كان من المفترض أن تكون مصطلحات (الإتحاد والوحدة) مفاهيم بالغة الأهمية في القاموس الكوردي وبين الشعب الكوردي، غير أن جزءاً من الكورد يستخدمون هذه المصطلحات لأهداف مغايرة تماماً كالتفرقة وتسقيط الآخر والتنقيص من قيمته، وغالباً ما نرى المقربين من البكك يستخدمون هذه المصطلحات المقدسة لعداء الكورد ومحاربتهم!
فعند الحديث عن البكك من هذه الناحية، يستاء الكثير من أنصار البكك ومواليها، ويغضبون، ويتّهمون “البارزانيين” بالخونة كما يتّهمون “الحزب الديمقراطي الكوردستاني” بحليفة الأطراف المعادية والمناوئة للكورد، بل أصبح هذا بمثابة شيء طبيعي، كون هؤلاء فقدوا أية إرادة شخصية واستقلالية ذاتية، بل يفكّرون مثلما يراد لهم التفكير ضمن الأطر الحزبية الضيّقة!
هنا، سنتحدّث من خلال شخصية الرئيس المشترك لرئاسة حزب الإتحاد الديمقراطي (PYD) عن هذا الشيء، فقد اتّهم آلدار خليل بيشمركة روژ بالمرتزقة، مستهزئاً وبشكل علني من هذه القوات الوطنية والتي تم تشكيلها وتربيتها وتثقيفها بالتعاون مع التحالف الدولي وأمريكا من أجل غرب كوردستان والدفاع عنه.
وقد خلّفت اتهامات آلدار ردود أفعال عنيفة وغاضبة، قابلها إطلاق تصريحات من محيط المذكور باتهام الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- والتقليل من قيمة البيشمركة والتنقيص من قدره والسخرية منه! غير أنه كما قلنا إن من يطلق هذه الاتهامات والإساءات تمّ تربيتهم على ضياع الإرادة الشخصية المستقلة، وأنهم يفكّرون مثلما تربّوا عليه، وتفكيرهم محدود ضمن الأطر الحزبية الضيقة كما قلنا.
مفاوضات وحدة الصف الكوردي (الحوار الكوردي-الكوردي) تجري برعاية الدول الغربية
هنا ينبغي معرفة أهم نقاط مفاوضات وحدة الصف الكوردي والحوار الكوردي-الكوردي، في غرب كوردستان وذلك لإدراك الحقيقة ومعرفتها كاملة.
الحق أن مفاوضات الوحدة في الغرب ليست بين الكورد وحدهم فقط، بل تشارك فيها كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الدولي والدول الغربية والأمم المتحدة.
غير أن الـ (PYD) تحاول نشر تلك الرؤى التي مفادها أن مفاوضات الوحدة بين الأطراف الكوردية المتمثّلة في المجلس الوطني الكوردي في سوريا (ENKS) من جانب، وأحزاب الوحدة الوطنية (PYNK) من جانب آخر قد توقّفت بل ونسفت أيضاً، وأنها لن تبدأ من جديد! علماً أنه ووفق معلومات (بياماكورد-رسالة الكورد) أن الوفد الأمريكي سيزور غرب كوردستان في الـ 20 من الشهر الجاري على أبعد تقدير، فيا تُرى ألا يعرف هؤلاء الذين يحاولون إشغال الواقع بمثل هذه التصريحات ونسف المحادثات الكوردية ووأدها هذا الشيء؟!
نعم، قد يكون السبب الرئيسي لمهاجمة الـ (PYD) وبالذات آلدار خليل على (ENKS) هو الفراغ الذي خلّفته الانتخابات الأمريكية في المنطقة، والاستفادة منها لأقصى حد.
وليست هذه رؤية خليل وحزبه وحدهم، بل في الجانب الآخر حاولت إيران والفصائل والميليشيات الموالية لها كالحشد الشعبي وحزب الله استغلال هذا الفراغ الذي خلّفته الانتخابات الأمريكية والاستفادة منها لأقصى الحدود.
كذلك تركيا، فهي لم تكن بمنأى عن هذه الأحداث، فقد حاول الجانب التركي توسيع رقعة سيطرته بالهجوم على بلدة عين عيسى وإخراجها من قبضة “قسد” وإخضاعها لسيطرتها قبل مجيء الإدارة الأمريكية الجديد لسدة الحكم في البيت الأبيض.
علماً أنه دائماً ما تواجدت قوى وأطراف تحاول ضرب الكورد بالكورد، غير أنه وبعدما أصبح الكورد حلفاءً للدول الغربية، بات من المستغرب أن تقوم بعض القوى والحركات الكوردية بالوقوف إلى جنب تلك القوى الدولية المناوئة للكورد والتي تكنّ لهم العداء ولا تريد لهم أي خير! ففي تسعينيات القرن المنصرم أيضاً كانت إيران وتركيا تعملان بكل ما أوتيتا من قوة لخلق المشاكل والفتن بين الكورد في جنوب كوردستان، وممارسة كلّ ما من شأنه استفزاز الكورد إلا أن الدول الراعية لعملية السلام بين الكورد كانت أمريكا لذا باءت كلّ مخطّطات ومؤامرات أمثال آلدار خليل بالفشل!
تصريحات آلدار خليل بشأن بيشمركة روژ ليست محل قبول على الإطلاق
ينبغي تذكير خليل الذي يتّهم البيشمركة بالمرتزقة بأن أمريكا التي كانت تتعاون مع الكورد في جنوب كوردستان، هي نفسها اليوم التي تتعاون مع الكورد في غرب كوردستان، فالكلّ يعلم أن التحالف الدولي يساند ويآزر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ووحدات حماية الشعب (YPG) كما ينبغي أن لا يُنسى الموقف البطولي للبيشمركة الأبطال جنباً على جنب مع مقاتلي الكورد (شرفان) في كوباني من محاربة ودحر أعتى منظمة إرهابية على وجه الأرض، غير أن الحقيقة هي كما قلنا أنه تم تكليف ألدار خليل بالظهور والتحدث فظهر وتحدّث من غير أن يفكّر أو يرى الحقائق كالدمى، غير أن إطلاق تهمة (المرتزقة) على شركاء النصر والنضال والمقاومة (البيشمركة) ليس أمراً طبيعياً كما أنه ليس محل قبول على الإطلاق لا من خليل ولا من أي كان، ولا ينبغي للكورد السكوت والصمت في مثل هذه المواقف وأمام هؤلاء الأشخاص!
على عكس المكتسبات التي أنجزها الكورد في جبهتهم المؤازرة أوروبياً وأمريكياً، يحاول خليل وأمثاله تغيير هذه المعادلة ووجهة الكورد وجبهتهم بالوقوف في محور التحالف الروسي التركي الإيراني في المعادلة، والخروج من الحلف الأمريكي، غير أن الواقع يقول لنا وبمليء فمه أنه لا ضمان لمستقبل الكورد إلا في صفوف التحالف الدولي والدول الغربية وبقيادة أمريكا.
فالانضمام لهذه الجبهة والشراكة مع القوى الدولية هو الموقف الحق والسديد في ظلّ الظروف الآنية، وهو وحده الكفيل بحماية الكورد من الانهيار والدمار على يد القوى والدول الإقليمية.
إطلاق تهمة (المرتزقة) على البيشمركة يوضّح مدى التقارب من الأشقاء الكورد!
فآلدار خليل وأمثاله وكلّ من هو مستاء وغاضب من قوات بيشمركة روژ سينضوون في ظلّ الاتفاقات الدولية جنباً إلى جنب مع غيرها من القوى الكوردية في غرب كوردستان شاءوا أم ابوا.
وما اتهام خليل للبيشمركة بالمرتزقة سوى صورة عن مدى تقاربه مع أشقائه الكورد!
هنا ينبغي على الشعب الكوردي كواجب وطني وقومي ألا يدع المجال أمام أحد بالتضحية بأولئك البيشمركة الذين قاتلوا جنباً إلى جنب مع أشقائهم المقاتلين -شرفان- في كوباني ضد إرهاب داعش، وأن يفهموا جيداً أن الوحدة والإتحاد إنما هي أفعال وممارسات وليست أقوالاً وشعارات!