جحاش (جحوش) آخر الزمن!

لا تخلو أية أمة مضطهدة ومغلوبة على أمرها، من خونة من بني جلدتها للدولة الغاصبة والمحتلّة لها، ويُعرف هؤلاء بـ (الخونة والمرتزقين والجحاش…) وفق ثقافة تلك الأمم، وهذه التسمية إنما أطلقت عليهم للاستهتار بهم وفضحهم في أعين الشعب فلا تخلو أية ثورة أو مقاومة أو حركة تحرّرية من أناس باعوا ضمائرهم وذممهم للمحتلين الغاصبين لقاء أموال بخسة أو مصالح شخصية أو مناصب رفيعة، فوقفوا ضد أممهم في دفاعها المشروع والمقدّس ضد المحتلين، سواء تجسّد التعاون في حمل السلاح، أو بيع فكره وقلمه وتأييده للدولة المحتلّة.

كل جزء من أجزاء كوردستان سمّت هؤلاء بتسمية خاصة مختلفة

ولم تنجو كوردستان من هذه المأساة، بلا كان لها نصيب بارز منها من بين الأمم والقوميات في الشرق الأوسط، فتراث الخيانة ليس بشيء حديث في هذه الأمة المضطهدة، غير أن كلّ بقعة منها تصف هؤلاء الخونة بتسمية خاصة، ففي جنوب كوردستان وشرقها تسمى هذه الفئة من الناس بـ(الجحاش) بينما يصفهم أهل الشمال بـ(الخروجي-نسبة إلى الخروج عن الملة والانشقاق عنها) والمرتزقة.

ويعود سبب تسمية الخونة بـ(الجحاش) إلى لفظة (جحش-ولد الحمار حين تَضَعُه أُمُّه إِلى أَن يُفْطم من الرِّضَاع) وقد تكون هذه اللفظة معهودة بشكل طبيعي بين أهالي المنطقة، بل حتى بين الأحزاب السياسية، فهو بمثابة التنقيص من قيمة بائعي الذات والنفس والوطن وتحقيرهم وإهانتهم، غير أن الفلسفة الحقيقية من وراء استخدام المصطلح هو أن هؤلاء لم يرتقوا أو ينضجوا فكرياً، وأنهم يحاولون بناء ذواتهم لقاء أموال زهيدة، فباختصار هم كـ(الجحش) وهو ولد الحمار حين تضعه أمه إلى أن يُفْطم من الرِّضَاع، فهؤلاء كذلك يرون أنهم بحاجة إلى الدول الغاصبة والمحتلة كما يرى الجحش حاجته لأمّه!

أسوء الجحاش هم جحاش البرلمانيين العراقيين الممثّلين للكورد

من سوء حظّ الكورد وخيبة أملهم تواجد مثل هؤلاء الجحاش في كافة أجزاء كوردستان الأربعة، غير أن جحاش الأجزاء الثلاثة الأخرى لكوردستان يختلفون عن جحاش جنوب كوردستان، فجحاش الجنوب قد تخطّوا حدود الجحاشية بحيث ينبغي على الكورد إبداع تسمية أخرى لهم، فلا يمرّ يوم ولا يقوم هؤلاء الجحاش بمعاداة كوردستان والمسائل القومية والوطنية لبني جلدتهم بكل وقاحة، والظهور على الفضائيات والقنوات المحلية وإظهار عداوتهم لكوردستان ولكل ما يصب في صالح الكورد وكوردستان، فهم يناضلون بشتّى الوسائل لتحسين وجه الدولة العراقية المحتلّة وإظهارها بمظهر الدولة المخلصة والجيدة للكورد، والأمرّ من كلّ هذا أن جحاش الجنوب يمثّلون الكورد في البرلمان العراقي! ووصلوا لقبة البرلمان بأصوات بعض الكورد! ويصرّحون يومياً بتصريحات معادية لكوردستان، فأصبحوا كلاباً مسعورة في وجه حكومة جنوب كوردستان، كالجحاش تسرح وتمرح في الربيع، ولا ينطقون بشيء يصبّ في مصلحة الأمة الكوردية وكوردستان! لهذا وصفهم الشعب الكوردي بلقب جميل يليق بهم ألا وهو (الجحاش البرلمانيين)!

جحاش البرلمانيين في الجنوب يخافون من ضياع مصالحهم بتجزئة العراق!

جحاش البرلمانيين الكورد في الجنوب أمثال (غالب محمد) الذين يمثّلون الكورد في بغداد، من أبرز الجحاش البرلمانيين الكوردستانيين، فهم دائماً ما يطلقون تصريحات معادية لحكومة كوردستان، ويمارسون كل ما من شأنه الإساءة للكورد وكوردستان والحكومة الكوردستانية، ولا يتطرّقون بتاتاً للمساوئ والسلبيات للحكومة الفدرالية مع علمهم أن حكومة جنوب كوردستان أفضل بكثير من الحكومة الفدرالية في بغداد، والسبب في ذلك يعود لمخافة هؤلاء من ضياع مصالحهم وانقطاع تبنهم من قبل الدولة العراقية! فهم يخافون قطع سبل معيشتهم الذليلة من تجزئة العراق، مع تأكّدهم -في الوقت نفسه- إضاعتهم لموطأ قدم بين شعب الجنوب، فأصبحوا عصا الطاعة بيد الدولة العراقية لمحاربة حكومة جنوب كوردستان والشعب الكوردي.

أحد هؤلاء الجحاش البرلمانيين يدعى (غالب محمد) تربّى من عائلة بعثية محضة على عهد صدام، وفي أحدث حوار له على فضائيات عربية قام بمهاجمة بيشمركة روژ والإساءة إليهم بأسلوب دنيء كنفسيته وفكره، والادعاء بأن قوات بيشمركة روژ تأسّست بأمر من الزعيم الكوردي مسعود البارزاني، وأنهم يتقاضون الرواتب على حساب الموازنة العراقية، وأنهم يحاربون في كلّ من ليبيا وأذربيجان ضد حكومات تلك البلدان! كما ويقول بأنه تمّ إلقاء القبض على أحد عناصر تلك القوة من البيشمركة في ليبيا!! وتأتي افتراءات هذا الجحش الصغير في وقت متأخر مما حدث، فقبل أشهر ألقى الجيش الوطني الليبي بقيادة الخليفة حفتر القبض على شخص كوردي يدعى (شاكر فرمان بونجوق) غير أنه لم تصدر لا من الشخص المعتقل ولا المتحدث باسم الجيش الليبي أية تصاريح بأنه من قوات البيشمركة، غير ما نشره إعلام البكك والإتحاد الوطني الكوردستاني آنذاك في محاولة منها للاصطياد في الماء العكر، غير أنه لم تمرّ سوى فترة قصيرة عندما ظهر المتحدث باسم الجيش الليبي مصرّحاً بأن من تم القبض عليه هو شخص كوردي من غرب كوردستان، وأنه شارك في القتال في ليبيا ضمن الفصائل المرتزقة التي ترسله تركيا للقتال في ليبيا لتنفيذ أجندتها، حيث استغرب المتحدث الليبي من مشاركة كوردي في حرب ليبيا بينما ما زال وطنه وأرضه محتلاً بيد الأتراك المحتلّين! وممّا لا شكّ فيه أن استغراب المتحدث باسم الجيش الليبي في محلّه غير أنه لو علم أن أمثال (غالب محمد) يمارسون الجحوشية في البرلمان العراقي ويعادون أمتهم ووطنهم لم يكن ليستغرب آنذاك! فهنا نسأل غالب: ما الفرق بينك وبين شاكر فرمان بونجوق؟! فهو يحارب بأوامر تركية في ليبيا من أجل الحصول على تبنه من تركيا، وأنت تعادي الكورد بأوامر من العراق من أجل الحصول على تبنك، فالفرق بينكما أن بونجوق حارب العرب بسلاحه بينما أنت تحارب أمتك بلسانك! فهو مثلك جحش ومرتزقة وباع ذاته لأعداء الأمة الكوردية!

مستغربون نحن من الوضع الذي يمرّ به شعب الجنوب، ومتسائلون في الوقت ذاته: كيف يختارون أمثالك للبرلمان؟!

نعم، يتحدّث الجحش (غالب) عن قوة دافعت ومنذ تأسيسها عن أرض كوردستان المقدّسة، وضحّت بما لا يقلّ عن 78 شهيد و634 جريح لحماية وصون أرض الوطن، واستياء غالب وغضبه من هذه القوات نابع من كونها قوات وطنية مخلصة حتى النخاع وتحارب من أجل كوردستان، وإلا فإن هناك قوى وأطراف تأخذ الرواتب من الدولة العراقية، والعلامة الفارقة بينها وبين قوات روژ هي أن قوات روژ تدافع عن كوردستان وتلك القوى الأخرى تحارب كوردستان! فهنا نستفهم غالب: لماذا لا تتحدّث عن تلك القوى في شنكال، التي تأخذ الرواتب من الدولة العراقية وتعادي وتحارب كوردستان؟! ولو أردت الظهور بمظهر المخلص للعراقيين والكورد فلماذا لا تستفسر عن إيرادات مطار النجف الدولي وأين تنفق؟! لماذا لا تستفسر عن واردات المزارات الشيعية الخيالية التي يتلاعب بها رجال الدين الشيعة؟! لماذا لا تتساءل عن قوات الحشد الشعبي والميليشيا المسلّحة التابعة لها؟! والتي لا يتجرّأ لا أنت ولا غيرك من البرلمانيين الآخرين عبور جدران المنطقة الخضراء خوفاً وذعراً منها؟!

فغالب ورفاقه دأبوا على الإساءة لحكومة جنوب كوردستان وتشويه صورتها، والثناء على الحكومة الفدرالية ومدحها، فحتى بصدد قطع الموازنة ورواتب موظّفي إقليم جنوب كوردستان دافع أمثال هؤلاء الجحاش من البرلمانيين عن الحكومة العراقية وبرّروا ممارساتها الظالمة، وطالبوا حكومة الجنوب بتسليم وارداتها النفطية والحدودية لبغداد من أجل صرف الرواتب، فيا ترى ألا يعلم غالب أن القضية ليست بهذه البساطة والسطحية؟! وليس هذا ما تريده بغداد، بل ما تريده هو ركوع الكورد وانحناءهم أمامها! فمنذ 2014 ولغاية الآن لم يستلم فلاحوا الإقليم مستحقاتهم المالية من بغداد! فيا تُرى هل لهم أية علاقة بتسليم واردات الإقليم ونفطها للحكومة الفدرالية؟! الجواب كلّا، بل الأمر متعلق باختيارهم أمثالك ذوي الذيل الطويل لتمثيلهم في البرلمان العراقي! فنحن في شمال كوردستان نستغرب شعب الجنوب ومدى تحمّله لأمثالك من الخونة والجحاش، فلو كنت هنا تمثّلنا بهذا الأسلوب في مجلس الأمة التركي لكان مصيرك الموت المحتوم! والحقّ أنّنا مستغربون جداً من وضع شعب الجنوب حول إرسالهم لأمثالك لتمثيلهم في البرلمان!!

فنحن نعرف جيداً من أنت ووليد أية قوة وأيديولوجية!

الجحش (غالب محمد) أحد أعضاء البرلمان ضمن قائمة حزب التغيير، غير أن الحق أنه حصل على هذا المقعد كونه من مناصري البكك ومواليها، اخترق صفوف التغيير بخبرة متناهية، فحصل على أصوات أعضاء وأنصار ومؤيدي هذه الحركة، ودخل البرلمان العراقي على حساب هذه القائمة، وها هو ينفّذ الأجندات الإقليمية لحاملي راية أخوة الشعوب -أي استعباد الكورد-! فلا تختلف نفسية وذهنية غالب وأمثاله عن جماعة أنقرة التي تدير البكك من قنديل، تلك الذهنية التي تحاول استعباد الكورد من جديد للدول الغاصبة لكوردستان غير أنها هذه المرة وفق تسمية واستراتيجية حديثة وضعها زعيم البكك المسجون! استراتيجية تعرف بمشروع أخوة الشعوب! حيث تفرض الدولة التركية على البكك ومسلّحيها عن طريق زعيمها المسجون أوجلان الحفاظ على وحدة أراضي الدول المحتلة والغاصبة لكوردستان، وإلّا فلا سبب يدعو كوردياً أن يبتعد بهذا القدر عن مسيرة الكوردايتي والسير وفق أجندات الدول المعادية.

ختاماً نقول لهذا الجحش، نعرفك جيداً، ونعرف جيداً على يد من تربّيت وتثقّفت، ونعرف مشاربك الفكرية وأيديولوجيتك في الحياة، ونعرف جيداً من تلاعب ببقية الدماغ في رأسك -إن كنت تمتلك دماغاً أصلاً- وسننشر في القريب العاجل كافة صورك وفيديوهاتك سواء في أوروبا أو في جنوب كوردستان والتي تفضّح اجتماعاتك بالبكك وقادتها، وسنضعها أمام أنظار الشعب الكوردستاني ليتّضح وينكشف للجميع من أنت! ومن أين تحصل على تبنك وأين تستقي! ترقبونا..

مقالات ذات صلة