قبل زيارة الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) لكوردستان، وجّهت الـ PKK منصاتها الإعلامية كافة لاستهداف حكومة إقليم كوردستان وبيشمركتها وفعّلتها للقيام بهذه المهمة على أكمل وجه، غير أن هذا ليس بجديد إطلاقاً، فإعلام هذه التنظيمات لا يعرف شيئاً سوى التضليل والخداع ومحاربة الكورد ميدانياً وإعلامياً…
فقيادي الـ PKK التركي والمدعو بـ (دوران كالكان) والملقب باسمه الحركي “عباس” والذي يعتبر وزير الصحافة والإعلام لهذا الحزب التركي، لا يسمح إطلاقاً بنشر شيء على منصات الـ PKK إلا بإشارته الخضراء لنشره، علماً أن هذا الشخص لا يعرف التحدث أو كتابة كلمتين باللغة الكوردية لغاية الآن، فقد وظّفت تنظيمات الـ PKK هذا الشخص لحربها الإعلامية ضد إقليم كوردستان، فـ (كالكان) التركي وبعقليته الفاشية الكمالية لا ينشر شيئاً غير العداوة لكوردستان أو العداء لكلّ ما هو مقدس ومبارك لدى الكورد، فقد أعطى المذكور الإشارة الخضراء لكوادر الـ PKK الإعلاميين لنشر كلّ سمومهم وكل ما من شأنه أن يسيء لكوردستان والكورد.
ما الرسالة التي تريد الـ PKK إيصالها لتركيا وراء هذه الحرب الخبيثة؟
يدرك كلّ كوردي جيداً أن ساحة نضال ومقاومة هذه التنظيمات إنما هي كوردستان تركيا لا غيرها من أجزاء كوردستان، رغم هذا، تركت هذه التنظيمات ميدان حروبها الحقيقية وتحاول اليوم نقل حربها العبثية الشكلية لعمق إقليم كوردستان وغربها -كوردستان سوريا- فمقاومة الـ PKK ونضالها المزيف وحربها العبثية في إقليم كوردستان خير دليل على ما نقول، وذلك لو قمنا بتقييم هذا النضال وهذه المقاومة بمنطق سليم، بل ولتأكّد لنا أنه وبمرور الوقت تتوغّل هذه التنظيمات أكثر فأكثر في القرى المأهولة والمدن المكتظة بالسكان لتحوّلها لساحة حرب مفتوحة مع الجيش التركي ما يضفي الشرعية على الاحتلال التركي لهذه المناطق ويبرّر تدخّله في عمق إقليم كوردستان.
نعم، فالمقاومة التي تتغنى بها (جماعة أنقرة) وتتحدّث عنها إنما هي غطاء لتسليم المناطق الكوردستانية منطقة تلو الأخرى للاحتلال التركي، فها هي مناطق خواكورك وجبل شكيف وحفتنين والخط الأحمر الحدودي والذي يضمّ العشرات من المناطق المحصنة والتي تتمركز فيها الـ PKK لسنوات تمّ إخلاؤها مؤخراً ويتمركز فيها الجيش التركي ويحتلّها في الوقت الراهن، أما مسلّحوا تنظيمات الـ PKK فقد انسحبوا للمناطق والقرى والمدن المأهولة بل والمكتظّة بالسكان، ويرتدون زيّ المواطنين المدنيين، علاوة على استخدامها لأهالي المنطقة كدروع بشرية حيّة، بعبارة أخرى، لو تساءلنا ما هي منجزات ومكاسب نضال الـ PKK ومقاومتها خلال الخمس سنوات المنصرمة؟! هل حقّقت أية نتائج إيجابية في الإقليم سوى الفرار والانسحاب، واستشهاد البيشمركة، واختطاف الأطفال، وفرض الضرائب والإتاوات، والتجارة بالمواد المخدّرة والكحول، وقتل شباب الكورد في الإقليم بتهمة التجسّس والعمالة، وزرع المتفجرات وتلغيم طرق البيشمركة والقرويين؟! فهذه الحقيقة لا تخفى كما لا تقبل الإنكار إطلاقاً، وكلّ تحليل أو دراسة جدية وموضوعية ستتمخّض عن هذه النتائج لا غير، وستثبت أن هذه المقاومة إنما هي مقاومة مزيفة عبثية مضلّلة خادعة بلا أدنى شكّ كما أنها مبرّر وشرعنة للاحتلال التركي لتربة وأراضي إقليم كوردستان لا غير…
العلامة الحمراء للـ PKK والثيران الإسبانية
مصارعة الثيران (Bullfighting) رياضة إسبانية قديمة تتم فيها المواجهة بين المصارع والثور في حلبة على مرأى ومسمع من الناس الذين يحضرون لمشاهدة تغلب الإنسان على الحيوان، تعتبر هذه الرياضة من أخطر الرياضات على من يمارسونها، إذ أن المصارع لا تتوفر لجسده الحماية الكافية من قرون الثور التي ولا بد أن تكون حادة وأن يكون الثور قوياً ضخماً صحيح البنية، فلو نظرنا لمقاومة الـ PKK لما وجدنا أية اختلافات جذرية بينها وبين هذه الرياضة إطلاقاً، كيف ذلك؟ اصبروا قليلاً فالإجابة عندنا…
كلما تمركزت هذه التنظيمات في منطقة ما لوجدناها امتلأت بصور آبو وشعارات الـ PKK وأعلام الحزب، كما تمتلئ منصات الـ PKK الإعلامية بهذه المشاهد والصور، وهذه تعتبر كود هذه التنظيمات السرّي وإشارتها للدولة التركية، فبهذه الطريقة ترسل الـ PKK إشارة للدولة التركية بالتوغل في تلك المنطقة الكوردستانية، وهذا ما أكّده المرحوم مام جلال -الأمين العام لحزب الإتحاد الوطني الكوردستاني- في تسعينيات القرن الماضي لدى كلمته في برلمان كوردستان حول خطورة الـ PKK على أراضي إقليم كوردستان.
مع بداية الثورة السورية وأحداثها، سنحت فرصة ذهبية لروج آفا -كوردستان سوريا أو غربي كوردستان- بالاستقلال واستنشاق نسيم الحرية، غير أن الـ PKK سارعت بإظهار إشارتها للدولة التركية (العلامة الحمراء أو قطعة القماش الحمراء) فملأت غربي كوردستان -كوردستان سوريا- بصور أوجلان وأعلام الـ PKK وأجبرت المواطنين حتى العجائز والأطفال على رفع هذه الصور وأعلام الحزب، فتوغّلت تركيا في عمق الغرب تحت هذا المبرّر وبحجة تواجد الـ PKK هناك، واحتلت العديد من المناطق الكوردستانية هناك، فأضاعت هذه التنظيمات عفرين وكري سبي وسري كانيه بين عشية وضحاها وفرّت فرار السليم من المجذوم!
والآن، جاءت هذه التنظيمات لتكرّر نفس السيناريو في باقي البلدات والمدن الكوردستانية غربي كوردستان، ترفع أعلام الحزب وصور أوجلان وتكرّر نفس المشاهد التي اعتدنا على رؤيتها قبيل احتلال تركيا لعفرين وغيرها من المناطق الكوردستانية، فقد قصف جيش الاحتلال التركي مدينة الدرباسية قبل ثلاثة أيام، واليوم قامت تنظيمات الـ PKK باحتشاد مواطني الدرباسية وأجبرتهم على رفع أعلام الحزب وصور أوجلان علماً أن غالبيتهم كانوا عجائز وأطفالاً!!
الغريب في الأمر أن الـ PKK وعوض رفعها شعارات تندّد بالدولة التركية وتدينها، ردّدت على أفواه المتظاهرين من الأطفال شعارات تندّد بالحزب الديمقراطي الكوردستاني -البارتي-! والسؤال هنا هو: هل قام الديمقراطي الكوردستاني بقصف الدرباسية؟! أم هل كان البارتي هو من سلّم عفرين وكري سبي وسري كانيه لجيش الاحتلال وفرّ هارباً من جبهات القتال؟!!
حتى أطفال الكورد يعرفون جيداً من أمه تركية!!
نضال الـ PKK الخادع ومقاومتها المزيفة إنما هو لخداع الشعب وتضليله لا أكثر، علاوة على فرض استراتيجية مشروع أخوة الشعوب الوهمي والذي هو في صلبه استعباد للشعب الكوردي وصهره في بوتقة القومية التركية، فلا وجود لأي ترابط بين قضايا الكورد ومشروع أخوة الشعوب إطلاقاً، فالـ PKK تحاول إبعاد الكورد في كوردستان سوريا عن قضيتهم الأساسية الرئيسية تحت غطاء مشروع أخوة الشعوب، وإهداء مناطقهم للدولة التركية منطقة تلو الأخرى وبأسلوب ممنهج وسلس، فالـ PKK أنست الشعب الكوردي في سوريا اضطهاد المحتل وظلمه لهم وأشغلهم بالعداوة لإقليم كوردستان والبارتي، ظنّاً منها أن باستطاعتها خداعهم بأكاذيبها وافتراءاتها، فلتعلم الـ PKK أن الشعب الكوردي بغربي كوردستان أكبر وأعظم من أن ينخدع بألاعيب الـ PKK هذه، فهم أدركوا جيداً حقيقة مقاومة زعيم هذه التنظيمات ومقاومته المزعومة لدى عودته لحض تركيا، بل حتى أطفال الكورد في روج آفا يعرفون أن المقاومة الوهمية لـ 37 سنة لم تجلب غير الدمار والهلاك للكورد وكوردستان، ولم تستطع هذه التنظيمات لغاية الآن من تحرير شبر من تربة كوردستان، فحقيقة هذه المقاومة الوهمية والحرب العبثية اتّضحت للشعب الكوردي في كافة أجزاء كوردستان وانكشف الستار عنها كما انكشفت حقيقة مقاومة زعيم الـ PKK المسجون!!!
ختاماً نقول للعم (عباس)… حتى أطفال الكورد يدركون جيداً مدى صلافة ومذلّة القائد والزعيم المسجون في إيمرالي عندما قال: أمي تركية، وأنا على أتمّ الاستعداد لخدمة تركيا!! طبعاً لو سمحت له الدولة! فالشعب الكوردي بات متيقّظاً لما يُحاك حوله من مخطّطات ومؤامرات جهنمية، كما يفرّق هذا الشعب بين الوطنيين المخلصين والخونة المنبوذين وأعداء الكورد، كمعرفته القوية بمن أمّه تركية!!!