تصريح لاهور جنكي برهان -الرئيس المفصول من الاتحاد الوطني الكوردستاني- الأخير حول موقفه الرافض للتنازل لمن أراد اجتذاب السليمانية نحو الفوضى والاضطرابات، كان تصريحاً ضمنياً بإرسال رسالة لكبار قادة الاتحاد أنهم قادرون على تحويل محافظة السليمانية لجحيم لا يطاق لأي كان ومتى ما شاء!!
بعد أحداث الـ 8 من تموز التي عصفت بالاتحاد الوطني الكوردستاني، وصلت الصراعات للحديث عن حرق مدينة السليمانية وتحويلها لجحيم لا يطاق، فلغاية الآن لم يحسم لاهور جنكي برهان طرده من أطر الحزب ولم يستسغه، فيجري هو وبعض أعوانه من الأحزاب والأطراف الأخرى محاولاته لجرّ مدينة السليمانية لزوبعة الفوضى والاضطرابات.
مقتل (مراد كاني كورديي) المقرّب من لاهور جنكي برهان
وممّا زاد والأوضاع سخونة والأحداث هيجاناً خلال هذه الفوضى هو مقتل القائد العسكري (مراد كاني كورديي) والمقرّب للاهور جنكي برهان مع مرافقين شخصيين له في الأيام الماضية، خلال اشتباكات مع القوات الأمنية، فقد تمّ الكشف أن المذكور كان اليد اليمنى للاهور برهان، فقد اشتبك مراد وحراسه مع القوة الأمنية التي حاولت إلقاء القبض عليه ما أسفر عن مقتله فوراً على يد تلك القوة ما أوصلت بالأحداث لأعلى مستوياتها إرباكاً وفوضى.
بعد الحادث، نشر لاهور جنكي برهان مقطع فيديو على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي -تويتر- كشف فيه أن الاتحاد الوطني الكوردستاني يستهدف أنصاره بهجمات إرهابية، وهدّد أبناء مام جلال وورثته قائلاً بأنهم فتحوا أبواب الجحيم على مصارعها وأنهم تسبّبوا بجرّ مدينة السليمانية نحو فوضى واضطرابات ومخاطر عظيمة، وأكّد بأنه على ثقة تامة من عدم تشكيل أية لجان تحقيقية حول ملابسات مقتل مراد كاني كورديي كما لن يتمّ القبض على أي متّهمين في القضية، وادّعى بأن له أعداء كثّر في قلب السليمانية والعراق والشرق الأوسط!
أيا ترى هل ستتعقّد الأمور أكثر؟
يتوقع بعض المراقبين السياسيين والكتاب والمثقفين المعروفين بهويتهم الاتحادية -الاتحاد الوطني، أن الوضع يسير نحو الاقتتال والحرب الداخلية، وأكّدوا بأن لاهور جنكي برهان ما زال يمتلك قوة مسلّحة محتشدة حوله، كما واعدته بعض القوى الأخرى المسلّحة بالتعاون معه ودعمه لدى نشوب أية حرب داخلية.
وأشار هؤلاء إلى أن تلك التنظيمات التي وعدت لاهور بتقديم العون والدعم له لدى نشوب اقتتال داخلي، تحاول إشعال فتيل حرب داخلية للحؤول دون سيطرة الاتحاد على مجرى الأحداث في مدينة السليمانية، وأن هؤلاء المختصين بالشأن الداخلي لمدينة السليمانية يعتقدون جزماً بأن التظاهرات التي بدأت منذ فترة باسم تظاهرات طلاب الجامعات في السليمانية بحرق علم كوردستان والإساءة إليه والاعتداء على الأموال العامة وحرق المؤسّسات والدوائر الحكومية والمكتبات العامة إنما هي ضمن الأحداث التي تمخّضت عن الخلافات والانشقاقات في أطر الاتحاد الوطني.
من يحدث الفوضى والاضطرابات؟
رغم الوساطات الكثيرة التي جرت في أطر الاتحاد والتي قام بها كبار القادة في الحزب مع لاهور جنكي برهان، فهذا الأخير ما زال غير مقتنع بتسليم سلطاته المقالة منها والمفصولة منها، ولم يتنازل عن المطالبة بإرجاع كافة صلاحياته السابقة، ولهذا رفض المقترح الذي طالبه بمغادرة مدينة السليمانية لفترة.
هذا وساد الاعتقاد بأن لاهور جنكي برهان وبتصرفاته هذه الداعمة لبعض القوى إنما يدعم ثلاثة قوى رئيسية، وهي:
إيران والتجار عبدة المصالح يدعمون الفوضى والاضطرابات
الأول، لمعرفة إيران المؤكّدة أن هذه الفوضى والاضطرابات العامة والتي عصفت بالسليمانية ستؤثّر سلباً على كيان إقليم كوردستان عموماً فهي تدعم هذه الاضطرابات وتعمّقها وتتّقد نارها أكثر فأكثر، فوفق المعلومات التي حصلنا عليها أن إيران تحاول بل وتطالب من العراق وتدفعها للتدخّل في مجريات الأحداث، وخلق المزيد من الفوضى والاضطرابات، والكلّ يدرك جيداً مدى قوّة العلاقات القديمة للاهور برهان وميليشيات الحشد الشعبي.
الثاني، التجار غير القانونيين وغير الشرعيين -المهربين- فعندما كان لاهور جنكي برهان مستحوذاً على مقاليد الحكم في السليمانية وبالأخص المعابر والمنافذ الحدودية مع إيران كمعبر باشماخ وغيره من المنافذ، كانت التجارة غير القانونية في أوجها، وبالأخص تجارة المواد المخدرة بالأطنان علاوة على تجارة النفط والغاز، وكانت هذه المواد المخدرة تنقل عن طريق هؤلاء التجار الكبار للعراق وغربي كوردستان -كوردستان سوريا، فهؤلاء التجار يدعمون لاهور بشتى الوسائل والطرق نظراً لما طرأ من تغييرات على تجارتهم بعد طرد لاهور من منصبه بل وفصله من الاتحاد الوطني الكوردستاني.
الـ PKK طرف في ملف قضية السليمانية
الداعم الثالث والأهم في هذه القضية، هو حزب العمال الكوردستاني (PKK)، فالـ PKK قد تمركزت بشكل واسع في مدينة السليمانية وفتحت العديد من المقار والمؤسّسات عندما كان لاهور يمسك بزمام السلطة في الاتحاد الوطني ومدينة السليمانية، فقد حاولت هذه التنظيمات تحقيق مشروعها العتيق في تسعينيات القرن الماضي والقاضي باستقطاع جزء من الاتحاد الوطني الكوردستاني، فحاول جميل بايك جذب الجماعة شبه المنشقة عن قيادة الاتحاد خلال الأحداث الأخيرة واحتشادها حوله، وفتح الحدود أمامهم على مصارعه للقيام بأعمالهم التهريبية وممارسة كافة صنوف التجارة عبر الحدود، وسخّر ماكينات الحزب الدعائية والإعلامية لخدمة هؤلاء وتنصيع صورتهم لدى الرأي العام، كما استطاع اختراق قلب بيشمركة الاتحاد والقيام بتنظيماته في أطره، والحق أن هناك جماعة صغيرة في الاتحاد الوطني ترتبط بالـ PKK على أسس مصالحية، وهذه الجماعة والـ PKK قد اسّستا تواجدهما على ضعف الاتحاد الوطني وانهياره، لهذا فهما لا يدّخران جهداً في إضعاف الاتحاد وخلق الفوضى والاضطرابات في المناطق التابعة لسيطرة الاتحاد وهيمنته.
وما جعلنا نعتقد جزماً من مشاركة الـ PKK الواسعة في تظاهرات طلاب الجامعات في السليمانية، وخلقها للمشاكل والفوضى، هو أن الـ PKK نشرت خلال تلك الأنشطة كتيباً -دليلاً منشوراً- باسم خلية إدارة التظاهرات- تضمن الكتيب مواضيع عن كيفية صنع المولوتوف -الزجاجة الحارقة- واستخدامها، وطرق صناعة العنف، والمواقع الواجبة استهدافها والاعتداء عليها وحرقها، وبالفعل فقد اتّسمت التظاهرات بالعنف الحاد.
عملية دسّ السمّ لكبار مسؤولي الاتحاد جزء من مشروع الاستيلاء على سلطات الاتحاد
هذا وترتبط عملية التسميم -دسّ السّمّ- التي طالت العديد من كبار مسؤولي الاتحاد أمثال ملا بختيار وهوستا حسن باستراتيجية السيطرة على سلطات الاتحاد، فالحادثة أضعفت الاتحاد بلا شكّ، وكما قلنا بأن إضعاف الاتحاد كان ضمن مخطّط السيطرة عليه عن طريق لاهور برهان، فكان الهدف هو ما ذكرناه، لهذا فعملية دسّ السمّ لم تكن تستهدف أفراداً في الاتحاد بقدر استهدافها كيان الاتحاد ووجوده.
لمن هذا الاستفزاز؟
مخطّط ومشروع السيطرة على الاتحاد الوطني وإخضاعه لم يكن مشروع لاهور وحده شخصياً، بل كان مخطّطاً إقليمياً، شارك فيه لاعبون إقليميون (العراق وإيران وحتى تركيا بطريقة غير مباشرة) أي أن عموم محتلّي كوردستان وغاصبيه متضلّعون في هذه المؤامرة، وأما لاهور جنكي برهان فهو كان كحصان طروادة استخدم كممثّل أساسي ضمن أطر الاتحاد في إقليم كوردستان لإضعاف كيان إقليم كوردستان باستهداف الاتحاد.
ليس هذا فحسب، فقد قام لاهور بدوره كحصان طروادة على أتمّ وجه عندما كان يمسك زمام الأمور في الاتحاد الوطني الكوردستاني، فدوره الخياني في أحداث 16 أكتوبر الخيانية وتسليم كركوك لميليشيات الحشد الشعبي والجيش العراقي لا ينسى على مرّ التأريخ، علاوة على ما مارسه من أدوار أساسية في كافة الأحداث العدائية التي استهدفت صميم كيان كوردستان.
ويفهم من هذا أن لاهور جنكي برهان ما زال يحاول خلق الفوضى والاضطرابات في إقليم كوردستان، محاولةً منه للقيام بواجبه الخياني وتحقيق ولائه للدول الغاصبة لكوردستان، وهذا ما جعل مفكري ومثقّفي وكتّاب الاتحاد الوطني يجزمون بأن الأحداث تتسارع نحو مواجهات عسكرية واقتتال أخوي ونشوب حرب داخلية، وأن لاهور باستطاعته حرق مدينة السليمانية!
حول هذا الموضوع، نشر الناشط (هيوا ميرخان) منشوراً ذكر فيه بأن رسالة لاهور التهديدية تُشمّ منها رائحة الدماء، راجياً عدم وقوع ما يخشاه، مبدياً قلقه وخوفه من نشوب حرب داخلية واقتتال أخوي في الاتحاد، وقد سرد أحداث مدينة السليمانية الأخيرة ضمن هذا الموضوع.