احتلال قمة جبل كيسته والبطولات المزيّفة للـ PKK

احتلال قمة جبل كيسته والبطولات المزيّفة للـ PKK

للوهلة الأولى، قد يبدو للمشاهد والمتابع لوسائل إعلام حزب العمال الكوردستاني البكك ممّن يعيش في أوروبا أو أمريكا، أن مقاتلي البكك -كريلا- استطاعوا فرض هيمنتهم وسيطرتهم على كوردستان تركيا -شمال كوردستان- وأن العساكر الأتراك يرتجفون رعباً وخوفاً منهم وأنهم في حالة يرثى لها!

غير أن المشاهد والمتابع لنفس الإعلام في إقليم كوردستان وبالأخص في منطقة برواري بالا، يرى حقيقة الأحداث المغايرة تماماً لما تنشر على وسائل الإعلام بأم عينيه بل ويعايشها، ويرى أن تنظيمات البكك وكما يقول المثل الكوردي قد تحدّثت بلسان الرجال وغابت يوم المعركة!

بل أصبح المثل شعاراً للبكك في إقليم كوردستان، فبين الفينة والأخرى يظهر متحدث رسمي لهذه التنظيمات أو أحد كبار قادتها على وسائل إعلامها ويطلق عبارات أكبر من أحجامهم مرات ومرات! ويستفزّون عساكر الأتراك وجيوشهم ويحرّكونهم، ويكشفون عن مواقعهم وقواعدهم العسكرية -بتقصّد- كما ويكشفون ممراتهم وكأن إقليم كوردستان -جنوب كوردستان- قابع تحت نفوذهم وسيطرتهم وأنهم قد بنوا معسكرات وقواعد عظيمة فيه، وأنهم سيشنّون غارات عظيمة على الأتراك في أقرب وقت ويدمرونهم تدميراً!

يأتي كلّ هذا في إطار سيناريو معدّ مسبقاً لتمهيد الطريق أمام الدولة التركية لاحتلال الإقليم بجيوشها الجبارة، وبناء المزيد من القواعد العسكرية فيه بحجة حماية أمنها الداخلي من أية تهديدات إرهابية!

ولم تُرى أية مواجهات من قبل البكك في مواجهة هذه الجيوش، سوى إطلاق عيارات نارية أثناء أول ساعات الاقتتال وبدء المعركة، بعدها يفرّ مسلّحوها ويحشرون أنفسهم في الأنفاق المظلمة خوفاً من بطش هذه الجيوش! ولن تسمع بعدها سوى صرخات أهالي تلك القرى وصيحاتهم وعويلهم، آنذاك يُستولى على مواشيهم، وتصبح وجبات لذيذة للعساكر الأتراك والكريلا على حدّ سواء!

وقد يكون أفضل مثال وأقنعه على ما نقول هو احتلال قمة جبل كيسته خلال نصف ساعة من قبل الجيش التركي دون أية حسابات لأية قوات لمسلّحي البكك -كريلا- وكأن هذه القمة جزء من الأراضي التركية، وكأن العساكر الأتراك يمرّون في منطقة تقسيم وسط إسطنبول بكل حرية وأمان! فجاء العساكر الأتراك من شمال كوردستان -كوردستان تركيا- مشياً على الأقدام وتوجّهوا نحو قمم جبل كيسته والمناطق التي سمّتها البكك بأسماء بطولية خيالية (الدفاع المشروع-باراستنا ميديا) واحتلّوها، وما كان ردّ هذه التنظيمات سوى ما تعوّدت عليه من خداع الشعب الكوردي وتضليله والنظرة الدونية إليه من الغباء والبلادة والسفاهة و… فنشرت على وسائل إعلامها أن تركيا احتلت قمة جبل كيسته بمنطقة برواري بالا دون أن تحركّ حكومة إقليم كوردستان ساكناً أو تظهر ردّة فعل!!

فالبكك تعرّف تلك المناطق التي تحتلّها بالمناطق المحرّرة من قبلها، وتسمّيها بأسماء وألقاب بطولية شتى، وأشهر تلك المناطق (مناطق الدفاع المشروع-باراستنا ميديا) تلك المنطقة المحظورة على مواطني الإقليم الأبرياء العزّل، بل حتى بيشمركة كوردستان والمؤسّسات الحكومية الرسمية، فتمنع البكك أياً كان من عبورها أو التسلّل إليها وتتّهمهم بالتجسّس والعمالة، غير أنه ما أن يتقدم جيوش الأتراك وعساكرهم ليجدوا الباب مفتوحاً أمامهم، ومُرَحّباً بهم هناك! سوى ما تقوم به هذه التنظيمات من ممارسات خبيثة بالتسبب بمقتل بعض شباب الكورد وشاباتهم ليكونوا وقوداً إعلامياً لها لاحقاً، بعدها يسلّمون تلك المنطقة لمحتلي كوردستان، ويتقرب مسلّحوها أكثر من قرى ومدن الإقليم الآهلة بالسكان، لتعود بعدها متّهمة حكومة الإقليم بعدم التحرك إزاء الاحتلال التركي لهذه المناطق، ناسية ومتناسية المتسبّب الرئيسي والوحيد لهذه المآسي لشعب الإقليم وحكومته وأرضه!! فيا تُرى أين أبطال الجبال وفدائيو مراد قريلان الذين كان يفتخر ويتباهى ويتبجّح بل ويتغنّى بهم؟! ويدّعي بأنهم على أهبة الاستعداد لمحاربة إقليم كوردستان ومهاجمته أية لحظة؟! أين اختفى هؤلاء الأبطال الفدائيين؟! لماذا لا يحمون مناطق الدفاع المشروع؟! لماذا لا يحولون دون أطماع تركيا الاحتلالية لأية منطقة تريدها؟! فيا تًرى ما هي الأسباب الحقيقية والكامنة وراء عدم قدرة واستطاعة البكك على تحرير شبر من الأراضي التي طردتها منها الدولة التركية واحتلتها أمام أنظارها؟!!

باختصار، بعد احتلال تركيا لقمة جبل كيسته، ستقوم ببناء المعسكرات والنقاط والثكنات العسكرية لجيوشها، وهذا ما سيقيّد من حرية المواطنين وحركتهم في المنطقة ويعرّضها لمخاطر جمّة، أي أن المنطقة في طور التغيير إلى منطقة عسكرية محضة.

وعندما تصبح المنطقة منطقة عسكرية تجري عليها احكام الأعراف العسكرية، فلا تبقى فيها أية مظاهر للحياة المدنية، فينزح منها الأهالي ويُهجرون منها رغماً عنهم، ما يتسبّب بابتعاد البكك أكثر فأكثر من حدود شمال كوردستان -كوردستان تركيا- والتأثير عليهم بأكبر قدر ممكن، غير أن المتضرّر الأول والأخير جراء هذه الحروب والمعارك هو شعب الإقليم البائس نظراً لطبيعة هذه الحرب الهوجاء التي لا يملك شعب الإقليم فيها لا ناقة ولا جمل!!

مقالات ذات صلة