الجماعة الآبوجيّة واسماعيل بيشيكجي
في ميزان ومقام الفكر والمعرفة، يقف اوجلان صفراً على شمال القيمة والقامة التي يشغلها عالم الاجتماع والمفكّر التركي، المناضل إسماعيل بيشيكجي، فالأخير، إذا بقي صامتاً، دون أن يدلي بأيّ تصريح، مجرّد حضوره وكتبه ومواقفه، تشكلّ عاراً وخزياً بالنسبة للجماعة الآبوجيّة وزعيمها، لأن عالم الاجتماع التركي، مع حقوق الكورد في تركيا والشرق الأوسط والعالم، دون انتقاص أو مواربة أو مساومة، ودفع ضريبة ذلك من حياته، إذاً والحال هذه، ماذا لو نطق بشيكجي؟!
هذا ما يفسّر حالة السعار الموتورة تجاه تصريحات بيشيكجي الأخيرة التي أدان فيها مواقف وسياسات وممارسات PKK الأخيرة، في جنوب كوردستان، وربط بيشكجي تلك الممارسات والسياسات بخطط الدولة التركية المعادية للتجربة الكوردية في جنوب كوردستان ن وأن البكك يعمل في خدمة مصالح الأنظمة في إيران وتركيا والعراق وسوريا.
طبعاً، هذا السعار الآبوجي ضد بيشكجي، ليس وليد تصريحاته الأخيرة، ذلك أن أوجلان نفسه، وفي أماكن عدّة، ردّ على انتقادات بيشكجي له، عقب اعتقال، وأثناء محاكمته، ومشاريعه الخنفشارية المتهافتة التي لا تكتفي بالتنازل عن الحقوق الكوردية وحسب، بل تشيطن وتعادي أي فكر أو توجّه أو مشروع قومي كوردي، في تركيا والمنطقة عموماً!
حالة العار والخزي التي يشكّلها بيشكجي لـPKK وأوجلان، تتأتّى من النقاط التالية:
ــ بيشكجي، تركي الأصل، وعالم اجتماع، ورجل فكر حقيقي، مستقل، وليس منشق عن العمال الكوردستاني، أو مرتبط بالدولة التركيّة، حتّى يتم التشكيك في مواقفه.
ــ بيشكجي، في حقبة التسعينات، كان حزب PKK وزعيمه وإعلام الحزب، يحتفي به، الرجل كما هو لم يتغيّر، مواقفه المؤيّدة للكورد وحقوقهم العادلة هي هي، الذي تغيّر هو أوجلان وحزبه، ومن الطبيعي أن ينتقد بيشكجي مواقف وطروحات ومشاريع أوجلان الخنفشارية، في إطار انتقاداته للسياسات التركيّة أيضاً، وعليه، بيشكجي كان محلّ مديح وإطراء PKK في التسعينات، وهو الآن محلّ ذم وإهانة وهجوم عنيف من قبل الحزب وأزلامه وإعلامه، وسأنشر هنا، مجرّد نماذج مما نشرته جريدة سرخوبون؛ الجريدة المركزيّة لـPKK عن بيشكجي في التسعينات، كي تعرفوا مستوى السعار الموتور الذي يتعرّض له الآن.
ــ اسماعيل بيشكجي، من مكانته العلميّة والفكريّة والاكاديميّة والنضاليّة، المؤيّدة للحقوق الكورديّة كاملة، حين ينتقد الجماعة الآبوجية وزعيمها، فتلك الانتقادات، الحزب وزعيمه عاجزان عن الردّ عليها، بالمنطق والعقل والحكمة، كما تقتضي وتملي شعارات حزب PKK الجديدة التي تثرثر ليلاً نهاراً، قياماً وقعوداً، حول حرية الرأي والفكر، فتردّ على عالم الاجتماعي بطريقة غريبة عجيبة.
انتقادات بيشيكجي وردود أفعال جماعة الإخوان الآبوجيين عليها، تشكّل فضيحة كبرى ومدوّية لهذه الجماعة، ذلك ان تلك الانتقادات وطريقة ردّ الحزب عليها، تضع كل مزاعم PKK عن حرية الفكر والرأي والتعبير على المحكّ.
بصراحة، أيّاً تكن درجة الاختلاف مع عالم الاجتماع التركي اسماعيل بيشكجي، إلاّ أنني أشعر بالخجل من هذه الطريقة الموتورة والمسعورة والتهجّم القبيح الذي تشنّه الجماعة الآبوجية عليه، وأقدّم له شديد الاعتذار على السلوك الآبوجي الأرعن.
وأقول له: خوجة بيشكجي، أنا آسف، لأنني لم أنجح في ردّ السعار الآبوجي عنك، أرجو أن تقبل اعتذاري الشديد، الشعب الكوردي، ليس كله مع جماعة الإخوان الآبوجيين..