طالبت اللجنة التنفيذية لمنظومة المجتمعات الكوردستانية (KCK) الرأي العام والشعب الكوردي بالوقوف موقف المعادي من الحزب الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- كما صدر ونشر قبل أيام تصريح مماثل من قوات الدفاع الشعبي (HPG) متّهمة الديمقراطي الكوردستاني بتهمٍ دنيئة ما جعلت كافة منصات المنظومة تطلق هذا الصدى وتكرّره!
اختلاف التسميات لا يهمّ إطلاقاً، فحقيقة ما يحصل هو أنه تتمّ محاربة إقليم كوردستان بشكلّ منسّق تحت عباءة العداوة للبارتي -الديمقراطي الكوردستاني- ومحاربته، فكافة التصريحات والبيانات إنّما تتمّ صياغتها كخطوات مرتّبة متتالية ومنسقة، والـ PKK ولتحقيقها لهذا الهدف وبلوغ هذا المقصد خطت خطوات عملية مدروسة لتكون العملية منظّمة ودقيقة لا يشوبها الخطأ.
الخطوة الأولى: ضحايا ومفقودي زندورا
ادّعت الـ PKK أن ضحايا الگريلا بمنطقة زندورا كان نتيجة اضطرارهم للتراجع والانسحاب بسبب الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- وقضوا الحياة لدى طريق العودة، غير أن الحادث ليس كذلك إطلاقاً ولا علاقة له بمناطق تواجد بيشمركة كوردستان، فـ “زندورا” كانت خاضعة لسيطرة الأتراك ومحاصرة من قبل القوات المسلّحة التركية، فالـ PKK تزاول سياسة إجرامية منعدمة الضمير والأخلاق في هذا المجال، وهي مقاربة من سياسة “لو مات فهو شهيد ولو بقي حيّاً فهو ملك لنا دوماً” وتصريحاتها بحقّ هؤلاء الشباب لا قيمة لها أو أساس من الصحة، فلم يقع هؤلاء في أي كمين إطلاقاً، بل فقدوا الحياة في أنفاق الحرب التي حفرتها الـ PKK نتيجة تواجدهم في المكان الخطأ (النفق) بين هجمات القوات المسلّحة التركية والـ PKK وفقدوا أرواحهم، غير أن الـ PKK اتّهمت البارتي بمقتلهم بتقصّد رغم براءته وعدم وجود أية علاقة بين موقع الحادث ومناطق تمركز البيشمركة.
الخطوة الثانية: الاعتداء على مخيم (قاديا) للنازحين الإيزيديين
ليلة الحادي والثلاثين من آب، وقع انفجار في مخيم قاديا بالقرب من زاخو حيث يسكنه نازحون إيزيديون، حصل الانفجار خلف منزل مسؤول للقوات الأمنية لمنطقة غرب دجلة، أودى الانفجار بحياة طفل في الشهر الأول وطفل ذو 9 أعوام، واتّضح فيما بعد أنه تمّ تهديد مسؤول المؤسّسة الأمنية -آسايش- من قبل الـ PKK عدّة مرات، علاوة على أن الحادث وقع مباشرة عقب توعّد مراد قريلان بأخذ ثار سيد حسن، والكلّ يعتقد بأن الفاعل والمسؤول عن الانفجار هو الـ PKK لا غير، ففي أول لحظات الانفجار زعمت الـ PKK أن المقاتلات التركية استهدفت المخيم، كما قيل بأن الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- يحمي تركيا! غير أن موقع الحادث كان واضحاً أمام أنظار الجميع بأن انفجاراً وقع فيه كما وُجدت آثار انفجار يدوي…
الخطوة الثالثة: سيناريو خليفان
نشرت الـ PKK يوم الرابع من أيلول بياناً ادّعت فيه أن 7 من رفاقها وقعوا في كمين نصبه البارتي، وقضوا حياتهم فيه، غير أن البيان كان مشوّشاً تشويشاً بالغاً، فقيل بأنه تمّ إعدامهم رمياً بالرصاص ولم تحدّد موقع وتأريخ الحادث، فبدا البيان وكأنه سيناريو معد مسبقاً لتأليب الرأي العام ضد البارتي.
والملفت للانتباه هو أنه قبل الحادث بيوم، نشرت وزارة الدفاع التركية بأنها حيّدت 7 من مسلّحي الـ PKK -گريلا- في جبل گاره كما وضّحت مهام كلّ واحد منهم ومنصبه، أي أن الگريلا الذين قضوا حياتهم والتي ادّعت الـ PKK أن البارتي نصبت كميناً لهم ليس كذلك بل استهدفتهم الدولة التركية!
ماذا حدث حقّاً؟
الأحداث التي أعدّتها الـ PKK في أسبوع ونشرتها على وسائل إعلامها لا علاقة لها إطلاقاً بالبارتي، ففي الأحداث الثلاثة التي تتحدّث عنها الـ PKK إنّما المسؤول والقاتل فيها هو الدولة التركية والـ PKK نفسها لا غير، فالشباب الذين رابطتهم الـ PKK في أنفاق زندورا يواجهون الموت إنّما تتحمّل مسؤولية مقتلهم الدولة التركية والـ PKK لا غيرهما، كما تتحمّل مسؤولية تفجير مخيم قاديا ودم الطفلين، أما بالنسبة لضحايا ومفقودي خليفان فقد تعرضوا لغارة جوية تركية ليس في خليفان بل في جبل گاره!
وقد أدلى كبار قادة البيشمركة بتصريحات عاجلة حول كلّ حدث من هذه الأحداث على حدة، وقد اتّضح من تسلسل هذه الأحداث صحة وحقيقة هذه التصريحات، بخلاف الـ PKK التي أنكرت مراراً وتكراراً حادث استشهاد (غازي صالح آليخان) واتّضح فيما بعد وعلى لسان قادتها أنها المسؤولة عن إراقة دمه الطاهر، فالضحايا والخسائر البشرية التي قدّمتها الـ PKK نتيجة الهجمات التركية أو نتيجة أخطائها هي، ثمّ تأتي بعدها متّهمة الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- هي مجرّد تأليب ضد البارتي وحشد جبهة معادية وتنظيمها.
لماذا تمارس الـ PKK هذه الممارسات؟
انتهت الـ PKK في ساحتها المفترضة -كوردستان تركيا- عسكرياً وسياسياً، فمنذ عامين وجدت إقليم كوردستان كمنفذ ومخرج لها، فمنذ خريف العام الماضي وقع 10 من بيشمركة كوردستان شهداء وضحايا اعتداءات الـ PKK وهجماتها، كما جرح أكثر من 20 آخرين، رغم هذا لم يرد بيشمركة كوردستان على هذه الاعتداءات، كما تعد الـ PKK العدة منذ ربيع هذا العام لاعتداءات على بيشمركة كوردستان وقتاله، فتشير كافة الدلائل والاحتمالات إلى أنها ستقوم بعمليات عدوانية من جرائم قتل واعتداءات في إقليم كوردستان أواسط هذا الشهر وآخره، كما أنها ستشنّ هجمات على نقاط بيشمركة كوردستان على طول الخط في قضاء العمادية -ئاميديي- شيلادزي، لهذا السبب فهي تحاول شرعنة اعتداءاتها وهجماتها أمام الشعب الكوردي والرأي العام كما وتحاول خلق قاعدة جماهيرية مؤيّدة لها.
هناك سبب آخر هام ألا وهو أنه ووفق التغييرات السياسية الإقليمية تحاول الـ PKK إيجاد موطأ قدم لها على الساحة، فالنجاح الذي حقّقته حكومة إقليم كوردستان في كافة المجالات وبالأخص في المجال الدبلوماسي والاقتصادي جعلها حكومة مثالية فخرية أمام أنظار القوى العظمى (أمريكا وأوروبا والعالم أجمع) وجلبت أنظارهم نحو الإقليم، وهذا ما لا يسرّ الـ PKK ولا يفرحها، بل تجعلها تتعنّف أكثر في اعتداءاتها وهجماتها وفق مصالحها الضيقة وأنانيتها، فالـ PKK هي أساس تأزم وفشل محادثات وحدة الصف الكوردي في روج آفا (غربي كوردستان-كوردستان سوريا) والتي تُدار بضمانة أمريكية وتأييد فرنسي ودولي، فقد بذلت جهوداً جبارة في محاولة منها لانهيار هذه المفاوضات التي استأنفت العام الماضي بجدية أكبر، كما وضعت مؤامرة بالغة التطرّف للقضاء على أية أرضية مناسبة لاستئناف مفاوضات وحدة الصف الكوردي هناك.
الـ PKK تحاول إفشال المفاوضات بين الأطراف الكوردية بغربي كوردستان -كوردستان سوريا-
نستطيع القول بأن الـ PKK تفكّر في عقد اتفاقية عاجلة مع النظام السوري، فهي تعتقد بل وتقول بأن العالم أجمع وخصوصاً أمريكا مدينة لنا، وينبغي عليهم تنفيذ كافة مطالبنا، غير أن الولايات المتّحدة لا تنصت لهذه المطالبات العبثية ولا تأبه لها، لهذا نجد الـ PKK واقفة أمام عتبة أبواب قصر بشار الأسد في الشام، ولديها رؤية مشتركة مع إيران بهذا الصدد، إذ تفرض الـ PKK سياستها ونظامها الحزبي على شعب غربي كوردستان -كوردستان سوريا-
وبالأخص التظاهرات والمسيرات التي نظّمت في الآونة الأخيرة ضد البارتي، وحقيقة قيام البعض من أنصار الـ PKK ومؤيديها بالنزول إلى الشوارع والأزقة ومواقف (Ronahi TV) كانت مرهونة بالإشارة الخضراء من الـ PKK وفق اتفاقية مع الدولة السورية، فهي تحاول البقاء وحيدة على طاولة المفاوضات مع الدولة السورية وكسر طاولة المفاوضات التي تجري عليها لقاءات وحدة الصف بضمانة أمريكية!
اتفاقية الـ PKK مع المحتل ضد الخط القومي والوطني لاستقلال الكورد
ممّا لا شك فيه أن إيران تقف وراء هذه الاتفاقية، كما هم الأتراك، بحيث نستطيع القول بأنها بمثابة اتفاقية مناوئة معادية للوجود الكوردي، فهي استعمار واحتلال للقضاء على الكيان الكوردي في العصر الحديث، ويبدو أن الـ PKK تدير مهمة القضاء على أية فرص لاستقلال الكورد في هذه الاتفاقية، علماً أن التجارب الماضية أثبتت لنا أن الـ PKK تقف في الجبهة المؤيدة لهذه الدول وتقوم بدور حماة حدود الدول المحتلة لكوردستان من التغيير!
ينبغي على الكورد الوقوف ضد الـ PKK واتخاذ موقف صريح وصارم تجاهها
ما يجب على الكورد فعله في هكذا أوضاع، ويتحتّم عليهم القيام به هو الوقوف ضد ممارسات الـ PKK التي تخدم المحتل وتقف في طابوره وجبهته، فهي جانية كما وتزرع بذور الشرّ بين الشعب الكوردي، نناشد الكورد أينما كانوا باتخاذ موقف صارم ضدها، ولتعلم الـ PKK أن عدم انجرار حكومة إقليم كوردستان وراءها وعدم الرّدّ عليها ليس نابعاً من ضعف حكومة الإقليم قطعاً، فالـ PKK على أتمّ الاستعداد لحشد العديد من شباب الكورد وأطفالهم وسوقهم لجحيم حروبها العبثية ومعاركها الدامية، فنناشد الشعب الكوردي والمثقفين والفنانين والقوى السياسية الكوردية ومن له إحساس عميق بالوطنية والقومية بأخذ موقف حازم وصارم تجاه هذه المخاطر والتهديدات التي تحدق بإقليم كوردستان، وممارسة ضغوطات حقيقية قومية ووطنية على هذه الخطوات السلبية التي تنفّذها الـ PKK والتي لا تهدف سوى لخدمة المحتل، وزجر الـ PKK وردعها عن ممارسة ومزاولة هكذا تصرفات وأعمال وممارسات معادية للكورد وكوردستان.