فردا جتين، أحد كوادر حزب العمال الكوردستاني ومسؤول شبكة الصحافة الأوروبية لهذه التنظيمات، نشر كلمة له في صحيفة (يني أوزغور بولوتيكا-التابع للبكك-) في 24 كانون الجاري، كما تمّ نشر هذه الكلمة على وكالة (ANF) للبكك.
والحق أن هذه الكلمة لم تكن أول التهديدات كما لن تكون آخرها، ولم تكن أول إهانة كما لن تكون آخر إهانة توجّه للكاتب التركي وصديق الشعب الكوردي (إسماعيل بيشكجي) إثر كتابته الأخيرة، فقد تم تشويه سمعة الأستاذ إسماعيل بشيكجي وإطلاق الألفاظ النابية بحقه كثيراً على وسائل إعلام البكك ومواقع تواصلها الاجتماعي وبالأخص الفضاء الأزرق -فيسبوك- كما تم الردّ على مقال الأستاذ على موقع (هفال)!
الأستاذ بيشكجي كشف الخطوات الاستراتيجية وتكتيكات البكك
في الوقت الذي حاولت فيه البكك تزييف الوقائع وتحريف الحقائق بصدد اتفاقيتها الأخيرة مع الحشد الشعبي الشيعي والجبهة الشيعية أوما تسمى بـ (محور المقاومة) وتغطية خيانتها لحكومة جنوب كوردستان في شنكال، كان الهجوم على الكاتب والمفكر إسماعيل بيشكجي متوقعاً وبالأخص إثر قيامه بفضح خطوات البكك وكشف استراتيجيتهم وتكتيكاتهم، واستغلال الخلافات والمشاكل العالقة بين حكومة جنوب كوردستان والحكومة الفدرالية لتحقيق مصالحها الحزبية الضيقة وضمانها.
فنتيجة صمت الكتّاب والوطنيين الكورد المخلصين عن علاقات البكك المشبوهة والمريبة مع الحشد الشعبي ضد حكومة إقليم جنوب كوردستان، وعدم إبدائهم أية مواقف مناوئة ومناهضة لهذه الممارسات، رأى فردا جتين وجماعته الأرضية المناسبة والفرصة السانحة للإساءة للأستاذ بيشكجي والحطّ من قدره وإطلاق الألفاظ النابية بحقه!
كلمة فردا جتين ليست إلا تصريحاً وتهديداً باسم البكك لبشيكجي
نعلم جيداً أن كلمة فردا جتين ليست مقالة أو ردّاً لبشيكجي، بل هي تهديد وتحذير كتبت باسم البكك، فقد دأبت البكك على مثل هذه الممارسات قديماً، ففي عام 2010 كتبت البكك مقالتين لـ(دوران كالكان) بأسماء مستعارة (عادل كورتاي وقاسم أنكن-الذي توفي العام الماضي-!) هدّدت فيهما الأستاذ بيشكجي تهديداً عنيفاً، وتم نشر هاتين المقالتين على موقع قوات حماية الشعب، ما أدى لردّ فعل مغاير من قبل العديد من الكتّاب والمثقّفين ووقفوا وقفة تضامن مع الأستاذ بشيكجي، وتم جمع التواقيع ما أجبرت البكك -وحدات حماية الشعب- إلى شطب المقالتين من على موقعها، وكذلك الآن، فقد استخدمت البكك كتّاباً غير معروفين لتهديد الأستاذ إسماعيل بشيكجي.
ويبدو من أسلوب الكتابة أن ما كتبه فردا جتين هو بمثابة ما كتبه كلّ من مصطفى قاراسو وجميل بايك، فإعلام البكك دأبت على توحيد أقلامها على الهجمات الممنهجة والعنيفة والمتّسمة بالأسلوب الموحد وبالغ التطرّف، فإعلام البكك لم يتأسّس للدعاية لنفسه فقط، بل بني لمواكبة التطور والتحديثات الجديدة، فيغيّر أسلوبه ليلائم كلّ ما هو مستحدث وينسجم معه، والأمثلة على هذا كثيرة تثبت صحة ما قلناه.
في الوضع الحالي.. الفاشية التركية لا تسمح بكشف فاشية البكك وظهورها للعلن!
في حوار لـ (زانا ئازاد) على نشرة فضائية البكك (MED TV) هدّد المذكور كلّاً من طاهر ألج وآلتان تان، وقال: من يقف ضد مقاومة البكك ونضالها لا يحق له العيش في كوردستان! وما زالت تلك التهديدات تغازل ذاكرة الكورد، فلم يمر غير 12 يوماً على إطلاق هذه التهديدات عندما لقي طاهر ألجي مصرعه في ظروف غامضة ومريبة في سوريا! فيبدو أن هناك فاشية تركية لا تسمح بكشف فاشية البكك وظهورها للعلن!
وهذا ما يحاوله فردا جتين، فقد ردّ فردا جتين على أقوال الأستاذ إسماعيل بشيكجي عندما قال: “ينبغي دعوة البكك للاعتراف بحكومة جنوب كوردستان واحترام سيادتها، ولو رفضت البكك هذه الدعوة ولم تعترف بحكومة الإقليم ينبغي عليها مغادرة أرض جنوب كوردستان” فيقول بأن الدولة التركية والأستاذ بشيكجي يفكّرون بنمطية مشتركة! علماً أن بشيكجي ومنذ عام 1965 يطالب تركيا بمنح الشعب الكوردي إدارة ذاتية ومستقلة! كما لفّت الأستاذ إلى أن كوردستان كانت محتلّة حتى قبل تأسيس البكك، وعند محاكمة الأستاذ بيشكجي عام 1971 محاكمة عسكرية في ئامد قال أحد الضباط العسكريين بأن الأستاذ وضع متفجرات (ديناميت أو تي إن تي) في أسس الدولة التركية! فهذا هو الأستاذ إسماعيل بيشكجي الذي تحدّث عنه فردا جتين في مقالته!
هل البكك مؤسّسة مقدسة هبطت من السماء ولا تقبل النقد؟! وكل كلام محظور إزاءها!!
لا فردا جتين ولا غيره من نشطاء وكتّاب البكك هم هؤلاء الأشخاص والكتّاب الذين باستطاعتهم إدانة الأستاذ بيشكجي أو اتهامه، وتأطير حديثه أو آرائه، فيا ترى من الذي أعطاهم هذا الحق؟! فمن أين استحصلت البكك الجرأة والحق في إسكات الغير وتقييد الأقلام وتكميم الأفواه؟! أم أن البكك مؤسّسة مقدّسة هبطت من السماء ولا تقبل النقد والطعن، وأن الحديث عنها محرّم محظور وأن فردا جتين وعقلاؤها ونبلاؤها ينفذّون أوامر إلهية؟!
ففعلاً أبدى جتين من الحقارة ما يثبت نفسيته الحقيرة والدنيئة بحيث اتهم الأستاذ بيشكجي بتلقي الأموال والرشاوي من الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- نتيجة كتاباته النقدية للبكك! فآلاف الناس يرون بيشكجي واقفاً على الرصيف في شوارع إسطنبول ينتظر باص الركاب ولا يمتلك حتى سيارته الخاصة، كما لا يمتلك أية ثروات أو أملاك حتى يُتّهم بأخذ الأموال من البارتي أو أي شخص آخر لقاء انتقاداته للبكك، فلا يتمتّع بالرفاهية والحياة الفاخرة والفارهة والتي يتمتّع بها فردا جتين في بلجيكا!
خدم إسماعيل بيشكجي البكك ما بين أعوام 1980-1999 خدمة عظيمة وجليلة
يتّهم فردا جتين الأستاذ إسماعيل بيشكجي بعدم كتابة ولو حرف من أجل تحرير أوجلان من السجن، والحق انه محلّ الاستغراب هو أن تدافع عن شخص كانت أول كلماته لدى اعتقاله: “أمي تركية! وأنا على أتم الاستعداد لخدمة الدولة التركية!” ويطالب بالعفو والسماح من الدولة، ومتاجرته بقضيته مع الدولة وتركه لنهجه ومسيرة الكوردايتي وتفضيله للعمالة على المقاومة والشهادة، فكلّ هذه الأمور أصبحت نقطة ضعف وانكسار لآبو، وخيبة أمل كبيرة للعديد من الأشخاص لا إسماعيل بيشكجي وحده فقط حتى يقوم بالدفاع عن أوجلان في كتاباته، فما قدّمه بيشكجي من خدمات جليلة للبكك ما بين عامي 1980-1999 لا يُنكر، غير أنه لم يقبل أن يمرّ آبو بهذا الوضع ويتبنى هذه المواقف أمام تركيا، فلم ينتقد أبداً بل هجر الكتابة مطلقاً لمدة 5 أعوام، وبعد هذه الفترة كان أول ما كتبه هو: صون حقّ تقرير المصير للكورد دين وكرامة، فتحدّث قائلاً أنه ينبغي على أوجلان الصمت والسكوت، مردفاً: ليس معقولاً أن يقرّر مسجون بيد الأعداء حق تقرير مصير الشعب الكوردي!
يبدو أن فردا جتين امتعض كثيراً من عدم مبايعة الأستاذ بيشكجي لآبو والبكك، ألا يعلم أن الأستاذ عالم وصاحب مبادئ أخلاقية وفكرية، وقد دافع عن حقوق الكورد في دولتهم الخاصة أمام المحاكم التركية ما أدى لإدانته والحكم عليه بالسجن لـ 17 عاماً بسبب هذا الموقف! كما كان أستاذاً للجامعة وتمّ فصله من وظيفته! وتمّ غلق جميع الأبواب بوجهه غير أنه لم يتراجع عن قول الحق ومواقفه الصديقة للشعب الكوردي! فيا تُرى كيف سيصبح شخصٌ كهذا آبوجياً يا سادة؟!!
باستطاعتكم مناقشة بيشكجي وانتقاده وعدم تقبّل آرائه غير أنكم لا تستطيعون إذعانه وانحناءه
قد نكون أطلنا في الكتابة على هذا الموضوع، قد يكون فردا جتين مفوضاً سياسياً للبكك، غير أنه باستطاعته فقط القيام بهذه الوظيفة في أطر تنظيمات حزبه العمال الكوردستاني البكك، ويستطيع فقط توجيه أعضائه وكوادره وأنصار حزبه لا غيرهم.
تحدّث بيشكجي خلال كتابته عن نقاط هامة ينبغي الوقوف عليها ودراستها، فقد تحدّث عمّا جرى في شنكال، وأن من قام بلبس زيّ الحشد الشعبي هو البكك لا قوات حماية شنكال، وأن علاقات البكك مع الحشد الشعبي وارتباطاتها معه تضر بمكتسبات ومنجزات الشعب الكوردستاني ومطالبه المشروعة وقضيته التحرّرية، وأنها بهذه العلاقات تستهدف حكومة جنوب كوردستان في الصميم، إذ أن البكك ليست بهذا المستوى من الحماقة والبله السياسي بأن تصرّح بعداوتها العلنية لحكومة جنوب كوردستان ومحاولة القضاء عليها جهراً وعلناً!
وختاماً نقول، باستطاعتكم مناقشة الأستاذ والحوار معه، كما يحقّ لكم انتقاده لعدم توافقكم معه في التفكير والقرار، وعدم فهم أو استيعاب أو تقبّل آرائه، غير أنكم لا تستطيعون إذعانه وانحناءه، فالدولة التركية بذلت جهوداً جبارة للقيام بما تحاولون القيام به الآن غير أن جميع هذه الجهود والمحاولات باءت بالفشل، فلم يقبل الأستاذ هذا على نفسه، ولم يستسلم ولم ينحني أمام جبروت الدولة التركية، وقد مرّ 55 عاماً ولم يفعل! وأمضى 17 عاماً من حياته في أتون السجون وغياهبها، ونشر ما يقارب من 40 مؤلَّف من نتاجه الفكري، فهو كما قال خالد سادن: لو كان في هذا البلد شخصان لم يمارسا التبعية لأحد فالأول منها هو إسماعيل بيشكجي!
فالشعب الكوردي يعرف بيشكجي جيداً، لهذا قام الوطنيون المخلصون من الكوردستانيين والمتعصبين للحقيقة أينما كانت بالردّ على مقالة فردا جتين والتي كتبها باسم البكك، مهدّداً فيها الأستاذ إسماعيل بيشكجي!