دلوفان علي
منذ فترة طويلة، تحاول إيران إضعاف الحزب الديمقراطي الكوردستاني-البارتي بشتى الوسائل والطرق، فبعد خيانة 16 أكتوبر/ تشرين الأول، حاولت كسر أربيل بشتى الوسائل، لكنّها فشلت، وما القرارات المتتالية للمحكمة الاتّحادية العراقية إلّا قرارات إيرانية تهدف إلى إضعاف الكيان الدستوري لإقليم كوردستان والقضاء على الديمقراطي الكوردستاني-البارتي، وهذا ما أوصل الأمور إلى هذه المرحلة الفظيعة، والحال أن الحكومة العراقية مستمرّة في انتهاكها لاتفاقياتها والدستور في كل مرة.
تحاول المحكمة الاتّحادية العراقية إضعاف الكيان الدستوري لإقليم كوردستان بقرارات غير قانونية وغير دستورية، ففي البداية، استخدمت قضية الميزانية كورقة ضغط سياسية لتجويع الشعب الكوردي. وكان الاتّحاد الوطني الكوردستاني دائماً ما يؤيّد قراراتها، بينما كان بافل طالباني يتصرّف كقائد في الحرس الثوري وقائد للحشد الشعبي.
الخونة الذين كانوا يصرخون بمليء حناجرهم على شاشات التلفاز، أمس، مطالبين حكومة إقليم كوردستان بتسليم ملفي النفط والإيرادات إلى بغداد، وأن الرواتب ستأتي في موعدها المحدّد، وسيتم حلّ كلّ شيء، لكنّنا رأينا العكس، فقد تمّ تسليم ملفي النفط والإيرادات، لكن لم تصل الرواتب ولم يتمّ حلّ أي شيء! بل أصرّت بغداد على كسر إرادة الشعب الكوردي والمساس بكرامتهم من خلال قضيتي الموازنة والرواتب، لكن أولئك الجحوش بقوا مغمّضي الأعين ساكتين عن الحقّ!
ومن أوراق إيران الأخرى لإضعاف إقليم كوردستان، إزالة المقعد الأخير للكوتا (المكونات) من الساحة، وذلك بقرار سياسي بامتياز، علماً أن إقليم كوردستان يعدّ أجمل نموذج للتعايش والحقوق الاجتماعية والدينية في عموم الشرق الأوسط، والعالم بأجمعه شاهد على ذلك.
في هذا القرار الذي أصدرته المحكمة الاتّحادية ضدّ حقوق مكوّنات إقليم كوردستان، لعب الاتّحاد الوطني الكوردستاني مرّة أخرى دوراً رئيسياً في إنجاح القرار، لذلك فإن قيادات الاتّحاد الوطني شركاء في كافة جرائم المحكمة الاتّحادية تجاه إقليم كوردستان ويشاركون في الظلم والاضطهاد ضدّ مكوّنات إقليم كوردستان.
فمنذ أكثر من عامين، لا يرغب الاتّحاد الوطني في إجراء أية انتخابات؛ لأنه يعلم أنه سيتلقّى هزيمة مدوية، ولكن وبعد ضغوطات من الولايات المتّحدة الأمريكية والدول الأوروبية تقرّر إجراء الانتخابات، ونتيجة الأوضاع الداخلية السيئة للغاية للاتّحاد الوطني ووجود قوائم مختلفة للانتخابات في محافظة السليمانية… طلب الاتّحاد العون من إيران، وممّا لا شكّ فيه أن مفوضية الانتخابات العراقية تخضع للسيطرة الإيرانية التامة، وأن المتنفّذين فيها هم من ينفّذون سياسات إيران وموالون للحشد الشعبي، لذلك أعدّت إيران خطة على عدة مراحل، ففي البداية رأت أنه لا بدّ من التلاعب بأجهزة التصويت لزيادة نسبة أصوات الاتّحاد الوطني الكوردستاني والأحزاب الموالية لإيران، بعدها، تمّ استبعاد 400 ألف شخص من التصويت في إقليم كوردستان بحجة إشكاليات في بصمات الأصابع، معظمهم من جماهير وناخبي الديمقراطي الكوردستاني، 136.000 شخصاً في أربيل، 76.000 في دهوك، و20.000 في السليمانية، هؤلاء جميعهم كانوا من ناخبي الديمقراطي الكوردستاني-البارتي، وهم محرومون من حقّ التصويت، كانت إيران قد أعدّت هذا المخطّط كمرحلة أولى في رفع نسبة أصوات وكلائها وإضعاف البارتي.
أما المرحلة الثانية فكانت تجهيز قوات حزب العمال الكوردستاني بكك – الاتّحاد الوطني الكوردستاني – ميليشيات الحشد الشعبي لمهاجمة قوات البيشمركة وإقليم كوردستان من اتّجاهات عدة، لكن من المستبعد أن يتمّ ربط أربيل ودهوك بخط الهلال الشيعي مثل كركوك، وألّا يبقى هناك شيء اسمه إقليم كوردستان.
لم يتمّ زفّ البشرى السارة التي تحدّث عنها عميل الدولة التركية مراد قره يلان، بالكامل، لأن إرهابيي حزب العمال الكوردستاني بكك كانوا قد حصلوا على ضمانات من إيران لمهاجمة إقليم كوردستان من بهدينان وقنديل، وأن تقوم قوات الحشد الشعبي والاتّحاد الوطني بمهاجمة أربيل معًا من ناحية المناطق الخاضعة لسيطرة الاتّحاد.
كان من المفترض أن يزفّ قره يلان هذه البشرى في اليوم الأول من عيد نوروز، لكن الديمقراطي الكوردستاني سارع إلى نزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة والخطيرة على إقليم كوردستان، وأحبط المخطّط الإيراني القذر، لذلك، أعلنت وسائل إعلام البكك قبل اليوم الأول من نوروز أن بشرى قره يلان كانت إسقاط 15 مسيّرة تركية-بدون طيار من قبل البكك في عام 2023! لكنّ الحقيقة أن هذه لم تكن بشرى قره يلان الرئيسية كما زعموا، بل البشرى الرئيسية كانت الهجوم على إقليم كوردستان، لكن البارتي استطاع بقدراته السياسية هذه المرة أيضاً من فضح الخونة والإرهابيين وإهانتهم.
كلما أحيكت مؤامرة ضدّ إقليم كوردستان والبارتي، تحاول البكك خلق أرضية مناسبة لهذه المؤامرة من خلال وسائل إعلامها، فتقوم المنصات الإرهابية الخاصة (DHKP-C، TKP-ML، MLKP …) تحت هوية الآبوجية بمهاجمة إقليم كوردستان والبارزانيين، فأنصار البكك ممّن تغابوا نتيجة نضال وعمل مضنين لفترات طويلة لا يعرفون من المستفيد من أقوالهم وأفعالهم؟!
بالطبع، فهذا أمر طبيعي، لأنه عندما يتعلق الأمر بالكورد وكوردستان، يحتشد عموم الإرهابيين في الجبهة نفسها.يدرك الديمقراطي الكوردستاني جيداً أن هذه الانتخابات هي مصيدة كبيرة ومحاولة جادة لإضعاف إقليم كوردستان. لذلك أكّد في بيانه للراي العام ودول العالم أنهم لن يشاركوا في انتخابات غير دستورية أعدّتها دول خارجية لمصلحة عدة أطراف وجهات.
فالديمقراطي الكوردستاني-البارتي أحبط خلال نضاله الممتد لـ 78 عاماً العديد من المخطّطات القذرة المماثلة، فعندما يقوم معارضو البارتي بإعداد مخطّطاتهم ضدّ البارتي يبدوا أنهم ينسون دائمًا أن البارتي يستمدّ قوته من إرادة الأمة الكوردية ويتصرف وفقًا لإرادة الأمة الكوردية، لذلك فالبارتي شجرة البلوط الكوردستانية لا يمكن القضاء عليها بالحرق أو القطع!
المهم هو أن يضع الديمقراطي الكوردستاني حدّاً لإرهابيي البكك وخونة الاتّحاد الوطني، وأن يقيّمهما كـ ميليشيتين إيرانيتين، وأن الكيان الدستوري لإقليم كوردستان هو نتاج نضال الشعب الكوردي والبيشمركة ودماء آلاف الشهداء ويجب أن يُصان بالدم.