بأية لغة نردّ على الـ PKK؟!

تواصل وسائل إعلام الـ PKK مهنتها اللاقيّمة واللاأخلاقية وممارساتها المبنية على الأكاذيب والافتراءات بلا توقّف، فحسب هذا الإعلام أنه لا توجد في كوردستان أية حركة أو تنظيمات أحق وأخلص منها، بل إنّ كلّ تنظيم أو حزب أو حركة عداها أو أية شخصية تدعم هذه الأحزاب عملاء وجواسيس باعوا أنفسهم! ووفق فكر هذه التنظيمات أنها لو لم تكن موجودة لما كان هناك شيء باسم الكورد والكوردايتي على وجه الأرض! وأن مقاتليها وحدهم هم أبطال وأساطير وأن أية قوى مسلّحة سواها هي مرتزقة وخونة وعميلة!

أليس هناك ما يثني الـ PKK من هذا التكبّر والغطرسة؟!

تتباهى الـ PKK كثيراً بهذه الأشياء، وتعلنها على الملأ وتعبّر عنها بكلّ صلافة ووقاحة، بحيث يتحيّر الإنسان ويشكّك في وجود ما يثني هذه التنظيمات ويرجعها إلى الصواب، فلا نقد ولا إرشاد ولا رفقة تستطيع إبعاد الـ PKK من هذا التكبر والعناد والتعجرف، ومهما فعلتم فلن تستطيعوا إيجاد حلّ لهذه المعضلة كون هذه التنظيمات قد تأسّست على يد القوى الغاصبة من أجل الدمار والخراب والقضاء على المنجزات والمكتسبات فقط.

فمن مدّ يد الصداقة والمصاحبة للـ PKK شعر بفقدانه لهذه اليد بعد فترة قصيرة! وخير مثال بهذا الصدد هو الاتحاد الوطني الكوردستاني، فإحدى الأسباب الرئيسية لاندثار الحزب وضياعه والخلافات والانشقاقات التي عصفت به اليوم هو تنازلاته للـ PKK منذ 2013 ما تمخّض عنه توغّل الـ PKK داخل بيت الاتحاد والاستيلاء عليه، فالـ PKK بعيدة كلّ البعد عن تراث وثقافة الكوردايتي، فهي تنظيمات مبنية على الأسس والمعايير الأخلاقية لليساريين الكماليين الأتراك.

فمهما بلغت درجة القرابة والصداقة بينكم والـ PKK فهي ستحاول القضاء عليكم وإمحاءكم!

أي فلا صداقة ولا تحالف ستردع الـ PKK من القضاء عليكم واستئصالكم، بل ستحاول استقطاع جزء منكم والاستيلاء عليه أو إمحاء جزء منكم والانحلال محلّه، وبالأخص إذا كانت قد نوت أو خطّطت لهذا الشيء! فهي ستصنع آلاف الحجج والمبرّرات لمحاربتكم وقتالكم لو دعت الحاجة أو قضت مصلحتها بذلك، فهي ستبني قاعدة نظرية تقوم على نشر الإشاعات والدعايات ضدّكم يومياً، وستخلق أجواءً فوضوية مشحونة بالاضطرابات، فلا بدّ أن تجد مبرّراً للاعتداء عليكم ومحاربتكم، نعم، قد يكون أعظم الأخطاء التي ارتكبتها الأحزاب السياسية الكوردية أنها كانت تترقّب عقد تحالفات وتعاهدات مع الـ PKK، وأنها فسّرت الخلافات مع الـ PKK وكأنها وقتية ما جعلت الـ PKK تتقوّى بمرور الوقت.

فمضمار كيفية قضاء الـ PKK على أية بدائل لها لتقوية ذاتها ووجودها، وكيفية محاكاتها للأنظمة المعتدية المضطهدة، هذا المضمار لم يقيّم بالشكل المطلوب في الأجواء السياسية الكوردية لغاية الآن، ولم يحظى بالقدر المطلوب من الكتابات والدراسات من المثقّفين الكورد.

ففي الحقبة السبعينية والثمانينية للقرن المنصرم، اغتالت الـ PKK الكوادر المؤسّسين والبارزين للأحزاب والحركات الكوردية بكوردستان تركيا، ورغم هذا، لم تدرك هذه التنظيمات لغاية الآن مدى الضربة القاصمة التي وجّهتها إليها الـ PKK، والسبب الرئيسي لتهميش الأحزاب الكوردية بكوردستان تركيا -شمالي كوردستان- هو أنها لم تستوعب هذا الجانب المظلم من الـ PKK ولم تلاحظه!

نعم، قد لا يصلح استخدام مفهوم (القصاص) في جميع المجالات غير أن هناك حقيقة نضالية وهي: ينبغي عليكم أن تحاربوا المرتزقة الأشرار باللغة التي يفهمونها، فلا تستطيعون الجلوس على طاولة المفاوضات مع العصابات المافياوية في إطار المعايير الديمقراطية وبناء العلاقات على مثل هذه الأسس وتطويرها، كما لا تستطيعون الإفصاح لهم عن أخطائهم، بل ينبغي عليكم أن تردّوا عليهم بلغة هم يفهمونها.

السبب الرئيسي لعجرفة الـ PKK وبلوغها هذا الحدّ من العدوان هو أنها لم تُخاطَب قط باللغة التي تفهمها!

فالـ PKK تهاجم مقدسات كلّ فرد، وتسيء إلى كلّ شيء بلسانها السليط، وتناقش حول كلّ شيء، وتحتقر كل شيء، كما وتنعت كلّ شيء بالخيانة، ولم نجد أية ردود أمام هذا الكمّ الهائل من الحقارة وسلاطة اللسان والممارسات اللاأخلاقية للـ PKK سوى أصواتاً ضئيلة قليلة تعدّ بأصابع اليد! وهذا ما يسمّى في المجال السياسي بـ (الكفاح من أجل البقاء) أي نفس مستوى الرّدّ، وهذا ليس بثأر قروي، بل هو مفهوم دولي ديبلوماسي.

باختصار، عموم جرائم الـ PKK وعمليات القتل والاغتيال والتصفية التي مارستها والتي لم تُرد بالمثل، جعلتها لا تنفك تنتهج مسيرتها الإجرامية كالطفل العاقّ الذي لا تنفع معه عدا صفعة تأديبية، وهنا سنأتي بمثال: منذ أيام، وماكنات الـ PKK الإعلامية أجبرت عوائل وذوي وأقارب بعض عناصر بيشمركة روژ على ترديد عبارات كـ (تعالوا واستسلموا!) وتظهرهم على شاشات التلفاز على مدى 24 ساعة، ولأية أسباب كانت أو مهما كانت مطالب هؤلاء فلا نريد الخوض فيها، فليست مهمة، بل المهم هنا هو أن قوات (بيشمركة روژ) الوطنية المخلصة، ألم تضحّي بمئات الشهداء في السواتر الأمامية للدفاع عن أرض كوردستان أمام داعش والحشد الشعبي؟! ألم تسطر أسمى البطولات في الذود عن تربة كوردستان لكي تأتي الـ PKK اليوم وتخوّن هذه الكوكبة الوطنية من أبناء وبنات غربي كوردستان -كوردستان سوريا- فقط من أجل التغطية على عودتها لحضن النظام الأسدي والتستر على اتفاقياتها مع دمشق!!

فالـ PKK تقلّد أساليب وسياسات الدولة التركية، غير أن هناك عشرات حالات الانشقاقات اليومية من صفوفها ولكن رغم هذا لم تتحدّث فضائيات إقليم كوردستان عنها ولم تظهر أحداً على شاشاتها!

خلال الـ 3 سنوات الأخيرة… فرار ما يقارب من 60 امرأة حامل من صفوف حزب العمال الكوردستاني الـ PKK

وسنأتي بهذا كمثال لا أكثر، فخلال الـسنوات الثلاث الأخيرة، فرّت ما يقارب من 60 امرأة حامل من صفوف الـ PKK ولجأن للقوات الأمنية في حكومة إقليم كوردستان، في الوقت نفسه، فالمعتقلون بسجون ومعتقلات غربي كوردستان -كوردستان سوريا- تذوّقوا شتى صنوف التعذيب في السجون الانفرادية وسلّموا أنفسهم لقوات البيشمركة لدى هروبهم من هذا الجحيم، رغم كلّ لم يظهر هؤلاء يوماً على شاشات التلفاز أو أجريت معهم مقابلات! أمام عدسات الكاميرا! علاوة على توجّه العشرات من العوائل التي اختطفت أطفالهم لقنديل أو گاره وتعرّضها لأسوأ التصرّفات وأشرس هجمات وإساءات الـ PKK فحاولت هذه العوائل عقد لقاءات مع فضائيات للاطّلاع على أوضاعهم المزرية وإيصال صوتهم للرأي العام، غير أن حكومة إقليم كوردستان حاولت الحؤول دون هذه المحاولات لئلا تتعاظم المشاكل الداخلية أكثر فأكثر.

 لا صحبة أو صداقة مع المرتزقة

لو تحدّثت تلك النسوة التي هربن من جحيم جميل بايك ومراد قره يلان فمن المؤكّد أن حديثهن سيكون أشد تأثيراً وأكثر التفاتاً من كلام من يقول (لا تنضمّوا لقوات بيشمركة روژ) سواءُ من الناحية الأخلاقية أو الجانب الإعلامي والصحفي، غير أنه لم يمارس أحد شيئاً كهذا تجاه الـ PKK، ولهذا صعّدت الـ PKK من هجماتها اللاأخلاقية على المقدسات والقيم الكوردستانية يوماً بعد يوم، فكما قلنا: “لا صحبة أو صداقة مع المرتزقة” بل ينبغي الرّد على المرتزقة باللغة التي يفهمونها…

مقالات ذات صلة