سرّي – الرأي العام في السليمانية بين صحوة الـ PKK وسبات الـ PUK

الشمس تشرق في الجنوب
خلق الفوضى والرعب والقلق، ونشر الإشاعات والدعايات والبروباغندا، وتعميق الخلافات والتناقضات، وإنعاش روح اليأس والخيبة والمهانة عوض الأمل والتطلعات والكرامة، وعدم الاهتمام بالقضايا الكوردستانية الهامة والحساسة، واعتبار الاعتداءات والهجمات العدوانية التي تتعرّض لها جنوب كوردستان من قبل أعدائها وتحت غطاء العداوة لحزب معيّن، وعدّها شيئاً طبيعياً من غير أن تهتز له أية مشاعر! كل هذا هو من قبيل الهجمات المستهدفة للثقافة والتراث وفي إطار الحرب الناعمة والممنهجة ضد جنوب كوردستان، والتي تديرها الدول المعادية والمحتلّة لكوردستان وبالأخص تركيا وإيران.
يقول العالم الأمريكي البارز تشارلز إدوارد ليندبلوم: يمكن توجيه البشر وإكراههم على ممارسة أعمال مخالفة لرغبتهم وإرادتهم بثلاثة طرق: بالإكراه والإجبار، أو المبادلة أو الاستعاضة أو عن طريق الإقناع، فحسب رؤى تشارلز أن القرن الحادي والعشرين سيتمخّض عن نتائج بالغة الصعوبة وغير مقبولة نتيجة ممارسة الإكراه والقسر العلنيين على نطاق واسع، من جانب آخر، فالأشخاص الذين على أهبة الاستعداد لممارسة عمل أو نشاط يخالف رغباتهم وإرادتهم بهدف تحقيق مصالح اقتصادية، إذ أن استخدام الوسائل الاقتصادية ستحقّق السلطة والهيمنة على جماعات محدودة من الناس، غير أن اللامحدودية التي شهدتها المؤسّسات الإعلامية والعمل الإعلامي في المناحي والمجالات المختلفة للحياة جعلت من وسيلة الإقناع أكثر الوسائل تأثيراً لتوجيه الناس نحو الأهداف المرجوة.
كيف تُدار الحرب الناعمة في كوردستان؟
الحرب الناعمة والمستهدفة للأفكار والقيم والمبادئ الاجتماعية بهدف كسر السلسلة الفكرية والثقافية والتراثية للمجتمع، والحرب الدعائية المتمثلة في نشر الأخبار الكاذبة والمفبركة والبروباغندا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والهادفة لخلق أجواء من عدم الثقة بين المجتمع لهي حرب عتيقة تُدار منذ أمد بعيد في العالم، ومثل هذه الحرب تُدار منذ عقود من الزمن على الكورد وكوردستان عموماً وجنوب كوردستان على وجه الخصوص، وقد أقسم أعداء الكورد ومرتزقتهم على محاربة هذا الوطن وهذا الشعب وبالاعتماد على الموارد الطبيعية لهذه البقعة من كوردستان، فلم يكن بمقدوره يوماً أن يسخّروا موارده الطبيعية مثلما يستطيعون الآن من المتاجرة بها وشراء الأسلحة من مدافع ودبابات وضرب الكورد أنفسهم به!
فقد يئست الدول الغاصبة والمحتلة لكوردستان من الحروب العسكرتارية ضد جنوب كوردستان، كون هذه البقعة المحرّرة من كوردستان تتمتّع بثقة واهتمام دوليين، علاوة على ذلك فإن حرب عسكرية ستكلّف هذه الدول مبالغ طائلة إضافة إلى ما ستمخّضه من رفض دولي ومواقف معادية ومناهضة لها دولياً وداخلياً.
بمَ تنشغل البكك في السليمانية؟
دأبت البكك وكجزء من الأجندات الإيرانية في جنوب كوردستان عموماً ومدينة السليمانية خصوصاً، على تشكيل العديد من منظمات المجتمع المدني والمؤسّسات والوكالات الإعلامية، واستخدام كافة منصاتها للسوشيال ميديا لنشر الدعايات والبروباغندا ضد إقليم جنوب كوردستان بحجة محاربة البارتي، فهي تدير حرباً ناعمة عظيمة ضد الجنوب ومحاولة تدميره والقضاء عليه تحت مسمّيات عدة.
فقد استطاعت البكك وعن طريق إعلامها ومنظماتها المخفية وراء ستار المنظمات المدنية استطاعت بناء قوة ناعمة لينة، كما تمكّنت من التحكم بالرأي العام في السليمانية وتسخيره لتحقيق مصالحها، والحق أن هذه القوة الناعمة التي تمتلكها البكك إنما تسخّرها ضد المطالب القومية والوطنية لجنوب كوردستان في مصلحة الدول الغاصبة لكوردستان، فهي تصادر الرأي العام في السليمانية وتستملكه، وبهذا تحاول إظهار اعتداءاتها على الجنوب وانتهاكاتها بحقه على أنها حرب دائرة بين بينها وبين البارتي!
النضال من أجل التقليل من تجربة حكومة إقليم جنوب كوردستان وتشويه صورتها، وتعظيم شكل الإدارة الذاتية للبكك في غرب كوردستان من الأهداف الرئيسية للبكك وأتباعها
النضال من أجل التقليل من تجربة حكومة إقليم جنوب كوردستان وتشويه صورتها، وتعظيم شكل الإدارة الذاتية للبكك في غرب كوردستان من الأهداف الرئيسية للبكك وأتباعها، فمثلاً، في عام 2019، دعت البكك عدداً من كتّاب ومثقّفي الجنوب لزيارة غرب كوردستان، منهم: الدكتور فاروق رفيق مدير مركز الحكمة للبحوثات الفلسفية، هاوزين ملا أمين (ابن شقيق مثنى أمين البرلماني للاتحاد الإسلامي الكوردستاني، هاوزين وهو شخصية ملحدة وهو مدير منظمة السهروردي للبحث عن الأديان والأساطير، منصور تيفوري رئيس منظمة (ناوخت-nawext) وهو كادر بارز في تنظيمات العمال الكوردستاني البكك في جنوب كوردستان…الخ فهؤلاء من أبرز من تمّت دعوتهم لزيارة غرب كوردستان والاطلاع على شكل الإدارة الذاتية هناك، وبعد عودة هؤلاء نظّموا عدّة ندوات (سمنارات) تحت عنوان (الشمس تشرق من الغرب) وكان الهدف الكامن والعلني لعقد هذه الندوات هو تقبيح وتشويه صورة حكومة جنوب كوردستان وتعظيم وتحسين صورة الإدارة الذاتية في غرب كوردستان.
علماً أن هؤلاء يعرفون جيداً أنه لا توجد أية تشابهات أو مقارنات بين جنوب كوردستان وغربها بل حتى المقاربات منتفية، إلا أن التعليمات الصادرة أمرتهم بالتحرك بهذا الاتجاه وضرب هذا الوتر في هذه الفترة! ووفق معلومات موثوقة، قام بعض كوادر البكك في إيران بالانضمام لدورات هذه الحرب الناعمة، وهم يمارسون أساليبها بشكل ممنهج ومدروس، وقد أنشأت هذه الجيوش الإلكترونية المئات من صفحات التواصل الاجتماعي الفيسبوك، كما وأسّسوا العشرات من القنوات التلفزيونية وإصدار العشرات من الصحف والجرائد كما صمّموا العديد من المواقع الإلكترونية، كلّ هذا على حساب الضرائب والجبايات المفروضة على الشعب المسكين والقاطن في المناطق الحدودية! حيث يقومون بنشر أفكارهم الخبيثة والدنيئة والمريبة، تلك الأفكار التي تخدم أعداء الكورد وكوردستان ضد رغبات وإرادة الوطنيين المخلصين.
شمس الكورد وكوردستان لا تشرق من الغرب ولا من الشمال ولا من الشرق، بل تشرق من جنوب كوردستان
هكذا تناضل البكك! في ظل السبات العميق لكبار مسؤولي الإتحاد، وعدم معرفة خبايا وأسرار هذه التنظيمات، نعم قبل فترة قليلة شعر الاتحاد بيقظة خفيفة، وانتفض نوعاً ما من سباته العميق، وشدّ أذن البعض من هؤلاء، غير أنهم ما زالوا يواصلون عملهم ومسيرتهم، فباتوا الآن خطراً يهدّد الإتحاد قبل تهديدهم لإقليم جنوب كوردستان، لذا ندعو الإتحاد وقبل فوات الأوان وفقدان وضياع كلّ شيء أن تنهض من سباته العميق، ينبغي على الإتحاد كحزب كوردي وكوردستاني في جنوب كوردستان، أن يتعرّف على حقيقة البكك كما تعرّف عليها المرحوم مام جلال، على كبار قادة الإتحاد ومسؤوليه فهم حقيقة هذه التنظيمات وخطورتها الجدية على جنوب كوردستان قبل زوال كلّ شيء جميل وانهياره…
ختاماً.. نقول للبكك ومرتزقتها المأجورين الذين يتظاهرون بأنهم نخبة المثقّفين والكتّاب والوطنيين المخلصين والناقدين ومخلصي الكورد وكوردستان، إن شمس الكورد وكوردستان لا تشرق من الغرب ولا من الشمال ولا من الشرق، بل تشرق من جنوب كوردستان، وسيأتي يوم تصيب شعاع هذه الشمس المشرقة أعين أعداء الكورد وكوردستان قاطبة بالعمى!