البعض يقول هو الزعيم الثاني لحزب العمال الكوردستاني بكك، بينما يقول آخرون هو الذراع اليمنى لعبد الله أوجلان. لكنه في الحقيقة (أمير الظلام). نعم، نحن نتحدث عن جميل بايك. فيا تُرى: من هو جميل بايك حقًا؟ تعالوا نسرد لكم نبذة عن قصة حياته.
وُلد جميل عام 1955، في منطقة كبان التابعة لمدينة خاربيِت (العزيزية). وخلافًا لتلك المعلومة، فهو ليس علويًا، بل سني على المذهب الحنفي. أثناء دراسته للغة والتاريخ والجغرافيا في جامعة أنقرة، تعرّف على عبد الله أوجلان عن طريق كمال بير، هذا اليوم غيّر حياته ومصيره. ومنذ سبعينيات القرن الماضي، أصبح لجميل تاريخٌ مظلم، تارة مع تركيا وتارة أخرى مع إيران، كان وراء تنفيذ عمليات تصفية العديد من كوادر وأعضاء حزب العمال الكوردستاني بكك.
بدأت الشكوك تحوم حول جميل بايك في سبعينيات القرن الماضي. حيث أُلقي القبض عليه في خاربيت مع 29 عضوًا من حزب العمال الكوردستاني، وسُجن جميع رفاقه، لكن أُطلق سراحه هو وحده!
وقد أدّى ذلك إلى اعتقال مؤسّس حزب العمال الكوردستاني مظلوم دوغان، الذي أنهى حياته في سجن ديار بكر في يوم نوروز عام 1982.
كان شقيقه، أحمد بايك (مصطفى)، هو من أفشى مكان خيري دورموش من قبل وتسبّب باعتقاله، ولكن رغم ذلك، ما زال شقيقه، أحمد بايك، الآن مسؤول قسم المالية وخزانة الأموال لحزب العمال الكوردستاني في أوروبا.
تقارب بايك وعلاقته المشبوهة بالدولة التركية أثارت انتباه الدولة الإيرانية أيضًا. في عام 1984، أصدرت الدولة الإيرانية جوازات سفر لأعضاء حزب العمال الكوردستاني. إلّا أنها لم تمنح جميل بايك أي جواز سفر، مُعلّلة ذلك بـ “أن إيران تعتبره جاسوسًا وعميلاً للدولة التركية”. والملفت للانتباه أن جميل بايك طوّر علاقات جيدة جدًا مع إيران منذ ذلك الحين. رفض بايك حضور المؤتمر الثالث لحزب العمال الكوردستاني، وأقام مع الاستخبارات الإيرانية (اطلاعات) في أورميه. فقال أوجلان إنه إذا لم يحضر، فسنعلنه منشقّاً عن الحزب، ما أجبر بايك على الحضور والمشاركة، لكنه بقي بعدها معتمداً على إيران محتمياً بها دوماً.
كانت تسعينيات القرن الماضي سنوات عصيبة وشاقة على جميل بايك. إذ كان معروفًا داخل حزب العمال الكوردستاني بكك بأنه قاتل رفاقه وأول من فرّ وترك جبهته في ساحة المعركة.
في عام 1992، أثناء هجوم حزب العمال الكوردستاني على إقليم كوردستان، فرّ بايك وهرب دون أن يُطلق رصاصة واحدة وترك جبهة متينا. لكن الجزء المرعب هو أنه في نهاية الحرب، قتل 19 جريحًا من الگريلا-مقاتلي حزب العمال الكوردستاني في حفتنين بذريعة تجنّب أسرهم. وتُعدّ هذه الحادثة لعنة خفية تطارد جميل بايك داخل حزب العمال الكوردستاني بكك.
في عامي 1993-1994، كوّن بايك علاقات دافئة وجيدة مع الاتّحاد الوطني الكوردستاني، وعندما هاجمت المقاتلات التركية معسكر زلي، حذّره جلال طالباني قبل الهجوم وأخرجه من المعسكر. ولكن، بقي كوادر ومقاتلي حزب العمال الكوردستاني تحت رحمة المقاتلات، ولقي 11 من أعضائهم مصرعهم نتيجة الهجوم. وأمّا مسألة: لماذا لم ينقذوا هؤلاء؟ فلا أحد يتحدّث عن ذلك.
في عام 1997، وخلال ثلاثة أشهر فقط، قتل 27 عضوًا من حزب العمال الكوردستاني بكك في زاب تحت مسمى “قفزة-خطوة التحزّب”. كان معظم هؤلاء روجآفايين، لهذا السبب، كان الأعضاء من روجآفا كوردستان يبتعدون دائمًا عن بايك.
كذلك، في العام نفسه، وعلى الرغم من أنه كان قائد مقرّ قوات (ARGK- جيش التحرير الشعبي الكوردستاني) إلّا أنه فرّ هارباً من منطقة زاب وتركها دون أن يخبر أحدًا خلال عملية الدولة التركية في زاب. ولاذ بمخيم للاجئين من باكور كوردستان-كوردستان تركيا خلف قضاء شيخان، مخيم نَھْدارا-نينوى، وقسّم دكانًا إلى قسمين واختبأ هناك حتى انتهاء العملية.
حاول أوجلان تقييد بايك وتأطيره داخل حزب العمال الكوردستاني، فهاجمه من خلال كوادره النسوية، فقال بايك آنذاك: “القائد أفسد نسوة حزب العمال الكوردستاني بكك وأجنّهن”.
وأخيرًا، وفي عام 1998، أزاح أوجلان الأعضاء المؤسّسين لحزب العمال الكوردستاني وأبعدهم عن قيادة الحزب، من بينهم بايك ودوران كالكان وعلي حيدر كايتان، واصفًا إياهم بـ “الديناصورات الشائبة” وقال أوجلان: “لن يأخذوا زمام القيادة مجدّدًا”. وفي المؤتمر السادس لحزب العمال الكوردستاني، أبعد أوجلان جميل من قاعة المؤتمر، ودعا مجلس المؤتمر إلى عدم انتخاب الشّيب للقيادة.
ولكن، توجّه أوجلان إلى تركيا في 15 فبراير/ شباط 1999، قبل انتهاء المؤتمر. فعاد بايك مرة أخرى إلى القيادة. وبدأ بتدمير كتلة آبو وهدم جبهته داخل حزب العمال الكوردستاني، أي الحركة النسوية. وأسكت جميع المتألهات من النساء لآبو واعتقل بعضهن. وشرع على الفور في تأسيس حزب العمال الكوردستاني بكك الخاص به داخل الحزب.
أغتيلت شخصيات قوية ومؤثّرة أمثال گولان (فليز يرليكايا)، وناصر (فاروق بوزكورت)، وهارون سرمزن (بارزان دوره) بأوامر مباشرة من بايك. فأمر بايك بقتل خصومه ومخالفيه من جهة، كما وأنشأ فرقة قتل وحشية من مخلصيه وأتباعه.
في عام 2004، أزاح أوجلان جميل بايك من القيادة مجدّدًا وعيّن مراد قره يلان ممثلًا له. ولكن ومع ذلك، استطاع بايك مواصلة تأسيس حزب العمال الكوردستاني الخاص به، وانخرط في صراعٍ محتدم ومميت مع قره يلان على السلطة.
عام 2013، أصبح بايك رئيسًا مشاركًا لمنظومة المجتمع الكوردستاني (KCK). ومنذ ذلك الحين، تربطه علاقات وثيقة ومظلمة مع إيران والاتّحاد الوطني الكوردستاني وبشار الأسد وشيعة العراق.
التزم جميل بايك الصمت بعد دعوة أوجلان لحلّ حزب العمال الكوردستاني بكك ونزع سلاحه. والحقيقة هي أن حزب العمال الكوردستاني الذي حلّه أوجلان وفسخه هو حزب العمال الكوردستاني لجميل بايك. وجميل يدرك هذه الحقيقة جيدًا.
الجرائم التي سردناها ليست سوى جزءاً ضئيلاً من دبلوماسية جميل بايك المظلمة مع دول المنطقة. فوهة بندقيته كانت موجّهة فقط نحو رفاقه والكورد، لذلك، فـ جميل بايك هو حقًا أمير الظلام وسيبقى في الظلام إلى الأبد…