ماذا يعني اليوم العالمي لحقوق الإنسان بالنسبة للكورد؟!

ماذا يعني اليوم العالمي لحقوق الإنسان بالنسبة للكورد؟!

يحتفل العالم بالعديد من الأيام خلال السنة، سواء أكانت هذه الاحتفالات لأسباب اجتماعية أو لغرض القضاء على ظاهرة أو مشكلة اجتماعية (مثلاً اليوم العالمي لحقوق الانسان أو اليوم العالمي للقضاء على التدخين أو السرطان أو إنهاء العنف أو غيرها من المناسبات)، واليوم العالمي لحقوق الإنسان هو يوم هام من هذه الأيام لدى العديد من الأمم والمجتمعات، فيحظى هذا اليوم باحترام كبير كما يشغل حيزاً بارزاً من بين المناسبات العالمية، ولكن أيا تُرى ما قيمة هذا اليوم لتلك الدول التي بنيت على انتهاك حقوق الإنسان؟! وما الفائدة من إحياء مثل هذا اليوم في الوقت الذي ينتهك هؤلاء حقوق الإنسان بشكل يومي ويضطهدون الشعوب المظلومة ولا قيمة للإنسان في هذه الدول بحيث يغيّبون الإنسان في غياهب السجون من أجل كلمة قالها أو موقف اتّخذه أو راي عبّر عنه!

فالدول الغاصبة لكوردستان والمحتلّة لأراضيها لا يمثّل هذا اليوم أي شيء بالنسبة لها قطعاً، فهي تنتهك كافة حقوق الحياة والعيش وبكلّ الأشكال، بحيث جعلت من حياة الشعب الكوردي جحيماً لا يطاق!

ولهذا، نتساءل هنا ما الذي يعنيه اليوم العالمي لحقوق الإنسان بالنسبة للشعب الكوردي في كوردستان؟ لو لم الكورد يتمتّعون بالحرية والاستقلال أو يتنعّمون بحياة حرة كريمة تحت ظلال علمهم وعلى أرضهم؟! فهل يبقى آنذاك أي معنى أو مدلول لليوم العالمي لحقوق الإنسان بالنسبة لهذا الشعب المضطهد على أرضه؟! فمثلاً في تركيا، تتحدّث كافة الطبقات المعنية بدءاً من الحكومة ومروراً بالمعارضة ووصولاً للأطراف السياسية عموماً كالإسلامية واليسارية والليبرالية أي باختصار عامة الأيديولوجيات على الساحة الاجتماعية تتحدّث عن حقوق الإنسان، وتدلي ببيانات بمناسبة هذا اليوم العالمي، وتسلّط الأضواء حتى على دقائق الأمور في هذا المجال وعلى مرأى العالم وعلى شاشات الفضائيات بحيث أخذ الموضوع زخماً كبيراً بالنسبة لحجمه.

غير أنه وللأسف الشديد، لم يتحدّث أحد من هؤلاء عن حقوق الشعب الكوردي والاضطهاد الذي يتعرّ ض له هذا الشعب المظلوم منذ فجر التأريخ وعلى أرضه، وعندما يبدأ الحديث عن الشعب الكوردي وكوردستان وحقوق هذه الأمة نرى المذكورين آنفاً يتّحدون ويكون صوتهم واحداً تجاه الكورد، فاليمين المعتدل واليسار المتطرّف والإسلامي والمحافظ والاشتراكي وغيرهم يكون موقفهم واحداً آنذاك تجاه الكورد والقضية الكوردية وكأن مركز تفكيرهم وقرار واحد!

أي باختصار، هؤلاء ديمقراطيون بالنسبة لأنفسهم وعنصريون متطرّفون بالنسبة للكورد، بل حتى المدّعين بحماية حقوق الإنسان والمدافعين عنها يحتشدون في جبهة هؤلاء وتبدو فاشيتهم وتطرّفهم آنذاك، فهم إسلاميون لحقوقهم وأعداء لحقوق الكورد، يفكّرون بكلّ شيء جميل لهم على عكس الكورد حيث يفكّرون بكل شيء سيء شرير لهم! فيا تُرى بماذا ينبغي وصف هؤلاء في أوضاع كهذه؟! أو ما التسمية المناسبة لهم؟ فخلال حوار تلفزيوني على إحدى الفضائيات التركية ظهر بروفيسور في مجال القانون، وتحدّث عن القضية الكوردية قائلاً: في الحقيقة لا أفهم هل للكورد أية مشاكل أو قضية في هذا الوطن؟! فلهم جميع الحقوق، ويتمتّعون بالحقوق التي نتمتّع بها نحن! ونحن متساوون أمام القانون، فهلا أخبرتموني ما الذي يطالب به هؤلاء الكورد؟! لكي افهم أيضاً!!

فنقول لو كان هذا منطق الفكر لشخص يحمل لقب البروفيسور وهذا رأيه وقوله فماذا نقول نحن الكورد؟! فلو كان هذا حواراً لأكاديمي ويطرح مثل هذه الأفكار العنصرية ويتابعه العديد ويعدّونه مثقفاً وديمقراطياً فكيف يكون العنصريون المتطرّفون الجهلة؟! كيف لنا أن نتعامل مع عقليات نتنة صدئة مثل هذه العقليات والتي تنظر إلى القضية الكوردية نظرة حقوق ديمقراطية إنسانية؟! فيجب على الكورد أن يأخذوا بتلابيب أمثال هؤلاء ويطالبوا بحقوقهم القومية الكوردستانية المشروعة، ولا يرضوا عنها بديلاً بتاتاً.

من جانب آخر، ينبغي على السلطات الكوردية في المناطق الكوردستانية المحرّرة والخاضعة لسلطة الكورد كإقليم كوردستان أن تراعي حقوق الإنسان، وأن تنظر تلك السلطة لهذا الموضوع كواجب وطني وقومي مقدّس، فلا يجوز إطلاقاً أن تجعل من البعض يقولوا بأن الكورد متى ما أصبحوا سلطة مستقلة أو أسّسوا دولة هم أيضاً سينتهكون بعضاً من حقوق الإنسان ولا تراعيها، ينبغي على المؤسّسات الرقابية أن تتيقّظ تجاه قضية الدفاع عن حقوق الإنسان.

وفي جانب متّصل، أدلى المجلس الوطني الكوردي في سوريا يوم أمس بياناً بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، تضمّن البيان في جانب منه الممارسات الوحشية للفصائل والميليشيات المرتزقة لتركيا، كما تضمّن الجانب الآخر للبيان الأعمال والممارسات الشريرة واللاإنسانية لمسلّحي حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) مع الشعب الكوردي بكوردستان سوريا، وأكّد المجلس في بيانه على ضرورة الوقوف في وجه الانتهاكات الوحشية التي تتعرّض لها الشعب الكوردي في عفرين وسري كانيه وكري سبي على يد الجيش التركي ومرتزقته من الفصائل والميليشيات المسلّحة من القتل والاختطاف والاعتقال والتعذيب والتهجير القسري والاستيلاء على منازل المواطنين وممتلكاتهم ومزارعهم.

كما تطرّق البيان إلى استمرار الممارسات المشابهة لحزب الاتحاد الديمقراطي بحق الكورد أيضاً من اختطاف واغتيال واعتقال وتغييب وتجنيد الأطفال والنشطاء السياسيين وملاحقتهم.

مقالات ذات صلة