تتواصل التظاهرات والاعتصامات الطلابية والتي بدأت قبل يومين في إقليم كوردستان، وكانت احتجاجات طلابية قد انطلقت بالمطالبة بصرف مخصّصاتهم الدراسية والتي انقطعت منذ فترة.
غير أن هذه التظاهرات والاعتصامات أخذت منحى آخر وانحرفت عن مسارها الصحيح نحو تحقيق أجندات أخرى خارجية، وبالأخص يوم أمس الثلاثاء، حيث حدثت أعمال تخريبية غير قانونية ألحقت خسائر فادحة بممتلكات المواطنين والأملاك العامة، فهنا ينبغي التفرقة والتمييز بين مطالب المتظاهرين الواضحة والممارسات الاستفزازية وأجندات الأطراف الخاسرة في الانتخابات العراقية التي جرت في 10-10.
مطالب طلبة الجامعات
منذ أعوام، وعلاوة على توفيرها للسكن في الأقسام الداخلية للطلاب، كانت حكومة إقليم كوردستان تصرف مخصّصات على طلبة الجامعات -التابعة لوزارة التعليم العالي- وقد توقفت هذه المخصّصات أثناء قطع الحكومة العراقية لميزانية إقليم كوردستان، والأزمة الاقتصادية التي عصفت بالإقليم، وقد نظّم طلبة الجامعات بداية هذا العام تظاهرات لإرغام حكومة الإقليم على دفع هذه المخصّصات والمستحقات المالية.
غير أن الأحداث أخذت تنحرف عن مسارها وتسلك وجهة أخرى، وحدثت ممارسات فوضوية مفاجئة، وممّا لا شكّ فيه أن هناك سياسيين وأطراف سياسية تستفيد من الوضع المفاجئ، علماً أنهم ليسوا طلبة كما لا تهمّم أية مشاكل للطلبة!
تحالف الشرّ -تحالفات الأشرار-
كان من بين اعتصامات طلبة الجامعات بعض الأطراف المتحالفة وكذلك من شارك من أجل خلق الفوضى والاضطرابات، على رأسها (حراك الجيل الجديد) والذي يترأسه شاسوار عبد الواحد، على يمينه حزب العمال الكوردستاني الـ PKK، وعلى يساره الجماعة الإسلامية والتي يتزعّمها علي بابير تلك الجماعة التي لم تقدر على حصد مقعد برلماني واحداً فقط من بين ما يقارب من 400 مقعد برلماني في البرلمان العراقي، علاوة على مشاركة لاهور الأكيدة ولكنها لم تكن بادية وعلى مرأى ومسمع الكلّ بل كانت خفية حيث دعم تلك الأطراف بما أوتي من قوة بعيداً عن الأنظار.
من بين المعلومات التي حصلنا عليها أن الـ PKK شاركت بما يقارب من 2-3 وحدة من قواتها المدربة والمسمّاة بـ (قوات الحماية الذاتية) والتي نشرتها الـ PKK حول كرميان وكركوك وعلى مشارفهما، فقد جلبت هذه التنظيمات تلك القوات للسليمانية، تلك القوات المرتزقة والتي تثقّفت وتربّت على يدي الـ PKK الخبيثتين، والحقّ أن هذه الوحدات كانت الوقود الرئيسي لهذه الفوضى والاضطرابات والأنشطة التخريبية.
علي بابير يشارك في التظاهرات، ويشرك أنصاره في التظاهرات التي جرت في حلبجة
من جانب آخر، هناك حراك الجيل الجديد أو ما يسمّى بحراك شاسوار، تلك الشخصية التي استدانت عشرات ملايين الدولارات من حكومة إقليم كوردستان ولم تفي بدفع قروضها لغاية هذه اللحظة رغم الأزمات المالية التي مرّت بها حكومة الإقليم، وكلّما بدأ الحديث عن إعادة القروض حكومة إقليم كوردستان أو الإصلاحات التي بدأتها الحكومة نرى شاسوار وأنصاره وحراكه يبذلون كافة جهودهم للتغطية على هذه القضية، وبهذا الصدد فهناك تنسيق وتعاون كبير بين شاسوار والـ PKK بحيث تنشر وكالتا (روژنيوز) للـ PKK و NRT لشاسوار بالبثّ والنشر المشترك في عموم التظاهرات، فكلا الطرفين يبذلان جهوداً جبارة لتحريف الأحداث عن مسارها وخلق مزيد من الفوضى، لهذا لا تألو منصاتهما الإعلامية جهداً في نشر الأكاذيب.
فإعلام الـ PKK رفعت من مستوى هذه الأحداث بحيث خلطت بينها وبين رفع قيمة الدولار والتوغّل التركي بشكل يصعب فهم حقيقة مغزاها! وكالعادة، حاولت الـ PKK اتّهام الديمقراطي الكوردستاني -البارتي- من وراء هذه التظاهرات وإبداء القضية وكأنها مشكلة البارتي وليست مشكلة متعلقة بحكومة إقليم كوردستان!
زمن انطلاق هذه الأحداث لافت للانتباه!
إذا كان لكلّ مواطن حق التظاهر السلمي وفق قانون، فلطلبة الجامعات حق تنظيم التظاهرات بطريقة أولى، ومن واجب الحكومة الانصات لمطالبهم وتوفيرها، بالمقابل، ينبغي قطع السبل أمام الممارسات الفوضوية والأنشطة التخريبية باسم التظاهرات وفي ظلّها، كحرق المؤسّسات والدوائر الحكومية ونهبها وتدميرها، وبالأخص وقوف جهات وأطراف متحالفة وراء استغلال هذه التظاهرات لأغراضها السياسية ولتحقيق أجندتها من ورائها، بحيث يصبح طلبة الجامعات وسيلة وأداة لتحقيق أهدافهم.
والجدير بالذكر، أن ما يجعلنا نفكّر ملياً بوجود قوات أجنبية وجهات أخرى وراء توجيه المتظاهرين من الطلبة، هو انطلاقها في هذه الظروف البالغة الحساسية إذ الدولة العراقية مقبلة على تشكيل حكومة جديدة والمفاوضات جارية على قدم وساق بين الأطراف العراقية والكورد حول نمط هذه الحكومة وملامحها!
فإيران خلقت من الأجواء المشحونة ما يعرقل تشكيل الحكومة الجديدة، فما حدثت من تظاهرات في بغداد والتي أدّت لمقتل 3 متظاهرين، والهجوم على منزل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بالطائرات المسيرة كلّها من تدخّلات الجارة إيران المصنّعة للفوضى والاضطرابات، والجدير بالذكر أن إيران تحاول جاهدة جذب إقليم كوردستان لهذه العاصفة الهوجاء والفوضى العارمة، علماً أن القوى الثلاثة والتي تدخّلت في تحريف مسار التظاهرات على علاقات ودّية في أعلى مستوياتها مع إيران.
لهذا، يجب التمييز بين المطالب الحقة للطلاب، والأجندات الخارجية والتي تحاول تحريف مسار التظاهرات الطلابية، واطّلاع الرأي العام على حقيقتها، كون من تستّر وراء مطالب الطلبة المتظاهرين لهم هدف واحد فقط يتجسّد في استخدام أبناء الشعب كأدوات ووسائل لبلوغ مرامهم وتحقيق أهدافهم وتنفيذ أجنداتهم، ليبقى المغرّر بهم والأكثر تضرّراً من هذه العملية اخيراً هم الطلبة وحدهم!
لاهور جنكي والـ PKK ووحدات حرق علم كوردستان والمؤسّسات الحكومية
الحق أنه ومنذ اليوم الأول من انطلاق هذه التظاهرات والاعتصامات أنها بدأت بشكل اعتيادي، سلمي ومنتظم، كانت بعيدة كلّ البعد عن مظاهر العنف والفوضى بحيث أبدى المتظاهرون مطالبهم بكلّ أريحية وحرية، بعدها حاول بعض الأشخاص والجهات والأحزاب السياسية الانخراط فيها لأغراضهم الخاصة، من بين هؤلاء (لاهور جنكي برهان) الرئيس المشترك المقال -المطرود- للاتحاد الوطني الكوردستاني، فقام لاهور وبتعاون حزب العمال الكوردستاني الـ PKK بإقحام المندسين من أتباعه وأنصاره ومؤيديه وأنصار الـ PKK بين الطلبة المتظاهرين لتحريف التظاهرة من مسارها وتوجيههم لخلق الفوضى والاضطرابات والتصادمات والمشاكل، لخلق ضغوطات على حكومة إقليم كوردستان من جهة، وإبداء قوته وشوكته وإرسال رسالة لكبار قادة الاتحاد أنه ما زال يملك القوة وباستطاعته تحريف مسار التظاهرات متى ما أراد!
فوفق معلومات خاصة حصل عليها موقع داركا مازي، أنه لم يكن من بين أحد ممّن قام بانتهاك حرمة علم كوردستان ووضعه على الشارع لكي يدوس عليه المارة، لم يكن من بينهم أياً من طلبة الجامعات، بل كانوا أفراداً من وحدات الحماية الذاتية والتي أسّستها الـ PKK ووظّفتها للقيام بمثل هذه الممارسات، غير أنهم تحرّكوا هذه المرّة تحت اسم (حركة تشرين) حيث يتّضح جلياً من أولى بياناتهم وتصريحاتهم أنهم أتباع وأنصار الـ PKK، حيث تحدّثوا في مقدّمة بيانهم عن الهجوم على المؤسّسات والدوائر الحكومية والحزبية في إقليم كوردستان وحرقها، وحمل السلاح ضد حكومة الإقليم، وهذا ما تكرّر جلياً في العديد من المرات من تنظيمات الـ PKK وثبت عليها، وأعظم مثال على هذا التظاهرات الماضية والتي انطلقت في إقليم كوردستان حيث كانت هذه الوحدات البككية تنتقل مدينة مدينةً لحرق المؤسّسات والدوائر الحكومية، والملف للنظر واللاأخلاقي هنا هو أنه لا يتجرأ أحد عدا أعضاء وكوادر وأنصار وأتباع الـ PKK على الدوس على علم كوردستان أو الإساءة إليه كما لا يتقبّله، حيث قام بعض أنصار الـ PKK الملثّمين بوضع علم كوردستان على الشارع وإجبار السيارات على المرور عليه ودوسه!
هذا الحادث يثبت بما لا مجال للشكّ أن الـ PKK لن تتخلّى عن قيومها والقائم بأعمالها في الاتحاد الوطني الكوردستاني (لاهور جنكي برهان) وأنها ستفعل كلّ شيء من أجل إعادة صلاحياته ومنصبه إليه!