إعدام السيد رضى وابنه ذو الـ 14 عاماً في (خاربت)
في مثل هذا اليوم وقبل 83 عاماً، وفي 15\11\1937، أعدمت الدولة التركية السيد رضى بعمر يناهز الـ 75 عاماً، وذلك في حكم الطاغية مصطفى كمال أتاتورك، بتهمة مقاومته وثورته ضد الدولة التركية الفاشية، فتمّ إعدامه وكافة أصحابه من الثوار الكورد، فكما اتهمت العراق الأب الروحي الملا مصطفى البارزاني وبيشمركة كوردستان بـ (المخربين)، فكذلك اتهمت تركيا الأتاتوركية السيد رضا بالتخريب، وحكمت عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت، مع 10 من أصدقائه، وابنه ذو الـ 14 عاماً، وتم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم.
السيد رضى الديرسمي أحد القادة البارزين والمعروفين في الوسط الكوردستاني، بعد الشيخ سعيد پيران في شمال كوردستان، الذين ناضلوا وثاروا على الدولة التركية الفاشية، كون تركيا مارست أعلى مراتب الظلم والاستبداد والإبادة ضد القومية الكوردية، ولم تنفّذ أية عهود قطعتها للكورد عند تأسيسها.
جينوسايد ديرسم كانت إبادة جماعية مخطّطة للدولة التركية الحديثة لإبادة 50 ألف كوردي علوي
وإضافة إلى عدم التزامها بالوعود التي أطلقتها للقومية الكوردية، بدأت الدولة التركية الفاشية بعمليات إبادة جماعية تجاه هذه القومية التي ساعدت بتأسيس الدولة التركية، وخاصة في مدينة ديرسم، فحاولت تركيا مسح الهوية الكوردية لأهلها، وإذابتهم في بوتقة القومية التركية، ومن المؤسف والمخيب للآمال أنها نجحت في مؤامرتها الهمجية إلى حد كبير، فبعد مقتل ما يقارب من 50 ألف كوردي، وترحيل وإجلاء أكثر من 100 ألف آخرين من شعب ديرسم، استطاعت إقناع البعض بأنهم ليسوا كورداً، وإنما هم قوم جاؤوا من خراسان واستوطنوا ديرسم!
بدأ السيد رضى وزملاؤه بإشعال فتيل الثورة، وحاولوا بشتى الطرق حماية الهوية الكوردية، وحصلت مواجهات حادة بين المقاتلين الكورد بقيادة السيد رضى والدولة التركية، وحاولت الدولة التركية إنهاء مقاومة وثورة السيد رضى ومقاتليه غير أنها لم تستطع، لذا بدأت الدولة بحياكة مؤامرة دنيئة، فطالبت المفاوضات مع السيد رضا وثواره، وقد استطاع السيد رضى وفي معركة شرسة عام 1937 مع الدولة التركية الفرار من حصار الدولة التركية، بعد مقتل زوجته وابنه وثلاثة من أحفاده، ووافق السيد رضا على دعوة تركيا للمفاوضات، ورضي بالوعود المزيّفة التي أطلقتها تركيا، واتجه مع 10 من زملائه من قادة الثورة نحو مدينة أرزنجان، غير أن الدولة التركية الملوثة حتى المخيخ بالخيانة للقومية الكوردية، وكما هو عادتها وديدنتها، اعتقلت السيد رضى ومن معه.
لم يطلب السيد رضى العفو والصفح من الدولة التركية
عندما كان السيد رضى معتقلاً في السجون التركية، زاره مصطفى كمال أتاتورك سراً، وقال للسيد رضى: إذا طالبت بالعفو، واعترفت بأنك كنت على خطأ سأعفو عنك وأطلق سراحك! غير أن السيد رضى لم يقبل طلبه، وقال لأتاتورك: لم نفعل أي شيء خطأ، فكيف أعترف بالخطأ! ومع أن الدولة العثمانية كانت ظالمة غدارة مع الكورد، إلا أن الكورد كانوا يساندونها في حروبها مع الدول الأجنبية، وبعد انهيار الدولة العثمانية وتأسيس الدولة التركية الحديثة، لم تنفّذ الدولة عهودها ومواثيقها التي أعطتها للكورد، بل عوض ذلك حاولت إبادة الكورد وتدميرهم، فما الخطأ الذي فعلناه! وكيف أطلب العفو والسماح منكم! كلا، لن أطلب شيئاً كهذا أبداً.
وصية ما قبل الإعدام! السيد يترجى إعدامه قبل ابنه لئلا يرى موت ابنه، والدولة التركية ترفض وتأبى إلّا أن تحرّق قلبه!
أصدرت محكمة تركيا عقوبة الإعدام بحق كل من السيد رضى وزملائه، غير أن السيد رضى كان قد بلغ الـ 75 سنة، ولم يكن يسمح بتنفيذ الحكم بحقّه قانونياً، وكي يستطيع الأتراك تنفيذ حكم الإعدام بحقه قانونياً، قاموا بتقليل سنوات عمره لـ 57 سنة! كما قاموا بزيادة سنوات عمر ابنه ذو الـ 14 سنة لـ 21 سنة، لنفس السبب!
وقيل أنه وقبل تنفيذ حكم الإعدام بحق السيد رضى، قالوا له: هل لك أية أمنية أو وصية أخيرة؟ فأجاب السيد بأن لي 40 ليرة وساعة، أعطوها لإبني، غير أنه وعند الإتيان به إلى منصة الإعدام رأى السيد رضى ابنه هناك، فطلب منهم تنفيذ حكم الإعدام بحقه أولاً حتى لا يرى موت ابنه بعينيه! إلا أن طغيان الدولة لم ترض بهذا الشيء، فأعدموا ابنه ذو الـ 14 عاماً، أمام عينيه، ثم أعدموا السيد رضى بعد ذلك!
والجدير بالذكر أن جينوسايد ديرسم كانت إبادة جماعية ووحشية في تأريخ الجمهورية التركية الحديثة، فقد أبادت الدولة الحديثة ما يقارب من 50 ألف كوردي علوي، غير أنه ولغاية الآن لا يُعرف مرقد السيد رضى وزملاؤه ومحل دفناهم! كما لم تتّخذ تركيا أية خطوة عملية لتعويض الكورد المتبقين من حملات الإبادة الجماعية هذه في ولاية ديرسم.