اجتماعان في كركوك.. وتنسيقات بين الحشد الشعبي والـ PKK ولاهور جنكي

اجتماعان في كركوك.. وتنسيقات بين الحشد الشعبي والـ PKK ولاهور جنكي

خلال الأيام القلائل المنصرمة عقد اجتماعان في كركوك، ومع أن الأطراف المجتمعة تبدو بعيدة كلّ البعد عن بعضها البعض مضموناً وفكراً، غير أنها تتشارك في تنفيذ أجندات محدّدة وتعمل وفق استراتيجية موحّدة، تم عقد الاجتماع الأول برعاية (حركة حرية كوردستان) التي تمثّل حزب العمال الكوردستاني البكك بجنوب كوردستان، بينما عقد الاجتماع الثاني برعاية الحشد الشعبي، ولو حلّلنا ما دار في الاجتماعين سنستطيع من خلاله فهم خارطة الطريق التي وضعت لـ(الربيع-الصيف) المقبلين لمدينة كركوك.

القاعة الثقافية والفنية للاتحاد الوطني الكوردستاني وذكرى قاسم سليماني

أحيت قوات الحشد الشعبي ذكرى مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في كركوك، وقد أقيمت مراسيم هذه الذكرى في القاعة الثقافية والفنية للاتحاد الوطني الكوردستاني في كركوك، علماً أن القاعة مخصّصة للأعمال الثقافية الفنية ولا ينبغي بأي شكل من الأشكال استخدامها للاجتماعات السياسية، فعلى ماذا يدلّ هذا؟

أمريكا تبعث رسالة تحذير للاتحاد الوطني

في هذه المراسيم التي حضرها رئيس هيئة الحشد الشعبي (فالح الفياض) تم تدنيس علمي الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل -بالدوس عليهما- كم تمّ إطلاق شعارات مندّدة ومعادية لأمريكا، ولم يتأخّر الردّ الأمريكي لهذه المظاهر، إذ بادرت أمريكا وعلى وجه السرعة إرسال رسالة تحذير للاتحاد الوطني الكوردستاني، معلنة فيها أنها لا تقبل بأي شكل من الأشكال إقامة مراسيم للحشد الشعبي في قاعة للاتحاد الوطني، فقامت جماعة لاهور بغلق باب القاعة الثقافية على وجه السرعة، ومن جانب آخر، لم تهتم وسائل إعلام الإتحاد الوطني بهذا الحدث، ولم تنشر مراسيم هذا الاجتماع على وسائل إعلامها، وكأن شيئاً لم يكن! بل أغفلت الحدث، كما حاول الإتحاد منع الأصوات الرافضة والغاضبة للحدث من الظهور حفاظاً على علاقاتها الهادئة نسبياً مع القنصلية الأمريكية.

قال مام جلال: لن نعطي شبراً من أرض كركوك للأعداء

من جانب آخر، أصدر مسؤول فرع الإتحاد الوطني في كركوك تصريحاً ادّعى فيه أنهم لم يكونوا على علم بالحدث إطلاقاً، وقال: تمّ استدعاؤنا كباقي الأطراف المدعوة، ولا أعلم هل تمّ تأجير القاعة من قبل الحشد الشعبي أم لا؟! على أية حال، ينبغي على من يؤجّر القاعة الثقافية دفع أجرتها، غير أن الحشد الشعبي لم يدفع أجرتها حتى! وبعد الانتهاء من كلّ شيء، علمنا من مصادر موثوقة بأنه قد شارك ممثّلون من الإتحاد في المناسبة التي تمّ فيها تدنيس الأعلام الأمريكية والإسرائيلية، وهذا ما يؤكّد أنه تمّ تجديد علاقات الصداقة والشراكة بين لاهور شيخ جنكي والحشد الشعبي في حفلة تأبين مقتل سليماني وأبو مهدي المهندس في 11 الشهر الجاري!

وكان المرحوم مام جلال يقول: لن نعطي شبراً من أرض كركوك للأعداء! وكان قد تمّ بناء هذه القاعة بأمر من مام جلال طالباتي، غير أنها اليوم في خدمة المحتلّين لكركوك يقيمون فيها الحفلات والمراسيم وبمشاركة كبار مسؤولي وقادة الإتحاد!!

اجتماع (النضال والمقاومة ضد المحتلّين) لحركة حرية كوردستان

لا يخفى على أحد أن الإتحاد الوطني الكوردستاني جزء من مشروع شرعنة وجود الحشد الشعبي، في الوقت نفسه، يقع جزء من هذا المشروع وهذه المهمة على عاتق البكك، وهنا رأت حركة حرية كوردستان فرصة للقيام بدورها على أم وجه، فعقدت اجتماعاً دام ليومين، وكانت المنظمات والأطراف المشاركة في الاجتماع هي التنظيمات المنضوية تحت مظلة الإتحاد الوطني، وكان شعار الاجتماع (كوردستان في الحرب والسلام) غير أن الملفت للنظر أن هناك محاولات جارية للتغطية على منبع الحروب والسلام في كوردستان، فالغريب في الحدث أنه تم تحديد الدولة التركية فقط واتهامها باحتلالها لكوردستان وكركوك، بينما اعتبر كلّاً من إيران والعراق وسوريا كأنها دول متحالفة ومدافعة عن كوردستان لا محتلّة لها!!

بعد أن تسنّم جميل بايك منصب الرئاسة المشتركة للبكك عام 2014، جدّد تعاونه الاستراتيجي مع إيران، وقد غيّرت البكك من واقع جنوب كوردستان عن طريق حربها الإعلامية والبروباغندا المناهضة والاحتجاجية والتضليل، فلو نظرتم عن كثب لرأيتم مدى تناقضات البكك، فهي تمارس سياستها في شمال كوردستان من أجل دمقرطة تركيا والتتريك بينما تتّهم تركيا في باقي أجزاء كوردستان بالمحتل الرئيسي! ترى الدولة التركية في شمال كوردستان جمهورية ديمقراطية بينما تتّهمها في الجنوب بتهم أخرى! والحق أن المشكلة الكوردية ليست مرتبطة بالدولة التركية وحدها، بل تمارس كلّ من إيران والعراق وسوريا نفس السياسة تجاه الكورد وكوردستان.

منذ 2015 … البكك تخدم أجندات إيران وسياساتها في جنوب كوردستان

القضية الكوردية قضية دولية وإقليمية، ومن يناهض ويعادي القضية الكوردستانية إنّما هي الدول الإقليمية (تركيا إيران العراق وسوريا) فملخّص سياسة البكك وتضليلها وخداعها التي تمارسها في جنوب كوردستان هو: البكك تناضل باسم الحشد الشعبي وفي ظلّه، وتعمل جاهدة من أجل التغطية على ممارسات هذه المجاميع الخبيثة، كما وتحاول جاهدة شرعنة التجربة الإيرانية وتواجدها في جنوب كوردستان! فهي غارقة في بحر العمالة وخدمة إيران وتنفيذ أجندتها في جنوب كوردستان منذ 2015!

فمناطق حلبجة وبنجوين وقلادزي في السليمانية هي من ضمن المناطق التي تمارس فيها الاطلاعات الإيرانية أنشطتها يومياً، وهذه حقيقة غير قابلة للإنكار والجحود، فقد تمركزت إيران في بعض المناطق كـ(قلاجولان) وحدات من القوات الخاصة باسم الإتحاد الوطني، فيا ترى لماذا لا تجعل البكك من هذه الحقيقة واقعاً وحاضراً بالحديث وعلى وسائل الإعلام؟!

عنما تصبح البكك حليفة للمستعمر فهي لا تقول له (محتلّ) بل تقول له سيدي ومولاي!

لا تتم مناقشة قضية كركوك التي احتلّت منذ عام 2017 من قبل الحشد الشعبي والجيش العراقي، فرغم احتلال الجيش العراقي وقوات الحشد لها واستيلائهم على القرى الكوردستانية في كركوك، وتعريبها وتتريك كركوك، يا تُرى لماذا لا تتمّ مناقشة قضية كهذه مهمّة؟ لماذا لا يصبح حديث الساعة والموضوع الساخن على وسائل الإعلام البككية؟! علماً أن أخطر المواقف التي تهدّد كوردستان هو مشكلة كركوك المحتلّة من قبل الجيش العراقي، وما تتعرّض له هذه المدينة العريقة من عملية تغيير ديمغرافي من قبل الدولة العراقية، وما تتعرّض له القرى الكوردستانية من تهجير وتعريب على يد هذه القوات؟ غير أن البكك والتنظيمات التابعة لها (كحركة حرية كوردستان) هي بنفسها تغطّي على هذه الحقائق وتسترها، أنظروا إلى أهالي كركوك فهم يقولون بأن الأعداء بعيدين! غير أن الحقيقة هي أن الأعداء في كركوك! وهذا ما يؤكّد أن البكك والمحتل عندما يصبحون أصدقاءً وحلفاءً فهي لا تراهم محتلّين بل تقول لهم سيدي ومولاي!

التحضير للانتخابات العراقية المبكرة

لا يختلف موقفا الحشد الشعبي وحركة حرية كوردستان بشأن كركوك عن البعض، فلهما موقف مشترك، فهما يستعدّان لخوض الانتخابات العراقية المبكرة والمزمع إجراؤها في الـ 6-6-2021، فدائماً ما وحّدت القوى والأطراف الكوردستانية مواقفها وقوائمها وخاضت الانتخابات بقوائم موحدة في المناطق الكوردستانية الخارجة عن إدارة إقليم جنوب كوردستان -أو ما تسمّى بالمتنازع عليها- حفاظاً على الوجود الكوردي والصوت الكوردي من الضياع، فهي تشارك في الانتخابات بقوائم مشتركة في كلّ من الموصل وكركوك وديالى و.. وذلك من أجل الحفاظ على الوجود الكوردي القوي تحت قبّة البرلمان العراقي، غير أنه يبدو أن هناك أحزاباً كوردستانية تحاول الحؤول دون خوض الأحزاب والقوى الكوردية حرب الانتخابات المبكرة بقائمة مشتركة وذلك برعاية وريادة إيرانية! فعلى ماذا يدلّ هذا يا تُرى؟ ألا يدلّ هذا على أن الكورد سيفقدون ما بين 12-14 مقعد في البرلمان العراقي على أقلّ تقدير؟!!

جناح لاهور في الإتحاد والحشد الشعبي والبكك يعملون تحت المظلّة الإيرانية

هناك أنباء عن نوايا حركة حرية كوردستان وتخطيطها لخوض هذه الانتخابات خارج أطر القائمة الكوردستانية المشتركة، والمشاركة بقائمة تُدعى (حركة حرية الشعب) أو ما يشابهها، وهي ستنفّذ نفس هذا المشروع في كلّ من كفري وشنكال والموصل، وبهذا فهي ستقسّم الكورد وتضيّع أصواتهم، ومن الممكن أن نسمع عن قائمة حركة حرية كوردستان وكركوك معاً هذا الصيف، كما سنسمع عن قائمة مشتركة للحشد والبكك كذلك!

باختصار، يستطيع الانسان أن يقول بأن هذين الاجتماعين كانا اجتماعين سرّيين، كما يبدو ولأول وهلة أن الأطراف المجتمعة تبدو بعيدة كلّ البعد عن بعضها البعض مضموناً وفكراً، غير أنها تتشارك في تنفيذ أجندات محدّدة وتعمل وفق استراتيجية موحّدة، فالحقيقة الواضحة وضوح الشمس رابعة النهار هي أن جناح لاهور في الإتحاد والحشد الشعبي والبكك يعملون تحت المظلّة الإيرانية

مقالات ذات صلة