أصدرت منسقية الهيئة التنفيذية لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK) بيانًا أوضحت فيه موقفها حول الاشتباكات التي حدثت في محيط قضاء العمادية -ئاميدي- غير أن المؤسف هو أن البيان وصف الاعتداء وكأنه حادث راح ضحيته 5 من أطفال الكورد وليست حصيلته 5 شهداء من قوات بيشمركة كوردستان! بيان مخجلٌ بحقّ! خلا من أية عبارة أسى أو عزاء لعوائل شهداء البيشمركة، بل على العكس تماماً، فقد كشف بيان المنظومة أن الصراع سيتعمّق وأن الهجمات ستشتدّ!
كلّ شبر من الأراضي التي احتلتها الدولة التركية كانت تحت نفوذ وسيطرة الـ PKK!
تضمّن البيان عبارات غاية في الصلافة والغباء والحمق، فقد قالت المنظومة بأن: “أن أهداف الاحتلال التركي والديمقراطي الكردستاني باتت واحدة، وأن الأخير يحاول إنقاذ الاحتلال التركي من المأزق الكبير والانهيار، وهو مسؤول عن أي حرب أو خسائر!”.
إذ يدرك كلّ من له إلمام بالوضع القائم كذب هذا البيان المزعوم أن الدولة التركية انهارت أمام قوات الكريلا، أو أنها في مأزق كبير! نعم، فتركيا دولة ظالمة مستبدة وفاشية، وهي دولة محتلة أبادت الشعب الكوردي، نعم، تعصف العديد من المشاكل الاقتصادية بتركيا الآن، وأن نظام أردوغان يمرّ بأوقات بالغة الصعوبة ومن المرجّح عدم فوزه في الانتخابات المقبلة، غير أن الخطأ الفادح هو أن يعتقد الإنسان أن تركيا بمعنى أردوغان! فانتكاسة أردوغان وحزبه ليست انتكاسة للدولة التركية أو سقوطاً وانكساراً لها على الإطلاق، فلو تحرّيتم أرشيف إعلام الـ PKK لوجدتموه مليئاً بادّعاءات أن تركيا تراجعت بشكل ملحوظ منذ عام 2011، غير أنه ورغم هذا الزعم فقد احتلت تركيا بعدها عفرين وسري كانييه -رأس العين- وكري سبي -التل الأبيض-! بل توغّلت تركيا وتمركزت بشكل كبير في جبال شمال كوردستان -كوردستان تركيا- وأخضعت العديد من المناطق لاحتلالها، بل توغّلت في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الـ PKK منذ أكثر من 40 عاماً وتربّعت فيها! وهي الآن توسّع سيطرتها نحو جنوب كوردستان -إقليم كوردستان- ومن الملاحظ أنها تمركزت وتقوّت بشكل كبير في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الـ PKK! فعفرين كانت تحت سيطرة الـ PKK وسري كانييه وكري سبي أيضاً كانتا تحت نفوذها، كما كانت (حفتنين وخواكورك وئافاشين وزاب ومتينا وشريط مناطق مزوري العليا ونيروه-ريكان ووصولاً لخنيره) كلّها كانت تحت سيطرة الـ PKK، فهلا تساءلنا ما الذي حلّت بها؟! وماذا فعلت بها؟! فقد سلّمتها الـ PKK جميعها للاحتلال التركي خلال أربعة أعوام فقط لا أكثر!
بالمقابل، لم تسيطر تركيا على شبر من الأراضي الخاضعة لنفوذ الديمقراطي الكوردستاني (PDK) مطلقاً، وهذه حقيقة لا غبار عليها إطلاقاً، بل كافة الأراضي التي احتلتها الدولة التركية كانت تحت سيطرة الـ PKK ونفوذها وحدها، فكيف استولت تركيا عليها؟ وما حقيقة هذه الاحتلال؟! لا أحد يعلم!! فينبغي على الـ PKK أن توضّح للرأي العام وعامة الشعب الكوردي كيف سلّمت هذه المساحات الشاسعة والمنيعة والاستراتيجية للدولة التركية! فهي مدينة للشعب بذلك إذ هناك شكوك تحوم حول قيامها بهذه الأعمال وتسليمها لأراضي كوردستان للأتراك وفق أوامر من عبد الله أوجلان في إمرالي، بل هناك شكوك قطعية بأن من قام بإهداء هذه الأراضي للدولة التركية هي مجموعة أنقرة اليسارية، والمتمثّلة في شخص (جميل بايك ومصطفى قاراسو ودوران كالكان) فليس من المنطقي أن تسلّم ما يخضع لنفوذك وهيمنتك من جبال منيعة ومناطق استراتيجية منذ أكثر من 40 سنة خلال ليلة! فهل من المعقول أن تسلّم الـ PKK كافة جبال شمالي كوردستان وجنوبها وغربها واحداً تلو الآخر للجيش التركي؟! فمنذ 2017 ولغاية الآن، بات واضحاً لدى الجميع ما تسبّبت به الـ PKK من تسليم أراضي كوردستان منطقة منطقة ومدينة مدينة وجبلاً جبلاً للجيش التركي وتوسعتها للحدود التركية وتعظيمها لقوتها، ثم تأتي هذه التنظيمات ولحفظ ماء وجهها تلقي تهمة هذا الاحتلال على عاتق الديمقراطي الكوردستاني؟! وهل يتغابى الإنسان لهذه الحدود؟!!
وهل الـ PKK هي من خلقت جبل متينا العريق منذ آلاف السنين؟!
وقالت المنظومة في بيانها -كدليل-: بأن “الديمقراطي الكوردستاني يحاول محاصرة مناطق الكريلا!!” فينبغي أن نتساءل هنا: أين هي مناطق الكريلا؟ وما المقصود بها؟! فقالت المنظومة “تقدّمت قوات خاصة للبارتي وانتشرت في مناطق الكريلا ما أدى لحدوث الاشتباكات!! فلا ندري عن أية مناطق للكريلا يتحدّثون؟! فجبل متينا والمعروف باسمه التأريخي منذ آلاف السنين، هل هو إرث الـ PKK من أبيها؟! أم يبدو أنها قد صنعت الجبل بنفسها ولنفسها!! فهذا الجبل العريق كان محطة الشرارات الأولى لثورتي أيلول المجيدة وكولان التقدمية قبل تأسيس الـ PKK بعقود وعقود، وقد استشهد المئات من بيشمركة كوردستان على قممها وفي سفوحها للدفاع عن تربة كوردستان ضد النظام الصدامي المقبور، فـ (أنور مايي، جميلي سورێ، علي حيدر بامرني، محمد علي كوفلي، عمر توفي، محمد علي زيويي، أحمد عمر بيدوهي، أحمد أورماني، محمد طاهر بيسكي، عبد الله يونس بامرني، قاسم بامرني، عمر سعيد كيستيي، أسنيل دوره يي، إحسان صالح ئاميدي، تحسين دوتازايي، سامي أردني، شكري حسن جلكي، علي أبابكر قدشي، إسماعيل أحمد ئيكماليي، إسماعيل دوتازايي، عبد الستار أورمداودي، علي روجآفايي، عبد الستار ملا صديق بنافي فوزي رمضان بريفكي موسى ألكيشكي وغيرهم المئات من بيشمركة كوردستان الذين أراقوا دماءهم الطاهرة على صخور وقمم هذا الجبل واستشهدوا في سبيل تربة كوردستان، ثم تأتي الـ PKK الآن وتتحدّث وكأنها تملك سند طابو بهذا الجبل؟!! كلا، فلا وجود لمناطق باسم مناطق الكريلا، فالـ PKK لم تحرّر هذه المناطق من يد الأعداء، كلّ ما في الأمر أن البارتي سمح لها بل وجلبها إلى الجنوب -إقليم كوردستان- عام 1982على أساس المشاركة في الجبهة الكوردستانية حسب اتفاقية على 9 بنود، ووطّنها في مخيماته تفضلاً عليها، بل وعلّمها النضال والكفاح من أجل قضية مشروعة!
الـ PKK ومنذ بداية تأسيسها ولغاية اليوم لم تحرّر شبراً من تربة أراضي كوردستان، بل على النقيض، سلّمت الأراضي المحرّرة والتي تنتشر فيها للدولة التركية!
اقتاتت الـ PKK على المساعدات المالية والعسكرية للبارتي وفي مخيّماته وبصورة مباشرة لغاية 1984، ففي أيار 1983، بدأت القوات المسلّحة التركية بإطلاق العمليات العسكرية في الإقليم كيومنا هذا وهاجمت مقار البيشمركة بحجة تواجد الـ PKK فيها، على هذا الأساس، تمّ تقييم الوضع ليتمخّض عن إصدار قرار مشترك لكلّ من البارتي والعمال الكوردستاني PKK، حيث سيقوم البارتي بالتمركز بغالبية قواته في مناطق تواجد الجيش العراقي، بينما ترك الشريط الحدودي لمقاتلي الـ PKK وفي حمايتها، على أن تكون المسافة بينهما كيلومتراً واحداً، بشرط أن تكون كلّ قوة منهما فعّالة في محاربة عدّوها، آنذاك لم تكن تنظيمات الـ PKK متمركزة على جبل متينا! كما كانت تقتات على نفقات البارتي ومساعداته! ورغم وجود تأريخ كهذا تحاول الـ PKK أن تُظهر وكأنها من خلقت هذه الجبال!! كلّا، لا وجود لمناطق الكريلا، فهناك حدود، فوفق القوانين والأعراف الدولية والشرعية التأريخية فإن كلّ شبر من أراضي إقليم كوردستان خاضعة لسيطرة حكومة الإقليم وتحت نفوذها، والقوة العسكرية الرسمية والشرعية لحكومة الإقليم هي بيشمركة كوردستان، بعبارة أخرى: كلّ شبر من متينا وگاره وأية منطقة أخرى في الإقليم تقع ضمن مهام ومسؤولية البيشمركة وفي حمايتهم.
لم تكن باستطاعة الـ PKK عبور تلك المناطق التي تعدّها الآن مناطق الكريلا ولو بخطوة لغاية حرب داعش، ومع بدء الحرب على داعش، قلّت أعداد قوات البيشمركة في المنطقة، وراعى الإقليم الظروف المتأزمة آنذاك وغض الطرف عن تمركز مسلّحي الـ PKK في تلك المناطق بسبب الحرب الدائرة في غرب كوردستان -كوردستان سوريا- في الدرجة الأولى، والآن تدّعي الـ PKK وتزعم أنها مناطقهان وأنه ينبغي على البيشمركة الابتعاد عن تلك المناطق وإلا فهي المسؤولة عن اندلاع أية معارك أو حروب فيها!! فالوضع كقصة السارق الذي أطلقت سراحه غير أنه يمسك بك ولا يدعك وشأنك! فالمناطق التي تعاقد البارتي أن يتركها للـ PKK لتتمركز فيها وتدافع عنها وتحميها كانت مناطق حفتنين ووادي سنحت، بشرط حمايتها، وإن لم تستطع الـ PKK حمايتها وفق المعاهدة مع البارتي فلا يحقّ لها التوجّه لمنطقة أخرى من إقليم كوردستان والتمركز فيها بل واحتلالها ومنع البيشمركة من التوجّه إليها!!
وهل هناك أشدّ خزياً وعاراً أن تتزامن اعتداءات الـ PKK على بيشمركة كوردستان مع هجمات واعتداءات داعش والحشد الشعبي الشيعي على هذه القوات الوطنية المخلصة؟!
جاء في بيان المنظومة أن البيشمركة يحاول إنقاذ الاحتلال التركي من الهزيمة لدى حربه مع الـ PKK! غير أن العكس هو الصحيح، فنحن نعيش في عصر كثر فيه الأعداء المتربصين بإفشال تجربة إقليم كوردستان والقضاء على هذا الكيان الكوردي البكر، فإيران توجّه صواريخها لقلب العاصمة أربيل عن طريق الميليشيات الشيعية المنفلتة، وداعش تباغت قوات البيشمركة في بردي والمناطق الأخرى لتقضي عليهم، وفي نفس الوقت تقوم الـ PKK بالاعتداء عليهم ومهاجمتهم وتوقع منهم شهداء! فتتزامن هجمات مثلّث الإرهاب (داعش الـ PKK والحشد الشعبي) على قوات بيشمركة كوردستان، وهذا ما سيصبح نقطة سوداء على جبين تنظيمات الـ PKK بل وستجعل من هذه التنظيمات نفسها نقطة سوداء في تأريخ كوردستان مدى الدهر!
وجاء في البيان بأن “فاضل ميراني” قد قال باحتمالية اندلاع حرب مع الـ PKK، وأن هذا يأتي بمعنى أن هناك استعدادات للحرب! يأتي هذا في الوقت الذي قال فيه فاضل ميراني قبل ثلاثة أيام، خلال اجتماع جماهيري موسّع في عقرة -ئاكري- بأننا لن نحارب الـ PKK، وقد بات الاجتماع الذي قال فيه ميراني هذا الكلام أرشيفاً في الإعلام يستطيع أيٌ كان مشاهدته، ورغم هذا، فلا تتحدّث المنظومة عن بسي هوزات ومصطفى قاراسو اللذان قالا قبل عام بأن قتال البيشمركة لا يقع في خانة الاقتتال الأخوي! فالـ PKK تظنّ بأننا نسينا تصريحات جميل بايك قبل 5 أشهر عندما قال بأننا “نتوقّع حرباً عظيمة مع البارتي!” فالـ PKK تصارح دائماً بأنها صاحبة مشروع حرب عظيمة مع بيشمركة كوردستان، وتتمّ الدعاية لهذه الحرب المتوقعة بل والمقرّرة على وسائل إعلامها!
منة الـ PKK وإنعامها بصدد أربيل!
كلما نفذت حيل هذه التنظيمات اضطرت لإعادة نقاش آخر دوماً ألا وهو “عندما أراد داعش مهاجمة أربيل قمنا بحمايتها، وقد قدّم مسعود بارزاني الشكر لنا” علماً أن البارزاني كان يتفقّد كافة محاور وجبهات القتال، من بينها جبهة مخمور، لرفع معنويات المقاتلين وإشعال حماسهم، وكان يعلن استعداده ودعمه المطلق لهم، واستعداده لتقديم العون بكلّ طاقاته وإمكاناته، غير أن الـ PKK تأبى إلا ما اعتادت على تكراره أن البارزاني قدّم شكره وتقديره لهم! ما أغرب هذ التنظيمات! فعندما هاجم داعش مخيّم مخمور تصدّى البيشمركة والكريلا معاً في سواتر الدفاع المقدس للهجوم، وأما العاصمة أربيل فقد كانت مصونة بدفاع بيشمركة كوردستان وبرعاية قوى التحالف الدولي ضد داعش، فالـ PKK ومنذ 8 أعوام كرّرت قولها مئات المرات دون تردّد بأنها قد صانت أربيل وحمتها! وتنسى ما قام به بيشمركة كوردستان من التوجّه لكوباني واستنجاد مقاتلي الـ PKK وإسعاف جرحاها وإنقاذ المدينة الكوردستانية من قبضة داعش! فالزعيم بارزاني ولشدّة عطفة ورقة قلبه وحنكته وحكمته تفقّد جبهة مخيّم مخمور، غير أن الـ PKK كانت كمن أثرى بعدما كان معدماً لا يملّك شيئاً، فهي منذ 8 أعوام على التوالي تمنّ على قادة الإقليم (منّة أربيل) غيرها أنها نسيت أنها قدّمت واحداً وكافأت بعشر! فهي قد أخذت عشرة أضعاف مما أعطت إن كانت قد أعطت شيئاً!
أيا تُرى، هل توجد تناقضات بين بياني قوات الدفاع الشعبي (HPG) ومنظومة المجتمع الكوردستاني (KCK)؟
أدلت كل من قوات الدفاع الشعبي (HPG) ومنظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) ببيان بصدد حادث استشهاد 5 من بيشمركة كوردستان، وقد كان هناك اختلاف أسلوبي بين البيانين، فقد طالبت (HPG) بتشكيل لجنة مشتركة أو من طرف واحد حيادية للتحقيق في ملابسات الحادث، بينما أكّدت (KCK) في بيانها بأنها ستوسّع هجماتها واعتداءاتها، فيبدو أن المركز الذي يصدر قرار الحرب على البيشمركة هو منظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) والمنظومة تعني جميل بايك، كما ويفهم من بيان المنظومة أن جميل بايك يقيم في المناطق الخاضعة لنفوذ إيران والاتحاد الوطني الكوردستاني، لهذا نرى البيان اتّسم بالوعد والوعيد والتهديد! فالـ PKK نفّذت أجندتها المتمثلة بإشعال القتال مع بيشمركة كوردستان وبهذا أسعدت الأتراك وقامت بمهامها وواجباتها على أتم وجه، وأصبحت ذات دور ريادي وبارز في تحسين الوضع الهشّ والمنهار للجمهورية التركية، وسيبقى دعمها للمحتل وتعاونها معه نقطة سوداء في جبينها أبد الآبدين…
والحصيلة هو أن بيان منظومة المجتمع الكوردستاني (KCK) يحرّف الحقيقة، بيان المنظومة يقول وبصراحة “بأنّنا سنريق الكثير من دماء البيشمركة!” ولو لم يُفهم بيان المنظومة هكذا، فمتى ما أقدمت على خطوة كهذه ستكون الأوان قد فاتت ولات ساعة ندم!