الانشقاق عن الـ PKK خيانة أم وطنية؟

الانشقاق عن الـ PKK خيانة أم وطنية؟

قضية حرية التفكير والتعبير، وحرية العيش والانتقال من القضايا التي لا ينفكّ يتحدّث عنها حزب العمال الكوردستاني البكك، وتُكثر من الدعاية لها والمتاجرة بها، فعند حديثها عن الحرية يبدو من أول وهلة ولمن لا يعرف حقيقة هذه التنظيمات أن ولادة الحرية كانت في حضن هذه التنظيمات، وأنه لم يكن هناك شيء باسم الحرية والديمقراطية قبل ولادة البكك! غير أن الحق هو أن الحرية التي تتحدّث عنها البكك هي الحرية المؤطّرة في أُطر البكك الأيديولوجية والحزبية لا غير، وعدم تعدّي هذه الحدود، وأن حرية التعبير والفكر لدى انشقاقك عن البكك وتركك لصفوفها وانتقادك لها لا معنى لها على الإطلاق كما أنها ليس محلّ قبول على الإطلاق! آنذاك ستصبح خائناً مرتزقة جحاشاً عميلاً للمخابرات التركية، ولن تبقى لك أية قيمة إنسانية كائناً من كنت! ومهما بلغت من سلّم الوطنية والقومية والإخلاص والوفاء!

على هذا الأساس تتعامل البكك مع كلّ من انشقّ عن صفوفها، وتتهمتهم بالعمالة والخيانة والتجسس!

في الجزءين الأول والثاني تحدّثنا عن أسباب انشقاق كلّ من نظام الدين طاش والملقّب باسمه الحركي “بوتان” وخليل آتاج الملقّب باسمه الحركي “أبو بكر”، وسنخصّص هذا المقال للحديث عن شخصية بارزة أخرى ممّن انشق عن البكك -وكما يتحدّث هو بنفسه عن نفسه- من أعضاء الهيئة القيادية للبكك، بل والشقيق الصغير لعبد الله أوجلان (عثمان أوجلان) والملقّب باسمه الحركي “فرهاد” وكما يتحدّث هو بالتفصيل عن أسباب انشقاقه عن صفوف تنظيمات البكك، كما سنعرف وعلى لسانه رؤية البكك حول إقامة دولة في جنوب كوردستان، ولماذا حاربت البكك هذه القضية، واتّهمت من يدعم إقامة دولة كوردستان في الجنوب بالخونة والمرتزقة والعمالة! فهنا سنعرف حقيقة انشقاق عثمان أوجلان عن البكك…

من هو عثمان أوجلان؟

عثمان أوجلان “فرهاد” ولد عام 1958 بقرية (آماره) التابعة لناحية خلفتي بولاية روها، ترك دراسته الجامعية -إذ كان طالباً في كلية تدريب المعلّمين- من أجل الالتحاق بالحركة التحررية الكوردية في شمال كوردستان، فكما يقول هو بنفسه أنه كان في الـ 17 من عمره عام 1975 لدى انتكاسة ثورة أيلول المجيدة، ظهرت نقاشات على الساحة الكوردستانية في الشمال، وأنه شرع في النضال وسار على نهج شقيقه، وفي لقاء له مع مؤلّف كتاب (حزب العمال الكوردستاني من عبد الله أوجلان لجميل بايك) للكاتب الكوردي “حامد گەوهەری” يوم 1-12-2015، يتحدّث عثمان أوجلان عن نضاله قائلاً:

كان نضالنا مستنداً على خطّين (يساري وقومي)، وأنا كشخص عثمان أوجلان اخترت الخط القومي الوطني، غير أن جناح اليسار كان مسيطراً على التنظيم، وكان جناحنا نحن القوميين الوطنيين ضعيفاً، فناضلت من أجل تقوية الجناح القومي وإنجاحه، فقلت بأنّي قومي ولا أدعو للديمقراطية إن لم تكن تخدم القضية القومية للأمة الكوردية ولن أنتهجها، كانت أعوام 1975-1980 وقت البحث وتبني الأفكار الإيديولوجية للحركة القومية، عام 1975 ولفترة ثلاث سنوات لغاية تأسيس حزب العمال الكوردستاني البكك كنت مؤيّداً للحزب، وقد أسّس أوجلان وحقي قرار وكمال بير حزب العمال الكوردستاني الـ (PKK) وكان أوجلان يمثّل القومية الكوردية بينما حقّي قرار يمثّل قومية لاز وكمال بير قومية الگورج، إذ كانت القوميات الثلاثة تتعرّض لعمليات الإذابة والانصهار في القومية التركية وكانت على المحك وعلى حافة الانهيار، فأراد هؤلاء الثلاثة إنقاذ قومياتهم من الانصهار والإذابة، لهذا أسّسوا البكك.

ما هي أسباب انشقاق عثمان أوجلان من صفوف تنظيمات البكك؟

يتحدّث عثمان أوجلان عن أسباب انشقاقه عن البكك فيقول: في نهاية عام 2002، عقدنا اجتماعاً موسّعاً في (خنيره) شاركت مع كلّ من جميل بايك ودوران كالكان وعلي حيدر قيتان ومصطفى قاراسو إذ كنا أعضاءً للهيئة القيادية للبكك، وكان الأربعة المذكورين من دوني قد قرّروا من قبل إعلان الحرب ضد الديمقراطي الكوردستاني، وكانوا يقولون لو انهار نظام صدام حسين فسيصبح البارتي دولة مستقلة، وأن قضية تدويل الجنوب لا تصبّ في صالح البكك ومصالحها الحزبية! وينبغي علينا الوقوف حائلاً دون تحقيق هذا الهدف بإعلان الحرب على البارتي! فوقفت ضدّهم وفي طريقهم قائلاً: عوض هذا ينبغي علينا تعاضد البارتي ومساندته في تأسيس الدولة الكوردية!

ما كانت تُهم عثمان أوجلان وجرائمه في صفوف تنظيمات البكك؟

عام 2004 تحدّث ئابو عن الكماليزمية مادحاً لها، وهذا ما أدّى لاستيائي وغضبي، كون الفاشية الكمالية كانت تعادي الكورد وتحاربهم بشتى الوسائل للقضاء عليهم! وهناك شيء آخر أدّى لاستيائي وتسبّب بانشقاقي من صفوف البكك ألا وهو اتفاق جميل بايك مع إيران في محاولة منهم لاغتيالي! فقد كان قد التحق بعض الأشخاص من إيران بتنظيمات البكك، وقد حذّروني بأخذ الحيطة والحذر من اغتيالي! فهذا ما تسبّب بانشقاقي وتركي لصفوف تنظيمات البكك، قبلها كنت قد سجنت مرتين في سجون البكك إحداهما في إيران والثانية في (بيربلا) خلف زاخو!

وكنت قد أدنت بثلاثة تهم وجرائم في البكك، الأولى حول موقفي من عداوة البكك للديمقراطي والإتحاد الوطني الكوردستانيين -البارتي واليكيتي- فكنت أقول بأنه لا يجوز لنا الوقوف موقف العداء لهما ومحاربتهما، بل ينبغي علينا بناء جسور المحبة والأخوة معهما لبناء علاقات مع أوروبا، والثانية كنت أقول ينبغي المحافظة على حقوق الإنسان في البكك وانهاء عمليات الاغتيال والقتل المستمرة في صفوف البكك! والثالثة هو مطالباتي المستمرة بالتوقيع على الاتفاقية القومية الوطنية لتوحيد القوى والأطراف الكوردية، فهذا ما تمّ اتهامي وتجريمي به، واضطررت بسببها للانشقاق عن صفوف تنظيمات البكك وتركها يوم 1-6-2014.

في الجزء الرابع من كتابتنا سنتحدّث عن عضو قيادي آخر من قادة البكك، الذين انشقّوا عن صفوف هذه التنظيمات وتركوها، ألا وهو (مصطفى شفيق) والملقّب باسمه الحركي (آري) وسنعرف حقائق أسباب انشقاقه عن البكك مثلما يرويها هو بنفسه.

ترقّبونا…

مقالات ذات صلة