سمكو عبد العزيز
الجزء الأول
منذ فترة طويلة، كان صالح مسلم في نومة عميقة نتيجة تسليم أحد أفراد عائلته نفسه للاستخبارات التركية (MIT) فلم يكن له أي ظهور أو وجود في أية ميادين إطلاقاً، والسبب يعود لما كشفه فرد عائلته للاستخبارات التركية من معلومات سرية وهامة لمسلم.
بعد الحادث، حقنت الـ PKK صالح مسلم بإبرة مخدرة مسكّنة، وها هي تأثير تلك الإبرة ومفعولها يزولان شيئاً فشيئاً، وبدأ يتذكّر شيئاً فشيئاً، ويصحو من نومته العميقة ببطء، ولكن أية صحوة ويقظة؟ وجد صالح مسلم نفسه يتيماً معدماً مرمياً به وسط المدينة كمتشرّد لا أحد يهتمّ به أو يأبه لأمره أو يعطيه كسرة خبز يسدّ بها رمقه أو يشير عليه بتحية أو سلام أو إيماء!
إحدى القيم والأسس والمبادئ التي أسّس عليها حزب العمال الكوردستاني (PKK) هو أنه لدى كشف أسرار شخص في أطر الحزب فإن الحزب تحقنه بهذه الإبرة المخدرة، وبعد زوال وانتهاء تأثيرها ومفعولها وعودة الشخص لوعيه ينبغي عليه تعقيم نفسه، والتعقيم لدى الـ PKK يتجسّد في أن يتّجه هذا الشخص نحوها ويحلف برأس عبد الله أوجلان وأن يحبو أمام أقدامه ويقبّلها بحيث يجب أن يتدنّى للحضيض وانعدام القيمة والشخصية وأن يقدّم تقريراً في نقد ذاته نقداً لاذعاً وأن ينظر إلى آبو كإله مقدّس ويعترف به مؤكّداً على ندمه وخطئه وعبوديته له!
فالمتخصّص الخبير بهذه التنظيمات يدرك هذا جيداً، ويعرف جيداً أن آبو لن يصفح أو يعفو عن شخص إلا بعد أن يؤلّهه! وينفّذ كافة قراراته دون تفكير أو تسويف، فـ “صالح مسلم” يدرك هذا ويعلمه حق اليقين.
فبعد سبات دام أشهراً، تحدّث مسلم لوكالة فرات للأنباء (ANF) التابعة للـ PKK مجدّداً يوم الجمعة الماضي 10-9-2021 -وباللغة التركية!- وغاط مرة أخرى في عين ماء القرية الذي كان خالياً من مخلّفاته وقاذوراته لفترة أشهر! وقيّم الأوضاع ولكن بلا قيمة كشخصه!
ففي حديثه تطرّق مسلم إلى تأريخ الشعب الكوردي وتضحياته وثوراته وانتفاضاته وجعلها فدية لحذاء آبو! حيث قال: الشعب الكردي أينما كان، بدون حرية القائد كأنه لم يحقق شيء، أو كما لو كانت المكاسب الحالية تعتبر مؤقتة!
فبداية، ومن الناحية التعبيرية، عبارة صالح هذه ركيكة لا توضّح قصد هذا المخلوق وماذا أراده! غير أنني ولمعرفتي القريبة بهذا المخلوق واطّلاعي عليه عن كثب وإدراكي لحقيقة شخصه، فهمت قصده بكلّ سهولة، فهذا المخلوق أراد إنشاء علاقة مع الدولة التركية ومتاجرتها، كونه المسؤول عن ملفّ المتاجرة مع تركيا سابقاً أيضاً، فكان يعمل في هذا المجال بين الدولة التركية وحزب العمال الكوردستاني في العاصمة التركية أنقرة، فهناك شيفرات بين الطرفين لا يطّلع عليها ولا يعرفها جيداً سوى هذان الطرفان!
باختصار، كانت رسالة مسلم موجّهة لتركيا بشيفرة خاصة، وكأنه قال للدولة التركية بأننا على أتمّ الاستعداد للتنازل عن كلّ شي وكافة مطالبنا القومية والوطنية ومبادئنا لقاء الإفراج عن آبو وإطلاق سراحه!
وقد يتساءل البعض، بأنني كيف فهمتُ هذه الشيفرة وحلّلتها هكذا؟! لأنه يتابع كلامه قائلاً: ولأجل حل القصية الكردية لا يوجد سوى محاور واحد لحل القضية الكردية وهو القائد عبد الله أوجلان، لأنه وحده القادر على إقناع الشعب الكردي، وليس هناك حل آخر سواه!
فهو أراد إرسال هذه الرسالة لتركيا من وراء حواره: لا تتعبوا أنفسكم بالمفاوضات مع قنديل، ولا تنصتوا لمراد قريلان أو جميل بايك ورفاقه، فلا سلطان لهم إلا على أنفسهم، وليس بيدهم شيء! فليسوا سوى عبيداً لأوجلان ولن يتحرّكوا قيد أنملة بدون أوامره! توجّهوا نحو إيمرالي، وفاوضوا أوجلان فهناك الحلّ، فهو يريد العيش مثل الأتراك وتركيا، وهو نادم على كلّ شيء فعله ومستعدّ لتقديم أي شيء تطلبونه وإهدائه لكم، فالقائد آبو إنسان كريم سخي يحب أن يعيش أكثر لكي يستطيع أن يخدم الدولة التركية أكثر فأكثر…