردايتي والفكر القومي الكوردستاني، وأصبحت تنظيمات هذا الحزب كقوة مأجورة لتنفيذ أجندات الدول المحتلة لكافة أجزاء كوردستان الأربعة، وأهدافها باتت منحصرة في إلحاق الأضرار والخسائر بالجنوب وضرب الأمن والاستقرار والسلام للكورد أينما تواجدوا!
فندائي لكلّ كوردي مخلص ووطني شريف أن يؤمن بقضيته القومية، كذلك أدعو المثقفين والسياسيين الكورد بالابتعاد عن مسك العصا من الوسط والإظهار بلباس الوسطية إزاء المواقف الحاسمة والتي تمسّ صميم القضية الكوردية، وإبداء موقف جدّي وواضح تجاه هذه الأحداث، فنحن في مفترق طرق قد تكون آخر محطّة لنا ووجودنا، فالحياد والوسطية قد تكون من الأسباب التي آلت بنا إلى ما نحن عليه الآن!