نشر إعلام حزب العمال الكوردستاني (PKK) يوم أمس، بياناً هو أشبه بسيناريو حول استشهاد عنصرين من بيشمركة كوردستان، حيث نفت مجدّداً، تورّطها في الاعتداء، غير أن نصف بيانها لم يكن مستغرباً إطلاقاً كوننا تعوّدنا على التضليل والخداع منها كما تعوّدنا على مثل هكذا ممارسات مارستها…
فلا يختلف اثنان أن الـ PKK وفي الـ 16 أيلول الجاري أوقعت شهيدين من قوات بيشمركة كوردستان، فالبيشمركة المتواجدين في موقع الحادث ووزارة البيشمركة بإقليم كوردستان وأهالي المنطقة يشهدون على الحادث، ويعرفون جيداً أن حادث الاعتداء نفّذتها الـ PKK، بل حتى كوادر هذه التنظيمات وأنصارها يدركون جيداً تورّط الـ PKK بحادث استشهاد البيشمركة، ورغم كلّ هذا حاولت هذه التنظيمات إبعاد التهمة عن نفسها وإنكارها له.
لهذا السبب، ظهر عضو للمركز الإعلامي لقوات الدفاع الشعبي (HPG) يدعى (سردار يكتاش) على موقع (ANF) الإخباري للـ PKK وتحدّث باسمها، ونفى تورّط الـ PKK قائلاً: “لا علاقة لنا بالحادث” غير أن البيان كان ضمن الحرب الخاصة، فقد أشار في ختام حديثه بأنه لا علاقة لهم بالحادث وكأن الحادث ليس بمهم إطلاقاً، وكأن لا أحد فقد حياته ورائها ونتيجة ممارساتهم أو كأن الشهداء لا أحد لهم، لا أب أو أم أو أطفال أو عائلة تحزن لهم وترثى بهم! أو وكأنهم ليسوا ببيشمركة إطلاقاً! هكذا مرّ مرور الكرام على هذا الاعتداء والجريمة المأساوية، وكأنه شيء عديم القيمة! وممّا لا شكّ فيه أن هذا ليس كلام موظّف للـ PKK يدعى سردار، بل هذه مسيرة الـ PKK ومنهاجها هي وقواتها المسلّحة (HPG) القتل والإنكار مسيرتهما يوم ولدت هذه التنظيمات كما وانتهجت مسيرة الخيانة وانعدام الضمير والإنسانية.
تكرار المسيرة الغابرة…
منذ تشرين الثاني العام الماضي 2020، ولغاية وقوع الحادث، استشهد 12 بيشمركة من بيشمركة كوردستان على يد هذه التنظيمات دون أن تعترف باي حادث اعتداء من بينها لغاية الآن، بل مارست سياسة الإنكار والجحود وواظبت عليها.
فقد أنكرت قوات الدفاع الشعبي حادث استشهاد مسؤول معبر سرزير الحدودي (غازي صالح آليخان) لتستمر بإنكارها لهذه الاعتداءات لغاية حادث الاعتداء الذي أسفر عن استشهاد 5 من بيشمركة كوردستان ضمن حدود قضاء العمادية -ئاميديي- وهذا الإنكار صدر من كبار قادة هذه التنظيمات، فقد ظهر مراد قريلان مدّعياً بأن المقاتلات الحربية التركية قصفت آلية البيشمركة، وطالب بتشكيل لجنة تحقيق حول الحادث! فقد تعوّدت الـ PKK منذ سنوات على قتل المواطنين والبيشمركة واستشهادهم مطالبة بعدها بتشكيل لجان تحقيق حول هذه الجرائم، مدّعية عدم تورّطها فيها دون التفكير في التغطية على أكاذيبها بعد ذلك!
اعترافات أوزغور زياندا
اعترافات قيادي قوات الدفاع الشعبي (أوزغور زياندا) كشفت النقاب عن كلّ الحقائق
تمّ التخطيط لكلّ ما نفت قوات الدفاع الشعبي تورّطها فيه، فقد تمّ التخطيط لها في مراكز قرارها العليا، كما تمّ التخطيط لحادث اعتداء دينارته من قبل مركز القرار لهذه التنظيمات، فكان حادث الاعتداء هذا بداية الشروع في مخطّط بشع وواسع ضد بيشمركة كوردستان، فلو كانت تلك الآلية تقل 20 من بيشمركة كوردستان وليس اثنان فقط لاستشهدوا جميعاً، فالعبوة التي انفجرت بسيارتهم كانت تزن 500 كغم من المواد المتفجرة! فالحادث خطّط ونفّذ بأمر مباشر من مراد قريلان، وكان يكمن وراءها سببان رئيسيان هما:
الـ PKK خطّطت لتحويل كافة مناطق بهدينان لساحة حرب مفتوحة
الأول: هو مؤامرتها لجذب الجيش التركي للأراضي الخاضعة لسلطة حكومة إقليم كوردستان، فنصف أراضي كوردستان والتي تعرف تأريخياً بأراضي بهدينان تمّ إخلاؤها للجيش التركي، فالـ PKK تهدف لتحويل كافة هذه المناطق لساحة حرب مفتوحة، وتكرار تجاربها (زاكروس-بوتان) في مناطق بهدينان، فهي عوض تحريرها للأراضي من العدو المحتل تحاول إهداءه حتى الأراضي المحرّرة من كوردستان، وإدراجها ضمن حدود الدولة التركية! ونقل تجربتها الفاشلة في كوردستان تركيا لإقليم كوردستان جغرافياً، فناحية دينارته كمنطقة تمتلك أهمية جغرافية كبيرة، وكان مخطّط الـ PKK يهدف إلى توسيع ساحة الحروب لتصل لعتبة العاصمة أربيل، وهذا مخطّط بالغ المخاطر وعدائي لحدّ كبير، والحق أن الـ PKK كانت تحاول تنفيذ هذا المخطّط خريف العام الماضي وبدء هذه الحرب هناك، فكانت تحاول التمركز على خط دينارته كتمركزها في مناطق نهيلي ونيروه-ريكان وتحويلها لساحة حربها ومعاركها غير أنها فشلت في هذا المسعى لجملة أسباب، لهذا فهي تحاول تكرار محاولتها هذه المرة وإنجاح مخطّطها هذا وإدخاله حيز التنفيذ هذا العام وبالقوة والعنف!
الثاني: متعلّق بمسيرة الـ PKK وحروبها النفسية، فهي قد أعلنت حرباً في أدنى مستوياتها مع قوات بيشمركة كوردستان منذ 3 أعوام، فهي تعرف جيداً أنها ستخسر الكثير لو دخلت في حرب شاملة مع بيشمركة كوردستان، لهذا فهي تدير حرباً طفيفة وفي أدنى مستوياتها مع بيشمركة كوردستان،
فهي تدير حرباً إعلامية شرسة على كافة منصاتها الإعلامية وبكافة الأساليب والطرق، غير أنها تدير حرباً عسكرية ممنهجة وجبانة بحيث يكون بمقدورها التحكم فيها متى ما شاءت، تحاول التدرّج في إضفاء الشرعية على إراقة الدم الكوردي وجعله وكأنه شيء عادي طبيعي أمام أنظار الشعب والمجتمع، وخلق مفهوم مدمّر كهذا، ويتوقّع أن يستمر هذا الوضع إلى مستقبل أبعد بكثير، فسنرى العديد من التفجيرات بأيد هذه التنظيمات، وستوقع العديد من قوات بيشمركة كوردستان شهداء، كما وستنفّذ العديد من الأنشطة والعمليات الوقتية في المدن، وستصنع الفوضى والدمار والقتل وتجعلها جزءاً من حياة شعب إقليم كوردستان، فهذه هي تكتيكات الحرب الخاصة التي تديرها الـ PKK، غير أننا ندرك جيداً أن هذه الأحداث ليست بأحداث محلية عادية طبيعية إطلاقاً، بل هي حرب خاصة مستمرة ومتواصلة بدأتها الـ PKK وتديرها ضد إقليم كوردستان.
حرب ناعمة -لينة- جبانة
نعم، لن تفتح الـ PKK الباب على مصراعيه لحربها الناعمة الجبانة هذه، فهي تبدي نفسها وكأنها تدعو للوحدة الوطنية والقومية في حين يسقط بيشمركة كوردستان شهداء على يد جلاديها وجلاوزتها في هذه الحرب الخاصة، من جانب آخر يحاول قريلان إقناع الشعب بأنه يريد لقاء مسعود بارزاني في حين يوجّه كافة منصاته الإعلامية وماكناته الدعائية لمحاربة الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- والبارزانيين وتخوينهم، يقول قريلان بأننا لا نريد قتل الكورد في الجانب الآخر يظهر مصطفى قاراسو ويقول بأن قتال البيشمركة لا يقع في خانة الاقتتال الأخوي، أي أن الـ PKK تدير حرباً نفسية محكمة منسّقة، فهي تهاجم وتبدي في الوقت نفسه مظلوميتها، تستشهد قوات بيشمركة كوردستان وتدّعي بأن البيشمركة هم البادين والمعتدين عليها! تكذب وتبدي نفسها كناصح صادق أمين! (ضربني وبكى سابقني واشتكى) فهذه صلب مسيرة الحرب الخاصة، وينبغي الوقوف بوجه هذه الحرب الخاصة في كافة أنحاء العالم وقطع السبل أمامها ومحاربتها كون العدو غير واضح المعالم غير معروف فيها في حين يهاجم في أي وقت يريده وأي موقع شاء!!
الـ PKK وحدها استفادت من المواقف اللينة المرنة
قبل كلّ شيء، ينبغي على الكلّ إبداء موقف سياسي معادي وصريح وواضح تجاه الـ PKK وممارساتها هذه، ينبغي على حكومة إقليم كوردستان أن تضع تقبلّها لهذه التنظيمات كحزب كوردي جانباً وأن تتعامل معها وفق ممارساتها وأن تنهي مسيرة العفو والصفح عنها والتي تتمتّع بها تنظيمات الـ PKK لغاية الآن، كما ينبغي على بيشمركة كوردستان أن يدرك جيداً أنه في مواجهة صريحة مع عدو غدّار لا يألو جهداً في الاعتداء عليه واستشهاد أفراده، نعم ينبغي على البيشمركة أن تعرف بأن الـ PKK وعداوتها للبيشمركة أخطر من عداوة داعش لها بكثير، فبيشمركة كوردستان الذين لم يقدروا -حباً وعطفاً- على مواجهة مسلّحي الـ PKK وضربهم باعتبارهم أخوة في الوطنية والقومية، ينبغي عليهم أن يدركوا أن هذا الأخ طعنه بخنجر الخيانة في ظهره! ينبغي عليهم ألّا يدعوا الـ PKK تستفيد في هذه الأجواء الحسّاسة للغاية، ففي حادث اعتداء دينارته، زرعت الـ PKK أربع عبوات ناسفة في طريق بيشمركة كوردستان، كلّ عبوة منها كانت تزن 500 كلغم من متفجرات (TNT) فجّرت الـ PKK إحداها بسيارة تقلّ 2 من عناصر البيشمركة فوقعا شهيدين، غير أن الحظّ لم يحالف هذه التنظيمات في تفجير الثانية بسيارة الإسعاف التي أسعفت شهداء البيشمركة، فقد فجّروها بعد عبور سيارة الإسعاف، كما قد زرعت عبوتين لتفجيرها بقوات البيشمركة الذين يأتون لنجدة إخوانهم الشهداء، غير أن بيشمركة كوردستان اقتربوا بحكمة وحذر لموقع الحادث ما أفشل هذا المخطّط، كما أبطلت الفرق الهندسية لقوات البيشمركة مفعول العبوة الرابعة، فقد كانت مرتزقة الـ PKK قد خطّطت لمقتل العديد من عناصر البيشمركة، فقد حفرت مسافة 300م ووزرعة متفجرات TNT على كلا جانبي الطريق، فكانت تحاول تنفيذ عملية قتل جماعية ومجزرة بحق البيشمركة، عملية مليئة بالحقد والبغض والكراهية لقوات البيشمركة، ينبغي عليكم التنبه والتيقظ من هذه القضية وهذا الوضع المضطرب، وممّا لا شكّ فيه أنه سيتمّ الرّدّ على عداوة الـ PKK هذه ولن تذهب سدى، فعموم شعب إقليم كوردستان يعرفون هذا جيداً.
عقد الآمال على الرجولة والجرأة من الـ PKK خطأ
رغم كلّ ما مرّ، لم يتم إيضاح موقف ضروري واضح وصريح من فناني الكورد ومثقفيهم وكتابهم تجاه الـ PKK ومحاولاتها العدائية الرامية لفناء الكورد وكوردستان، فهي ما زالت تدّعي أنها لا تدعو إلى الاقتتال الأخوي وإراقة الدم الكوردي! وتزعم أنها ترفض الحرب الداخلية! على العكس من هذا، فقد بدأت الـ PKK بإشعال فتيل الحرب ضد إقليم كوردستان منذ فترة طويلة، فهي على غرار الحشد الشعبي، وهي تمثّل الميليشيات الإيرانية في المنطقة، فإبداء المواقف المعارضة والمعادية للـ PKK لا يأتي بمعنى الوقوف ضد حزب كوردي، بل هو بمثابة مواجهة الحشد الشعبي بموقف وطني وقومي مخلص، فالوضع ليس بهذا القدر من السهولة كي ينحل بنصيحة أو إرشاد وتوجيه، فأهداف الـ PKK واضحة لا غبار عليها، فأهدافها تصبو إلى القضاء على إقليم كوردستان وإزالة هذا الكيان الكوردي عن بكرة أبيه، على خلاف هدف الإقليم المتجسد في منع اندلاع حرب داخلية أو اقتتال أخوي بين الكورد، وشتّان ما بين الهدفين، فلن تستطيع تقديم باقة ورد لمن يوجّه إليك فوهة بندقيته، وبالأخص لحزب أو ميليشيا مثل الـ PKK في الخطورة وانعدام الضمير والإنسانية! فمن البديهي لديها أن تغتال كوادرها القدامى المخلصين في طرفة عين! فلا يؤمل من هذه التنظيمات لا الصداقة ولا الوفاء ولا الكوردايتي ولا البطولات ولا الفداء… فهي بعيدة كلّ البعد عن مثل هذه المفاهيم والأسس والقيم، فهي قد اعتادت الخيانة والعمالة والتضليل والخداع وتربّت عليها وستديمها رغماً عنها، كما ستديم هجماتها واعتداءاتها، فما تصريح المتحدّث الإعلامي لقوات الدفاع الشعبي وإنكاره ونفيه تورّط تنظيماته في الحادث الوحشي الذي ارتكب بحق بيشمركة كوردستان سوى تأكيد لما مرّ ذكره في الأسطر أعلاه، وحقيقة الاعتداء هو: أننا قمنا به ولو استطعنا لقمنا بأكثر منها ولا نأبه!