لسانهم حلو جميل… وأنفسهم خبيثة دنيئة!

لسانهم حلو جميل... وأنفسهم خبيثة دنيئة!

سمكو عبد العزيز

اليوم، كنت أتصفّح موقع (ROJNEWS) التابع لحزب العمال الكوردستاني (PKK) حيث وجدته قد عرض وبالمانشيت العريض خبراً بعنوان “دورة تدريبية لنساء شنگال لتعلم القراءة والكتابة باللغة الأم!”

المانشيت لفت انتباهي، وجعلني أحلّق عالياً شارد الذهن أتساءل: ألا تعلم نساء شنگال لغاية اليوم لغتهنّ الأم الأصيلة؟! هل فقدن لغتهن بحيث أصبحن بحاجة لتنظيمات الـ PKK لفتح دورات لتعلّم القراءة والكتابة باللغة الأم؟! والحق أنني بقيت مستغرباً…

فما نعرفه وعشناه، وأنّنا ومنذ 40 عام ونحن في شنگال، أن شعب شنگال وبالأخص المرأة الشنگالية معروفة بحلاوة تحدّثها باللغة الأم، بل لا تعرفن أية لغة أخرى سواها أصلاً! فشنكال تعتبر الهوية القومية للكوردايتي واللغة والثقافة والفن والأصالة الكوردية… تُرى ما الذي حلّ بها حتى تأتي اليوم الـ PKK لتعلّم نسوتها والأم الشنگالية لغتها الأم؟! أم يبدو أنهنّ قد ضيّعن لغتهن الأم خلال الفترة التي أخضعت الـ PKK المدينة لسطوتها المسلّحة؟!

هنا حقيقتان واضحتان وضوح الشمس رابعة النهار:

الأولى: معروف للجميع أن تنظيمات الـ PKK لا تعرف سوى اللغة التركية، وهي اللغة الرسمية لقنديل.

الثانية: خلال القرن الماضي (100 عام الماضية) توالت المحاولات المبذولة من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة لتعريب شنگال وكتم لغتهم الأصيلة في طيّ النسيان، وإذابة وانصهار هذا الشعب في بوتقة القومية العربية، غير أن كافة هذه المحاولات باءت بالفشل، فرغم هذه المحاولات الجبارة للدول الغاصبة والمحتلّة لكوردستان بقي شعب شنگال صامداً محافظاً على وجوده ولغته وثقافته وفنّه ليس من الضياع فحسب بل من الضعف والامتهان أيضاً، بل جعل هذا الشعب من شنگال ينبوع أصالة اللغة الكوردية والأغاني والدبكات الكوردايتية.

لماذا أقول للـ PKK: سلّمت يداك…

هنا، وبعد قراءة الخبر الذي نشرته وكالة (ROJNEWS) للـ PKK تجاذبت أطراف الحديث والنقاش مع نفسي، فتوصّلت لقناعة مفادها أنه ينبغي على الانسان أن يبعث بعبارات العرفان والامتنان للـ PKK، كون ما تقدر عليه هذه التنظيمات لا يتمّ إلا بالعصى السحرية! فما لم يقدر عليه محتلّوا كوردستان منذ 100 عام حقّقته الـ PKK لهم ونيابة عنهم فيما بين 3-4 أعوام!

غير أنّني راجعت الخبر بعدها مرّة أخرى، وشاهدت مقطع الفيديو الذي نشره، فاتّضح لي شيء آخر، اتّضح لي بأنه إعلام أسود!!

فقد اتّضح لي بأن الدورة لم تكن لتعليم اللغة الأم، بل كانت لتعليم الكتابة والإملاء بالحروف الكرمانجية! نعم، فأهالي شنكال يكتبون بألف باء الآرامية، إلا أن الـ PKK جاءت وفتحت لهم دورة لتعليمهم اللهجة الكرمانجية بألف باء اللاتينية!!

وبات مكشوفاً أن الهدف من هذه الدورة هو أن يدرك شعب شنكال ويتعلّم قراءة أدبيات تنظيمات الـ PKK، لكي تقدر هذه التنظيمات على اللعب وبكلّ سهولة ولين على عقولهم وأدمغتهم!

لماذا كتبت هذا الموضوع؟

كان معروفاً قديماً لدى الكورد، أنه لو مرض أحد كان أهله يأتون به مزار (عمر مردان) فقال أحد: لو كان عمر مردان حيّاً ومرض هو بنفسه فأين كنتم ستذهبون به؟!

ومن الأقوال الكوردية المأثورة عن حلاوة اللسان وخباثة ودناءة النفس (زمان خوه‌شه‌، لێ زك ره‌شه‌!!) وكذلك وسائل إعلام الـ PKK، فهي مستمرة متواصلة في لعبتها المخادعة للشعب الكوردي وشعب شنكال على وجه الخصوص، فهي تستمر على ترديد أيديولوجية التنظيم في آذان أهالي شنكال، وتدفعهم لقراءتها، وتفتح دورات حولها، فهي تحاول نشر سموم أدبياتها الخبيثة بلسان حلو معسّل، إلا أن المستغرب هو أن إعلام الـ PKK قالت في خبرها بأنها فتح دورة تدريبية لتعلّم القراءة والكتابة باللغة الأم، غير أن الفيديو يظهر وبوضوح أن الدورة مختصّة بالكتابة والإملاء! بمعنى أن إعلام الـ PKK نفسه لا يفرّق بين اللغة والإملاء؟! ولا حرج عليه فلغتهم الأصلية ما دامت تركية فهم بحاجة لتعلّم ألف باء اللغة الكوردية!!

مقالات ذات صلة