أصدوق مظلوم عبدي؟! أم يمثّل دور الشرطي الجيد فقط؟!

أصدوق مظلوم عبدي؟! أم يمثّل دور الشرطي الجيد فقط؟!

تعرّض أنصار الأحزاب السياسية الكوردية المنضوية تحت مظلّة المجلس الوطني الكوردي في سوريا للضرب والاعتداء وأشرس الهجمات خلال تنظيمهم احتفالية بيوم العلم الكوردستاني، على يد مسلّحي تنظيمات الشبيبة الثورية “جوانين شورشكر” حيث هاجم مرتزقة هذه التنظيمات المراسيم بالحجارة والعصي وقنابل المولوتوف وقاموا بإحراق مكتب المجلس في الدرباسية.

وقد خلّف الاعتداء الشنيع والدنيء منذ اللحظات الأولى من وقوعه ردود أفعال غاضبة من قبل عامة طبقات الشعب الكوردي، وكانت ردود الأفعال تزداد أكثر فأكثر لغاية تغريدة غرّدها مظلوم عبدي على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي -تويتر- أدان الاعتداء واستنكره فيها.

وقال مظلوم في تغريدته: “نرى أنه (أي الهجوم) استهدف الإدارة الذاتية وسيطرة القوات الأمنية في المنطقة قبل كل شيء” كما واستنكر الاعتداء مؤكّداً أن “القوى الأمنية ستلاحق متسببي الهجوم ليصار إلى اعتقالهم وتقديمهم للعدالة”.

 وقد أعادت فضائية روداو والتي تبثّ في العاصمة أربيل هذه التغريدة على رأس كلّ ساعة واصفاً إياها بالتطوّر الإيجابي الملحوظ في الموقف بغربي كوردستان -كوردستان سوريا.

رغم محاولات فضائية روداو هذه، يبقى التساؤل المطروح والذي يشغل تفكير الكورد هو: “هل فعلاً مظلوم عبدي عازم وحازم في إدانته للاعتداء الشنيع؟! أم أن ما بدر منه هو مجرد موقف أرغمته الظروف على تبنّيه؟!”  

يا تُرى: هل بات بإمكان الشبيبة الثورية “جوانين شورشكر” أن تستقلّ بممارساتها؟!

منظمة الشبيبة الثورية “جوانين شورشكر” ليست منظمة مستقلة غير مرتبطة بجهة، بل لها مكانتها الخاصة بين تنظيمات حزب العمال الكوردستاني الـ PKK، كونها تقوم بأصعب المهام وأشدّها أهمية، كقيامها بتجنيد الأطفال وصناعة المقاتلين وجمع المعلومات الاستخباراتية، لهذا، فمهامها ليست بمهام اعتيادية بسيطة، بل هي هامة لأعلى الدرجات لتنظيمات الـ PKK، وتمارس هذه المهام على أكمل وجه دون انتقاص، كانت المنظمة تُدار سابقاً من قبل مراد قره يلان أما في الوقت الراهن فيشرف على إدارتها شخص جميل بايك، وهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ومباشراً بالهيئة التنفيذية للـ PKK بغربي كوردستان -كوردستان سوريا، في الوقت نفسه، فهي تشغل حيزاً سياسياً هاماً هناك.

باختصار، الشبيبة الثورية لا تقدر على التحرك وفق اهوائها، بل لا أحد في أطر تنظيمات الـ PKK يتحرك وفق ميوله وأهوائه كما لا يمارس أحد نشاطاً مستقلاً بذاته، مثال ذلك عندما تقوم الـ PKK بأنشطتها وعملياتها تلك التي لا تريد تحمّل مسؤوليتها وأعبائها، تحت مظلّة منظمة صقور الحرية الكوردستانية (TAK) فـهناك تنظيمات نصف عسكرية في ظلّ هذه التسميات “الشبيبة الثورية وقوات حماية شنگال وأطفال النار و… الخ”.

حرق مكتب الدرباسية والاعتداء على منظّمي احتفال يوم العلم الكوردستاني المبارك وهجوم معبر سيمالكا كلّها كانت رهن إشارة وقرار الهيئة التنفيذية للـ PKK في غربي كوردستان -كوردستان سوريا

إدانة مظلوم عبدي واستنكاره لحادث حرق مكتب المجلس الوطني الكوردي في الدرباسية إنما هو أسلوب قديم للـ PKK، فالشبيبة الثورية ضمن منظومة الهيئة التنفيذية للـ PKK بغربي كوردستان -كوردستان سوريا، تلك المنظومة والإدارة التي ينتسب إليها مظلوم عبدي نفسه أيضاً.

اجتماع مظلوم عبدي الأسبوعي بإدارة منظمة الشبيبة الثورية “جوانن شورشكر”

هجوم الشبيبة الثورية على معبر سيمالكا، واعتدائها على مراسيم احتفالية يوم العلم الكوردستاني وحرقها لمكتب المجلس في الدرباسية، كلّ هذه العمليات والأنشطة إنما نفّذت بقرار الهيئة التنفيذية للـ PKK بغربي كوردستان، فمحاولات مظلوم عبدي المتبرئة من هذه الأحداث وزعمه عدم اطّلاعه عليها أو عدم معرفته بها إنما هو جزء من النفاق السياسي وازدواجية شخصيته.

هذه الممارسات والهجمات والاعتداءات إنّما تمّت بقرار مظلوم عبدي، ولا تسع محاولات فضائية روداو تبرئة ساحة مظلوم من هذه الاعتداءات، وتغيير هذه الحقيقة.

الحادث باختصار هو موقف الـ PKK الرسمي والثابت، فالـ PKK قد حشدت كوادرها من الكورد والعرب في غربي كوردستان -كوردستان سوريا- على معبر بيشخابور الحدودي منذ 70 يوماً ضد حادث وهمي لا علاقة لإقليم كوردستان به إطلاقاً، وتطلق تصاريح دنيئة معادية للديمقراطي الكوردستاني -البارتي- بلسان سليط يومياً، كما تهاجم شخص البارزاني والعائلة البارزانية، لتقوم بعدها مرتزقة الشبيبة الثورية بمسيرة احتجاجية تسفر عن هجوم شرس على إدارة المعبر لإقليم كوردستان والاعتداء عليها.

لكلّ عضو إداري دوره الخاص ومهامه الخاصة

فمظلوم عبدي الذي أدان حادث حرق مكتب المجلس الوطني ألم ير حادث حرق علم كوردستان! فالشيء الذي كان من الواجب إدانته واستنكاره ليس حرق المكتب فحسب، بل كان الأولى إدانة الممارسات اللاأخلاقية تجاه احتفالية يوم العلم الكوردستاني، تلك الممارسات التي تمّت بأمر مباشر من مظلوم عبدي نفسه!

ففي اليوم الذي هاجمت مرتزقة الشبيبة الثورية المعبر الحدودي لإقليم كوردستان، ومحاولتها إحداث الفوضى والاضطرابات، كانت الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطي (إلهام أحمد) تعقد اجتماعاً خاصاً مع ممثّل إقليم كوردستان في السويد (شورش كادر) بوجه بشوش مبتسم!!

في الوقت نفسه، أطلّ (عبد الكريم ساروخان) عضو مؤتمر السلام والديمقراطية والذي تأسّس على يد الـ PKK بغربي كوردستان -كوردستان سوريا- على شاشة فضائية روداو محاولاً شرعنة ممارسات وأنشطة الشبيبة الثورية وتبريرها!

مواقف شتى وهدف مشترك… من بين ثلاثة مسؤولي الـ PKK بغربي كوردستان، أحدهم أدان الحادث واستنكره، والثاني يتصرّف وكأن شيئاً لم يحدث! والثالث يحاول تبرير الحادث وشرعنته! أي أن دور مظلوم عبدي في الحداث اقتصر على تمثيل دور الشرطي الجيد لا غير!!

نهج الـ PKK: حرّكه واستلم التعويضات

من لم يدرك أساليب الـ PKK هذه لا يستطيع التعامل مع حِيَلُ الـ PKK وألاعيبها، فينبغي ألّا تكون حيلها وألاعيبها القائلة بأن الشباب لا ينصتون لنا وتحرّكهم دمائهم الحامية وأن خطابنا لا يؤثّر عليهم، محلّ قبول إطلاقاً… كما يجب إستيعاب محاولاتها الرامية للتغطية على الأحداث الدنيئة وغير المقبولة وعدم تقبّلها قطعاً، فما حدث إنما هي تكتيكات كلاسيكية للـ PKK عفت عليها الزمن! وهي ليست نهجاً محلياً فحسب بل هو نهج الـ PKK بامتياز وأسمى وأفضل أساليبها، ويسمّى هذا النهج والأسلوب بـ “حرّك واستلم التعويضات!”.

فالـ PKK تجمهر وتحتشد مجاميع من السفلة الأوغاد المتأهبين للارتزاق لأيّ كان، وتنظّمهم وتطلقهم في الشوارع والأزقة كالكلاب المسعورة، فتقوم هذه الفصائل والمجاميع بنشر الرعب والخوف بين الناس، فالحق أن الوقت حان لفضح هذا النهج العتيق للـ PKK منذ أكثر من 40 عام ومحاسبتها عليه، ذاك النهج القائم على أسس الترهيب والتهديد وإشاعة الأكاذيب وصناعة الاستفزازات ونشر الفوضى وخلق الاضطرابات.

ولا معنى لأي شيء ما لم ينظر الانسان لخطاب الاستنكار والإدانة لمظلوم عبدي من هذا المنظور، فحتى المحاولات الإعلامية مثل محاولات فضائية روداو المتفائلة لا معنى لها في مجال السياسة إطلاقاً، فلا يقع في هذه المصيدة سوى من لا يعرف تنظيمات الـ PKK ولا يعرف كنه حقيقة إصدار مظلوم عبدي لأمر إحراق مكتب المجلس الوطني في الدرباسية.

لماذا اضطرّ مظلوم عبدي إلى إصدار هذا التصريح؟

السبب الرئيسي والكامن وراء إصدار مظلوم عبدي لهذا التصريح هو زيارة ماكغورك لإقليم كوردستان، واستئناف محادثات وحدة الصف الكوردي والحوار الكوردي-الكوردي بغربي كوردستان -كوردستان سوريا- برعاية أمريكية، وذلك من أجل إظهار شخصيته كشخصية نبيلة ومحايدة خلال هذه المحادثات والاجتماعات.

على المجلس الوطني الكوردي استيعاب كنه هذه الحقيقة والتحرك وفقها، ومطالبة المجلس قوات سوريا الديمقراطية والراعي الأمريكي إدانة الهجوم واستنكاره موقف هزيل لا معنى له، ولن يحصد المجلس وراءه أية مكاسب سياسية

من الآن فصاعداً، ينبغي على المجلس الوطني الكوردي في سوريا والأحزاب المنضوية تحت مظلّته نبذ مواقفه السلبية وتبنّي موقف إيجابي، وأن يخطو خطوات جريئة، ويفضح المواقف النفاقية الازدواجية والضبابية لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” ومظلوم عبدي، ولو اضطرّ للقيام بما يجب عليه القيام به أياً كان، فتنظيمات الـ PKK بغربي كوردستان -كوردستان سوريا- كـ (حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وحركة المجتمع الديمقراطي TEV-DEM ووحدات حماية الشعب YPG و… الخ) لم تهيمن على غربي كوردستان لقوتها او لكثرة أنصارها، بل على العكس فأنصارها قلّة قليلة هناك، إلا أن الحقيقة هي أن المعارضة خائفة ترتعش أمام هذه التنظيمات، وأنها تتبنّى دوماً موقف المصالحة، لذا ينبغي على المجلس انتقاد ذاتها وإدراك حقيقة أن هذا الموقف يغيّب دورها ويضيّعه.

ينبغي على المجلس أن يأملّ من محادثات وحدة الصف أكثر من زخمها، كما أن هناك خطأً جسيماً آخر للمجلس يتجسّد في ارتهانه لعموم سياساته بهذه المفاوضات والمحادثات، فينبغي عليه أن يكون قد أعدّ الخطتين (B-A) وأن يقويّ منظومته في المجال السياسي.

مقالات ذات صلة