نقد تقرير الشعوب الديمقراطي HDP حول شنگال-مخمور وكشف حقيقة الأحداث

نقد تقرير الشعوب الديمقراطي HDP حول شنگال-مخمور وكشف حقيقة الأحداث

زار وفد من الشعوب الديمقراطي HDP شنگال-مخمور خلال الآونة الأخيرة، كان من بين الوفد نواب عن الشعوب الديمقراطي في البرلمان التركي، وعقب انتهاء الزيارة، قدّم الوفد تقريراً باسم الشعوب الديمقراطي HDP حول نتائج الزيارة للرأي العام، إلا أن التقرير لم يلق آذاناً صاغية كونه حمل في طياته تناقضات وإشكاليات كبيرة، فكان انحيازياً بعيداً كلّ البعد عن الحيادية في نقل حقائق الأحداث للرأي العام، كما طغى عليه اللاموثوقية تجاه الأحداث الجارية على أرض الواقع.

ورغم أن وفد الشعوب الديمقراطي صاغ تقريراً شاملاً حول الأوضاع في تلك المناطق التي زارها إلا أن هناك شكوكاً جدية حول الهدف الحقيقي لهذه الزيارة.

أيا تُرى هل كانت مهمّة الوفد الاجتماع بقادة الـ PKK؟!

كان الوفد الزائر يتألف من الرئيسة المشتركة لحزب الشعوب الديمقراطي HDP والمتحدثة باسم العلاقات الخارجية في الحزب “فلكناس أوجا” والنواب مراد جبني من إزمير، وحسن أوزغونش من شرنخ وهدى كايا من إسطنبول، زار الوفد كلّاً من شنگال ومخيم مخمور بزعم إجراء بحث في الاحداث التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة وبالأخص ما بين 8-12 من شباط الجاري.

حاولت عدة جهات وأطراف موالية لتركيا احتكار الزيارة والتلاعب بها، إذ أن الحقيقة هي أن هدف زيارة الوفد كانت لمناقشة سياسات الحزب في المرحلة المقبلة ومناقشة التسويات والاتفاقيات مع بعض من كبار مسؤولي الـ PKK، كما يُقال بأن الوفد لدى مغادرته لتركيا نحو بغداد كان يرافقه بعض كوادر الـ PKK القياديين في تركيا!

ووفق ما بأيدينا من معلومات، يقال بأن الوفد لما وصل بغداد أستقبل بحفاوة وبشكل رسمي ومنظّم من قبل قادة ميليشيات الحشد الشعبي والـ PKK، وتوّجه برفقته إلى شنگال، ومن هناك عبر الحدود وتوجّه نحو كوردستان سوريا -غربي كوردستان- والتقوا بقيادي الـ PKK “صبري أوك” وقادة آخرين من بينهم قياديات نسوية للـ PKK بكوردستان سوريا، ويُقال بأنه ولغرض التغطية على هذه اللقاءات والاجتماعات التي أجراها الوفد عن الرأي العام، أبدا الوفد زيارته للشعب والراي العام وكأنها زيارة اعتيادية!

لماذا كان تقرير الوفد شمولياً؟

قبل كلّ شيء، جاءت التقارير حول مجالين هامّين تخصّان الكورد مكتوبة باللغة التركية! كما عقد المؤتمر الصحفي أيضاً باللغة التركية! فيا تُرى لماذا؟! كون اللغة تحمل طابعاً هامّاً حول إبداء أن الوفد كان أجنبياً! غير أنه سواء في مجال أساس الموضوع وصلبه أو إطاره العام كانت هناك معلومات مغلوطة وبعيدة كلّ البعد عن الحقيقة، كما كانت هناك مثلها من التحليلات والتفسيرات، لهذا، بدا التقرير انحيازياً بعيداً عن الحقيقة والواقع، لأن هدف زيارة وفد الشعوب الديمقراطي لم يكن الاطّلاع على الحقائق ومعرفتها ونشر هذه الحقائق للرأي العام، فالوفد لم يقم بشيء سوى تأكيده وتوثيقه لما تنشره الـ PKK وتزعمه وتدّعيه خلال أعوام!

استياء الشعوب الديمقراطي تجاه الديمقراطي الكوردستاني -البارتي في شنگال!

احتلّت شنگال مساحة واسعة في تقرير وفد الشعوب الديمقراطي، وجاء في التقرير “يتمّ إجبارهم وإرغامهم على العيش في المخيمات التابعة للديمقراطي الكوردستاني تحت مظلّة الأمم المتّحدة، وهي عموماً 13 مخيماً” ووفق أقوال أهالي شنگال حسب زعم الوفد الزائر “يخضع أهالي شنگال لسياسة الاستيعاب الديني والثقافي، لهذا تتعرض العوائل للتشتت!” أي أن الانسان لا يستطيع مغادرة المخيم، وأنهم يتعرّضون لسياسة الإذابة والانصهار الديني والثقافي! هذا الادّعاء والزعم ملفت للغاية بشدّة! إذ يدرك عموم الشعب الكوردي أنه لا أحد يجبر الإيزيديين على العيش في المخيمات والبقاء فيها، بل بقاؤهم في هذه المخيمات هو وفق إرادتهم، بل على النقيض من هذا، فقد دعت حكومة إقليم كوردستان ومنذ حزيران 2020 النازحين عموماً بالعودة لمناطقهم وبالأخص شنگال، وقد قام قائمقام شنگال السابق والنائب الحالي في البرلمان العراقي “محما خليل” بزيارة مخيمات الإيزيديين وحداً تلو الآخر بل زار عوائل الإيزيديين في دهوك ودعاهم للعودة لمدينة شنگال (https://www.rudaw.net/turkish/kurdistan/050720204) إلا أن العوائل التي رجعت لشنگال عادت مرّة أخرى لدهوك نتيجة سوء الأوضاع الأمنية في شنگال، والأسباب الرئيسية في ذلك يعود إلى ما تمارسه تنظيمات الـ PKK من عمليات الاختطاف بحق شبابهم وأطفالهم من جهة، ووقوع المدينة تحت سطوة الفصائل والميليشيات المسلّحة المنضوية تحت راية الحشد الشعبي، ما تسبّب بخلق أزمة أمنية خانقة في المدينة المنكوبة وغيرها من المناطق، وقد نشرت العديد من المصادر المحايدة والمستقلة تقارير وأنباء حول هذه الحقيقة الساطعة، وقد نشر موقع (كركوك الجديدة) عودة 237 شخصاً خلال أسبوعين (https://kirkuknow.com/tr/news/66160) فقد أبدى الشعوب الديمقراطي المخيمات التابعة لوزارة الهجرة والمهجرين بإقليم كوردستان وكأنها مخيمات نفوذ وسيطرة الديمقراطي الكوردستاني-البارتي! وهذا الاتهام متعمّد ومقصود للغاية من قبل HDP ويوضّح ويؤكّد مشاطرة ومشاركة الشعوب الديمقراطي للـ PKK في مزاعمها وادّعاءاتها وتهمها…

وفد الشعوب الديمقراطي لم يلتق بممثّلي الشعب

رغم أن وفد الشعوب الديمقراطي قدّم تقريراً لبحث ودراسة وضع كهذا إلّا أنه لم يلتق بأحد سوى من وظّفته تنظيمات الـ PKK، فالتقوا بهم واستطلعوا آرائهم في غياب الممثّلين الحقيقيين للشعب!

فخلال الانتخابات العراقية المبكرة والتي جرت في تشرين الأول عام 2021، تمّ انتخاب 3 اشخاص من بين الآلاف ممّن يعيشون في شنگال لتمثيل شعب شنگال تحت قبة البرلمان العراقي، وهؤلاء الثلاثة معروفون بولائهم وإخلاصهم وخدمتهم للإيزيديين على مرّ الأعوام والسنين، من بين هؤلاء الثلاثة أسماء كـ “فيان دخيل” التي هزّت العالم بدموعها أثناء سردها لقصص المجازر والإبادة الجماعية التي تعرّض لها الشعب الإيزيدي، فوفد الشعوب الديمقراطي لم يخاطب من رشّحهم الشعب الإيزيدي لتمثيلهم تحت قبّة البرلمان العراقي! ولم يلتق بهم على الإطلاق! هؤلاء الذين حصدوا الآلاف من أصوات الشعب في شنگال ومحيطها! كما لم يلتق الوفد بمن يعيشون من الإيزيديين في المخيمات! بل انحصرت زياراتهم لمقار ومؤسّسات الـ PKK بالإضافة لأشخاص في محيط هذه التنظيمات لا غير! فمن قابله والتقى به وفد الشعوب الديمقراطي في شنگال لا يمثّل إطلاقاً الشعب الإيزيدي لا في شنگال ولا غيرها من المناطق المحيطة بها، بل كان حفنة من أنصار وأتباع الـ PKK وأذرعها وموالوها هناك.

ما الذي رأه وفد الشعوب الديمقراطي في مخمور؟!

اتّهم وفد الشعوب الديمقراطي من مخمور، إقليم كوردستان، قائلاً: لا يستطيع أحد من أهالي المخيم -مخيم مخمور- من الذهاب الى المدن الخاضعة لإدارة إقليم كوردستان التي فرضت حصاراً على المخيم بحيث لا يتمكن أحد حتى من الذهاب إلى المستشفيات!” غير أن الوفد لم يلاحظ ما قامت به الـ PKK بحق هذا المخيم وتحويله من مخيم مدني لمخيم عسكري ما أجبرت منظمات الأمم المتّحدة من مغادرة المخيم وتركه! فهذا الموضوع لم يكن له نصيب في تقرير وفد الشعوب الديمقراطي HDP! وتقرير الشعوب الديمقراطي لم يعطي أية أجوبة حول تساؤلات كـ “الـ PKK أزاحت مخيم مخمور، وحوّله من مخيم للاجئين لمخيم عسكري، وأن غالبية أهالي مخمور توجّهوا للقنصلية التركية في أربيل لغرض استلامهم لجوازات سفر تركية والعودة لتركيا وتفضيل عودتهم على البقاء في المخيم!!”.

باختصار، تقرير وفد الشعوب الديمقراطي كما قدّمه الوفد المزعوم حول شنگال ومخمور بعيد كلّ البعد عن الحقائق الموجودة على الأرض في هذه المناطق، ومن شأن مثل هذه التقارير توسيع الهوّة وخلق المزيد من المشاكل والتوترات حول هذه المناطق، وبوجود مثل هذه التقارير ستغيب الحلول الواقعية للكوارث والمآسي هناك، وأن الهدف الرئيسي من هذا التقرير تشويه سمعة حكومة إقليم كوردستان والإساءة إليها والتقليل من قيمتها في أعين الكورد والعالم، وكان الأولى بهذا الوفد البحث عن حلول للقضية الكوردية في تركيا والانشغال بها هناك! وما ينبغي أن يكون محلّ رفض واعتراض هو قيام أشخاص باسم البرلمانيين بكتابة تقارير مزيّفة ملفّقة بعيدة عن الحقيقة والواقع بصدد أجزاء أخرى من كوردستان! كما ينبغي على كافة الأطراف السياسية وكواجب أساسي التشهير بالبرلمانيين الذين يمثّلون الـ PKK، وعدم فسح المجال أمامهم لخلق الفتن والنعرات بين الكورد…

مقالات ذات صلة