لم يتبقّ إلا أيام قلائل على إجراء الانتخابات العراقية المبكرة، وهذه العملية محطّ أنظار كافة الأطراف السياسية العراقية والخارجية على حدّ سواء، لهذا يولي الكورد اهتماماً بالغاً بها كونها تحدّد مصير إقليم كوردستان على المستوين التكتيكي والاستراتيجي “القريب والبعيد”.
ورغم الصراعات واختلاف وجهات النظر بين الأطراف والأحزاب الكوردية، إلا أن هناك فهماً متفقاً عليه ضمناً بين كافة هذه الأطراف والأحزاب يتجسّد في خروج الكورد من هذه العملية بقوّة أكثر ممّا مضى، غير أن الطرف الوحيد الذي يحاول إضعاف هذا المفهوم وتدميره والقضاء على أية خيوط تجمع الكورد هو حزب العمال الكوردستاني (PKK).
محاولات جادة للـ PKK للتأثير على الانتخابات العراقية
بداية، ظهر جميل بايك مصرّحاً بأنهم يدعمون حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني في هذه الانتخابات، غير أن ما أغفله بايك من مقال في هذا المقام هو أن الـ PKK حليفة للحشد الشعبي! فهي تتحرّك في موازاة تحركات الحشد في كرميان وجزء من كركوك وخط نينوى “موصل-شنگال(سنجار)” وبالأخص في شنگال، فقد أسّست حزباً باسم (حزب الحرية والديمقراطية الإيزيدية PADÊ ) ومرشّحها هو الشيخ سمير درويش، وتساند الـ PKK الحشد الشعبي وتعاضدها من خلال ترشيحها لهذا المرشّح.
للكورد الإيزيديين إمكانية انتخاب 5 من مرشّحيهم
يحق للكورد الإيزيديين تحديد أكبر عدد من المرشّحين في هذه الانتخابات بالمقارنة مع الانتخابات السابقة، فكان لهم حقّ ترشيح 3 مرشّحين في الانتخابات السابقة، بينما يمتلكون حق ترشيح 5 من مرشّحيهم في هذه الانتخابات، وتبذل كلّ من الـ PKK والحشد الشعبي كافة جهودهما للحصول على هذه المقاعد، فالـ PKK تحاول الحصول أقل ما يمكن على مقعدين من بين هذه المقاعد الخمسة، غير أن الـ PKK مخدوعة مغرورة بها في هذه القضية، فمحافظة الموصل تتألف من حلقتين انتخابيتين، دخلت الـ PKK هذا المعترك وهذه اللعبة من أجل مرشّحها (الشيخ سمير درويش) بينما دخل مرشّحوا الحشد في الموصل لهذه اللعبة للفوز في هذه المناطق جميعها.
إعداد بطاقات انتخابية مزوّرة
تمّ إعداد بطاقات انتخابية مزوّرة بأسماء بعض المواطنين الإيزيديين العائشين خارج البلاد سواء في تركيا أو غربي كوردستان -كوردستان سوريا- كما تمّ تحديد من سيصوّت بأسماء هؤلاء سلفاً، فالـ PKK قد كلّفت كوادرها في شنگال بالتسجيل في عائلة كوردية إيزيدية في شنگال بحيث يحقّ له التصويت من ضمن هذه العائلة، كما جلبت مجاميع من الشباب من روج آفا -كوردستان سوريا- للتصويت بهذه البطاقات المزوّرة، فعدد الناخبين في مدينة شنگال شبه محدّد، إذ لا يعيش سوى 20% من الإيزيديين في شنگال، كما أن غالبية قاطنيها تحت سنّ 18 عاماً ولا يحقّ لهم التصويت في هذه الانتخابات، بمعنى أنه يحقّ لما يقارب الربع من أهالي شنگال المتواجدين في المدينة التصويت في هذه الانتخابات لمرشّح الـ PKK المنتخب في المدينة، ووفق تقديراتنا شبه الدقيقة أن هذه الأصوات محدّدة ما بين 800-1000 صوت لا أكثر، فهي تعتقد أنها ستحصل على أصوات العرب في المنطقة، غير أنه ورغم كلّ هذا فلن تحصل على عدد الأصوات التي تؤهّل مرشّحها دخول قبة البرلمان العراقي، فكما قلنا بأنها ستفعل المستحيل من أجل الحصول على مقعد لها والفوز به في هذه الانتخابات، لهذا قامت بإعداد قوائم مزوّرة والتصويت باسمها عن طريق جلب مجاميع من الشباب وكوادرها من غربي كوردستان -كوردستان سوريا- كلّ هذا بالتأكيد بعد التنسيق والاتفاق مع اللجنة الانتخابية المكلفة بمتابعة وإجراء الاقتراع في تلك المنطقة.
فحقيقة هدف مسرحية الـ PKK التي أعدّتها بأسلوب “جرأة الغجر” ومنعها مرشّحي الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- من الدخول للمدينة يوم الثاني من الشهر الحالي وزيارة مرقد شرفدين في جبل شنگال هو خوفها الشديد ووجلها من كشف هذه البطاقات الانتخابية المزورة والتي أعدتها هذه التنظيمات لهذا الغرض، وما نشرته وسائل إعلام الـ PKK من ادّعاءات وإشاعات بأن البارتي سيهاجم شنگال باطلة لا أساس لها من الصحة قطعاً، فمن زار شنگال لم يبلغ عددهم مع سواقهم وحراسهم 20 شخصاً، فهل يعقل أن يتمّ احتلال شنگال بهذا العدد من الأشخاص؟!! غير أنه وللأسف الشديد فمنصات الـ PKK الإعلامية مجرّدة من الأخلاق معدومة الضمير، ولهذا أبدت منصاتها الإعلامية وماكيناتها الدعائية زيارة مرشّحي البارتي لشنگال بمحاولة احتلال المدينة والسيطرة عليها!
كما أنه من السهل أن يتوقّع الانسان أن الـ PKK التي بلغت من الخباثة والدناءة هذا المبلغ بحيث تمنع زيارة المرشّحين لمرقد شرفدين أن تقوم بسرقة الأصوات بل وممارسة أي شيء مهما بلغ من الدناءة والخبث، فلا وجود لأية أجواء أمنية مستتبة أو عدالة مستقرة في مدينة شنگال إطلاقاً.
ما ظنّك بمسلّحي تنظيمات هاجموا (فيان دخيل)؟ فيا تُرى ماذا ستفعل بغيرها؟!
هناك 3 مرشّحين للحزب الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- عن مدينة شنگال، من بينها سياسية عانت كلّ آلام ومآسي وأحزان الشعب الإيزيدي، والمجتمع الإيزيدي بأكمله يعرفونها جيداً كما يعرفون أبناءهم، فـ “فيان دخيل” والمعروفة بحديثها الممزوج بالبكاء والدموع، والتي عرفت بكلامها المحزن للفؤاد والموجع للضمير لدى إلقائها كلمتها أمام البرلمان العراقي بصدد هجمات جند الظلام “داعش” على مدينة شنگال، بل لم ترق قلباً بها، فقامت بالتوجّه لشنگال على متن مروحية يوم 12 آب، وحادثة سقوط المروحية ما زالت عالقة في أذهاننا وكذلك خبر إصابة فيان دخيل إثر حادث السقوط ذاك، فهي معروفة بكفاحها المستمر والمتواصل من أجل الشعب الإيزيدي وبالأخص المرأة الإيزيدية، فقد حصدت ونالت عشرات الجوائز والمكافآت والألقاب في هذا المجال، وهي ما زالت بين مخيمات الإيزيديين تعاني معاناتهم كما وتعرف بالأم الحنونة لكلّ الإيزيديين.
ورغم كلّ هذا هل يعقل أن تُمنع فيان دخيل من دخول شنگال وزيارة شرفدين؟!!
ويوم أمس كان ذاك اليوم الذي حرّكت فيه امرأة مثل (آفيستا) المنعدمة الجنس والدين والأخلاق بإصبعها لتقوم جماعة من فاقدي الوعي والشعور بمهاجمة فيان دخيل والاعتداء عليها!! نعم فيان دخيل التي أمضت حياتها في خدمة الإيزيديين.
وهذا إنما جعلنا نعيش في حيرة واستغراب متسائلين: أيا تُرى كيف ستهاجم هذه الجماعة التي هاجمت فيان دخيل، كيف ستهاجم غيرها وماذا ستفعل به؟! ما هذه العقلية؟!! فما لا يتطرّق إليه الشكّ أنها ستفعل كلّ شيء!
رغم كلّ هذا، فالـ PKK تعرف البارتي جيداً، فهي تحتشد حولها هذا الحشد بكل هذا الضجيج والضوضاء العاري عن الغيرة والكرامة، ولكن رغم هذا فهي تعرف أن وقتها لم يحن بعد، وأن البارتي متى ما بدأ صبره بالنفاذ فهي تدرك مصيرها جيداً!