القيادي البارز في حزب العمال الكوردستاني بكك، دوران كالكان، وصف هجوم كرمان على أنه هو هجوم استهدف قاسم سليماني، وأن الدولة التركية تقف وراء الهجوم، وتركيا تريد توريط إيران وجرّها إلى الصراع الدائر في الشرق الأوسط!
كتب القيادي في حزب العمال الكوردستاني بكك، دوران كالكان مقالاً في صحيفة البكك التي تُذاع في أوروبا، والمعروفة باسم (Yeni Ozgur Politika- يني أوزغور بوليتيكا) تحت اسمه المستعار (صلاح الدين أردم) تحت عنوان “لماذا هاجم داعش ذكرى تأبين سليماني؟” قدّم كالكان تقييمات وتنبؤات ملفتة للانتباه، بل كشف حقيقة البكك التي لطالما أرادت البكك تعريف إيران وتصويرها بها أمام أنظار العالم والتي مفادها أن (إيران دولة معصومة-بريئة في المنطقة).
تركيا تحاول جرّ إيران إلى الحرب في غزة!
زعم كالكان في العديد من المواضع من مقالته أن إيران ظلت خارج الحروب والصراعات في الشرق الأوسط، وأنها دولة تصالحية وسلمية، وقال في هذا السياق: إن “أكبر محاولة لإدارة أردوغان في هذا الصدد هي إشراك إيران بشكل فعال في حرب غزة…” على اعتبار أن الهجوم كانت رسالة لإيران مفادها (التخلّي عن السلم والمشاركة في القتال والحرب الدائرة في عموم الشرق الأوسط).
حاول دوران كالكان إبداء إيران بمظهر البراءة من الحرب الدائرة في غزة، غير أن الحقيقة هي أن إيران بالفعل انخرطت بشكل نشط وفعّال في حرب غزة منذ البداية، بل من المعروف أنها المتآمرة والمخطّطة لعملية طوفان الأقصى، بل حتّى أن إيران نفسها لا تخفي ولا تنكر هذه الحقيقة.
هل تلعب إيران دور السلم في الشرق الأوسط؟!
بشكل عام، حاول دوران كالكان من خلال مقاله تصوير إيران كقوة متعاونة في المنطقة لم تنخرط في الحرب، لكن ومنذ الربيع العربي الذي بدأ في الشرق الأوسط عام 2011، شاركت إيران في هذا الصراع عن طريق الميليشيات المسلّحة من العراق إلى سوريا، ومن لبنان مروراً باليمن وصولاً إلى أفغانستان، تدخّلت في عموم هذه المنطقة، سفكت الدماء ودمّرت عشرات المدن، تدخّلت في إدارة هذه الدول وأزهقت أرواح الآلاف، وما زالت لاعباً أساسياً يلعب دور الريادة في الحرب المدمرة التي عصفت بمنطقة الشرق الأوسط.
اتّهم كالكان خلال المقال، الدولة التركية بالوقوف وراء الهجوم في كرمان، مدعيًا أن تركيا هي من أمرت داعش بالهجوم على كرمان، وأشار بشكل مباشر إلى تورّط وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
كما أصدرت منظومة المجتمعات الكوردستانية (KCK) بياناً بعد الهجوم على كرمان، متّهمة تركيا بالوقوف وراء الهجوم، وأن تركيا كما هي مسؤولة عن الهجوم فهي تدير تنظيمات داعش أيضاً.
لكن كما هو معلوم، داعش كيان متعدّد الجنسيات، تُدار أجنحته المختلفة من خلال كيانات مختلفة. كما تدير الدول العربية وروسيا وإيران بعض هذه الأجنحة، وأن إيران استفادت بشكل كبير من هجمات داعش على المنطقة، بل شنت إيران حرباً خارج أراضيها وغطت المنطقة كلها وغمرتها بالدماء، وان الشخص الذي سفك أكبر قدر من الدماء في هذه الحرب الوطيسة هو قاسم سليماني بلا منازع.
كالكان: يريدون إشراك إيران في الجبهة المعادية المناهضة للكورد!
زعم كالكان خلال المقال، أن تركيا تريد جرّ إيران إلى خضم الجبهة المعادية للكورد، فقال: “السبب وراء ربط صحافة حزب العدالة والتنمية بالإجماع هجوم داعش في كرمان بإسرائيل هو في الأساس عقلية وذهنية وسياسة العداء للكورد… وبهذه الأسلوب فـ: “الهدف هو وضع إيران في حالة حرب مع إسرائيل وتشكيل تحالفات جديدة مع إيران ضد حزب العمال الكوردستاني”.
وفي ختام مقاله، قال كالكان: “لا نعرف ماذا ستقول الإدارة الإيرانية لهذه الرسائل، وما إذا كانت ستقول نعم أو لا لرئاسة حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية بصدد الانضمام للجبهة المعادية المناهضة للكورد؟” وسنسمع هذا الجواب قريباً.
عندما ينظر المرء إلى تصريحات حزب العمال الكوردستاني بكك وكالكان، يتصوّر أن إيران لا تنتهج ولا تمارس أية سياسة معادية تجاه الكورد وكوردستان! لكن الحقيقة على النقيض تماماً، فإيران لا تسمح للكورد بأن يحكموا أنفسهم في الشرق الأوسط، وأن يصبحوا كياناً وقوة ويحظوا بحقوقهم الثقافية والسياسية، فإيران لديها من الأجندات المعادية للكورد بقدر تركيا، وصاحبة أخطر المخطّطات المعادية لكيان إقليم كوردستان، وما احتلال كركوك والهجمات الصاروخية على أربيل إلّا جزء يسير من هذا المخطط العدواني الإيراني، فإيران تستهدف بشكل يومي الحركات التحرّرية الكوردية في روجهلات كوردستان-كوردستان إيران، يستشهد بيشمركة روجهلات كوردستان، تُعدم الشباب الكورد، وخلال انتفاضة ژينا أميني العام الماضي فقط، قُتل نحو 100 كوردي بالرصاص المباشر للدولة الإيرانية.
فالدولة الإيرانية هي “العقل العميق للسياسة المناهضة-المعادية للكورد في الشرق الأوسط” يحاول كالكان وحزبه البكك إخفاء هذه الحقيقة والتستر عليها منذ عام 2014 بالذات، كما يريدون إخفاء هوية الاحتلال الإيراني وتصوير إيران على أنها دولة بريئة مسالمة صديقة للكورد!
كتابات كالكان هي بيان لحقيقتهم بأن حزب العمال الكوردستاني هو أداة لتنفيذ أجندات إيران…
فضلاً عن كون كتابات دوران كالكان دعاية لإيران، تحاول البكك إخفاء الحقائق التاريخية واليومية كما وتحاول تبرير وضعها وتحالفاتها مع إيران، فيمكننا القول إن مقال كالكان هو شهادة على حقيقتهم واعتراف بها، وأن من يصنع السياسة ويديرها داخل البكك بشكل يومي هم أذيال إيران وأتباعها، وأن البكك تعمل وفق الأجندات والمصالح الإيرانية في كلّ من روجآفا وإقليم كوردستان منذ عام 2012.
وخصوصاً في إقليم كوردستان، فالبكك تنتهج سياسة معادية لإقليم كردستان وتستخدم كوادرها والشباب الإيزيديين الكورد في صفوف ميليشيات الحشد الشعبي، وعلى الرغم من أن إيران تستهدف جميع المنظمات الكوردية في روجهلات كوردستان، إلا أن الكيانات التابعة لحزب العمال الكوردستاني بكك وأجنحته هناك كـ (PJAK أو KODAR أو YRK) باتت بمنأى عن هذا الاستهداف والهجمات، وأنها مستاءة من تمركز وتواجد قوات روجهلات كوردستان كـ (PDK-إيران وكومله وباك) على أراضي إقليم كوردستان بينما تغضّ الطرف عن تمركز الكيانات التابعة للبكك في المناطق الحدودية لإقليم كوردستان، والتي أقامت نقاط تفتيش جمركية على حدود آسوس وقنديل وبنجوين بمحاذات معسكرات الحرس الثوري الإيراني، لإخذ الجبايات والإتاوات من العتالين الكورد-كولبر!
يُستنتج من فحوى مقال كالكان ومضمونه، أن مسؤولي حزب العمال الكوردستاني بكك أمثال جميل بايك ومصطفى قاره سو ودوران كالكان، يعيشون على فتات إيران وفرصها ويتمتّعون بالحماية الإيرانية، وأن البكك تتمتّع بحماية إيران، وخاصة بعد انهيار حرب الخنادق في تركيا، وأن زمام البكك بات بيد إيران تتحكّم بها وتسيطر عليها بالكامل، وأنه من المستحيل أن تعمل البكك خارج أطر المصالح والأجندات الإيرانية، لذلك ليس من الوارد انسحابها من خط السليمانية-شنگال وكركوك.
عليه، فالمفاوضات بين حزب العمال الكوردستاني بكك والدولة التركية واستئناف عملية سلام وحلّ ثانية على غرار العملية التي جرت عام 2012 لن تكون محلّ قبول طهران على الإطلاق، والحقيقة هي أن موقف KCK وكالكان، المشيد بإيران ومهاجمة الدولة التركية خلال تصريحاتهم وخطاباتهم هو إيصال رسالة لإيران مفادها أنه (لم تعد لنا علاقة بالدولة التركية).
وسيوضح المستقبل أكثر أن حزب العمال الكوردستاني بكك هو قوة شبه عسكرية إيرانية، فكيف يمكن للبكك المرتبطة بإيران لهذا الحدّ أن تمثل الكورد في روجهلات كوردستان؟!